* تأملات في كتاب
رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ
(1) من القاصر إلى الوارث (ع1-7)
(2) العودة إلى الناموس بعد الإيمان (ع8-11)
(3) تذكير الغلاطيين بمحبتهم الأولى (ع12-20)
(4) مقارنة بين نسل سارة وهاجر (ع21-31)
1 وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا، لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. 2 بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. 3 هَكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ. 4 وَلَكِنْ، لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5 لِيفْتَدِى الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّى. 6 ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَّا، الآبُ.» 7 إِذًا؛ لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ.
الوارث: يرمز للمؤمنين في العهد القديم.
أوصياء: الوصى هو المتولى على الطفل القاصر بحكم القانون حتى لا يمد يده للميراث قبل سن الرشد. والوصى هنا يرمز للناموس.
وكلاء: الوكيل هو المعين من الوصى ليرعى أمور الطفل في معيشته وصحته وتعليمه، وهو يرمز هنا إلى فرائض الناموس وأحكامه.
الوقت المؤجل: وقت تجسد المسيح وفدائه.
أركان العالم: أي فرائض الناموس المادية مثل التطهيرات والغسلات.
كان المؤمنون في العهد القديم خاضعين لوصايا الناموس وأحكامه المادية، ويسعون بها لتتميمها لكنهم يفشلون ولا يقدرون أن يتحرروا من نير عبودية الخطية ليستمتعوا بحقوقهم كبنين، فكانوا في حكم العبيد منتظرين المسيا المخلص ليحررهم، مثل أولاد قاصرين لم يأتِ الوقت ليتصرفوا بحريتهم في ميراثهم أي بنوتهم لله التي ينالونها في الحياة المسيحية.
† لقد أعطانا الله دالة خاصة جدًا عليه لنتمتع بأبوته ونكلمه عن حياتنا وظروفنا وآمالنا، فهل نستخدمها؟
ع4، 5: ملء الزمان: وقت تجسد المسيح وفدائه.
امرأة: العذراء مريم.
تحت الناموس: أي ولد يهوديًا خاضعًا للناموس.
الابن الأزلي تجسد من العذراء ليأخذ طبيعتنا البشرية، وولد كيهودي ليتمم الناموس عن الإنسان الذي عجز عن إتمامه، ثم يموت بلا خطية فعلها ليرفع خطايانا ويفدى كل البشر العاجزين عن إتمام الناموس، وإذ أتمه عنا ومات لفدائنا وهبنا البنوة له فصرنا أبناء بالتبنى. وهذا بالطبع غير بنوة الابن في الجوهر منذ الأزل مع الآب.
وقد ولد من امرأة وأخذ طبيعتنا البشرية ليستطيع أن يفدى البشر، ولأنه الله غير المحدود فذبيحته قادرة على غفران كل خطايا العالم الغير محدودة والموجهة لله الغير محدود.
ع6:
روح ابنه: الروح القدس.أبا: الأب بالسريانية وتعنى "بابا".
الآب: الأب باليونانية.
إذ ننال في العهد الجديد بنوة الله من خلال المعمودية نتأهل لعمل روح الله القدوس فينا، الذي يعطينا دالة البنوة ويعلمنا كيف نصلي ونشعر بأبوة الله فنناديه يا بابا الآب. وقد ذكرها بولس باللغتين لتأكيد معنى البنوة.
ع7: هكذا ينتقل المؤمن من عبودية الخطية التي يظهرها الناموس إلى بنوة الله بالإيمان والمعمودية، وبهذه البنوة ينتظره ملكوت السموات كمكافأة من المسيح إن ثبت في بنوته لله طوال حياته.
† بنوتك لله تفتح لك آفاقًا واسعة في العلاقة معه، فتعطيك طمأنينة وسعيًا للتشبه به وميلا للوجود معه، فتختبره ليس فقط في الصلوات والقراءات والاتحاد في سر الإفخارستيا بل أيضًا تعاينه وتشعر به معك في كل خطواتك حتى تنعم بالوجود الدائم معه في السموات.
8 لَكِنْ حِينَئِذٍ، إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ اللهَ، اسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً. 9 وَأَمَّا الآنَ، إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِىِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضًا إِلَى الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ، الَّتِي تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ 10 أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟ 11 أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثًا!
