* تأملات في كتاب
رسالة يعقوب الرسول: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
القديس يعقوب يحدثنا عن خطورة اللسان ودوره في خلاص الإنسان
الإصحاح الثالث من رسالة يعقوب أغنى إصحاح في الكتاب المقدس كله لمعالجة خطايا اللسان:
+ الإصحاح الثالث أغنى إصحاح في الكتاب المقدس كله عن: "اللسان ودوره في خلاص الإنسان".
+ كل من يعاني من خطايا اللسان، عليه أن يحفظ "الإصحاح الثالث من رسالة يعقوب" أو على الأقل أول 10 أعداد.
+ خطايا اللسان كتيرة جدًا وبالذات في عالمنا المصري ومنها: الكذب - الشتيمة - الإدانة - النميمة - الكلام غير اللائق. فعلى الأقل احفظوا أول عشر أعداد.
"لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي، عَالِمِينَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!" (يع 3: 1)
احترس من أن تتخذ لنفسك صورة المُعلم دائمًا وفي كل حين!
+ بالرغم إن معلمنا يعقوب هو المعلم الأول في الكنيسة في هذا الوقت، بوصفه أسقف لأورشليم، إلا أنه يوصينا وصية غريبة، حيث يقول: "لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي".
+ بعض الناس لديها هواية التعليم والوعظ والكلام في أي مجلس يتواجدون فيه! قد يبدو الدافع خير وهو أن هذا الشخص يريد أن يُعلم الناس تعاليم صالحة. لكن الخطورة في أن من يريد أن يأخذ دائمًا صورة المعلم، لا بد أن يقع أو يخطئ أثناء الحديث.
" عَالِمِينَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ!"
الذي يأخذ دائمًا صورة المعلم، تكون دينونته أعظم. لماذا؟
+ لأن الإنسان العادي إذا أخطأ قد يكون خطأه عن غير معرفة، فيستطيع عندما يقف أمام الله، يطلب منه المغفرة لأنه لم يكن يعلم أن ما فعله خطيئة.
بينما الذي يأخذ صورة المُعلم باستمرار، كيف سيدافع عن نفسه أمام الله؟! لا يمكن أن يقف أمام الله قائلًا "أنا لم أكن أعلم أن هذا خطأّ!"
سيقول الرب لمُحب التعليم: (أنت وقفت مرات أمام الناس لتعلمهم ألا يفعلوا هكذا، ألم تسمع نفسك مرة واحدة؟!)
+ علمت أولادك ما يكذبوش، ما علمتش نفسك ليه؟!
علمت أولادك مايشتموش، طب شتمت ليه؟! إ
أنت اخذت صورة المعلم، مش معقول إنت تغلط بأه! بما أنك أخذت صورة المعلم، يبأه دينونتك أعظم.
+ ستكون دينونتك أعظم لأنك تعرف جيدًا الصواب وعلمته للناس، ولكنك لم تعمل به!
علمت الأمانة، لماذ لم تكن أمينًا؟ علمت الصدق، علمت الوفاء، علمت الإخلاص، علمت التسامح، إذا لم تفعل كل هذا ستكون دينونتك أعظم. " لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا".
لا بد أن تداوم على التلمذة وطلب المنفعة الروحية والعلم، حتى تستطيع أن تُعلم:
+ هذا لا يعني أن علينا أن نكُف عن التعليم. لأ، لكن علينا ألا ناخذ دائمًا صورة المعلمين.
+ دعونا نتبادل الصورة، نكون تلاميذ في الكنيسة، ومعلمين في بيوتنا.
+ لكن من يُريد أن يأخذ صورة المُعلم على طول الخط، فيها خطورة، لماذا؟ " لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا " كما قال معلمنا يعقوب في الآية التالية.
الذي يُحب أن يأخذ دائمًا صورة المُعلم، يتجنبه الناس
+ الإنسان الذي يريد أن يُعلم في كل مكان، أحيانًا يُنفر الناس منه، تتحاشاه وتهرب منه.
يقول له البعض: (إنت يا عم في كل حته توعظ؟! إنت كل ما نأعد معاك تطلعنا مفيش فايده فينا؟!) يهربوا منه.
أحيانًا نجد الصغير يريد أن يُعلم الكبير!
+ طب بالراحة بس، بالراحة. إنت خلاص بقيت عارف كل حاجه؟!
+ إذا كنت ستعلم، عليك أن تتذكر جيدًا أنك ستأخذ دينونة أكبر إذا لم تفعل ما علمت به
تعلم من الرب يسوع لغة الحوار وتبسيط التعليم
+ ربنا يسوع المسيح له المجد، كان يمزج تعليمه بالحوار. لم يشعر تلاميذه أبدًا بعبئ التعليم. مع إنه هو المعلم الصالح الكامل القدوس.
+ وفي نفس الوقت كان يمزج تعاليمه بأمثال، فكانت دائمًا تعاليمه مبسطة وسهلة.
تمثل بيسوع وإجعل حياتك مثلًا أعلى، فيتعلم الناس من حياتك أكثر مما يتعلمون من كلامك
+ ربنا يسوع له المجد كان يحيا تعاليمه. فرأى الناس تعاليمه في حياته قبل أن يسمعوها منه بآذانهم.
+ عندما كلمهم عن الإحتمال، كانوا قد رأوه في حياته
عندما كلمهم عن التسامح، كانوا قد رأوا تسامحه مع المسيئين
عندما كلمهم عن المحبة، كانوا قد رأوا محبته للجميع
عندما كلمهم عن التواضع، كانوا قد رأوا وداعته وتواضعه
كل تعاليم السيد المسيح له المجد كانت ظاهرة في حياته لكل الناس، قبل أن يُعلمها للناس.
+ افعل الصواب طوال الوقت وقلل من تعاليمك، سيتعلم منك الناس أكثر مما إذا كنت تُعلمهم طوال الوقت وحياتك لا تعكس تعاليمك!
+ الكلام دائمًا سهل. والوعظ أيضًا ليس فيه صعوبة، لكن الأصعب أن نكون قديسين كما يليق، هذا هو المهم.
" لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي، عَالِمِينَ أَنَّنَا نَأْخُذُ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ! "
الرب يسوع سبق أن علمنا كيف نميز المعلمين الكذبة
+ يبدو أنه في أيام معلمنا يعقوب كان يوجد في الكنيسة بعض المعلمين الكذبه، الذين لا يجيدون إلا الكلام والتعليم. لكن حياتهم بعيدة كل البعد عما يعلموه أو يقولوه.
+ لكن ربنا يسوع المسيح له المجد، سبق وعرفنا أنه سيأتي أنبياء كذبة وقال لنا: "مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ" (مت 7: 16)، (مت7: 20).
من اسلوب حياتهم ستعرفونهم وليس من كلامهم. قد يجيدون الكلام، ولكن ماذا عن حياتهم؟! الذي يزن أمام الله هو الحياة والأعمال الصالحة وليس الكلام.
لا تأخذ صورة المُعلم لأننا جميعًا كثيرًا ما نعثر:
" لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا" (يع 3: 2)
" لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا "
+ هذه العبارة كلها تواضع من معلمنا يعقوب! أي لا يوجد أحد كبير على الخطأ.
+ مهما كنت إنسان روحي ومذاكر الإنجيل، ومهتم بحياتك الروحية، لكن: "فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا "، نعثر يعني نتكعبل، يعني نقع. كلنا معرضين للسقوط حتى في الخطايا كبيرة وليس الخطايا الصغيرة فقط.
+ فإذا كنا غير معصومين من الخطأ ومعرضين (كثيرًا) للوقوع في الخطية، فلا يصح أن نأخذ أمام الناس صورة المعلمين باستمرار.
" إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا "
العثرة في الكلام لا تقتصر على الإنسان العادي بل أيضًا على المُعلمين:
+ نعثر جميعنا لا تعني فقط أننا كلنا معرضين للخطأ، بل أيضًا كلنا معرضين للخطأ حتى في التعليم.
+ فالذي يُعلم كثيرًا ولا يتعلم بدرجة كافية، سامحوني في الآخر (هيفتي) (سيضطر أن يقول أي كلام).
(هيطلع من دماغه، هيعثر، ليه؟ عمال يقول..يقول..يقول.. هيبتدي يألف بعد كده. يخلص اللي قاله ويقول حاجات من جواه).
+ لكن إذا تعَّلم ثم علَّم، سيكون هناك دائمًا فيه مصدرًا إلهيًا يغذيه، فيستطيع أن يُعلِّم.
من يستطيع أن يلجم لسانه فلا يخطئ بكلمة، فذلك يكون كاملًا أمام الرب:
فيقول: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا "
+ الذي لا يخطئ في كلامه أبدًا، ذاك يكون رجلًا كاملًا أمام الرب، قادر أن يُلجم كل الجسد أيضًا.
+ هذه فلسفة شخص روحي عظيم، يعرف معنى الكمال.
+ من مقاييس الكمال أن لا يخطئ لسانك أبدًا بكلمة. والذي يعرف كيف يلجم لسانه يستطيع أن يلجم جسده كله.
+ ألهذه الدرجة اللسان صعب؟ نعم صعب. الذي يلجم لسانه يلجم أفاكره، والذي يلجم لسانه يلجم شهواته، والذي يلجم لسانه يلجم مشاعره، والذي يلجم لسانه يلجم حياته كلها. ده تعليم الكتاب.
إذًا اللسان حاجه خطيرة جدًا.
+ لأنه نادرًا ما نجد إنسان لا يخطئ أبدًا في أي كلمة. هذه الكلمة قد تكون إلتواء، سخرية، كذبه، شتيمه، كلمة جارحه. أنواع خطايا كثيرة جدًا في اللسان.
من مميزات أسلوب معلمنا يعقوب في الكتابة الاستعانة بأمثلة للتوضيح:
+ فيقول: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا " وسيعطينا أمثلة توضح خطورة دور اللسان في خلاص الإنسان.
+ تلاحظوا إن معلمنا يعقوب يتسم اسلوبه بالأمثلة:
عندما كلمنا عن الإنجيل، اعطانا مثل المرايا.
عندما كلمنا عن المحاباه، أعطانا مثل الغني والفقير وكيف نتعامل معهما.
عندما كلمنا في الأعمال والإيمان، أعطانا مثل الجسد والروح.
دائمًا يستعين بالأمثلة للتوضيح.
أمثلة توضح خطورة دور اللسان في خلاص الإنسان
1- اللسان كلجام الخيل إذا أحكمت الإمساك به تستطيع أن تسوق الخيل بسهولة
" هُوَذَا الْخَيْلُ، نَضَعُ اللُّجُمَ فِي أَفْوَاهِهَا لِكَيْ تُطَاوِعَنَا، فَنُدِيرَ جِسْمَهَا كُلَّهُ" (يع 3: 3)
+ أهم شيء في ركوب الخيل هو التحكم في اللجام. إذا لم تتحكم جيدًا في اللجام سيسير الخيل حسب رغبته، وقد يتسبب في وقوعك. بينما إذا أمسكت جيدًا باللجام، ستستطيع أن تسوقه، مع أنه أقوى منك، وطاقته أعلى من طاقتك كإنسان. أي أنك تستطيع أن تسوق الخيل بسهولة إذا تحكمت جيدًا في اللجا.
