* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
الأَصْحَاحُ الثَّانِي
(1) عرض بولس بشارته على مجمع أورشليم (ع 1-5)
(2) بولس رسول الأمم (ع 6-10)
(3) مواجهة بولس لبطرس (ع 11-14)
(4) التبرير بالمسيح وليس بأعمال الناموس (ع15-21)
1 ثُمَّ بَعْدَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، صَعِدْتُ أَيْضًا إِلَى أُورُشَلِيمَ مَعَ بَرْنَابَا، آخِذًا مَعِى تِيطُسَ أَيْضًا. 2 وَإِنَّمَا صَعِدْتُ بِمُوجَبِ إِعْلاَنٍ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمِ الإِنْجِيلَ الَّذِي أَكْرِزُ بِهِ بَيْنَ الأُمَمِ، وَلَكِنْ بِالاِنْفِرَادِ عَلَى الْمُعْتَبَرِينَ، لِئَلاَّ أَكُونَ أَسْعَى أَوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلًا. 3 لَكِنْ لَمْ يَضْطَرَّ، وَلاَ تِيطُسُ الَّذِي كَانَ مَعِى، وَهُوَ يُونَانِى، أَنْ يَخْتَتِنَ. 4 وَلَكِنْ بِسَبَبِ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ، الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَسًا، لِيتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ، كَىْ يَسْتَعْبِدُونَا، 5 اَلَّذِينَ لَمْ نُذْعِنْ لَهُمْ بِالْخُضُوعِ وَلاَ سَاعَةً، لِيبْقَى عِنْدَكُمْ حَقُّ الإِنْجِيلِ.
ع1: أربع عشرة سنة: هي على الأرجح محسوبة من وقت دعوة بولس الرسول، وبذلك لا تكون هذه رحلته الأولى لأورشليم التي كانت سنة 38 م (أع 9: 26-30).
برنابا: معنى اسمه ابن الوعظ (أع 4: 36) ومعروف بالكرم وقد عرف بولس ورافقه في رحلته الأولى.
تيطس: يوناني الأصل من تلاميذ بولس ورفقائه.
ذهب بولس إلى أورشليم ليعرض على الرسل بشارته، بسبب المعلمين الكذبة الذين شككوا في رسوليته ونادوا بضرورة الختان وأعمال الناموس للمتنصرين من الأمم.
ع2: بالإنفراد: اجتمع بولس سرًا مع أعمدة الكنيسة وهم يعقوب أخو الرب أسقف أورشليم وبطرس ويوحنا، ثم اجتمع مع المجمع كله الذي يشمل باقي الرسل والكهنة (أع15: 6). وقد اجتمع مع الثلاثة المعتبرين أولًا حتى يسهل إقناع المجمع الكبير الذي يشمل الرسل والكهنة. وكل هذه الإجتماعات تمت على مستوى محدود حتى لا تثير اليهود في أورشليم.
باطلًا: لا يشك بولس في تبشيره لأن المسيح هو الذي علمه ذلك، ولكن يقصد بباطلًا أي يكون تبشيره خطأ في نظر الرسل، فأراد عرض ما يبشر به وأخذ الموافقة عليه حتى لا يشكك المعلمون الكذبة فيما يعلمه.
كانت تحركات بولس دائمًا بإعلان سماوي وبإرشاد من الروح القدس، ولذلك نجده في مرة يقول منعنا الروح، فهذه هي حياة القديسين الذين يتحركون بإرشاد الله وليس بناء على تحمس لفكرة ما. وجمع الروح القدس في أورشليم أعمدة الكنيسة الأربعة بطرس ويعقوب (أخا الرب) ويوحنا وبولس لتدبير الكرازة في العالم أجمع (ع9)، وكان بولس يمثل الباب المفتوح على مصراعيه لقبول الأمم في الإيمان، فكان هذا المجمع، أي مجمع أورشليم عام 50 م، أقدم وثيقة تاريخية للكنيسة الأولى في القوانين الرسولية من جهة قبول الأمم.
