* تأملات في كتاب
مرقس: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37
الأَصْحَاحُ السَّابِعُ
(1) الرد على الكتبة والفرّيسيّين وتوبيخهم (ع 1-13)
(2) الطاهر والنجس (ع 14-23)
(3) المرأة الكنعانية (ع 24-30)
(4) شفاء الأصم الأعقد (ع 31-37)
1 وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ وَقَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَادِمِينَ مِنْ أُورُشَلِيمَ. 2 وَلَمَّا رَأَوْا بَعْضًا مِنْ تَلاَمِيذِهِ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ دَنِسَةٍ، أَيْ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ، لاَمُوا. 3 لأَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ وَكُلَّ الْيَهُودِ إِنْ لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ بِاعْتِنَاءٍ، لاَ يَأْكُلُونَ، مُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ. 4 وَمِنَ السُّوقِ إِنْ لَمْ يَغْتَسِلُوا لاَ يَأْكُلُونَ. وَأَشْيَاءُ أُخْرَى كَثِيرَةٌ تَسَلَّمُوهَا لِلتَّمَسُّكِ بِهَا، مِنْ غَسْلِ كُؤُوسٍ وَأَبَارِيقَ وَآنِيَةِ نُحَاسٍ وَأَسِرَّةٍ. 5 ثُمَّ سَأَلَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ: «لِمَاذَا لاَ يَسْلُكُ تَلاَمِيذُكَ حَسَبَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ، بَلْ يَأْكُلُونَ خُبْزًا بِأَيْدٍ غَيْرِ مَغْسُولَةٍ؟» 6 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا، 7 وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8 لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ، وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ». 9 ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ! 10 لأَنَّ مُوسَى قَالَ: أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، وَمَنْ يَشْتِمُ أَبًا أَوْ أُمًّا فَلْيَمُتْ مَوْتًا. 11 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنْ قَالَ إِنْسَانٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: قُرْبَانٌ، أَيْ هَدِيَّةٌ، هُوَ الَّذِي تَنْتَفِعُ بِهِ مِنِّي 12 فَلاَ تَدَعُونَهُ فِي مَا بَعْدُ يَفْعَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. 13 مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ».
"قادمين من أورشليم": أن يترك الكتبة والفرّيسيّون أورشليم، فهذا أمر غير معتاد... فنحن إذن أمام وفد ذهب إلى كفرناحوم، ليتحرى الحقائق حول ظاهرة هذا الرجل الذي ذاع صيته واجتذب الآلاف نحوه، سواء بتعليمه أو بمعجزاته. وكانت مشاعر الغيرة هي المالكة على قلوبهم، أكثر من رغبتهم في رؤية الحق... ولهذا كان أول ما صدمهم أنهم رأوا تلاميذ المسيح يأكلون الخبز دون غسل الأيدى، ولهذا أدانوهم على هذا التصرفٍ.
في هذين العددين، يوضح القديس مرقس خلفية هامة لقارئ إنجيله، لأنه كان يكتب لغير اليهود عن بعض عادات الفرّيسيّين واليهود عامة، ليفهم القارئ لماذا لاموا التلاميذ في (ع2)، وكمقدمة لحديثهم مع المسيح في (ع5). فيشرح لنا اهتمامهم بالنظافة الخارجية واعتبارها تطهيرا، والاغتسال قبل الأكل في بيوتهم أو في حالة شرائهم أية ثمار من الأسواق فلا يمكن أكلها دون غسل الأيدى، وشملت هذه النظافة أيضًا أوانيهم كلها، وحتى الأسرّة التي يرقدون عليها.
