* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
الأَصْحَاحُ السَّادِسُ
(1) الإشفاق على الخطاة (ع1، 2)
(2) ليمتحن كل واحد عمله (ع3-5)
(3) ما زرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا (ع6-10)
(4) الصليب والخليقة الجديدة (ع11-18)
1 أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ مِثْلَ هَذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ، لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا. 2 اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ، وَهَكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ الْمَسِيحِ.
ع1: انسبق : أي غلبه الشيطان وأسقطه.
إنسان : ليبين الضعف البشرى.
زلة : أي انزلقت قدماه وسقط في خطية.
بدأ بولس الرسول رسالته بالتوبيخ بقوله "أيها الأغبياء"، وينهيها باللطف "أيها الإخوة"، كيما يكسب الجميع للمسيح. فالمسيحية لم تضع فرائض وأحكام بل مبادئ تسمو بالمؤمنين إلى ما هو أعلى من القانون. فيجب عليهم كروحانيين إن وقع إنسان منهم في زلة أن يصلحوه لا أن يحاكموه، أي يردوه عن خطئه بروح الوداعة واللطف والمحبة، هذه الوداعة الناتجة من القلب المتضع، فالمحبة واللطف أعظم دواء للساقطين. كما يحذر المعالج من أن يتكبر لئلا يسقط هو أيضًا لأننا لسنا أفضل ممن سقط.
ع2:
إحملوا بعضكم أثقال بعض: إحتمال تكرار خطايا الغير وإساءاتهم، وتوجيههم وافتقادهم والصلاة لأجلهم وتقديم كل وسائل المحبة لكسبهم.لا تقف المحبة عند عدم إدانة الساقطين بل إلى حمل أثقالهم وسقطاتهم ومساعدتهم كما حمل المسيح عارنا. هذا هو ناموس المسيح أي وصاياه التي أوصانا بها بولس الرسول لنتممها.
† هل نحن بالوداعة والحب نقيم الساقطين أم نقسوا عليهم؟! لنتذكر خطايانا فنتحملهم ونشجعهم واثقين أن استمرار المحبة تلين أقصى القلوب الرافضة.
3 لأَنَّهُ، إِنْ ظَنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ شَىْءٌ وَهُوَ لَيْسَ شَيْئًا، فَإِنَّهُ يَغُشُّ نَفْسَهُ. 4 وَلَكِنْ، لِيمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5 لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.
ع3: أنه شيء : أي يتكبر وينسب أعماله وأمجاده لنفسه.
هو ليس شيئًا : باعتباره تراب ورماد ويسقط في خطايا وكل قدراته هي نعمة من الله.
من يتكبر بأعماله التي يتممها أو أفكاره وكلامه، ناسيًا أنه مخلوق من التراب وكل تميزه هو عمل نعمة الله فيه، فإنه يخدع نفسه إذ يتناسى خطاياه وضعفاته ويسرق مجد الله لنفسه.
ع4: ليمتحن كل واحد عمله: يحاسب نفسه أمام الله ويعترف بخطاياه أمام الكاهن. يدعونا بولس الرسول إلى التوبة بدلًا من الكبرياء، فيكتشف الإنسان خطاياه ويتضع ويطلب معونة الله الذي يسامحه ويسنده؛ ويفتخر بنعمة الله التي تسنده ولا يتكبر على غيره عندما يقارن أعماله الحسنة بنقائص غيره لأن كل هذه الأعمال من الله وليست منه.
ع5: في النهاية يقرر بولس أن كل إنسان مسئول عن نفسه أمام الله وسيحاسب عن كل أعماله، فيهتم بتوبته ولا ينشغل بمقارنة نفسه بغيره أو التكبر عليه، فهذا لن ينفعه بل يسقطه في خطايا تهلكه.
† إحرص على توبتك اليومية قبل أن تنام، فهي تنقيك من كل خطاياك وتجعلك متضعًا أمام الله فتنال مراحمه، ومتضعًا مع الناس فتكسبهم.
6 وَلَكِنْ، لِيشَارِكِ الَّذِي يَتَعَلَّمُ الْكَلِمَةَ الْمُعَلِّمَ فِي جَمِيعِ الْخَيْرَاتِ. 7 لاَ تَضِلُّوا! اللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. 8 لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ، فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ، فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. 9 فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ، لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. 10 فَإِذًا؛ حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ، فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ.