ليسوا بالطبيعة آلهة: أي الأوثان.
عُرِفْتِم من الله: أي أن الله أحبكم وقبلكم وفداكم.
الأركان الضعيفة: وصايا الناموس الجسدية مثل الختان.
الفقيرة: أي الخالية من النعمة، المتكلة على الجهد البشرى الفاشل.
ينبه بولس الغلاطيين إلى أنهم كانوا بعيدين عن الله ويعبدون الأوثان، ولكنهم آمنوا بالمسيح وقبلهم وخلصهم من خطاياهم، فكيف يرجعون إلى الاعتماد على الناموس الذي لا يخلص تابعيه، لأنه ليس فيه نعمة من الله بل هو مجرد كشف للخطية وشناعتها؟
† أشكر الله على اهتمامه بك وخلاصه المقدم لك على المذبح كل يوم جسدًا ودما حقيقيين، واطلب معونته في كل خطواتك فتسندك وتنجح في كل أعمالك.
ع10، 11: أياما وشهورا وأوقاتا وسنين: الأوقات التي حددها الناموس للعبادة والأعياد.
تعبت فيكم: بشرتكم.
يتعجب بولس الرسول من تمسك الغلاطيين بالناموس كأساس لخلاصهم حتى أنه يعلن خوفه منهم أنهم لم يفهموا بشارته بالمسيح ووضعوا أساسًا للخلاص غير دمه المسفوك عنهم. وبالطبع هذا يختلف عن اهتمام الكنيسة بالأعياد والأصوام لأنها تعبير حب وتذكارات روحية ناتجة عن الإيمان بالمسيح وليست أساسًا لنوال الخلاص. وهي تعبيرات ضرورية لكل مؤمن حقيقي يحب المسيح حتى لا ينساه وسط مشاغل الحياة.
12 أَتَضَرَّعُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، كُونُوا كَمَا أَنَا، لأَنِّى أَنَا أَيْضًا كَمَا أَنْتُمْ. لَمْ تَظْلِمُونِى شَيْئًا. 13 وَلَكِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّى بِضَعْفِ الْجَسَدِ بَشَّرْتُكُمْ فِي الأَوَّلِ. 14 وَتَجْرِبَتِى الَّتِي فِي جَسَدِى لَمْ تَزْدَرُوا بِهَا وَلاَ كَرِهْتُمُوهَا، بَلْ كَمَلاَكٍ مِنَ اللهِ قَبِلْتُمُونِى، كَالْمَسِيحِ يَسُوعَ. 15 فَمَاذَا كَانَ إِذًا تَطْوِيبُكُمْ؟ لأَنِّى أَشْهَدُ لَكُمْ أَنَّهُ، لَوْ أَمْكَنَ، لَقَلَعْتُمْ عُيُونَكُمْ وَأَعْطَيْتُمُونِى. 16 أَفَقَدْ صِرْتُ إِذًا عَدُوًّا لَكُمْ لأَنِّى أَصْدُقُ لَكُمْ؟ 17 يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَيْ تَغَارُوا لَهُمْ. 18 حَسَنَةٌ هِيَ الْغَيْرَةُ فِي الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ، وَلَيْسَ حِينَ حُضُورِى عِنْدَكُمْ فَقَطْ. 19 يَا أَوْلاَدِى، الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ. 20 وَلَكِنِّى كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِى، لأَنِّى مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ!
ع12:
كونوا كما أنا: في إيمانى بدم المسيح المخلص وحده.أنا كما أنتم: لا أتمسك بتميز وحقوق اليهود بل أحيا كأنى واحد من الأمم.
لم تظلمونى: كنتم لطفاء في معاملتى عند زيارتى لكم وأكرمتمونى.