ع5:
سأل الوفد السيد المسيح عن سبب مخالفة تلاميذه للعادات الدينية التي استلموها من أجدادهم وآبائهم.بدأ السيد المسيح رده موبخا الكتبة والفرّيسيّين، مذكرا إياهم بما تنبأ به إشعياء عنهم (إش 29: 13)، موضحا رياءهم بأن إكرامهم لله نظريا، يقولون يألسنتهم شيئًا وما بداخل القلب شيء آخر، فتصير عبادتهم الظاهرة بلا فائدة، وكذلك تكون تعاليمهم تعاليم بشرية نابعة من أفكارهم وليست من روح الله القدّوس... ونكون نحن أيضًا مرائين لو اهتممنا بأن نظهر للناس تديننا، حتى يكون لنا صيت حسن، دون أن يكون لنا السلوك الحسن الحقيقي... أو لكي نبرز فضائلنا وخطايا الآخرين، بينما نسمح لقلوبنا أن تظل بعيدة عن الله.
هكذا تقود العبادة المظهرية (الرياء) الإنسان في طريق يفصله عن وصية الله وغرضها الحقيقي؛ ويضلله الشيطان بالأمور التافهة، ويعطيها الأهمية الأولى، فيصرف كل اهتمامه بها، ودون أن يدرى، يكون بذلك رافضا لله نفسه.
† صديقى العزيز... عندما أمر الله الإنسان في الشريعة بالتطهير والاغتسال، كان هذا إشارة إلى طهارة القلب والفكر... فالنظافة الجسدية شيء هام، ولكن نظافة القلب من الغيرة والحسد والخصام أهم... فهل أنت حريص قبل التناول مثلا على طهارة قلبك ونفسك، أم تهتم بطهارة جسدك؟ ليتنا نفحص أفكارنا ونياتنا، ونغسلها بالتوبة كما نغسل أجسادنا بالماء.
يضرب السيد المسيح لهم مثلا يوضح انحراف تعليمهم وفساد تقليد شيوخهم... فبينما أمر الله - في شريعة موسى - بإكرام الأب والأم (خر 20: 12)، وأن يكون الموت عقوبة للابن الشاتم أحدهما، وذلك لعظم مكانتهما. كذلك في (ع11)، أتى شيوخ اليهود بتعليم غريب يناقض وصية الله، وهو أن تقديم القربان (العطايا) للهيكل، أبقى وألزم على الإنسان من أن يقدمه لوالديه المحتاجيْن؟!! وهذا التقليد مخالفة صريحة لوصية الإكرام، ولا يعود بالنفع، في حقيقة الأمر، إلا على شيوخ اليهود. وهكذا في (ع12): تمنعون الناس من رعاية آبائهم بسبب تعليمكم البشرى، مناقضين أمر الله. وليس هذا التعليم فقط، فهناك أمور أخرى كثيرة كسرتم بها وصية الله أيها المراءون.
14 ثُمَّ دَعَا كُلَّ الْجَمْعِ وَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا مِنِّي كُلُّكُمْ وَافْهَمُوا. 15 لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، لكِنَّ الأَشْيَاءَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْهُ هِيَ الَّتِي تُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 16 إِنْ كَانَ لأَحَدٍ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ». 17 وَلَمَّا دَخَلَ مِنْ عِنْدِ الْجَمْعِ إِلَى الْبَيْتِ، سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَنِ الْمَثَلِ. 18 فَقَالَ لَهُمْ: «أَفَأَنْتُمْ أَيْضًا هكَذَا غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ، 19 لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى الْجَوْفِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ، وَذلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ». 20 ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 21 لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً، فِسْقٌ، قَتْلٌ، 22 سِرْقَةٌ، طَمَعٌ، خُبْثٌ، مَكْرٌ، عَهَارَةٌ، عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ، تَجْدِيفٌ، كِبْرِيَاءُ، جَهْلٌ. 23 جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».
ع14:
أراد المسيح أن يكون كلامه وتعليمه شاملا، فوجّه حديثه للجمع، بعد أن كان يخاطب الكتبة والفرّيسيّين. ولشد انتباههم، قال لهم: "اسمعوا منى كلكم وافهموا.""ليس شيء من خارج": المقصود بها الأطعمة، سواء كانت مغسولة أو غير مغسولة، وكذلك الأيدى الممسكة بهذا الطعام.
