* تأملات في كتاب
رسالة يعقوب الرسول: |
بنعمة ربنا سنبدأ اليوم رسالة يعقوب. وكالعادة سنبدأ بالمقدمة لكي نتعرف على من هو يعقوب والغرض من رسالته؟
شخصيات بإسم يعقوب في العهد القديم:
- يوجد أكثر من يعقوب في العهد الجديد، بينما هناك يعقوب واحد مشهور في العهد القديم هو يعقوب ابن اسحق ابن إبراهيم الذي ترجمته (Jacob)، غير (James) يعقوب العهد الجديد، بالرغم من أن كليهما يسمى (يعقوب) في الترجمة العربية.
شخصيات بإسم يعقوب في العهد الجديد:
- في العهد الجديد يوجد إثنين على الأقل بإسم يعقوب مشهورين:
يعقوب بن زبدي (أخو يوحنا)
ويعقوب بن حلفى
- البعض يقول أن هناك يعقوب ثالث هو يعقوب أخو الرب، ولكن الغالبية يعتبرون يعقوب بن حلفى هو نفسه أخو الرب.
- لذلك سنتبع فكرة أن هناك إثنين "يعقوب":
1- "يعقوب بن زبدي" أخو يوحنا. وقد ذُكر إسميهما معًا كأخوين في العهد الجديد في كثير من المواضع.
2- ويعقوب الآخر الذي هو "يعقوب بن حلفى" الملقب بـ"أخو الرب" لأنه كان ابن خالة ربنا يسوع المسيح له المجد.على إعتبار في التاريخ يُقال أن هناك مريم أخرى أو "مريم الأخرى" تمييزًا عن العذراء مريم. فعندما يذكرون "مريم الأخرى" يقصدون غالبًا مريم أخت العذاراء التي انضم أغلب أولادها للمسيح كتلاميذ ومذكورين في أكثر من مكان وهم: "يعقوب" و"يوسي" و"يهوذا" و"سمعان" هؤلاء الأربعة إخوة المسيح، حتى أن اليهود كانوا يقولون "أَلَيْسَتْ أُمُّهُ تُدْعَى مَرْيَمَ، وَإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَسِمْعَانَ وَيَهُوذَا؟" (إنجيل متى 13: 55). وكلمة "إخوته" في لغة الشرقيين تعني أولاد العم أو أولاد الخال، لأن في ذلك الوقت كانت البيوت كبيرة وكانوا ينشأون معًا فيكونون كالإخوة. لكن من المعروف طبعًا أن العذراء مريم بتول قبل وأثناء وبعد ولادتها للسيد المسيح وطوال حياتها، وأيضًا يوسف النجار كان شيخًا بتولًا، لم يتزوج ولم يعرف العذراء مريم، ولم يكن لديه أولاد. فهؤلاء هم أولاد خالة المسيح وأكبرهم "يعقوب".
- "يعقوب بن حلفى" هو أول أسقف لأورشليم. فبعد صعود السيد المسيح، اجتمع الإثنى عشر تلميذًا مع الكنيسة الأولى وقرروا أن يصبح "يعقوب بن حلفى" أو "يعقوب أخو الرب" هو كبيرهم، أو قائدهم أو يعتبر هو أول بطريرك في تاريخ العالم. وقد إختاروه نظرًا لكبر سنه نوعًا، وفي نفس الوقت كان محبوبًا من اليهود، فقد كان "يعقوب" معروفًا بالتقوى كيهودي، قبل أن يكون تلميذًا ليسوع المسيح. وبالتالي اختاروه لأنه سيكون مقبولًا لدى مجتمع أورشليم، لأنه منذ البداية شخص محبوب وطيب ومعروف عند اليهود بتقواه، فسيكون بمثابة تمثيل جيد للكنيسة الأولى أمام المجتمع اليهودي الذي يضاد الكنيسة.
- يجب أن ننتبه إلى أن "يعقوب بن زبدي" ليس هو كاتب "رسالة يعقوب"، لأن "يعقوب بن زبدي" أول من انتقل للسماء من الإثنى عشر تلميذًا. عندما نقرأ سفر الأعمال إصحاح 12 سنجد أنه في سنة 44 م تقريبًا بدأ هيرودس مهاجمة الكنيسة، وأراد أن يقبض على التلاميذ الإنثى عشر، فكان أول من تم القبض عليه هو "يعقوب بن زبدي" وتم قتله. ثم قام بالقبض على "بطرس" وحدثت له معجزة وخرج من السجن. فيعقوب بن زبدي ذهب للسماء في بداية عهد الرسل وكان أول من استشهد من الرسل الإثني عشر. فطبعًا لا توجد له أية كتابات، لكنه فقط خدم مع التلاميذ فترة حوالي 10 سنين أو أكثر بقليل، وسافر للسماء من أوائل الإثنى عشر تلميذًا.
- أما "يعقوب بن حلفى" فكتب هذه الرسالة حوالي عام 60 أو 61 ميلادي. أي بداية الستينات من القرن الأول.
- كان "يعقوب" يهودي تقي، وكان يتسم بالبساطة والصلاة الطويلة، ويظهر هذا حتى في منهجه في الكتابة.
نلاحظ أن طريقة بولس في الكتابة مختلفة تمامًا عن طريقة معلمنا يعقوب. فبولس الرسول كشخص مثقف ثقافة عاليه، درس اليونانية، ودرس الفلسفة، فأثناء كتابته يكون متأثرًا بما درسه فتجد في "رسائل بولس" الجمل كبيرة والأفكار معروضة بطريقة علمية، مسلسلة، ويظهر فيها تراكم للأفكار، وفيها بعض التركيبات التي قد تكون صعبة الفهم. لذلك قد نجد بعض الصعوبة أحيانًا في فهم رسائل بولس.