فيقول معلمنا يعقوب أن اللسان في الإنسان كلجام الخيل،
+ " هُوَذَا الْخَيْلُ، نَضَعُ اللُّجُمَ فِي أَفْوَاهِهَا لِكَيْ تُطَاوِعَنَا، فَنُدِيرَ جِسْمَهَا كُلَّهُ "
إذا تحكمت في لسانك بطريقة صحيحة، ستسطيع أن تتحكم في جسدك كله. ستستطيع أن تتسلط على كل ما بداخلك.
مثل آخر:
2- اللسان كدفة السفينة، صغيرة الحجم ولكنها قادرة على قيادة السفن العملاقة
" هُوَذَا السُّفُنُ أَيْضًا، وَهِيَ عَظِيمَةٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، وَتَسُوقُهَا رِيَاحٌ عَاصِفَةٌ، تُدِيرُهَا دَفَّةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا إِلَى حَيْثُمَا شَاءَ قَصْدُ الْمُدِيرِ" (رسالة يعقوب 3: 4)
+ أي أن الذي يتحكم في المراكب العملاقة أو السفن الكبيرة هي "الدفة" التي لا يزيد حجمها بالنسبة لحجم السفينة عن 1/100! كحجم اللسان بالنسبة لحجم البني آدم! فإذا أمسكت جيدًا بالدفة ستستطيع أن تتحكم في السفينة كلها وتجعلها تسير إلى المكان الذي تريده.
"هُوَذَا السُّفُنُ أَيْضًا، وَهِيَ عَظِيمَةٌ بِهذَا الْمِقْدَارِ، وَتَسُوقُهَا رِيَاحٌ عَاصِفَةٌ، تُدِيرُهَا دَفَّةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا إِلَى حَيْثُمَا شَاءَ قَصْدُ الْمُدِيرِ".
الكلام لا بد أن يكون بحساب، بل وأيضًا التعليم لا بد أن يكون بحساب:
+ معلمنا يعقوب أعطانا كل هذه الأمثلة لكي يقول لنا: "امسكوا لسانك كويس"
+ قد يقول أحدكم: "أنا لن أتكلم إلا كلام تعليمي. يقوله: حتى التعليم لا بد أن يكون بحساب.
"لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي".
+ لذلك نلاحظ أن آبائنا ومعلمينا الكبار، يتكلمون بحساب ويعلمون بحساب ويسكتون طويلًا قبل أن يجاوبوا على أي سؤال، وننتظر طويلًا قبل أن نأخذ منهم أي كلمة، فيكون كلامهم لنا كالدرر التي يندر وجودها.
ما هذه العظمة التي لآبائنا؟! فبالرغم من أن كل كلامهم للتعليم، ولا يمكن أن ينطقوا بكلمة بطالة،. إلا أن كلامهم كله بحساب. لأنهم يعرفون جيدًا هذه الآية: "لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا".
+ فبالأولى نحن علينا أن نكون حريصين في كلامنا ولا نُكثر من الكلام.
3- اللسان كشعلة نار ضئيلة ولكنها كفيلة أن تشعل الحرائق
اللسان رغم صغر حجمه، إلا أنه كثيرًا ما يكشف كبرياء الإنسان:
"هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا. هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟" (يع 3: 5)
+ يعني اللسان رغم صغره الشديد، إلا أنه هو أساس كل الكبرياء، فالكبرياء لا يظهر في شيء بقدر ما يظهر في اللسان.
+ الإنسان المتكبر كثيرًا ما يتكلم عن نفسه، يكرر دائمًا كلمة "أنا"، وعندما يتكلم يكون معجبًا بنفسه وبكلامه. عنده نوع من الإفتخار لأنه يجيد الحديث والكلام!
+ بينما الذي لا يجيد الحديث لا تجد عنده هذا الإفتخار، بالعكس قد يكون لديه شعور بصغر النفس، مثل أبونا موسى النبي زمان عندما قال للرب: "يارب أنا ما بعرفش اتكلم، أنا مش هنفع أخدم"، "لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ" (خر 4: 10).
اللسان رغم صغر حجمه، إلا أنه يكشف جميع الخطايا الموجودة داخل الإنسان!
+ مع أن اللسان عضو صغير جدًا، إلا أن كل الخطايا تصب عنده!
خطايا الفكر، يكشفها اللسان!
خطايا القلب، يكشفها اللسان!
شهوات الجسد، يكشفها اللسان!
الكبرياء الموجود داخل الإنسان، يكشفه اللسان!
+ لذلك علمنا الرب يسوع قائلًا: "مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ (اللسان)" (مت12: 34). أي لخبطه داخل الإنسان يكشفها اللسان.
+ لذلك إذا كان لسانك نقيًا، يكون كل ما بداخلك نقي. وإذا استطعت أن تتحكم في لسانك، ستكون قادرًا على التحكم في كل جسدك وكل ما بداخلك.
إذا استطعت أن تُلجم لسانك، ستكون قادرًا على قيادة نفسك كلها للملكوت!
+ إذًا حرب اللسان أو التحكم في اللسان وصية هامة جدًا، ولا بد أن نجاهد من أجل تنفيذها. لأني إذا استطعت أن ألجم لساني، سأكون قادرًا على قيادة نفسي كلها تجاه الملكوت. بنعمة ربنا.
أما إذا لم استطع أن ألجم لساني، فالذي سيقودني هو جسدي: إن كان لشهوات أو لمشاعر خاطئة، أو لأفكار خاطئة، سأفقد السيطرة على كل ما بداخلي.
" هكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا".
كلمة صغيرة من اللسان قد تكون سببًا في مشاكل وصراعات كبيرة قد تصل إلى حروب!
" هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟"
+ اللسان مثل الكبريت أو الشعله الصغيرة، التي يمكن أن تشتعل بسببها حرائق كبيرة.
أي كلمة صغيرة تخرج من اللسان، يمكن أن تُشعل الدنا.
قد تكون كلمة صغيرة من إنسان لآخر، سبب صراع كبير وحرب بين عائلتين! كلمة!
قد تصدر من الزوج كذبة بسيطة على إمرأته (كأن يُخف عنها أمرًا ما)، تكون سبب في فقدان الثقة بينهما، وتقوم بسببها مشاكل لا تُحل! ما هذا؟! " نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟".
قد تصدر منك كلمة جارحة لواحد، فتحدث بينكما خصومة ونزاع بلا صلح، وتتسبب هذه الكلمة الجارحة في عدم التقدم للمناولة لإستمرار الخصومة!! ما هذا؟! " نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟".
قد تصدر كلمة من إنسان فتصيب آخر يعاني من الكبرياء فتشعل غضبه، وتعود بكلمة أخرى تصيب آخر يعاني من الكبرياء فتشعل غضبه، ويغذي تبادل الكلمات الجارحة نار الغضب بينهما، فتزداد المشاكل وتكبر ويصعب وقفها أو تحجيمها!!!
+ لذلك يسوع المسيح له المجد قال: "كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ" لماذا؟ لأنها " نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟".
من أقوال القديسين عن خطايا اللسان:
+ أحد القديسين الذين انشغلوا بنقاوة اللسان قال:
"كثيرًا ما تكلمت وندمت، أما عن السكوت فلم أندم قط".
أي عمري ما سكت وقلت ياريتني ما سكت. وياما اتكلمت وقلت ياريتني ما اتكلمت.
لذلك علينا أن نتكلم بحساب، نقلل من الكلام.
" فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ. هكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ." (يع 3: 6).
اللسان هو العضو الذي يُميز الإنسان الروحي من الإنسان الجسدي الشهواني:
+ أي أن الله خلق لنا هذا اللسان الصغير، لكي نميز بين الإنسان الروحي الذي يجاهد ليضبط لسانه فيكون كل أقوال فمه صالحة، ومن أهمل حياته الروحية ولسانه فيكون كل كلامه مؤذي ويتدنس بسبب لسانه هذا كل جسده!
+ الكلمة الخاطئة التي تصدر من لسانك قد تؤذي حياتك كلها، وتفسد علاقاتك بالناس، وتكون سبب دنس الجسم كله.
هل اللسان هو الذي يُدنس الجسد، أم الجسد هو الذي يُدنس اللسان؟!
+ كلاهما يؤدي للآخر، فأي خطية جسدية يكشفها اللسان ويتدنس بسببها، وأي كلمة خاطئة تصدر من اللسان تدنس الجسد.
فكلمة صغيرة تصدر من لسانك قد تضطر بسببها أن تخطئ خطايا أخرى كثيرة، فتُدنس جسدك كله.
كذلك أي خطيئة داخلك تجعلك تخطئ بلسانك فتكون سبب في دنس اللسان.
+ تقريبًا لا توجد خطيئة منفصلة عن اللسان، فجميع الخطايا يكشفها اللسان. اللسان غالبًا يأخذ الدور الأخير لأنه مخرج لكل الخطايا.
خطورة أخطاء اللسان قد تصل إلى إشعال الحروب في العالم:" وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ"
+ هذه الدنيا كلها قد تشتعل بسبب اللسان.
+ يقال إن أحد الحروب "غالبًا الحرب العالمية الثانية" بدأت بإهانة لأمير في بلد في أوروبا!
قصة الحرب العالمية كلها التي مات بسببها ملايين من البشر، بدأت بإهانة بكلمة لشخص ذو مركز في أحد البلاد! وبدأت الحكاية تتراكم وتتصاعد. "وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ"، أشعلت الدنيا كلها.
مصير اللسان البطال هو جهنم:
+ " وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ " يعني مصيره إيه في الآخر اللسان البطال؟ هو يولع الدنيا وبعدين يولع في جهنم. بدال عمل كده. علشان كده الكلمة لازم تطلع بحساب.
"لأَنَّ كُلَّ طَبْعٍ لِلْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَالزَّحَّافَاتِ وَالْبَحْرِيَّاتِ يُذَلَّلُ، وَقَدْ تَذَلَّلَ لِلطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ. وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا" (يع3: 7، 8).
يستطيع الإنسان أن يروض كل الكائنات ويتحكم فيها، لكن من الصعب أن يلجم لسانه ويتحكم فيه:
+ أي يمكنك ترويض الأسد، ولكن الًاصعب أن تروض لسانك!
+ يمكن أن تتحكم في الثعابين وتجعلها تطيعك، ولكن الأصعب أن تتحكم في لسانك!
"لأَنَّ
كُلَّ طَبْعٍ لِلْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَالزَّحَّافَاتِ وَالْبَحْرِيَّاتِ
يُذَلَّلُ، وَقَدْ تَذَلَّلَ لِلطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ.
وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ.
هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ"
جميع الحيوانات كانت تخضع لآدم في الجنة، لكنه لم يستطع أن يُخضع لسانه!
+ لسان حواء وكلامها مع الحية كان سببًا في سقوطها، وأيضًا بلسانها وكلامها مع آدم جعلته يخطئ.
ولسان آدم وكلامه مع حواء جذبه للخطيئة. وأيضًا عندما عاتبه الله، أخطأ إلى الله بلسانه!
+ كل القصة كان فيها اللسان عنصر أساسي، لأن آدم وحواء لم يستطيعا ترويض لسانهما!! مع أن كل الحيوانات كانت تخضع لهم.
اللسان قد يصدر عنه كلمات تبدو أنها بلا عيب ولكنها تكون كالسم المميت:
" هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا "
+ أحيانًا يحاول الإنسان أن يضبط لسانه ليمنعه عن قول أي كلمة خطأ، وبالرغم من ذلك قد يقع بكلمة، ويفشل في ضبطه!