"الأشياء التي تخرج": أي الكلام الشرير، مثل الإدانة والشتيمة والكذب، وكذلك نظرات الشهوة الشريرة، فهي التي تنجس الإنسان كله.
"... أذنان للسمع فليسمع": تعبير استخدمه المسيح كثيرًا للدلالة على أهمية ما نطق وعلّم به... ويمكن القول أيضًا أن "أذنان" تعني:
الأذن الأولى: أي الأذن الخارجية التي تسمع.
الأذن الثانية: أي الإرادة الداخلية التي تفهم وتعمل.
والمعنى العام المقصود هو: أراد السيد المسيح أن ينقل الناس من الفهم الحرفي للوصية إلى عمق معناها الروحي، فالله عندما تكلم عن الحيوانات النجسة والحيوانات الطاهرة في شريعة موسى، قصد ما وراء ذلك...
أولًا: أن يضع فاصلا بين ما يأكله شعبه وما يأكله الوثنيون، فيحافظ على شعبه من الاختلاط أو عبادات الأمم.
ثانيا: وهو المعنى الأعمق لهذه الآية، أن الطهارة والنجاسة الحقة مصدرها قلب وعقل الإنسان، وليس ما يأتيه من الخارج.
"ولما دخل... سأله تلاميذه": كالعادة، عندما يصعب شيء على التلاميذ، كانوا يسألون فيه المسيح ثانية بعيدا عن الجموع، وأجاب المسيح بنفس المعنى المشروح في العددين السابقين.
ع19:
لا زال الشرح هنا موجها إلى تلاميذ المسيح، فيوضح لهم أن الطعام لا يؤثر على الحالة الروحية للإنسان (القلب)، وهي المقياس الأساسى أمام الله، إذ تنصرف فضلات الطعام بعد هضمه إلى خارج الجسم، فيتخلص الجسم مما هو ضار، وتمتص الأمعاء ما هو مفيد منها، وبهذا لا يتأثر القلب من الأطعمة، بل يظل نقيا.تم شرح المعنى في (ع15-16)، ولكن السيد المسيح يضيف هنا أنواع من الخطايا التي تخرج من القلب والضمير النجس الشرير، مثال أفكار الزنى، وأفكار الفسق أي الفجور، والقتل، والسرقة، والطمع أي المحبة الزائدة للمال والنفس، وأفكار الخبث ومعناها إضمار الشر للآخر، والمكر الذي هو كل أصناف الخداع، والعهارة بمعنى إطلاق كل الشهوات مثل الشذوذ، والعين الشريرة تأتي بمعنى الحسد والغيرة أو مشاهدة الأمور التي تهيّج الشهوات الردية، والتجديف، والكبرياء أي اعتداد الإنسان بنفسه واحتقار الآخرين وتبرير نفسه أمام الله، والجهل.
وكل هذه ليس مصدرها طعاما ينجس إنسان، بل قلبا وفكرا شريرين ينجسان الإنسان كله، وسماحنا للأفكار الشريرة التي يتحدث بها الشيطان إلينا هو تلويث للقلب والفكر، فلا تفتح حوارا مع الشيطان، اقفل باب المناقشة معه تمامًا.
† ما أروع روحانية طقس قدّاس كنيستنا، إذ يصلى الكاهن سرا في انسكاب قائلًا: "اُذكر يا رب ضعفى... ومن أجل خطاياى خاصة ونجاسات قلبى، لا تمنع عن شعبك نعمة روحك القدّوس." إن الكاهن بهذه الصلاة يعبّر عن صراخنا جميعا لله أن يطهّر قلوبنا وأفكارنا ونياتنا قبل التناول من أسراره الإلهية، وهي روح اتضاع يعلّمها الطقس للكاهن ولنا جميعا، ويؤكد ما علم به المسيح أن النجاسة مصدرها القلب، ولا يغسلها سوى التوبة ودم المسيح المقدم على مذبحه المقدس.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
24 ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ، 25 لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. 26 وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. 27 وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلًا يَشْبَعُونَ، لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 28 فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ: «نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!». 29 فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ». 30 فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ.