أما يعقوب فتشعر كأنك جالس مع راهب عجوز يقول لك المختصر المفيد. فتجد أن أغلب كلامه وصايا عملية. أي لا تجد في رسالة يعقوب الشرح العقيدي والفلسفي الذي تجده في بعض رسائل بولس مثل غلاطية، ورومية، بل تجد في رسائله كلام مباشر ملئ بالتطبيقات. من أول سطر في رسالة يعقوب لآخر سطر لن تجد سطر يخلو من وصايا مباشرة عملية.
بينما طريقة بولس في الكتابة هي أنه يقدم في البداية الفكر العقيدي، ويشرح، وينتهي في الآخر بالتطبيقات والتوصيات. فمنهج بولس في الكتابة يختلف تمامًا عن منهج يعقوب في الكتابة.
"يعقوب بن حلفى" أو "يعقوب أخو الرب" أو "يعقوب أسقف أورشليم" أو أحيانًا يُلقب بـ"يعقوب الصغير"، تمييزًا له عن "يعقوب الكبيرة" - نظرًا لأن "يعقوب بن زبدي" أطلقوا عليه إسم "يعقوب الكبير" بعد أن سافر للسماء - مع أنه كان كبير أورشليم في ذلك الوقت.
انتهت حياة القديس "يعقوب بن حلفى" بالإستشهاد بطريقة غريبة بعض الشيء. حيث بدأ اليهود يشعرون بالضيق من المسيحيين الذين كان يزداد عددهم يومًا بعد يوم، ومن زيادة أعداد اليهود الذين يعتنقون المسيحية، فبدأو في تعذيب المسيحيين، فأخذو كبيرهم الذي هو "معلمنا يعقوب" وألقوه من فوق الجبل، ثم بدأوا في رجمه بالحجارة. فمعلمنا يعقوب نظرًا لكثرة تقواه ولأنه كان رجل صلاة ودائم السجود - لدرجة أنه كان معروفًا عنه أن ركبه كخف الجمل (جلدها سميك وبه شقوق) من كثرة السجود ونتيجة لكثرة إحتكاك ركبه بالأرض - فأثناء رجمه وكان في حالة لا وعي اعتدل وأخذ وضع السجود (فكما تعلمون أن الذي اعتاد على شيء، قد يفعله أحيانًا وهو في حالة اللاوعي) ومات وجسده في وضع السجود، وانتهت حياته بهذه السجدة وسافر إلى السماء.
- رسالة يعقوب من الرسائل البسيطة جدًا والمباشرة جدًا وتعتبر ترجمة للموعظة على الجبل. أي كل أفكارها متوازية مع تعاليم ربنا يسوع المسيح في متى 5، 6، 7 في الموعظة على الجبل.
- نظرًا لأن رسالة يعقوب تتكلم باستفاضة عن الجهاد، تعرضت في بعض القرون إلى التشكيك. فعندما بدأت البروتستانتية في العالم، كانت تنحاز أكثر إلى فكر بولس الرسول، والدعوة للنعمة والإيمان، على حساب الجهاد والأعمال الصالحة. وكانت رسالة يعقوب من أكثر الرسائل التي تخدم فكرة الجهاد والصلاة، لذلك تعرضت في القرن الـ16 بالذات لهجوم شديد ومحاولة التشكيك في مصداقيتها: هل كاتبها هو يعقوب أم لا؟ هل هي بالفعل جزء من العهد الجديد أم لا؟
- بالطبع أثبت العلم صحة الرسالة، صحة تاريخها أنها منذ القرن الأول، وصحة نسبها لكاتبها. بالطبع يكون هناك موضوعات ضخمة علمية لإثبات الرسالة وصحتها. ليس مجالها الآن. ولكن هذه الرسالة تم الإعتراف بها مرة أخرى كجزء أساسي من العهد الجديد، وأفكارها لا تتعارض أبدًا مع الأفكار التي جاءت في رسائل بولس وكما سنذكر فيما بعد. بل بالعكس فهما مكملان لبعضهما البعض.
رسالة يعقوب يمكن تلخيصها كل إصحاح في عنوان.
- الإصحاح الأول: يكلمنا عن "التجربة".
- الإصحاح الثاني: يكلمنا عن "الإيمان".
- الإصحاح الثالث: يكلمنا عن "اللسان" و"الحكمة".
- الإصحاح الرابع: يكلمنا عن "محبة العالم".
- الإصحاح الخامس: يكلمنا عن "الجهاد والصبر".
يُلاحظ أن كل الرسالة لا يوجد بها شرح للاهوت والعقيدة والخلاص. هو يتكلم في توصيات مباشرة.
- رسالة القديس يعقوب من أسهل رسائل العهد الجديد، فعندما نطلب من أحد المبتدئين أن يقرأ رسالة رومية، قد يقلق أو يتوه أويجد صعوبة في فهمها، فلذلك ننصح بالبدء بأحد الأناجيل ورسالة يعقوب. لأن رسالة يعقوب قد لا تحتاج إلى تفسير إذا تم قراءتها بتأني. فالمعنى مباشر وواضح وبسيط، ولا يحتار فيه الإنسان. بخلاف بعض الرسائل التي تحتاج إلى شرح وتوضيح.
- نبدأ معًا رسالة يعقوب.
← تفاسير أصحاحات يعقوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/james/introduction.html
تقصير الرابط:
tak.la/q2sjqf4