ع6:
يشارك : يقتسم الخيرات المادية بينه وبين معلمه فيعطيه جزءا منها ليسد احتياجاته.أعلن المسيح أن "الفاعل مستحق أجرته" (لو10: 7) وبالتالي ينبغي على من يتعلم كلام الله أن يهتم باحتياجات معلمه المادية ويوفرها له. وهذه الشركة تثبت المحبة بين الإثنين وكذا التواضع، فكل منهما محتاج للآخر ويأخذ منه.
ع7: لا تضلوا : لا تخطئوا وتتصرفوا بجهل.
لا يشمخ عليه : لا يستطيع أحد أن يتكبر على الله بإهمال وصاياه.
ينبه بولس الرسول الغلاطيين لأهمية السخاء في العطاء، بل يحذرهم من إهمال وصايا الله بإكرام المعلمين وسد احتياجاتهم (لو10: 7). فما يقدمه الإنسان من محبة للمعلمين سيحصده سعادة في السماء استنادا على القاعدة المعروفة عند المزارعين، أن من يزرع صنفا جيدا يحصد ثمارًا جيدة والعكس صحيح.
ع8: يؤكد بولس المعنى المذكور في الآية السابقة بأن من يرفض أن يعطى المعلمين احتياجاتهم المادية لأنه مشغول بشهواته الجسدية وأنانيته، فإنه لن ينال شيئًا فالجسد سيصير ترابا وكل الشهوات المادية ستزول بل ينتظره عذاب أبدي لأجل انهماكه في شهواته. أما من يهتم بالعمل الروحي والعطاء فسيكافأ بأمجاد في الحياة الأبدية.
ع9: يشجعنا بولس الرسول على الإستمرار في الاهتمام بسد احتياجات المعلمين وعمل كل خير ورحمة ونثابر على ذلك لأن النتيجة الكاملة ستظهر في الحياة الأبدية. فالله في الوقت المناسب سيباركنا جزئيًا على الأرض لنستمر في عمل الخير، وبالكامل في السماء لنتمتع إلى الأبد.
ع10: يعتبر بولس عمل الخير فرصة ينبغي أن ينتهزها الإنسان الروحي حتى يظهر محبته لله وللآخرين ويكنز له كنزًا في السماء، ويعمل الخير مع كل إنسان وخاصة المؤمنين لأنه أكثر اتصالًا بهم ومسئول عنهم، فهم أعضاء معه في جسد واحد هو الكنيسة، وقد يجد غير المؤمنين احتياجاتهم من آخرين. فمحبته وعطاؤه للكل ولكن يبدأ بالمؤمنين.
† إن عمل الخير بمساعدة الآخرين بركة لك قبل أن تكون للآخر. فلا ترد من يطلب منك شيئًا خاصة ولو كنت متأكدا من احتياجه؛ بل ليتك تسعى لتوفر احتياجات الآخرين، واهتم بالمقربين منك أي أهل بيتك وأقاربك وكل من تعاشرهم لأنك مسئول عنهم أمام الله ليس فقط في الماديات بل بالأحرى في الروحيات أي خلاص نفوسهم وارتباطهم بالكنيسة.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
11 اُنْظُرُوا، مَا أَكْبَرَ الأَحْرُفَ الَّتِي كَتَبْتُهَا إِلَيْكُمْ بِيَدِى! 12 جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَرًا حَسَنًا فِي الْجَسَدِ، هَؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ. 13 لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ. 14 وَأَمَّا مِنْ جِهَتِى، فَحَاشَا لِى أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِى، وَأَنَا لِلْعَالَمِ. 15 لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ. 16 فَكُلُّ الَّذِينَ يَسْلُكُونَ بِحَسَبِ هَذَا الْقَانُونِ، عَلَيْهِمْ سَلاَمٌ وَرَحْمَةٌ، وَعَلَى إِسْرَائِيلِ اللهِ. 17 فِى مَا بَعْدُ، لاَ يَجْلِبُ أَحَدٌ عَلَىَّ أَتْعَابًا، لأَنِّى حَامِلٌ فِي جَسَدِى سِمَاتِ الرَّبِّ يَسُوعَ.
18 نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ رُوحِكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، آمِينَ.
