محتويات: (إظهار/إخفاء) |
منذ البداية ما عمله الرب يسوع المن السماوي هل الخبز على المذبح هو جسده الحقيقي |
خبز الحياة
"أنا هو خبز الحياة النازل من السماء" (يو 6)
في مطلع سفر التكوين نطالع أن الله أمر آدم أن يأكل من جميع شجر الجنة، ولكنه نهاه عن أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر... ومهما إختلف المفسرون في شرح هذه الشجرة إلا أن الإجماع هو أن الأكل كان أمرا إلهيا ولكنه كان مشروطا بالطاعة، أن يأكل من يد الله وليس بعيدا عنه. والخطيئة الأصلية هي تأليه الذات وانتفاخها والرغبة في الاستقلال عن محبة الله وطاعته، والأكل قبل السقوط كان مبهجا مفرحا لأنه كان يحمل سرا إلهيا هو أن الله كان يطعم خليقته الناطقة بما مبهجا مفرحا لأنه كان يحمل سرا إليها هو أن الله كان يطعم خليقته الناطقة بما أوجده من ثمار طيبة في الجنة. والأكل بعد السقوط حمل بصمات العصيان فالأرض لعنت، والعمل فيها صار شاقا، شوكا وحسكا تنتج للإنسان، بالتعب يأكل منها كل أيام حياته وبعرق الوجه يأكل الخبز حتى الموت...
وكان من رحمة الله على آدم أن يطرده من الجنة لأنه لو أكل من شجرة الحياة وهو في حالة السقوط فإنه سوف يبقى هابطا ساقطا إلى الأبد، ولكن المحبة الإلهية دبرت خطة الخلاص وأعطى الآب وعدا من سقطته هو وبنيه، وأعطى ارب المن لإسرائيل في البرية كحياة في قفر وكرمز لمن آخر يعطى حياة أبدية، وتنبأ الأنبياء بمجيء المسيا عبر عصور طويلة حتى جاء الابن المولود الكلمة مولودا من العذراء مريم بالروح القدس. وواجه قضية الخبز والأكل عند الإنسان.
مارس الرب يسوع الحياة الطبيعية التي يحياها الإنسان، واشتغل بيديه كنجار حتى يأكل من تعب يديه ولكنه وان أبقى مظاهر الحياة المادية كما هي. مثل العمل والأكل والتعب إلا أنه صنع تحولا جذريا في قضية الخبز يمكننا أن نوجزه فيما يلي:
* رفض أن يتناول الخبز بعيدا عن مشيئة الآب فعندما عرض الشيطان إغراءه على جبل التجربة، لم يقبل أن يحول الحجارة خبزا رغم أنه عمل معجزات أعظم من هذه لأنه لم يكن في خطته مع الآب السماوي عمل هذه المعجزة، ولأن الدعوة جاءت من العدو بالإغراء من الحية القديمة وقال كلمته الآلهية المباركة ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله.
* أظهر بوضوح وعمليا أن سر الحياة ليس في الخبز ذاته، وانما في السر الإلهي، في اليد المباركة التي تقدم هذا الخبز. ولهذا أخذ الخمسة خبزات والسمكتين ووضعهما في يديه ورفع عينيه إلى السماء وشكر وبارك وكسر وأعطى للتلاميذ لكي يعطوا الجموع وأشبع الألوف الكثيرة وفاضت سلال كثيرة مليئة، بهذا يؤكد الرب من خلال هذه المعجزة التي كررها مرتين أن سر البركة والحياة ليس في الخبز المادى ذاته وإنما في شخص الله مصدر الحياة الذي يعطينا هذا الخبز ومن أجل هذا أعلن بعد هذه المعجزة عن ذاته قائلًا: "أنا هو خبز الحياة من يأكلنى يحيا بي" وهو يطالب أولاده أن يتجاوزوا محدودية الطلبة المادية إلى الإتساع في طلب ملكوته وبره لأن هذه الأمور كلها تزاد لهم، والذي يهتم بخلاصهم ألا يهتم بطعامهم والذي يعول غربات الوادى ألا يعولهم ويرعاهم.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لقد كان منتشرا بين اليهود في الفكر المسيانى أن الله سوف يرسل المسيا الذي يكرر ما عمله موسى النبي تمامًا. سوف يطعمهم منا جديدًا، وسوف يكون فيه الشبع والمتعة. ونجد إشارة في هذا في إنجيل معلمنا لوقا إذ يقول واحد للرب يسوع طوبى لمن يأكل خبزا في ملكوت الله (لو 14: 15) وكانوا يقولون أن إرميا النبي قد حفظ قسط المن من الضياع عندما خرب الهيكل وأنه سوف يظل هذا المن مختفيا إلى أن يأتي المسيا ليطعمهم منه جديدًا، لم يعرف إسرائيل إن المن المقصود ليس منا أرضيا وانما منا جديدًا وطعاما جديدًا وخبزا جديدًا.