+ أحيانًا يصدر عن الإنسان كلام يبدو أنه كلام حلو، ولكن الحقيقة أن بداخله " سُمًّا مُمِيتًا" (كلام نفاق، كلام إدانة، كلام موذي للمشاعر وللعلاقات، كلام يجعل الإنسان يقع في الشك في وجود الله، أو الشك في إخوته). بالرغم من أن هذا الكلام يبدو جيدًا وليس به عيب!!!
" مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا " يكون السم مختفيًا وغير ظاهر.
الكلمة التي تخرج من لسانك، لا يمكن أن تُعيدها مرة أخرى:
+ لذلك يقول الكتاب: (ضع يا رب حارسًا لفمي وبابًا حصينًا لشفتاي) " اجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِسًا لِفَمِي. احْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ" (مز 141: 3)، ضع يا رب حارسًا على هذا الباب، واغلقه جيدًا.
+ لماذا علينا أن نحسب كلماتنا قبل أن ننطق بها؟ لأن الكلمة التي تصدر من فمك لن تستطيع إعادتها مرة أخرى. هنا تكمن خطورة اللسان. الكلمة التي تصدر منك تكون كالقنبلة التي إذا ألقيتها، لن تستطيع إعادتها مرة أخرى!
لا يصلح أن تستخدم لسانك الذي تبارك به الرب في أن تلعن أخوك الذي خُلق على صورة الله:
" بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ" (يع 3: 9)
+ هذا اللسان، الذي نقول به "مبارك الله، أشكرك يا رب"، هو نفس اللسان الذي يمكن أن نلعن به الناس أو اخوتنا!!!
" الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ "
+ أي تبارك ربنا وبعدها بدقايق، تشتم إنسان خلقه الله على صورته!!!
" مِنَ الْفَمِ الْوَاحِدِ تَخْرُجُ بَرَكَةٌ وَلَعْنَةٌ! لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا!" (يع 3: 10)
+ معلمنا يعقوب يقول: (ماينفعش الكلام ده)
" مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ" (مت 12: 34)
صاحب الإيمان السليم كعين المياه العذبة التي لا يمكن أن يصدر عنها ماءًا مالحًا:
" أَلَعَلَّ يَنْبُوعًا يُنْبِعُ مِنْ نَفْسِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ الْعَذْبَ وَالْمُرَّ؟" (يع 3: 11)
+ هل حدث أن شربت من عين مياه فوجدت مياهها عذبه، ثم أتيت لتشرب منها مرة اخرى فوجدت مياهها مرة؟! بالطبع هذا لا يمكن حدوثه.
صاحب الإيمان السليم لا يصدر منه إلا كل ما هو طيب وللبنيان:
" هَلْ تَقْدِرُ يَا إِخْوَتِي تِينَةٌ أَنْ تَصْنَعَ زَيْتُونًا، أَوْ كَرْمَةٌ تِينًا؟ وَلاَ كَذلِكَ يَنْبُوعٌ يَصْنَعُ مَاءً مَالِحًا وَعَذْبًا!" (يع 3: 12).
+ التينة تطرح تين، لا يمكن أن تطرح زيتونًا.
+ فإذا كان هذا اللسان تابع لربنا سيصدر عنه كل ما هو طيب وللبنيان.
+ أما إذا كان هذا اللسان تابعًا للدنيا سيصدر عند كل ما هو ردئ وللهدم.
" أَوْ كَرْمَةٌ تِينًا؟ "
+ أيضًا لا يمكن لكرمة أن تطرح تينًا!
+ أي كل حاجه بتطلع طبعها.
إذا كان القلب نقيًا سيكون اللسان كله حلاوه.
وإذا كنت تقول عن نفسك "أنا عندي إيمان بربنا وأسير في طريقه"، عليك أن تثبت هذا بلسانك أيضًا.
الإيمان الحقيقي يظهر في الأعمال واللسان:
+ الإصحاح الأول يقولنا: عندك إيمان حقيقي؟ اثبتها فين؟ في أعمالك.
والإصحاح الثاني يقولنا: عندك إيمان حقيقي؟ اثبته بلسانك.
لو كلمة طلعت وحشه منك يبأه لسه إيمانك مش حقيقي. عاوز مراجعه، عاوز نمو، عاوز توبة، لأن لو عين المياه عذبه يبأه مش هتلاقيها مرة أبدًا مالحة. ولو التينة اللي جواك تينة هتطلع تين في كل وقت.
" وَلاَ كَذلِكَ يَنْبُوعٌ يَصْنَعُ مَاءً مَالِحًا وَعَذْبًا!"
+ لا يوجد ينبوع يُخرج مياه مالحة ومياه عذبة.
ملخص ما سبق:
+ تلاحظوا إن معلمنا يعقوب كلامه كله عملي، تلاحظوا إن كل الكلام بيحصل معانا كل يوم.
+ اللسان كلنا بنتعب منه، كلنا بنندم على أخطاء اللسان، نفسنا لساننا يطلع كلام حلو، بيطلع كلام وحش. حتى التعليم؟ يقول حتى التعليم اتكلموه بحساب، ما تستسهلوش التعليم. لحسن يبأه دينونة علينا. لحسن نقول كلام نعثر فيه ونإذي اللي حوالينا.
+ في نفس الوقت العين تبأه عين عذبه دائمًا. علشان كده في النشيد يقول على الإنسان الروحي (عروس المسيح): "شَفَتَاكِ يَا عَرُوسُ تَقْطُرَانِ شَهْدًا" (نش 4: 11).
+ في واحد تأعد معاه تقول كلامه شهد. أعد معاه يريحني. كل كلامه حلو. عمره ما يقول كلمة وحشة. عمره ما يغلط في حد. كل كلامه تشجيع. كل كلامه شكر لله. كل كلامه فيه آيات، كل كلامه مريح، كل كلامه فيه لغة حب. كل كلامه مفيد، ما بيقولش كلام تضييع وقت أبدًا.
ده ربنا يبص عليه ويقول: "يا سلام!!" " شَفَتَاكِ يَا عَرُوسُ تَقْطُرَانِ شَهْدًا"، كلامك حلو.
+ وفي واحد تأعد معاه 5 دقائق، تروَّح كأنك (مليت صفيحة الزبالة). إيه كمية الشتائم، والإدانة، والكذب اللي في كلامه؟! في 5 دقائق! طب وبعدين؟!
علشان كده الكتاب يقول: "طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي.... فِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ، فِي مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ لَمْ يَجْلِسْ". لازم الواحد يهرب! ليه؟! لأن إنت لو سمعت الكلام ده كتير هتلاقي لسانك يقوله بعد كده. "فِي طَرِيقِ الْخُطَاةِ لَمْ يَقِفْ" ليه؟ لأن طريق الخطاة كله كلام بطال. إهرب من الكلام البطال. " مَجْلِسِ الْمُسْتَهْزِئِينَ " مجلس المستهزئين كله كلام بطال. سيبك من المجلس ده.
+ لكن لمَّا تأعد في الكنيسة تسبح؟ " شَفَتَاكِ يَا عَرُوسُ تَقْطُرَانِ شَهْدًا"
لما تروح تخدم وتتكلم عن ربنا؟ " شَفَتَاكِ يَا عَرُوسُ تَقْطُرَانِ شَهْدًا"
لما تروح تصالح 2 وتصنع سلام،لما تزين صورة ده قدام ده، وده قدام ده، يبأه كلامك كله شهد قدام ربنا.
لما تشجع صغار النفوس وما أكثرهم. تقول كلمة مشجعة لكل شخص تقابله، يبأه كلامك كله عذب وحلو.
+ لكن تعمل كده وتيجي تتذمر؟! وتيجي تأفئف؟! تيجي تشتم؟! تيجي تجرح بالكلام؟!
" لاَ يَصْلُحُ يَا إِخْوَتِي أَنْ تَكُونَ هذِهِ الأُمُورُ هكَذَا!"(1)
ملخص ما سبق:
رسالة القديس يعقوب كلها توصيات عملية.
الأصحاح الأول : كلمنا فيه معلمنا يعقوب عن التجربة، ثم تكلم عن التلمذة للإنجيل.
الأصحاح الثاني : تكلم عن الإيمان العامل، وتكلم عن خطيئة المحاباة.
الأصحاح الثالث : بدأ بالكلام عن اللسان، وفي النصف الثاني من هذا الأصحاح تكلم عن الحكمة، وهذا هو الجزء الذي سنتناوله في هذه المحاضرة.
مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أرضيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. لأنهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ. وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ. (رسالة يعقوب 3 : 13- 18).
معلمنا يعقوب يتكلم في هذا الجزء كله عن الحكمة.
يوجه معلمنا يعقوب كلامه لمن يعانون من الحكمة الأرضية المغشوشة:
+ يبدو أنه كان في (..)(2) وسط الكنيسة أيام معلمنا يعقوب بعض الناس يدَّعون الحكمة - ناس من الكبار أو الأغنياء الذين وبخهم معلمنا يعقوب في الإصحاح الثاني - ناس ترى نفسها حكيمة! فقال لهم:
مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ (يع 3: 13)
تفسير الآية:
+ "مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ" أي الذي يرى نفسه حكيم، ويجيد الفهم "فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ" يعني يثبت انه حكيم بأن تكون تصرفاته دائمًا حسنة، والحكمة تظهر في وداعة الحكمة، أي يتصرف بحكمة وديعة أوبوداعة حكيمة أوبحكمة ووداعة.
+ وإن كان يرى نفسه حكيمًا، عليه أن يظهر هذه الحكمة بأن يتعامل في كل المواقف، ويحل كل المشاكل بوداعة.
كيف نفرق بين الحكمة الحقيقية والحكمة المغشوشة؟ (يع 3: 13- 18)
1- الحكمة الحقيقية تظهر في الوداعة وحسن التصرف بينما الغضب أول علامات عدم الحكمة
+ أول معني يريد أن يُشير إليه معلمنا يعقوب، هو أن الغضب ليس من الحكمة. لأن الحكمة الحقيقية حكمة وديعة.
الغضب لا يحل مشاكل فمثلًا:
+ الأم التي تستخدم العصبية مع أبنائها لكي يذاكروا!
* مثلًا الأم التي دائمًا يعلو صوتها لتحث أبنائها على المذاكرة، هل هذه الطريقة حكيمة؟! طبعًا لأ، مع أن كل الأمهات تتبعها! لكن لا يمكن أن تأتي هذه الطريقة بنتيجة! فهناك طرق أخرى أكثر حكمة وأكثر وداعة ستأتي بنتيجة.
+ الذين يستخدمون العصبية والعنف في المواقف التي تزعجهم!
* هناك من إذا تعرض لموقف ضايقه أوأزعجه، تجد صوته بدأ يعلو! وبدأ يتطاول على الآخرين ويدخل في نزاع معهم! من قال أن هذا من الحكمة في شئ؟! "فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ"
+ أي حكيم يكون غضوب، يبأه ليس حكيم
أي إنسان يرى في نفسه أنه حكيم وعالم: (سواء لأنه كبير السن أولأنه متقدم في الحياة الروحية أولأنه كثير القراءة....إلخ)، لا بد أن يفحص نفسه أولًا هل هو وديع أم لا؟! هل حكمته تتسم بالوداعة أم أنها تتسم بالغضب؟ إذا كانت حكمته تتسم بالغضب فهو إنسان غير حكيم!
الحكمة الحقيقية تظهر في حسن التصرف
+ الحكمة ليست مجموعة أفكار وقراءات وثقافات وخبرات اكتسبها الإنسان في حياته.