ع24:
ترك الرب منطقة كفرناحوم وذهب إلى نواحى صور وصيداء (مدينتان تبعدان 80 كيلومترا غرب كفرناحوم، وتقعان على البحر الأبيض المتوسط بلبنان الحالية). وذهاب المسيح إلى هناك كان لأكثر من سبب، أهمها:الأول: البعد عن الشر والتربص اللذين صارا واضحين من الكتبة والفرّيسيّين.
الثاني: اهتمامه بخلاص الأمم الغير يهودية... فخلاص المسيح هو للجميع بشرط الإيمان به.
وبالرغم من محاولة المسيح عدم إظهار نفسه، ربما للاختلاء بنفسه وبتلاميذه، إلا أن خبر وصوله قد انتشر.
"تخوم صور وصيداء": كلمة تخوم تعني حدود... وتأتى هنا بمعنى البلاد المجاورة
لصور وصيداء."خرّت عند قدميه": توضح سوء حالة المرأة وشدة مشكلتها، ورجاءها في المسيح، وفوق كل ذلك اتضاعها.
"أممية": كان هذا اللقب يطلق على غير اليهود، وكان لقبا كريها عندهم.
"فينيقيةً سوريةً": أي لبنان الحالية ومنطقة الشام، وذكر اسم (سورية) تمييزًا لها عن (فينيقية ليبيا) في شمال أفريقيا.
أما المعنى فهو أنه: عند وصول المسيح لهذه المنطقة، أتت هذه المرأة الغريبة عن شعب المسيح، طالبة منه الشفاء لابنتها التي تملّكها الشيطان -بالطبع بعد أن سمعت من الجمع عن معجزات الرب- ويضيف القديس متى في (مت 15: 23) على ما ذكره القديس مرقس أنها كانت تصرخ وراءه قبل دخول البيت، وأن التلاميذ طلبوا من الرب شفائها ولم يستمع إليهم أولًا.
ع27-29: بدا رد الرب قاسيا، ولكنه بهذا الرد أراد أن يوضح خطأ رأي اليهود في الأمم باعتبار أنفسهم "بنين" ومن عداهم "كلاب". كذلك لم يكن رد السيد يحط من قدر المرأة في هذه العبارة، وأراد أيضًا أن يوضح بعد ذلك عمق إيمان وشدة اتضاع المرأة. أما إجابتها المتضعة، وعدم اعتراضها أو انصرافها، بل موافقتها على ما يبدو إهانة، جعل الرب يطوّب ثبات إيمانها ورجائها فيه، ويستجيب لطلبها، ويخبرها أن ابنتها شُفيت وعليها الذهاب إليها... مما يتضح منه أن قدرته على سحق الشياطين عظيمة جدا، فقوته تتخطى كل المسافات.
ع30:
هكذا فعلت المرأة، فعادت لمنزلها لتجد ابنتها قد شفيت تماما، وأن الشيطان قد خرج منها. وعبارة "مطروحة على الفراش" تعني الراحة والنوم بسلام، وليس نتيجة الهياج الذي كان ينتابها أولًا... (راجع أيضًا شرح نفس المعجزة في مت 15: 22-28).† صديقي العزيز... ألا تتفق معي أن اتضاع المرأة وثقة إيمانها كانا وراء استجابة طَلِبَتِهَا؟ اقرأ معي أيها الحبيب ما يقوله الروح القدس عن طَلِبَةِ المتضع "صلاة المتواضع تنفذ الغيوم، ولا تستقر حتى تصل، ولا تنصرف حتى يفتقد العلى ويحكم بعدل ويجري القضاء" (سيراخ 35: 21). فالإنسان المتضع إذن هو من تخترق طَلِبَتِهِ السماء وتظل أمام عرش الله حتى يستجيب لها... ليتنا يا إلهي نتعلم من هذه المرأة الاتضاع والثقة واللجاجة.