انهم لم يفهموا مقاصد الآب أنه سيعطى للبشرية الابن الكلمة لكي يأكلوا جسده ودمه الأقدسين، ويكون لكل من يؤمن به ويتحد به حياة أبدية وغفرانا للخطايا... هذا ما قال الرب يسوع وسطره يوحنا البشير في انجيله في الأصحاح السادس "فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم ليس موسى أعطاكم الخبز من السماء بل أبى يعطيكم الخبز الحقيقي من السماء، لأن خبز الله هو النازل من السماء الواهب حياة للعالم. فقالوا له يا سيد أعطنا في كل حين هذا الخبز، فقال لهم يسوع أنا هو خبز الحياة من يقبل إلى فلا يجوع، ومن يؤمن بي فلا يعطش أبدًا... فكان اليهود يتذمرون عليه لأنه قال أنا هو الخبز الذي نزل من السماء". وقارن يسوع بين نفسه وبين المن أيام موسى. فقال لهم أباؤكم أكملوا المن في البرية وماتوا... أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد" (يو 6: 32- 51). ويمكننا أن نستخلص من أحاديث الرب عن شخصه كخبز الحياة السمات الآتية:
1- انه يؤكل، يتمثله الإنسان، فيصبح في لحمه وعظامه.
2- إنه صالح للجميع يناسب جميع الأعمار وكل الفئات وكل الطبقات، ولكنه وهو طعام للجميع إلى أنه طعام شخصى يلزم لكل واحد أن يأخذه شخصيا لحياته.
3- أنه خبز يعطى الحكمة. فالله الذي هو الحكمة ينادى: كلوا من طعامى، اتركوا الجهالات فتحيوا وسيروا في طريق الفهم. فكل من يتناول جسد الرب ودمه الأقدسين ينال الحكمة والفهم والاستنارة الروحية ويعرف كيف يسلك في النور. لهذا تشترط الكنيسة في قوانينها انه يلزم على المؤمن ألا يتخلف عن التناول من سر الشكر أكثر من أربعين يوما على الأكثر لئلا يجف ويهزل وتضعف بصيرته الروحية.
"والخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم... إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم... من يأكل جسدي ويشرب دمى فله حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير، لأن جسدي مأكل حق ودمى مشرب حق... فمن يأكلنى فهو يحيا بي... ليس كما أكل أباؤكم المن وماتوا، من يأكل هذا الخبز يحيا إلى الأبد" (يوحنا 6).
* البعض يعتقد أن الرب يسوع لم يكن يقصد بالأفخارستيا جسدا ودما حقيقيا وإنما رمز وتذكر فقط. وان كان هذا تذكارا تاريخيا فقط فلماذا قال اليهود هذا الكلام وصعب ورجع كثيرون من التلاميذ إلى الوراء، وأصر الرب على أن ما يقوله هو حق حتى لو تركه كل التلاميذ (يو 6: 66-76).
* ثم ما معنى أن الرد يؤكد ويقول جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق كل من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه. هل التذكار يعطي هذه الهبات الروحية (ثبوت - حياة أبدية - غفران للخطايا).
* ثم ما معنى ما نراه على حوائط المقابر (الكاتكوم catacomb) في روما من القرن الثاني الميلادي ونجد صورة العشاء الربانى كما ترسمها الكنائس التقليدية اليوم ونجد كتابات تشير إلى أن الذي قد تناول من الجسد والدم قبل رقاده وقد نال بذلك الحياة الأبدية...
ان لقب الخبز الحي هو أهم مطلب من مطالب الحياة الإنسانية وهو أيضًا أعظم عطية من العطايا الإلهية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/anba-bimen/christ-titles/bread-of-life.html
تقصير الرابط:
tak.la/amgg6zb