+ الحكمة أيضًا تظهر في حسن التصرف " مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ".
+ فمن يرى في نفسه أنه حكيم، عليه أن يرينا كيف سيتصرف في المواقف الصعبة؟! هل سيضطرب ويهتز؟! أم سيغضب وينفعل؟! هل سيستطيع التفكير أم سيرتبك؟! " فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ".
الخلاصة:
إذًا نتعلم من هذه الآية نقطتين هامتين:
1- من يرى نفسه حكيمًا يثبت حكمته في وداعة الحكمة، فالحكمة وديعة.
2- من يرى في نفسه حكيمًا (أيًا كان مصدرهذه الحكمة)، لابد أن يثبت حكمته بالتصرف الحسن.
الحكمة الإلهية (الحكمة كفضيلة) غير مرتبطة بالسن:
+ أحيانًا الإنسان يُخدع في نفسه، يظن أنه حكيم لأنه كبير في السن ومر بالعديد من الخبرات.
+ ولكن معلمنا يعقوب سيوضح لنا فيما بعد أن الحكمة الإلهية أوالحكمة كفضيلة ليس بالضرورة تكون مرتبطة بالسن!
أمثلة كتابية لحكماء وفهماء صغيري السن!
1- سليمان الحكيم
* سليمان الحكيم نال الحكمة وهو شاب صغير، وكان أحكم إنسان في زمنه.
* لم يكن لديه خبرات الشيوخ، لكن لأنه كان حريصًا على طلب الحكمة الإلهية من الرب فنالها، وكان يتمتع بحكمة أكثر من الشيوخ. "فاقَتْ حِكْمَةُ سُلَيْمَانَ حِكْمَةَ جَمِيعِ بَنِي الْمَشْرِقِ وَكُلَّ حِكْمَةِ مِصْرَ" (سفر الملوك الأول 4: 30)
2- أَلِيهُوَ ٍفي قصة أيوب الصديق: (أي 32: 6)
* في تاريخ الكنيسة وفي كثير من القصص أحيانا يكون الصغير السن أحكم من كبار السن. ويظهر هذا المثل بوضوح في قصة أيوب الصديق.
* أيوب البار كان كبيرًا في السن وقتما جُرب. وجاء ليعزيه ثلاثة من أصحابه الشيوخ كبار السن (أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَبِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَصُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ) ولكن كلامهم معه كان ثقيلًا ولا يمكن احتماله.
* وكان حاضرًا معهم شابًا صغيرًا هو (أَلِيهُوَ بْنِ بَرَخْئِيلَ الْبُوزِيِّ).
* ظل الشاب (اليهو) يستمع إلى الحوار الدائر بين هؤلاء الشيوخ الثلاثة وأيوب لعله يجد حكمة، ولكنه لم يجد أي حكمة في كلامهم، حتى أنه قال لهم: "قُلْتُ: الأَيَّامُ تَتَكَلَّمُ وَكَثْرَةُ السِّنِينِ تُظْهِرُ حِكْمَةً.أَنَا صَغِيرٌ فِي الأَيَّامِ وَأَنْتُمْ شُيُوخٌ، لأَجْلِ ذلِكَ خِفْتُ وَخَشِيتُ أَنْ أُبْدِيَ لَكُمْ رَأْيِيِ. وَلكِنَّ فِي النَّاسِ رُوحًا، وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ تُعَقِّلُهُمْ. لَيْسَ الْكَثِيرُو الأَيَّامِ حُكَمَاءَ، وَلاَ الشُّيُوخُ يَفْهَمُونَ الْحَقَّ" (سفر أيوب 32: 7- 9)
* وتكلم هذا الرابع (الشاب الصغير أليهو) كلام كله حكمة وسلم الأمر لربنا قائلًا ما معناه " مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَك يا رب عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَك عَنِ الاسْتِقْصَاءِ! "، (نص الآية: "مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!" (رو 11: 33).
اذًا الحكمة تبان في التصرفات.
الحكمة عندنا مش معلومات. في ناس بيبأه عندها معلومات كثيرة جدًا،
وقارية كتب كثيرة جدًا، أوعاشت سنين ورأت خبرات كثيرة جدًا،
وبالرغم من كده تصرفاتها ليست حكيمة.
وفي إنسان يلجأ في كل موقف إلى الانفعال والغضب،
أيضًا هذا لا يُعتبر حكيم. لأن الآية تقول:
" مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ، فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ "
(يع 3: 13)
وَلكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ (رسالة يعقوب 3: 14).
2- الحكمة الحقيقية خالية من الغيرة والتحزب، فالغيرة والتحزب من علامات عدم الحكمة.
+ أي إذا كان أحدكم يقول عن نفسه أنه حكيم وفاهم، ولكن في قلبه غيرة مرة، لا يمكن أن يكون حكيمًا حكمة حقيقية.
ملاحظة:
* من الواضح أن معلمنا يعقوب يخاطب في هذا الجزء أيضًا فئة معينة في الكنيسة.
قد تكون نفس فئة الأغنياء الذين افتخروا أو تعالوا على الفقراء، الذين تكلم عنهم في الأصحاح الثاني.
أو من أصحاب اللسان الملتوي أوالمعوَّج والمتعب الذين علق عليهم في الأصحاح الثالث.
* لأن كثيرًا من الذين يعتقدون في أنفسهم أنهم حكماء، يكونوا كثيري الكلام. لذلك قال في الأصحاح الثالث: "لاَ تَكُونُوا مُعَلِّمِينَ كَثِيرِينَ يَا إِخْوَتِي " لأن الذي يُكثر من التعليم يظن في نفسه أنه يمتلك كل الحكمة.
* لذلك قال لهم سأعطيكم علامة ثانية لكي تعرفوا بها الحكمة حقيقية أم لا.
ثاني علامات عدم الحكمة: الغيرة والتحزب
الغيرة المرة علامة من علامات عدم الحكمة
+ فمثلًا إذا تكلم شخص آخر غيري في أي مجلس بطريقة أفضل مني، فشعرت أنا بالغيرة والغيظ، أكون شخص غير حكيم حكمة حقيقية.
+ إذا شعرت بالغيرة من شخص آخر لذكائه أو لحكمته أو لتفوقه وتميزه، هذه الغيرة المُرَّة علامة عدم حكمة.
لماذا "الغيرة المرة" علامة من علامات عدم الحكمة؟
+ لأن الحكمة الحقيقية نعمة من ربنا، فليس هناك أي مبرر للغيرة ممن يتفوق عليَّ في شيء!
+ هل أظن أن الحكمة تخصني أنا فقط، وليس من حق أي إنسان آخر أن يُنعم عليه الرب بالحكمة؟!
+ هل أفتخر كأن الحكمة أحد إمكانياتي، وأظن أنني مصدرها، لذلك أغتاظ من أي شخص يكون لديه حكمة أكثر مني؟!
إذا كنت أفكر بهذه الطريقة الخاطئة، أكون غير فاهم لشئ ولا أعرف شئ!
الإنسان الحكيم لا يُعاني من الشعور بالغيرة تجاه الآخرين، لأنه يعلم أن الله مصدر كل حكمة
+ إذا كنت إنسان حكيم بالحقيقة سأكون على يقين من أنني إذا كنت أتمتع ولو بالقليل من الحكمة، فهذه الحكمة هي هبة من الله، وأيضًا لن أشعر أبدًا بالغيرة من أي شخص آخر أكثر مني في الحكمة، لأني أعلم أن الله هو مصدر الحكمة سواء لي أولغيري. فلا أعاني أبدًا من الشعور بالغيرة المرة.
ليست كل غيرة مرة فهناك نوع مُفيد من الغيرة وهو "الغيرة في الحسنى"
+ "الغيرة المرة" هي التي تجعل شخص يغير من شخص آخر فيتمرر وتجده يقول عنه مثلًا: (أنا فلان ده واقف في زوري، لا أحبه ولا أرتاح إليه)، ويكون هذا بسبب أن هذا الشخص أكثر منه تفوقًا في أي شيء. وبهذا النوع من الغيرة تتمرر حياته وتسوء علاقاته مع هذا الآخر! فهذه هي الغيرة المرة.
+ لكن الكتاب المقدس يحدثنا عن نوع آخر من الغيرة هو "الغيرة في الحسنى" فيقول: "حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ" (غلا 4: 18). وهذا النوع من الغيرة مفيد فمثلًا:
الغيرة ممن يُكثر الصلاة
* فعندما أغير من إنسان يُكثر من الصلوات، فأتمثل به وأزيد من الصلاة، فهنا الغيرة مفيدة.
الغيرة من شخص أمين في خدمته
* عندما أغير من شخص يخدم ربنا رغم كل ظروفه الصعبة فأقول في نفسي: "يا سلام! فلان يخدم وسط كل ظروفه الصعبة"، فأبدأ في خدمة ربنا. هنا الغيرة مفيدة.
الغيرة من إنسان متسامح واسع الصدر
* عندما أغير من إنسان في سعة صدره وتسامحه، وأقول في نفسي: "يا سلام! فلان ده يعملوا مهما يعملوا فيه، لكنه يظل مجامل وقلبه واسع ويسامح الناس". هذه غيرة في الحسنى، غيرة مفيدة.
ربنا عايزك تغير من الحاجات دي
لما تشوف واحد بيصلي أكثر منك، واحد بيقرأ الإنجيل أكتر منك،
واحد حافظ آيات أكثر منك، واحد بيعمل خير كثير،
غير زي ما انت عاوز. كل ده مش غيرة مرة، دي فضيلة إنك تغير من الحاجات الحلوة.
لكن الغيرة المرة دايمًا مافيهاش حب، فإنت متغاظ إن في حد سبقك أهي دي عدم حكمة على طول.
كل سلوك روحي يحتاج إلى الحكمة حتى يصبح فضيلة:
+ فكلمة "حكمة" تحوي داخلها مجموعة من الفضائل وليست فضيلة واحدة.
+ لذلك أحد القديسين قال عن الحكمة: "كل فضيلة بدون حكمة قد تتحول وتنحرف الي رذيلة "
مثال: البساطة بدون حكمة تتحول إلى سذاجه
فمثلًا البساطة بدون حكمة تتحول إلى سذاجه! فقد يكون الإنسان بسيط جدًا وبرئ مثل الأطفال، فإذا كانت بساطته هذه خالية من الحكمة، قد تتسبب في إيذائه وإيذاء من حوله، وقد توقعه في مشاكل كثيرة جدًا، وقد تكون بساطته الخالية من الحكمة هذه سبب ضياعه روحيًا وضياع أبديته!
+ لذلك ربنا يسوع وضع حكمة الحيات إلى جوار بساطة الحمام عندما قال لنا: "هَا أنا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. "(مت 10: 16).
+ إذًا كل فضيلة تحتاج إلى حكمة حتى محبة الناس تحتاج إلى حكمة.
مثال: المحبة بدون حكمة تتحول إلى تدليل
+ فالذي يطيع كل رغبات إبنه، ولا يرفض له أي طلب بسبب هذا الحب، هذا الإنسان يتسبب دون أن يشعر في تعب ابنه في الحياة فيما بعد، لأن الحياه لن تعطيه كل ما يريد، سيتعب جدًا عندما تقول له الحياة "لا" في أي موقف صعب. فلابد من التأديب ولا بد من الحكمة في تلبية رغبات الأبناء.
إذًا الحب بدون حكمة قد يؤذي أيضًا.