31 ثُمَّ خَرَجَ أَيْضًا مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ. 32 وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33 فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ، 34 وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35 وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيمًا. 36 فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ. وَلكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيرًا. 37 وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: «إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَنًا! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ».
ع31:
لم تدم إقامة الرب يسوع بنواحى صور وصيداء كثيرا، لئلا يعثر به اليهود عندما يرونه يكرز للأمم، فعاد إلى الشرق ثانية نحو بحر الجليل عند المدن العشر (سبق الكلام عنها في مر 5: 20).
ع32: "وجاءوا إليه": مقصود بالطبع أهل الإنسان الأصم الأعقد، أي الأطرش الأخرس، وكما هو معلوم أن المولود أطرشَ لا يستطيع تعلم الكلام، فيصير أخرسَ. والمعنى الرمزي لهذا المرض هو أن الإنسان الذي لا يسمع كلام الله يصير أيضًا أخرسَ في الحق وفي الشهادة لاسمه.
"يضع يده عليه": إشارة إلى رجائهم في شفاء المريض بمجرد لمس الرب له.
أخذ الرب هذا المريض على ناحية، وذلك اهتماما به، فالمسيح يهتم بشعبه كله وكنيسته. ولكن، لكل واحد منا مكانة خاصة في قلبه. فتذكر أيها الحبيب أنه عندما تختلى بالمسيح في مخدعك، يكون مِلكا لك وتكون مِلكا له.
ما صنعه الرب يسوع في هذه المعجزة:
أ) "وضع أصابعه في أذنيه": أي لمس أذنيه. وبالطبع، لا يستطيع الأخرس الأطرش أن يسمع أو يفهم، ولكنه يستطيع أن يميّز اللمس الذي يعني الحب والإشفاق.
ب) "تفل ولمس لسانه":
أي وضع أَصْبَعَهُ على لسانه، ثم أخذ من ريقه ولمس لسان الأخرس، ليوضح أن قوة الشفاء خارجة منه.حـ) "رفع نظره نحو السماء":
ليعلن أنه والآب واحد، وليعلمنا نحن أن السماء هي عوننا.د) "أَنَّ":
أي أصدر صوتا عميقا كالتنهد، يعبّر به عن ألمه وحنانه نحو هذا الإنسان قبل شفائه.هـ) "وقال له":
أي أمره بسلطانه وحده.و) "إِفَّثَا":
أي انفتح، والمقصود بذلك الأذنان واللسان معا.للوقت، أي في الحال، كان الشفاء وتكلم مستقيما، أي خرج الكلام من شفتيه سليما كمن اعتاد الكلام منذ طفولته، فعمل الله دائمًا عملًا كاملًا في حياة الإنسان.
"أوصاهم أن لا يقولوا لأحد": طلب المسيح، في اتضاعه وهربه من مجد الناس الذي لا يقبله، من أهل الذي شُفى والجمع عدم إذاعة خبر المعجزة. ولكن، على قدر ما أوصاهم، فعلوا العكس، إذ كانوا ينادون أكثر كثيرًا بالمعجزة، أي أذاعوها تماما، وهم في حالة اندهاش، معترفين بأن كل أعمال المسيح كانت حسنة.
"جعل الصم يسمعون والخرس يتكلمون"ٍ: استخدام صيغة الجمع هنا تفيد بأنه كانت هناك معجزات أخرى للصم والخرس، ولكنها لم تذكر كلها...
† إلهي الحبيب... أطلق لسانى بتسبيحك وشكرك في صلاتى... اجعلنى أتكلم معك دائما عن كل شيء وطول الوقت... افتح أذنىَّ لتسمع وتستجيب لنداءاتك المتكررة، فما أحلى سماع صوتك، وما أطيب التحدث معك!!
← تفاسير أصحاحات إنجيل مرقس: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مرقس 8 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير مرقس 6 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/mark/chapter-07.html
تقصير الرابط:
tak.la/qcsb5d4