ع3: حكمة بولس الرسول جعلته يأخذ معه تلميذه تيطس اليوناني وجاهر بأنه لم يختتن. ولم يعارض أحد من أعمدة الكنيسة بل جاءت آراءهم موحدة في عدم إلزام الأمم بالختان أو بفرائض الناموس، بل على العكس ساندوا بولس، مع أنه كان قد ختن تيموثاوس لكي يقبل اليهود أن يكرز بينهم وليس اعتقادا منه بضرورة الختان.
ع4: المدخلين: أي أن الشيطان أدخلهم كما يزرع الزوان وسط الحنطة بغرض إنقسام الكنيسة.
اختلاسا: في الخفاء ليكونوا كسوس ينخرون في هيكل البناء المقدس ويبطلون الحرية التي في المسيح.
هنا يوضح بولس سبب ذهابه إلى أورشليم وغرض تبشيره، وهو أن يبطل آراء المعلمين الكذبة التي تشكك في تبشيره وتعطل نمو الكنيسة لأن هؤلاء المعلمين ينادون بضرورة الختان وأعمال الناموس، فيستعبدوا المسيحيين من أصل أممى لهذه الأمور الرمزية ويبطلوا حريتهم في الحياة مع المسيح التي لا تحتاج لهذه الأمور إذ حلت محلها أسرار الكنيسة ووسائط النعمة مثل الصلوات والأصوام ... الخ.
ع5: نذعن: نستسلم.
وقف بولس في مواجهتهم بشجاعة ولم يظهر أي تجاوب أو مهادنة، ورفض بإصرار ما ينادون به ليحفظ حق الإنجيل في الحرية التي في المسيح بعمل النعمة "عالمين إنى موضوع لحماية الإنجيل" (في 1: 17).
ونرى بولس في موضع آخر يوافق على ختان تيموثاوس لكي يستطيع كسب اليهود للمسيحية لأنه من أصل يهودي. وهكذا يرشدنا الروح القدس لنتصرف بما لا يعثر الخدمة.
† تؤمن الكنيسة بالرأى المجمعى أي مجمع الأساقفة ليقود الكنيسة، وكذلك مجمع الكهنة والخدام الذين يرشدون كنيستهم، فلا تنفرد برأى خاص دون الرجوع إلى المسئولين. فلو كنت مسئولًا إهتم أن تنال موافقة باقي المسئولين لتحتفظ بسلام الخدمة وتبعد عن الإنشقاقات، لأن السلام داخل الكنيسة أهم من أي مشروع أو فكرة جديدة تزعج الكنيسة.
6 وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ شَىْءٌ، مَهْمَا كَانُوا، لاَ فَرْقَ عِنْدِى: اللهُ لاَ يَأْخُذُ بِوَجْهِ إِنْسَانٍ، فَإِنَّ هَؤُلاَءِ الْمُعْتَبَرِينَ لَمْ يُشِيرُوا عَلَىَّ بِشَىْءٍ. 7 بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّى اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ، كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الْخِتَانِ. 8 فَإِنَّ الَّذِي عَمِلَ فِي بُطْرُسَ لِرِسَالَةِ الْخِتَانِ، عَمِلَ فِىَّ أَيْضًا لِلأُمَمِ. 9 فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِى يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ، أَعْطَوْنِى وَبَرْنَابَا يَمِينَ الشَّرِكَةِ، لِنَكُونَ نَحْنُ لِلأُمَمِ، وَأَمَّا هُمْ فَلِلْخِتَانِ. 10 غَيْرَ أَنْ نَذْكُرَ الْفُقَرَاءَ؛ وَهَذَا عَيْنُهُ كُنْتُ اعْتَنَيْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ.
ع6: المعتبرون أنهم شيء: هم أعمدة الكنيسة أي يعقوب وبطرس ويوحنا.
وجه إنسان: أي النظر إلى مركز وشهرة الإنسان.