أيضًا الحكمة الحقيقية تكون خالية من التحزب
" إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ فِي قُلُوبِكُمْ "
+ ما معنى التحزب؟ تحزب أي تكوين أحزاب. الحكماء أوالذين يرون في أنفسهم أنهم حكماء يميلون إلى تكوين تحزبات (شلل)، ثم يختلفون فيما بينهم وقد تتصارع هذه الأحزاب كنوع من التنافس.
+ بينما الغلابة عادة لا يتنافسون، لأن ليس لديهم ما يتنافسون عليه!ّ
+ الكبار في الفكر والفهم والمعلومات ومثل هذه الأشياء، هؤلاء يقعوا في التحزب، أكثر من الصغار، لأن ليس لديهم حكمة حقيقية بل حكمة مزيفة، قد يكون مصدرها بعض الكتب أوالمعلومات،.. لكن هذه ليست حكمة، من قال عليها حكمة؟!
+ الحكمة تظهر في التصرف، الحكمة تظهر في الوداعة، الحكمة تكون خالية من الغيرة المرة والتحزب.
" فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ "
يعني اللي عنده غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَزُّبٌ مايفتخرش، ويكذب على الحقيقة.
" يكذب على الحق" هنا المقصود بها مايغشش روحه (نفسه).
مادام جواك مرارة الغيرة ما تقولش: (أنا حكيم)
روح توب وقوله:
(يارب نظف قلبي واديني حكمة حقيقية من عندك، أنا فاكر نفسي عندي حكمة وانا معنديش حكمة، لأني بغير غيرة مرة، لأن جوايا تحزب وده لا يتفق مع الحكمة النازلة من فوق).
3- الحكمة الحقيقية خالية من الافتخار بينما الإفتخار من سمات عدم الحكمة:
الذي يفتخر غالبًا يخدع نفسه ومن حوله
+ إذًا الافتخار أيضًا ليس من علامات الحكمة، لما واحد يقعد يفتخر بحكمته مايبقاش حكيم، يفتخر بعلمه أيضًا لا يكون حكيم لأنه في الغالب يكذب على الحقيقية، يغش نفسه وقد يكون يغش من حوله.
كلما ازداد الإنسان علمًا، كلما ازداد يقينًا من ضآلة الذي تعلمه إذا قورن بما لا يعلمه!
+ الذي يقرأ كتاب واحد يظن أنه يعرف كل حاجة، الذي يقرأ الف كتاب يكون متأكد أن أمامه الكثير جدًا لم يعرفه بعد!
+ فنجد الذي يعرف حاجة صغيرة، يفتخر: (أنا قريت، أنا عرفت، أنا عندي) لأنه لسه مبتدئ.
الافتخار علامة جهل بينما الحكماء والعلماء يميلون للتواضع
+ فالافتخار علامة جهل، وليس علامة حكمة.
+ فالذي يعرف كثيرًا، والذي يقرأ كثيرًا، يميل جدًا إلى التواضع، فحتى في كلامه تجده لا يقول أبدًا: "أنا عارف، أوأنا بقول"، ولكن يقول: "أعتقد".
+ حتى في عرف العلم، المثقف والحكيم عندما يقول رأيه يبدأ بكلمة "أعتقد "، بينما الجاهل دائمًا يقول: "أنا متأكد".
+ الحكيم الحقيقي دائمًا متواضع، الشخص الذي لديه حكمة من فوق دائمًا متواضع.
العلماء والحكماء ينالون احترام من حولهم بتواضعهم
+ حتى في عرف العلماء، العالم المتكبر لا ينال إحترام زملائه، لأنهم يعلمون أنه غير فاهم للدنيا صح.
+ العالم المحترم تجدوه دائمًا متواضع. ليه؟ لأن الذي يقرأ كثيرًا يعرف أن الذي لا يعرفه أكثر مما يعرفه!
بولس الرسول كان مثالًا للاتضاع، رغم كل ما وصل إليه من ثقافة وعمق روحي!
+ بولس الرسول كان رجلًا حكيمًا. فبالرغم من أنه رأى رؤي سماوية، ودُعي دعوة خاصة جدًا بلقاء خاص مع المسيح له المجد وتحول إلى فيلسوف المسيحية وقوة جبارة وعمق روحي لم يصل إليها أحد في زمنه.
+ نجده يقول " الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ" (1كو 13: 12)، ويقول "معرفتي بربنا أقرب من معرفة طفل بما يدور في هذه الحياه". ياه إنت يا بولس تقول كده؟! أمال احنا نعرف إيه بأه عن ربنا؟!
+ لما انت تقول "الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ". يعني انت يا بولس شايف انك متعرفش ربنا كفاية؟! لأ لا أعرفه كفاية! شايف إن لسه قدامك كتير؟! كتير قوي.
+ أيضًا في فليبي وهو مسجون بعد خدمته بـ30 سنة، وكان قد كبر في السن، ويرى رؤي، وشيئ عظيم جدًا. يقول "لأَعْرِفَهُ" (في 3: 10) لأعرفه؟! إنت لسه عاوز تعرف المسيح؟! هو إنت لسه معرفتهوش بعد العمر ده كله؟!
+ هذه هي الحكمة الحقيقية. لا يفتخر قائلًا: "أنا عارف ربنا، اسكتوا انتم وأنا اقولكم الحقيقية!
الحكاية مش كده.
إذًا نستطيع أن نلخص علامات الحكمة المغشوشة (الغير نازلة من فوق) في:
1- الغضب وسوء التصرف.
2- فيها غيرة مرة وتحزب.
3- فيها افتخار وكبرياء وكذب على الحقيقة.
هي حكمة غشاشة، لكنها حكمة! يقول عنها الناس أنها حكمة!
معلمنا يعقوب وصف الحكمة المغشوشة بأنها: غير نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ
"لَيْسَتْ هذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أرضيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ" (يع 3: 15)
+ أي هناك نوع من الحكمة يصفها الكتاب بأن مصدرها الأرض. الأرض بمعلوماتها بتربيتها، بأفكارها، بمبادئها.
الحكمة المغشوشة تُجيد حيل النفس البشرية من خبث ودهاء ومكر
+ ما معنى "نفسانية"؟ يعني ممكن تكون فاهمة النفس البشرية، فتتحايل عليها لكي تتعامل معها.
حكمة فيها خبث، أي أن هذه الحكمة الأرضية نستطيع أن نعتبرها الخبث أوالدهاء والمكر.
كل هذا في عرف الناس يسمى "حكمة".
فلن يقول أحد عن نفسه "أنا خبيث"، بل سيقول "أنا حكيم".
+ لكن صاحب الحكمة الأرضية لأنه فاهم النفوس شوية، فيعرف كيف يدخل لكي يأخذ مصلحته. بالطبع هذه ليست حكمة من فوق بل حكمة أرضية.
الحكمة المغشوشة يحركها الشيطان
+ ما معنى "شَيْطَانِيَّةٌ"؟ يعني ممكن يكون الذي يحرك هذا النوع من الحكمة هو الشيطان نفسه.
أمثلة كتابية للحكمة المغشوشة والشريرة
1- حكمة "أخيتوفل" مستشار داود النبي (2صم 16: 21- 2صم 17: 23)
+ " اخيتوفل" كان مستشار داود النبي وقتما كان داود ملك.
+ وقيل عنه في العهد القديم كلمة قد تكون لم تقال على أحد مثله، قيل: "وَكَانَتْ مَشُورَةُ أَخِيتُوفَلَ الَّتِي كَانَ يُشِيرُ بِهَا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ كَمَنْ يَسْأَلُ بِكَلاَمِ اللهِ" (2 صم 16: 23).
يعني مشورته لا تخيب ابدًا.
+ وكان مستشارًا حربيًا أيضًا فكانت كلمته لا تنزل الأرض أبدًا!
+ عندما قام ابشالوم على داود ابوه، وأراد أن يأخذ منه المملكة، وداود في اتضاع انكسرت نفسه، وخرج حافي هربان وأخذ معه كل حبايبه بالمئات؛ أشار اخيتوفل فقاله مشورة ستتسبب في ضياع الدنيا!
+ ابشالوم كان يريد رأس ابوه - وصل كده الشيطان الذي بداخله أوالذي يحركه - كان يريد أن يموت داود أبوه بأي ثمن لكي يضمن أن يجلس على كرسي الملك ويستقر!
+ فداود وهو مكسور أمام ربنا ومتذلل وباكي قاله: "حَمِّقْ يَا رَبُّ مَشُورَةَ أَخِيتُوفَلَ" (2صم 15: 31)، حمقها أي اجعلها مشورة حمقاء.
+ فكان ابشالوم يستشير اخيتوفل فيما يجب عمله لكي يضمن أن الشعب يظل تابع له ولا يعود لتبعية داود، لأنه يعلم أن الشعب كان يحب داود الملك. فأشار أخيتوفل على ابشالوم بمشورة شريرة، حمقاء هي: "ادْخُلْ إلى سَرَارِيِّ أَبِيكَ اللَّوَاتِي تَرَكَهُنَّ لِحِفْظِ الْبَيْتِ، فَيَسْمَعَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ أَنَّكَ قَدْ صِرْتَ مَكْرُوهًا مِنْ أَبِيكَ، فَتَتَشَدَّدَ أَيْدِي جَمِيعِ الَّذِينَ مَعَكَ" (2صم 16: 21)
أي أنه قال له: ادخل إلى سراري ابوك (السراري أي الجواري الخاصة بداود النبي) في عيون الشعب، أي دع الشعب يعرف أنك (صعدت على سرير ابوك) أي اعتديت على حرمته! وهذا العمل جارح جدًا بالطبع في عرفهم زمان وفي كل جيل. فيعرفوا أن الخلاف الذي حدث بينك وبين ابوك لن يزول أبدًا.
شوفوا المشورة! طبعًا هذه المشورة ليس فيها أي شيء من الروحانية! بالطبع هذه المشورة (أرضيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ).
+ وللأسف تبع ابشالوم مشورة اخيتوفل!
+ ثم سأل ابشالوم اخيتوفل مرة أخرى قاله: "اعمل إيهتاني؟"
قاله: لم اللي معاك واطلع وراه جري، قبل ما يرتاح، وقبل ما يلم الناس، وهات رأسه ورأس كل اللي معاه.
+ كان في واحد من أصحاب داود كان بيحبه، فداود قاله: "خليك يا حوشاي" موجود في القصر. إنت ماتجيش معايا، يمكن ربنا يستخدمك. مع إن حوشاي ده كان عايز يطلع وراءه.
+ وحوشاي هذا كان صديق داود جدًا وكان رجل حرب. فربنا لأنه استجاب لصلاة داود، قالهم ادوني كمان مشورة الرجل الثاني وهو "حوشاي الأركي".
+ "حوشاي الأركي" قاله: "معلش يا جناب الملك أبشالوم، أنا شايف المرة دي أخيتوفل مالوش حق. إنت عارف إن أبوك رجل حرب من يومه، داود يعني، والرجاله اللي معاه بيحبوه جدًا. مستعدين يعملوا أي حاجه علشان يفدوه، وعارفين الجبال والمخابئ اللي فيها، ولو طلعنا وراءه دلوقتي سيختبئ هو ورجالته، ومش هنعرف نجيبه أبدًا، وهيبأه عددنا غير متكافئ، وهنضيع الوقت.
أنا رأيي نأخذ لنا اسبوعين ثلاثة، نلم كل الجيش وكل الشعب، ونطلع وراءه، حتى لو احتمى في منطقة نمسحها خالص من الوجود.