ع11:
اعتاد بولس الرسول أن يملى رسائله على أحد معاونيه ثم يكتب سلاما في النهاية أو إمضاء لتأكيد أنه مرسل الرسالة. أما في رسالة غلاطية فإنه كتب الرسالة كلها أو جزءا كبيرا منها بيده، فكتبها بأحرف كبيرة لضعف بصره. واهتمامه بهذه الرسالة يظهر تأكيده على معانيها وأهميتها ويطلب ممن أرسلها لهم أن يلتزموا بها.
ع12: يتكلم بولس عن المعلمين الكذبة، وهم مسيحيون من أصل يهودي وينادون بضرورة الختان لنوال الخلاص. وبهذا يرضون اليهود لأنهم ضموا لليهودية أعضاء جدد حتى لا يضطهدونهم بسبب تنصرهم ويعتبرونهم مهتمين باليهودية إذ أنهم يحولون الأمم إليها بالختان. وهذا بالطبع خطأ كبير لأن الخلاص بالصليب ودم المسيح فقط وليس بالختان أو بأى شيء آخر.
ع13: لم يلزم المعلمون الكذبة من يختتنون من المسيحيين، من أصل أممى، بأعمال الناموس، واكتفوا بالختان، فهذا معناه انضمام الأمم إلى اليهودية ليبعد بالتالي عن هؤلاء المعلمين غضب اليهود، إذ يُعتبر هؤلاء المعلمون مبشرين باليهودية وليسوا مسيحيين تاركين لليهودية.وهم يفتخرون بأنهم ختنوا أي ضموا كثيرين لليهودية.
ع14: صُلِبَ العالم لى : إذ آمن بولس بالصليب، جعله هذا يموت عن الشهوات الجسدية وكل كبرياء وعظمة العالم فلم يعد يطلب شيئًا منها فقد صلبت بالنسبة له أي ماتت.
وأنا للعالم : ومن ناحية أخرى صار هو مصلوبًا للعالم، أي مستعدا لاحتمال الآلام والموت من أجل المسيح في تبشيره وخدمته للعالم ليجذب النفوس للإيمان.
يعلن بولس الرسول اختلافه عن المعلمين الكذبة وعدم سعيه نحو أي افتخار بماديات العالم أو آراء الناس ورضاهم، بل كمثال لنا يفتخر بالخلاص الذي ناله بالمسيح الفادي على الصليب.
ع15: يعلن بولس أن الخلاص لا يحصل عليه ذوو الغرلة أي الأمم ولا المختتنون أي اليهود بل الخليقة الجديدة أي المولودون ثانية في جرن المعمودية فينالون الطبيعة الجديدة التي يحيون بها مع الله.
ع16: إسرائيل الله : المقصود الشعب المسيحي.
يؤكد بولس البركات الممنوحة لمن يحيا بهذا الفكر السليم، أي الإيمان بالمسيح المخلص ونوال المعمودية وعدم الإهتمام بالختان. وهذه البركات التي يعبر عنها بنعمة الله ورحمته تشمل كل المؤمنين من المسيحيين، إذ هم إسرائيل الجديد الذين آمنوا بالمسيا المنتظر المخلص.
ع17: لا يجلب أحد على أتعابا : لا يستطيع أحد أن يشكك في رسوليتى وتبعيتى للمسيح.
سمات الرب يسوع : آثار الجراحات والعذابات التي احتملها بولس من أجل المسيح.
ينهى بولس حديثه بنهى الغلاطيين عن المناقشة في موضوع الختان والعودة لليهودية وتبعية المعلمين الكذبة في تشكيكهم في رسولية بولس وأمانته للمسيح، ويقدم الدليل على تبعيته للمسيح وهو آثار العذابات الظاهرة في جسده والتي احتملها من أجل المسيح. فليس الأمر مجرد مناقشات وجدل ولكن المهم هو أن نحب المسيح الذي مات عنا، ونحتمل من أجله كل شيء.
ع18: يختم بولس رسالته بطلب نعمة الله، الذي آمنوا به، لتشمل أرواحهم وتباركهم.
† إضبط شهواتك واحتمل الإهانات من أجل المسيح فتتمتع حينئذ ببركات الصليب في حياتك من طمأنينة وقوة وفرح، بل تصير الآلام سبب بركة وفخر لأنها سبيلك للتمتع بنعم الله الوافرة.
← تفاسير أصحاحات غلاطية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير الرسالة إلى أهل غلاطية 5 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/galatians/chapter-06.html
تقصير الرابط:
tak.la/8yaxx6p