لم ينقص بولس من كرامة المعتبرين بل يساوى رسوليته على مستواهم "إذ لم أنقص شيئًا عن فائقى الرسل وإن كنت لست شيئًا" (2 كو12: 11). أي أن المجد كله يرجع لعمل الله في الكنيسة "أنا ما أنا ... بل نعمة الله التي معي" (1 كو15: 10). فلا فرق بين رسول وآخر مهما كانت مكانته لأن العامل فيهم جميعًا هو الروح القدس، ولذلك لم يشر أحد من الرسل عليه بما يخالف تبشيره لأنه تسلمه بإعلان من المسيح مباشرة، بل بالعكس استحسنوا تبشيره وتآلفت آراؤهم معًا. فإن كان بولس يدافع عن رسوليته فذلك من أجل تثبيت الإيمان الصحيح لا من أجل كرامته الشخصية.
الغرلة: عدم الختان ويقصد به الأمم.
الختان: يقصد به اليهود.
أؤتمنت: ظهر من إرشاد الروح القدس لبولس وكرازته بين الأمم أن الله ائتمنه ووجهه إلى خدمة الأمم.
يعقوب: هو أخو الرب أي ابن حلفا أحد تلاميذ المسيح وكان أسقفًا لأورشليم، أما يعقوب ابن زبدى فكان هيرودس قد قتله (أع 12: 2).
صفا: بطرس.
يوحنا: ابن زبدى.
فرح الرسل أعمدة الكنيسة، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا، بغيرة بولس وعضدوه بإرسال برنابا معه "يمين الشركة". ويمين الشركة تعني المصافحة باليد اليمنى كناية عن المشاركة في خدمة واحدة أي ليسانده في الكرازة بين الأمم، فجاءت مساندتهم قوية لأنها من المعتبرين بين اليهود. وهذه هي روح الخدمة المسيحية، فلا غيرة بين القديسين لأن الهدف واحد وهو خلاص الشعوب، والعامل فيهم واحد وهو الروح القدس وليست الذات البشرية، ولذلك نجد يوحنا المعمدان يقول عن المسيح "ينبغي أن ذلك يزيد وأنى أنا أنقص" (يو 3: 30).
ع10: لم يِشر أحد من أعمدة الكنيسة على بولس بشئ غير مساعدة فقراء أورشليم وقت المجاعة، إذ بدأ هيرودس بقتل يعقوب أخي يوحنا بالسيف وسجن بطرس والإساءة إلى المسيحيين (أع 12).
†
ليتنا نراجع هدف حياتنا هل نعيش لأنفسنا، أم أن هدفنا هو مجد المسيح وانتشار ملكوته؟! فنشعر بمن حولنا ونحاول مساعدتهم بكل طاقتنا.
11 وَلَكِنْ، لَمَّا أَتَى بُطْرُسُ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، قَاوَمْتُهُ مُواجَهَةً، لأَنَّهُ كَانَ مَلُومًا. 12 لأَنَّهُ، قَبْلَمَا أَتَى قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ، كَانَ يَأْكُلُ مَعَ الأُمَمِ، وَلَكِنْ لَمَّا أَتَوْا، كَانَ يُؤَخِّرُ وَيُفْرِزُ نَفْسَهُ، خَائِفًا مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. 13 وَرَاءَى مَعَهُ بَاقِى الْيَهُودِ أَيْضًا، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا أَيْضًا انْقَادَ إِلَى رِيَائِهِمْ! 14 لَكِنْ، لَمَّا رَأَيْتُ أَنَّهُمْ لاَ يَسْلُكُونَ بِاسْتِقَامَةٍ حَسَبَ حَقِّ الإِنْجِيلِ، قُلْتُ لِبُطْرُسَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ: «إِنْ كُنْتَ، وَأَنْتَ يَهُودِىٌّ تَعِيشُ أُمَمِيًّا لاَ يَهُودِيًّا، فَلِمَاذَا تُلْزِمُ الأُمَمَ أَنْ يَتَهَوَّدُوا؟»
ع11:
أنطاكية: أنطاكية سورية وهي غير أنطاكية بيسيدية.قاومته: وبخته.
قوم من عند يعقوب: مسيحيون من أصل يهودي من أورشليم التي أسقفها هو يعقوب أخو الرب.