هو كل الكلام اللي قاله ده عايز داود صاحبه يهرب هو ورجاله. وأخذ الملك بمشورة حوشاي وليس بمشورة أخيتوفل. فالذي حدث بعد ذلك أن "أخيتوفل" راح شنق نفسه من الغيظ. شوفوا الحكمة الشيطانية! حكمة شيطانية! لمجرد مرة مأخذوش بكلامه من الكبرياء شنق نفسه! من الكبرياء إزاي ما يأخذوش على كلامه! وطبعًا ربنا استجاب لداود وحمق الرب مشورة أخيتوفل.
+ إحنا في الصلاة لو تاخدوا بالكم في قداس المؤمنين بنقول "ابطل مشورتهم يالله الذي ابطل مشورة اخيتوفل "، لأنها مشورة شريرة ولأنها مشورة مبنية على حكمة بس حكمة شيطانية محتاجة تدخل الهي لكي تبطل لأن مفعولها صعب ومؤذي. من الذي يبطل هذا؟ّ! ربنا له كل المجد بالصلاة.
+ هذا مثل من الحكمة التي في عرف الناس كانت حكمة. كان اخيتوفل ده يقعد في أي مكان يقول أي كلام كل الناس تقول: "ياسلام! إيهالعظمة دي؟! " حِكْمَةُ أرضية نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ "
2- حكمة " يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى " صديق " أَمْنُونُ بْنُ دَاوُدَ"(2صم 13: 1-15)
+ أحد أولاد داود اسمه " أَمْنُونُ " تعلق قلبه تعلق مريض باخته " ثَامَارُ". وكان له صديق من اصحاب الحكمة قاله: "يعني انت ابن الملك وقاعد بتحب من بعد ومش طايل اللي انت عاوزه. إيهده؟! أنا أقول لك تعمل إيه. تمأرض فيأتي أبوك للسؤال عليك فقوله: "أنا أريد أن تأتي ثامار لتخدمني، وآكل من يديها لأني مريض، فتكون ثامار في يديك تفعل ما تريده!".
+ حكمة كلها شر، كلها خبث! وسمع لكلام صاحبه الشرير، وسقط واعتدى على اخته، وكان خراب في بيت داود! كل هذا بسبب الحكمة الشريرة.
3- مثال صارخ للحكمة المغشوشة والشريرة يتكرر في حياة الكثير من الأسر
الحكمة الشريرة غايتها الدمار والخراب
+ هذه الحكمة المغشوشة يراها الآباء الكهنة كثيرًا جدًا في المشاكل الزوجية.
فعندما يختلف زوج مع زوجته يبدأ الشيطان في لعب دوره بينهما! فنجد أحدهم يهمس في أذن كل طرف قائلًا: "ازاي يقولك كده؟! وفين كرامتك؟! وفين حقوقك كزوج؟! وفين حقك كزوجة؟! وهو يعني علشان ادناله فرصة يعمل ويفتري؟!"
بالطبع كل هذا الكلام " حِكْمَةُ أرضية نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ " لن يأتي من وراءها إلا الخراب!
الحكمة الروحية غايتها البنيان والنجاح
+ بينما الإنسان الروحي يقول لهم: "أنتم أولاد ربنا، إحنا نعمل أي حاجة بس يبقي فيه سلام، ده الواحد يوطي رأسه ويتضع وينسحق بس البيت ده يكمل لأن فيه عهد مع ربنا، ده احنا نسمع كلام ربنا مهما كلفنا، ده انتم واحد مش اتنين ده الشيطان دخل وسطكم لازم نطرده بالصلاة وبالصوم وبالتوبة وبالاعتراف وبالجهاد لازم نطرده " هذه هي الحكمة الروحية.
إذًا إحذروا!
الحكمة الأرضية موجودة في كل جيل!
وهذه الحكمة الشريرة منتشرة جدًا وكثيرًا ما تقابلنا في الحياة.
وللأسف يلجأ إليها الناس وكأنها شيء ثمين،
بينما هي مدمرة ولا يأتي من ورائها غير الخراب،
وصفها يعقوب الرسول بأنها: "حِكْمَةُ أرضية نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ".
" لأنهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَزُّبُ، هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ" (يع 3: 16)
أينما وجدت الغيرة والتحزب، فلا تتوقع سماع صوت الله!
+ طالما الحكاية فيها غيرة وفيها تحزب، هيبقى فيه تشويش على صوت ربنا. لماذا التشويش؟ لأن ربنا لا يمكن أن يسمع أحد صوته في هذا الجو. لأن ربنا لا يحب أبدًا الجو الذي يسود به الخلاف والخصام وعدم الاتفاق. هنا ربنا يترك المكان (أو البيت) ويدخل الشيطان يقعد.
" هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ"
أينما وجدت الغيرة والتحزب، فتوقع كل شيء ردئ!
+ علينا أن ننتبه الحكمة الشيطانية والغيرة، تفتح باب لخطايا جديدة وأمور رديئة اخري.
اوعوا تفتكروا الشيطان يقف عند حد. الشيطان يدخل من الباب، وهاتك يا تنازلات، وكل شوية خطوة لأسفل، وكل شوية خطية جديدة، وكل شوية حجة جديدة علشان تضيع اللي قدامه.
+ كيف بدأ كل هذا؟ لأنها كانت " حِكْمَةُ أرضية نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ "، فيها الغيرة، فيها التحزب، دخل فيها التشويش على صوت ربنا وعلى الحقيقة، ودخل فيها كل امر ردئ.
الغيرة والتحزب قد يوجدا حتى في الكنيسة والخدمة:
+ حتى داخل الكنيسة صدقوني، قد نجد الغيرة والتحزب. مجموعة لها رأي ومجموعة لها رأي آخر. حتى في الخدمة.
+ من الحكمة أنهم يكونوا مجموعة واحدة، وجسد واحد، ويتنازلوا لبعض، ويقبلوا بعض، ويحبوا بعض، ولايتمسك كل طرف برأيه على حساب الطرف الثاني!
+ لكن كل واحد يتدعي أنه فاهم، والثاني لا يفهم فلن يتفقوا أبدًا! وطالما لن يتفقوا سيدخل الشيطان فورًا بينهما.
احترسوا!!
أجمل جو يشتغل فيه الشيطان هوعدم الاتفاق.
هو ده الجو اللي يعرف يشتغل فيه.
طول ما احنا بنحب بعض الشيطان مايعرفش يدخل أبدًا.
والعكس طول ما إحنا غير متفقين، لا بد أن يلازمنا الشيطان، لأن هذا هو الجو بتاعه.
هو غاوي الحكاية دي! غاويها!
شئ مخجل: الشياطين لا يمكن أن تسمح بالإنقسام فيما بينها، بينما يصعب على البشر الإتفاق!
+ المسيح له المجد نبهنا لسر من أسرار مملكة الشر، قال لنا الشياطين لا يمكن أن يقعوا مع بعض ابدًا، لأنه "كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ "(مت 12: 25) وهم يعلمون هذه الحقيقة جيدًا. مفيش شيطان يقف ضد أخوه ابدًا.
+ الشياطين فيهم فضيلة - قد تكون هي الوحيدة - وهي أنهم جدعان جدًا مع بعض، ويتنازلوا لبعض، ويتفاهموا مع بعض. فريق الشياطين من ناحية الشغل الجماعي، يشتغلوا أحسن فريق في الدنيا،، لأن الغرض واضح أمام أعينهم وهو هلاك البشر.
+ لكن احنا بأه بحكمة مزيفة، تلاقي كل واحد يقول أنا فاهم وانت مش فاهم، ونختلف ونعمل فرقتين!
انتبه يا من ولدت بالمعمودية!
انت مولود من فوق، فمعاك حكمة نازلة معاك من فوق، حكمة الهية
لكن الناس من التراب، ومعاهم حكمة التراب، اللي فيها الغش والالتواء والكذب والحاجات دي
فانت بالحكمة تشهد على نفسك ان كنت أرضي ولا سماوي.
الحكمة اللي عندك تقول لربنا انت تبع مين
تبعه وعندك حكمة نازلة من فوق زيه ولا من الأرض عندك حكمة أرضية نفسانية شيطانية.
الحكمة التي لديك تقول لربنا، من الذي تتبعه؟
هل تتبعه ولك الحكمة النازل من فوق مثله؟ أم أنك من الأرض وعندك حكمة أرضية نفسانية شيطانية؟
إذا كنت تتبع ربنا فللحكمة الإلهية النازلة من فوق سمات ذكرها لنا معلمنا يعقوب بوضوح. الحقنا بأه يا معلمنا يعقوب بالحل أو بالحاجة الحلوة:
بماذا وصف لنا معلمنا يعقوب الحكمة النازلة من فوق:
"وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ. وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ". (رسالة يعقوب 3 : 17-18).
1- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ
الحكمة الإلهية طاهرة في هدفها وطاهرة في وسيلتها وطاهرة في منهجها
+ تعرف الحكمة التي من فوق لأنها " طَاهِرَةٌ". يعني ليس بها شر، ليس فيها عيب، ليس بها التواء.
+ ليس بها أبدًا " الغاية تبرر الوسيلة". الحكمة التي تتبع العبارة: "الغاية تبرر الوسيلة" تكون ليست طاهرة. إحنا عندنا الغاية طاهرة، والوسيلة طاهرة. الغاية مقدسة، والوسيلة مقدسة.
+ ماينفعش لكي تصل لغرض يبدو جيد، إنك تسير في طريق غير صحيح أوصالح! لأ حاسب، لأن "الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ". لا تعرف الخطأ (الغلط)، لا تعرف الالتواء. لا تُقدم فكرة ليست سليمة، حتى إذا كان الغرض سليم.
+ تعبير: "الغاية تبرر الوسيلة "، تعبير دنيوي. كل الناس تقول هذا الكلام. احنا عندنا لا نقول هذا الكلام. نقول إيه؟ " كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ" (تي 1: 15) و"الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ". طاهرة في غرضها، وطاهرة في وسيلتها، وطاهرة في منهجها كل حاجة ماشية صح.
الحكمة الإلهية طاهرة لا تكذب ولا تغش
+ يعني واحد يقولك: "طب اكذب علشان ما يحصلش مشكلة". لأ حاسب هذه الحكمة ليست من فوق. ليه؟ لأنها غير طاهرة، ليه غير طاهرة؟ لأنه بيقول: "اكذب"، والكذب خطية. المسيح علمنا "لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ."(مت 5: 37) الشرير الذي هوالذي هو الشيطان.
+ فإذا قلت كلمة زيادة عن نعم ولا في هذا الموقف، يبأه من الذي بدأ يتكلم على لسانك؟ الشيطان. يبأه دخلت في الحكمة الشيطانية.
+ اذًا الوضوح حكمة طاهرة، لكن الكذب طبعًا حكمة غير طاهرة وحكمة أرضية.
2- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ مُسَالِمَةٌ
الحكمة الإلهية تبغي السلام
+ عاوز تعرف الحكمة التي عندك من فوق، أم أنها أرضية.
+ فالوصف الثاني للحكمة النازلة من فوق هو أنها " مُسَالِمَةٌ "، أي غرضها السلام. بينما الحكمة الأرضية - لأطبعا - لا يعنيها السلام.