ذهب بطرس إلى أنطاكية بعد ذلك، وكان يأكل مع بولس ومع المسيحيين من أصل أممى، ولكن حينما جاء مسيحيون من أصل يهودي كان بطرس يؤخر نفسه خجلًا منهم لئلا يعثرهم، فوقف بولس الرسول في مواجهته لأن هذا الخطأ ليس شخصيًا بل أسقط آخرين أيضًا وراءه في خطية الرياء. فنرى هنا أن بولس كان شجاعا، في حين أن بطرس ووراءه برنابا وبعض المسيحيين من أصل يهودي الذين كانوا في أنطاكية خجلوا أن يعلنوا أن المسيحيين من أصل أممى مثلهم مثل المسيحيين من أصل يهودي وأنهم ليسوا مطالبين بالختان والناموس لينالوا الخلاص، فلم يأكلوا مع المسيحيين من أصل أممى أمام المسيحيين من أصل يهودي، كأنهم يعلنون نجاسة المسيحيين من أصل أممى أو أنهم يأكلون أطعمة لا توافق عليها المسيحية، مع أن المسيحية ليس فيها أطعمة محرمة مثل اليهودية التي نهت عن بعض الأطعمة لأجل رموز روحية انتهت بظهور المسيحية.
ع14: لا يسلكون باستقامة: أي يسلكون برياء.
اعتبر بولس أن سلوك بطرس وبرنابا ليس حسب استقامة الإنجيل، لأنهم بهذا السلوك يعتبرون الأمم خطاة، وإن كان بطرس الذي من أصل يهودي يعيش غير ملتزم بالناموس بدليل أكله مع الأمم من الأطعمة المحرمة عند اليهود، فلماذا يلزم الأمم بالتهود أي حفظ الناموس؟
ويرى بعض الآباء مثل ذهبي الفم وجيروم أن هذا التصرف من بطرس كان بترتيب مع بولس ليعطى فرصة أن يلومه بولس فيصمت، فيتأكد اليهود من أن إلزام الأمم بالتهود أمر خاطئ.
† لا تخف أن تعلن الحق مهما كانت مكانة المقاومين خاصة لو كان تصرفهم يعثر غيرهم. أطلب معونة الله لتعطيك حكمة في الكلام فتكسب الكل. وإن تضايق أحد تكسبه بالمحبة بعد حين ولكن لا تتنازل عن الحق من أجل الله.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
15 نَحْنُ بِالطَّبِيعَةِ يَهُودٌ، وَلَسْنَا مِنَ الأُمَمِ خُطَاةً، 16 إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا. 17 فَإِنْ كُنَّا، وَنَحْنُ طَالِبُونَ أَنْ نَتَبَرَّرَ فِي الْمَسِيحِ، نُوجَدُ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضًا خُطَاةً، أَفَالْمَسِيحُ خَادِمٌ لِلْخَطِيَّةِ؟ حَاشَا! 18 فَإِنِّى إِنْ كُنْتُ أَبْنِى أَيْضًا هَذَا الَّذِي قَدْ هَدَمْتُهُ، فَإِنِّى أُظْهِرُ نَفْسِى مُتَعَدِّيًا. 19 لأَنِّى مُتُّ بِالنَّامُوسِ لِلنَّامُوسِ لأَحْيَا لِلَّهِ. 20 مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا، لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِى وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِى. 21 لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.
حاشا: أسلوب استنكارى معناه النفى الشديد.
يستكمل بولس حديثه مع بطرس فيقول له: إن كنا ونحن وُلدنا يهودا، وليس كالأمم وثنيين لم نستفد من هذا الإمتياز، إذ لم نتبرر بأعمال الناموس مثل الختان وحفظ السبت، بل الناموس حكم علينا بالموت. فنحن إذا خطاة كالأمم، ولذلك التجأنا إلى الإيمان بالمسيح لأن المسيح هو مصدر التبرير والإيمان به هو الوسيلة لنوال التبرير، أما أعمال الناموس فليست مصدرا للتبرير. أبعدما التجأنا للإيمان بالمسيح لنتبرر، نرجع إلى الناموس مرة أخرى؟!