الحكمة الإلهية التي لأبونا إبراهيم كُللت بالبركة وأخجلت الحكمة الأرضية التي للوط ! (تك 13: 6)
+ اختلف رعاه لوط مع رعاه ابراهيم ويقول الكتاب:" وَلَمْ تَحْتَمِلْهُمَا الأرض أَنْ يَسْكُنَا مَعًا، إِذْ كَانَتْ أَمْلاَكُهُمَا كَثِيرَةً، فَلَمْ يَقْدِرَا أَنْ يَسْكُنَا مَعًا. "(تك 13: 6).
طبعًا لوط أصغر من أبونا ابراهيم سنًا وكرامةً، لأن أبونا ابراهيم هو المختار، وهو يعتبر بمثابه عمه، وهو الذي من أجله ربنا باركه.
+ عندما اختلفوا، دخل صراع الحكمة.
الحكمة الأرضية تطلب ما لنفسها!
+ فجاء لوط بحكمة أرضية وجلس أمام عمه إبراهيم يريد أن يأخذ حقه قائلًا: "أنا عاوز حقي، أنا لي في الأرض مثلك، أنا المفروض الرعاه بتوعي يشتغلوا....إلخ". كلام البشر!
الحكمة السماوية تضحي ما لنفسها من أجل الغير!
+ وفي المقابل وجدنا حكمة أبونا ابراهيم " مُسَالِمَةٌ "، أول كلمة بدأها في قاعدة الصلح قاله:
" لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ، لأننَا نَحْنُ أَخَوَانِ."(تك 13: 8)
هذا ما نريد أن نصل إليه: لما حد يقولك حقي، رد قوله:
لا تقولي حق ولا محقوق، أنا بكلمك في حاجة تاني.
ما نتخصمش،
هعمل أي حاجة، وهقدم أي تنازل، بس ما نتخصمش،
دي حكمة اسمها إيه؟ اسمها الحكمة النازلة من فوق " مُسَالِمَةٌ".
حكمة إبراهيم أبو الآباء كانت بمثابة انتحار إقتصادي في عرف العالم!
+ وكان أبونا إبراهيم هو المُضحي فقال للوط: "أَلَيْسَتْ كُلُّ الأرض أَمَامَكَ؟ اعْتَزِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ شِمَالًا فَأَنَا يَمِينًا، وَإِنْ يَمِينًا فَأَنَا شِمَالًا" (تك 13: 9).
الذي فعله أبونا ابراهيم في زمنه، كان في لغة رجال المال والأعمال " انتحار اقتصادي".
+ لأن الأرض في ذلك الوقت كانت أخضر وأصفر. الأخضر يعني الرعي هيشتغل والفلوس هتزيد. والأصفر يعني الرعي سيقف والفلوس هتخلص! فطبيعي لوط عندما جاءت له الفرصه هيختار إيه؟ هيختار الأخضر، وسيضطر قصدها ابراهيم يروح الناحية التانية كلها صحراء.
في تواضع نسي أبونا إبراهيم مصلحته الشخصية من أجل المحافظة على لوط!
+ طب يا ابونا ابراهيم انت الكبير، طب اختار لنفسك، طب مصلحتك، طب سارة هتقولك إيه؟ هتزعل منك! كل ده نسيه! وكل اللي حطه قصاد عينه " لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَك". أنا هعمل أي حاجة، وهتنازل عن أي حاجة، بس منخسرش بعض.
+ دي حكمة إيه؟ نازلة من فوق على طول، حكمة الهية، دي مش حكمة البشر العاديين.
بينما في طمع نسيَّ لوط علاقته بعمه إبراهيم، أمام مصلحته الشخصية!
+ لوط كان عنده حكمة البشر. فيقول الكتاب " فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ" (تك 13: 10).
هذه هي الحكمة الأرضية، كلها طمع. قعد يبص مصلحتي أنا فين؟؟ طب عمك المتواضع الذي قال لك: "احنا اخوات"، وانت أساسًا مش أخوه، أنت أصغر كثيرًا من هذه الكلمة! مش تعمل زيه؟! وتتعلم زيه؟! وتقوله لأ لأ يا عمي لن أتركك مهما حصل، ده أنا من غيرك ملياش لازمه، ده انت اللي عملتني. لا أنا لن أتركك، خذ كل الفلوس.
لالا، ده جتله فرصة وعنده حكمة أرضية وراجل فاهم في الرعي. فـ"اخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ" (تك 13: 11)
وكنتيجة للحكمة الأرضية التي للوط، هل تتذكرون ماذا اختار؟!
+ سدوم وعمورة!! إختار سدوم وعمورة لأنها كانت أرض خضراء، وصفها الكتاب "سَدُومَ وَعَمُورَةَ، كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأرض مِصْرَ" (تك 13: 10)، كانت مصر زمان كالجنة في الخصب.
+ وماذا حدث في آخر القصة؟ حُرقت سدوم وعمورة، وخرج لوط خاسرًا كل شيء. بسبب إيه؟ بسبب "الحكمة الأرضية النَفْسَانِيَّةٌ الشَيْطَانِيَّةٌ".
"لأَنَّ حِكْمَةَ هذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ" (1 كو3: 19)
+ طبعا لو واحد من حكماء هذا الدهر يقعد مع لوط وابراهيم، يقول على طول أبونا ابراهيم ده مغفل -سامحوني في التطاول- ولوط ده واعي حكيم، عرف يأخذ حقه عرف يطلع كسبان.
+ طب بصوا على القصة لآخرها، أبونا ابراهيم يبأه أغني واحد في الأرض، وكل البركة فيه وربنا يكثر الوعود بسبب حكمته الروحية. ولوط يطلع خسران كل حاجة!
آدي الحكمة الأرضية وآدي الحكمة النازلة من فوق.
"وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ".
3- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ مُتَرَفِّقَةٌ
الحكمة النازلة من فوق تترفق بالضعفاء والخطاة تترفق بالكل
+ بينما الحكمة الأرضية لا تعرف الرفق.
+ سامحوني في التعبير المشهور"القانون لا يحمي المغفلين"، لأنه قانون أرضي، أما القانون السماوي والحكمة السماوية فترفق بالخطاة، تترفق بالضعف، لأنها حكمة نازلة من عند ربنا، والله محبة. ربنا أب طيب، فالرفق طبعه.
+ فالحكمة النازلة من عند ربنا: أولًا: طاهرة. ثانيًا: مسالمة غرضها سلام. ثالثًا : مترفقة.
تشبه بمسيحك، تأنى على الجميع، وترفق بالكل
+ إذا كنت بتحل مشكلة، وإنت بتحلها خليك حنين مع الناس، ترفق باللي قصادك، لا تقل: "الصح كده والغلط كده وخلاص". لأن الذي أمامك هذا بني آدم، وله طاقة، ترفق به.
إذا كان قد أخطأ، فضع في اعتبارك أن كلنا معرضين للخطأ، أنا بغلط وانت بتغلط، خليك مترفق.
السيد المسيح إله المحبة التي تتأنى وترفق، وأقنوم الحكمة المترفقة
+ تلاحظوا، أنه كما قيل " اللهَ مَحَبَّةٌ" (1يو 4: 8)، نحن نقول أن المسيح له المجد هو "اقنوم الحكمة". و"الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ"(1 كو 13: 4) وهنا أيضًا الحكمة توصف بأنها " مُتَرَفِّقَةٌ".
هل استطعت أن تحدد أي نوع من الحكمة هو الذي تتبعه؟
النوع الأول: "أرضية نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ "
فيها تحزب، فيها غيرة، فيها افتخار، فيها كذب على الحقيقة، فيها غضب،
أم عندك حكمة نازلة من فوق، مصدرها ربنا،
أولًا طاهرة، مفهاش غلط ابدًا، لا في الوسيلة ولا في الهدف.
ثانيًا مسالمة غرضها دائمًا السلام، ثالثًا مترفقة.
4- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ مُذْعِنَةٌ
+ الإذعان يعني الخضوع، أوالطاعة، أوالتسليم، أوالتفاهم.
الحكمة الأرضية متكبرة لا تخضع أبدًا
+ الحكمة الأرضية دائمًا معها كبرياء. فتلاقي الذي يرى في نفسه أنه حكيم لا يستمع لأحد، لا يذعن لأحد، لا يخضع لأحد، حتى إذا كان الذي أمامه له حق عنده، أوله حق عليه، أوكلامه كويس أوملهوش غرض. الحكيم والعالم بطريقة الدنيا، لا يذعن لا يعرف الخضوع ابدًا.
بينما الحكمة التي من فوق " مُذْعِنَةٌ "
+ أما الممتلئ من الحكمة الروحية، لا يوجد عنده مانع من أن يقول: "حاضر" حتى ولو حكيم.
موسى النبي بالرغم مما وصل إليه من كبر سن وقامة روحية، تقبل النقد من يثرون حماه!
+ موسى كان رجلًا كبيرًا جدًا في السن تجاوز الـ80، ممتلئ بالحكمة لأنه كان سائرًا مع ربنا، ومعه عصا تشق البحر، وتعمل كل حاجة، ورأى ربنا في العليقة، وأصبح إنسان روحاني عظيم.
+ جاء إليه يثرون حماه كاهن مديان، وأشار عليه قائلًا: "أنا شايف إن فيه حاجة غلط في نظام الخدمة بتاعك - ده بيقول لموسى اعظم نبي في التاريخ - أنت تقضي الوقت منذ الصباح حتى الليل، في حل مشاكل الشعب، والناس تقف على رجليها بالـ12 ساعة، وانت بتهلك. أنا سأقول لك حل آخر: اختار ناس يكون فيهم حكمة، ويكونوا بعيد عن الرشوة، واعمل رؤساء خمسينات، ورؤساء مئات، ورؤساء آلاف، ورؤساء عشرات آلاف، وعلمهم الشريعة صح، ودعهم يقومون بحل المشاكل الصغيرة، بينما تتفرغ أنت للمشاكل الكبيرة والصلاة.
+ فقال له موسى: "حاضر". أعجبته الفكرة/ فرجع لربنا ليسأله: "أعمل؟"، قاله: "اعمل".
+ موسى كان ممكن يقوله: "معلش يا يثرون أنا بقعد في الجبل مع ربنا عيني عينك، انت تطلع مين علشان تشير علي؟! ده أنا بتكلم مع ربنا وصرت "كليم الله "، أنا بكلمه كده زي واحد بيكلم التاني، انت اللي هتيجي تقولي أعمل إيه؟!
+ لكن موسى الذي امتلأ حكمة من فوق، اذعن وخضع. لأن الحكمة النازلة من فوق متواضعة. عنده حكمة عظيمة جدًا وحلم وفضائل، لكن ليس لديه مانع ابدًا أن يخضع ويقول: "حاضر"، وحتي ممكن يعتذر ويقول أخطأت.
+ ليس من الحكمة ابدًا أن الواحد يتصور أنه لا يخطئ. الحكمة الأرضية لأنها مليئة بالكبرياء، تجعل الإنسان يستكتر يقول "سوري". فتجد الإنسان لا يعرف الإعتذار، ليه؟ "أصل أنا حكيم، أنا بعرف، أنا أفهم، أنا كبير.
+ طب يا كبير، ده إنت مشاكلك بتكتر، طب إنت يا حكيم مش عارف تعتذر ليه؟؟ هو انت ما بتغلطش؟! هو جواه بيقول ما بغلطش!
لكن الحكيم حكمة روحية يقول لا أنا بغلط، ويكون ممتلئ حكمة روحية، ويقول أنا ضعيف. يقول أنا اسمع الكلام، أنا مسمعش الكلام ليه؟؟ آدي الحكمة الروحية.
"وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً".
5- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً
+ "مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً" تشبه " مُتَرَفِّقَةٌ " ولكن المقصود بها بدرجة أكبر من الترفق.
يعني ترفق بالناس ترفق بالخطاة، وارحم الناس.
الحكمة الإلهية كلها رحمة الإنسان الذي أخذ حكمة من ربنا، يميل دائمًا إلى الرحمة.
حكمة القديس موسى الأسود المملوءة رحمة!
+ القديس موسى الاسود بعد سنين طويلة من حياته في الصحراء في البرية أصبح قديس مشهور، وكل الآباء في البرية يأخذون بركته.
وحدث أن أخطأ راهب خطيئة كبيرة، وقرر باقي الرهبان أن يعملوا له مجمع ليحاكموه. فأرسوا لأبونا موسى الشيخ العظيم، ليرأس المجمع لكي يُصدر حكم على الأخ. لأنه كان معروفًا بأنه كله حكمة وأنه شخص روحاني، ويعلمون أنه سيحسبها صح، وسيحكم صح.
+ فتأخر القديس موسى الأسود بعض الشيء عن المجمع، وكان كل الآباء قد اجتمعوا في انتظاره، ثم دخل أبونا موسى العجوز وهو يحمل على ظهره جوالًا مملوءًا من الرمل وهذا الجوال مخروم، والرمل يتساقط منه خلف ظهره. ودخل إلى الجلسة حاملًا هذا الرمل المتساقط.
+ فقالوا له: "ما هذا الذي تحمله يا أبونا؟! والرمل يتساقط خلفك دون أن تدري؟!"
فقال لهم: "هذه خطاياي تركتها وراء ظهري تنسكب وجئت لأبصر خطيئة أخويا !!!"
+ كلهم نظروا للأرض وعرفوا ماذا يريد أن يقول. فهموا أنه لا بد أن نترفق ونمتلئ بالرحمة. إذا كان قد أخطأ فما حدث قد حدث يا آبائي، ربنا يسامحه، ونحتويه، ونعطي له فرصة أخرى.
+ هذه هي الحكمة المملوءة رحمة. كان من الممكن أن يقول: "لأ ده يستاهل و... و... و".
بالراحة! فيه حكمة نازلة من فوق: "فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً".
6- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ مَمْلُوَّةٌ أَثْمَارًا صَالِحَةً.
+ الحكمة التي تأتي من فوق دائمًا أثمارها صالحة؛ دائمًا بركاتها كثيرة؛ دائمًا خيرها كتير.
+ الحكمة النازلة من فوق، دائمًا تجمع شمل البيوت؛ دائمًا تربي الأولاد في خوف ربنا؛ دائمًا تكسب الناس لربنا فيها ثمر وثمر صالح.
+ بينما الحكمة الأرضية مخربة، لأنها شيطانية.
+ تسمع لكلمة من إنسان تضيع الدنيا.
+ تسمع كلمة من شخص روحي تخلص أنت وأهل بيتك، إذا سمعت كلامه. لأنها كلمة نازلة من فوق، وحكمة نازلة من فوق، مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة.
+ الحكمة النازلة من فوق فيها ثمر، الثمر ده يبأه سلام، الثمر ده يبأه هدوء، الثمر ده يبأه محبة الناس لبعض، الثمر ده يبأه نجاح في حياتك، الثمر ده يبأه تربية أولادك حلو، كل هذا يُسمى "ثمار صالحة". دي تطلع من الحكمة النازلة من فوق.
7- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ عَدِيمَةُ الرَّيْبِ
+ الحكمة النازلة من فوق لا تعرف الريب، الريب هو الشك.
الحكمة الأرضية تشك في كل الناس وكل شئ
+ الحكمة الأرضية، تسير على منهج أرضي " أن تسئ الظن بك إلى أن يثبت عكس هذا".
+ تلاحظوا كده في الناس؟ يقولك: "أصله واعي" واعي يقصدوا بها إيه؟ يعني لا يثق في أحد!
طب وهي دي حكمة؟ّ! ده هيعيش خايف من خياله! إيه جمالها أنه يكون لا يثق في أحد؟!
طب وماله لما واحد يخدعه مرة يبقي يأخذ باله، بدل ما يقعد يشك في كل الناس، وممكن يشك في اقرب الناس، وممكن يشك في نفسه، وفي الآخر يتخنق من الحكمة اللي عنده! حكمة أرضية!
+ " حِكْمَةُ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ " مملوءة شك، والشك هنا أحد دعائم الحكمة الأرضية، يعني يقوله: "إنت لازم تشك، إنت لازم تكون واعي".
+ أما الحكمة النازلة من فوق " عَدِيمَةُ الرَّيْبِ "، يعني ليه تشك؟ الشخص اللي عنده حكمة نازلة من فوق يقبل كلمة ربنا بإيمان ويقبلها باتضاع.
الحكمة الأرضية لا تُصدق بسهولة
+ بينما الشخص الذي ينال الحكمة من عقله، لا يُصدق بسهولة. عندما تحكي له معجزة مثلًا، يقولك: "كلها ملفقة كلها كذب" ليه يا حبيبي؟! هو ربنا يعجز إنه يعمل معجزات؟! هو القديسين دول قليلين علشان يعملوا معجزات؟! ماتصدق وخلاص!
+ إيه لزوم إن كل ما يقولك حاجة، تقول: "لأ أشك!" أصل إنت عقلك كله حكمة، لكن " حِكْمَةُ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ "، تعطلك وتجعلك لا تصدق! بينما شخص بسيط يصدق ويمشي وراء المسيح.
المرأة نازفة الدم لم ترتاب فطوبها الرب ونالت الشفاء:
+ هي نازفة الدم التي سمعت عن معجزات المسيح، كان عندها أي نوع من الحكمة؟!
إذا قعدت وشكت وقالت المسيح ده يعمل معجزات ازاي؟! هذا رجل يلبس جلابيه، وشكله غلبان فين القوة اللي عنده؟! طب أنا مش هقدر احكيله مشكلتي وكانت قعدت مكانها.
+ لكن عندها حكمة بسيطة نازلة من فوق، عديمة الريب راحت زرقت نفسها وسط الناس، وقالت بس المس طرف جلابيته "إن لمست هدب ثوبه، هخف".
بهذا الإيمان الساذج، بهذه الحكمة العديمة الريب، خدت كل ما تريد. والمسيح طوبها، وباركها، ومشاها بسلام، وكان فرحًا بها لأنها عندها حكمة نازلة من فوق عديمة الريب.
" الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ،
مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَارًا صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ."
8- الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ عَدِيمَةُ الرِّيَاءِ:
شجع لكن لا تنافق أبدًا
+ الحكمة الأرضية كلها رياء ونفاق، عاوز تكسب اللي قصادك - سوري في التعبيرات اللي هقولها - "غني عليه"، "نافقه"، "امدحه"، "هديه" علشان توصل لغرضك. كل هذا حكمة أرضية، احنا مش بتوع كلام من ده.
+ والحكمة النازلة من فوق عديمة الرياء، لا تعرف الرياء. مش معني كده كلامك يصبح ثقيلًا! لأ وماله شجعوا كل الناس، " شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ" (1تس 5: 14).
+ لكن تقول للي قصادك كلمة مش موجوده فيه خالص؟! يبأه رياء، تمدحه مديح كأنك بتمدح ربنا؟! دي حكمة إيه دي؟! هذه "" حِكْمَةُ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ".
+ خليك حكيم حكمة روحية، شجعه صحيح لكن لا تتملقه، لا تنافقه، بهذه الطريقة أنت تتسبب في ضياعه وأذيته! من الممكن أن يكون هذا الرجل يحتاج إلى التوبة، يحتاج إلى كلمة توجيه، كلمة تجعله ينتبه أنه يسير في طريق خطأ!
+ إنت كنت ممكن تقوله كلمة تدخله السماء، وبسبب الحكمة الأرضية قلت له كلمة كملت عليه زقته في جهنم أكثر. هو واقع في حبه لنفسه (..)(3).
+ خلي لك ثمار صالحة، عاوز تدخله السماء قوله كلمة تشجيع، لكن قوله كلمة حقيقية تفيده لا ترائيه.
+ لذلك يسوع له كل المجد، كان يقول "مَجدًا مِنَ النَّاسِ لَسْتُ أَقْبَلُ" (يو 5: 41). ليه يارب؟! أصل مجد الناس كله حكمة أرضية، هيضحكوا عليَّ! هو أنا مش عارف الناس؟!
+ لذلك كان المسيح يشجع جدًا الناس والتلاميذ، لكن لا يرائي أحد أبدًا. وكان في وقت يبقي كلامه شديد "سِمْعَانُ، سِمْعَانُ، هُوَذَا الشَّيْطَانُ طَلَبَكُمْ لِكَيْ يُغَرْبِلَكُمْ كَالْحِنْطَةِ!" (إنجيل لوقا 22: 31). حاسب، أنت تقول كلام يإذي وغلط. ولما قال كلمة حلوة قاله: "طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ" (إنجيل متى 16: 17).
كيف نصل للحكمة النازلة من فوق؟
" وَثَمَرُ الْبِرِّ يُزْرَعُ فِي السَّلاَمِ مِنَ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ السَّلاَمَ" (رسالة يعقوب 3: 18).
الساعي للسلام والبر سينال الحكمة التي من فوق:
+ عاوز يبأه عندك الحكمة دي يلا انشغل بعمل السلام، وانشغل بعمل البر، لأن اللي هيعمل سلام سيمتلئ بثمر البر والسلام.
يعني اللي هيدخل في خدمة الناس، اللي عاوز يصلح الناس، اللي عاوز يقرب الناس لبعض، اللي عاوز يعمل سلام لنفسه، وسلام في بيته، وسلام مع جيرانه، وسلام في كل الناس، هذا سيمتلئ بثمر البر والسلام.
+ هذا الإنسان ربنا سيعطيه حكمة لأن غرضه حلو.
الباحث عن مصلحته الشخصية لا يحتاج للحكمة الإلهية
+ لكن الذي يريد أن يكسب فقط، يأخذ حكمة نازلة من فوق ليه؟! فهو لا يحتاجها ما دام عينه على هذه الدنيا، لا يمكن سيكون عنده حكمة نازلة من فوق.
هذا الجزء جميل ويحتاج إلى مراجعة طويلة، لأننا كلنا نحتاج إلى حكمة حقيقية نازلة من فوق.
تدريب
كلنا نصلي دائمًا في سرنا في كل موقف قائلين: "يارب اديني حكمة".
هذه كلمة صغيرة جدًا، تقولها في كل موقف، كل مشكلة تقابلك، مهما كانت صغيرة. قول "يارب اديني حكمة". علشان الواحد فينا يفضل فاكر إن الحكمة مش من جواه، الحكمة من براه، هتبقي نازلة من فوق مش طالعة من تحت.
آية للحفظ:
" الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلًا طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ" (يع 3: 17).
4 كلمات جميلة..
_____
(1) انتهت هنا المحاضرة الأولى، وتبدأ بعدها المحاضرة 2 عن نفس الأصحاح.
(2) يوجد جزء بسيط ناقص في التسجيل (د. 2,14).
(3) يوجد جزء غير واضح في العظة (د. 51,30).
← تفاسير أصحاحات يعقوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-dawood-lamey/james/chapter-03.html
تقصير الرابط:
tak.la/kc3gwv5