إن هذا الرجوع معناه أن المسيح لم يبررنى، بل دفعنى إلى عصيان الناموس فأوقعنى في الخطية أي كان خادما للخطية، وبذلك أضع المسيح تحت عبودية الناموس "كخادم للخطية" أي سبب ارتكابى إياها، وحاشا أن يكون المسيح خادما للخطية، لأن الناموس كان سيدا علينا متخذا فرصة من الخطية ليحكم علينا بالموت كعبيد للخطية.
ع18: إن كنت أبنى أعمال الناموس أي الختان والتهود مرة أخرى والتي سبق وهدمتها، فإننى أصير متعديا، لأن المسيح نقض السياج الذي كان بين اليهود والأمم.
وهكذا شرح بولس بالتفصيل الخطأ الذي وقع فيه بطرس عن غير قصد، لكي يعرف الجميع خطورة معناه.
ولكن القديس بطرس لم يغضب، بل أخضع ذاته للتوبيخ لأجل حق الإنجيل وقال في رسالته الثانية "كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس....." (2 بط 3: 15). فرغم أن بطرس ساند بولس في مجمع أورشليم بقبول الأمم، لم يتحرج بولس هنا أن يعلن الحق ويوبخ بطرس علانية لأجل خلاص النفوس. وهذه الآية وما بعدها إما أن تكون موجهة لبطرس أو يكون بولس قد بدأ حديثه للغلاطيين.
ع19: مت بالناموس: أي أن الناموس قد أداننى ونفَّذ في حكم الموت لأنى لم أحفظه.
للناموس: ما دمت قد آمنت بالمسيح فقد تحررت من الناموس وصرت ميتًا له وعنه، أي غير ملتزم به بل بوصايا المسيح الكاملة.
مات المسيح لأجلنا وحمل خطايانا عنا، وأعطانا حياته وحريته لنحيا إلى الأبد، إذ اعتمدنا معه على مثال موته وقمنا معه متحررين من الناموس الطقسى.
ع20:
مع المسيح صلبت: يشعر بولس كمؤمن بالمسيح، أنه بالإيمان قد اتحد بالمسيح المصلوب الذي وفَّى الناموس ودين الخطية على الصليب بموته، وبالتالي كل مؤمن يصلب مع المسيح يموت عن الناموس ولا يعود للناموس سلطان عليه.فأحيا: المسيح بقيامته يهبنى الحياة بعد الموت الذي كان محكومًا علىّ به بسبب الخطية.
لا أنا: ليس بفكرى وقدراتى الشخصية أو أهوائى وشهواتى.
المسيح يحيا فيَّ: هذه الحياة الجديدة هبة من المسيح فأحياها له، وكل أفكارى وكلامى تصرفاتى تكون للمسيح، فهو الذي يحركنى وهو الساكن والعامل فىّ وهو حياتى.
يعلن بولس بلسان كل مؤمن بالمسيح أن حياته قائمة على الإيمان بالمسيح، الذي مات حبًا فينا، فيحيا له.
ع21: يوضح بولس خلاصة حديثه مع بطرس أو مع الغلاطيين، أن الناموس لا يبرر الإنسان وإلا فما الداعى لموت المسيح؟ وبالتالي فالتمسك بالناموس بعد الإيمان بالمسيح يبطل هذا الإيمان والتبرير الناتج منه. وبالطبع لم يبطل بولس ذلك، بل يعلن أنه لا داعٍى للتمسك بالناموس بعد الإيمان بالمسيح سواء للمسيحيين من أصل يهودي أو بالأولى للمسيحيين من أصل أممى فهم لا يحتاجون للناموس.
† ليتك تصلب كل الشهوات الشريرة مع المسيح وتموت عنها لتحيا له، فتستخدم كل شيء ولا يستعبدك شيء. وإذ تتمتع بالصلوات والقراءات وتتحد به في سر التناول، تشعر بوجوده معك بل تراه في كل الخليقة المحيطة بك.
← تفاسير أصحاحات غلاطية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرسالة إلى أهل غلاطية 3 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير الرسالة إلى أهل غلاطية 1 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/galatians/chapter-02.html
تقصير الرابط:
tak.la/fc4wgj9