تحدث بولس بلطف واتضاع مع الغلاطيين، فيتوسل إليهم أن يؤمنوا مثله بأن الخلاص بدم المسيح وحده وليس بالناموس لأن بنوتهم له ومحبتهم تقودهم للإقتداء به. كما أن أبوته جعلته يتعامل معهم كواحد منهم ولم يتفاخر بمميزاته كيهودي من شعب الله وأفضل من الأمم الوثنية. ثم يذكرهم بلطفهم في التعامل معه حين زارهم وبشرهم وبمحبتهم الأولى له، ويناديهم بالرجوع إلى بنوتهم له وألا يتبعوا التعاليم الكاذبة للمعلمين الذين من أصل يهودي وينقلبون عليه وعلى تعاليمه.
ع13، 14: ضعف الجسد: عجز بولس الجسدي وهو غالبًا ضعف بصره وقروح في جسده كان يربطها بقطع من القماش.
في الأول: أي زيارته الأولى لغلاطية.
تجربتى: أمراضى.
كملاك من الله: أكرمتمونى كملاك مُرسَل من الله.
يشهد بولس أنه كان يعانى من أمراض في جسده عند زيارته وتبشيره في غلاطية، وأن الغلاطيين لم يتضايقوا من عجزه الجسدي ولا احتقروه بل على العكس شعروا أنه مثل ملاك أرسله الله إليهم وأنه صورة للمسيح إذ رأوا المسيح فيه فأكرموه جدًا.
ع15: تطويبكم: المديح الذي نلتموه من الآخرين بسبب محبتكم القوية لى.
يتساءل بولس عن محبة الغلاطيين القوية له والتي يمدحهم عليها كل الناس، أين ضاعت وكيف انقلبوا ضده بسبب توبيخهم على تصديقهم أن الناموس شرط لنوال الخلاص كما ادعى المعلمون الكذبة؟ وفي نفس الوقت يشجعهم بأن يشهد بمحبتهم الشديدة له وأنهم تمنوا ولو قلعوا عيونهم وأعطوها له ليبصر بها. ويُفهَم أن تجربته كانت هي ضعف بصره بدليل أن رسائله كان يمليها على أحد تلاميذه كما هو مذكور في نهاية كل رسالة. أما هذه الرسالة فقد كتبها بنفسه ولكن بأحرف كبيرة (ص6: 11). وقد يؤيد هذا رأى البعض الذي يقول أن هذه الرسالة كتبت مبكرا قبل غيرها من الرسائل فكان نظره أفضل من ذى بعد.
ع16: أصدق لكم: أعلنت أن قبولكم تعليم المعلمين الكذبة يبعدكم عن المسيح وترجعون إلى اليهودية.
يتعجب بولس من تغير الغلاطيين من الحب الشديد له إلى معاداته، لأنه كان صريحًا معهم وأعلن لهم خطأهم بقبول المعلمين الكذبة.
ع17:
يغارون لكم: يظهر المعلمون الكذبة محبتهم للغلاطيين ليتبعوهم في تعاليمهم الخاطئة.يصيدوكم: يبعدوكم عن الإيمان الحقيقي بالمسيح.
تغاروا لهم: تحبونهم وتتعلقون بتعاليمهم المختلفة.
ينبه بولس الغلاطيين إلى خداع المعلمين الكذبة في محبتهم المغرضة لهم لكي يكسبوا تابعين لأفكارهم الخاطئة. فهذه المحبة شريرة وتبعدهم عن الحق فيتعلقوا بهؤلاء المعلمين ويتبعونهم في انحرافاتهم.
ع18:
يمدح بولس محبة الشعب لمعلميه وطاعتهم لهم ولكن في التعاليم السليمة الحسنة وليس التعاليم الكاذبة، فقد كان الغلاطيون محبين لبولس ومطيعين لبشارته عندما زارهم، فليتهم يظلوا متمسكين بهذا الإيمان بالمسيح ومحبتهم له.
ع19: يتكلم بولس بروح الأبوة نحو الغلاطيين ويشبه نفسه بالأم التي تتألم آلام الولادة (المخاض)، فهو يحتمل تقلباتهم ويحاول إرجاعهم للإيمان السليم حتى يلدهم كأبناء للمسيح وصورة حقيقية له.
ع20: أغير صوتى: أتكلم باللطف والتشجيع بدلًا من التوبيخ الذي كتبته في هذه الرسالة.
متحير فيكم: لست أعرف إن كنتم قد اقتنعتم بالأدلة التي ذكرتها، أم الأفضل توبيخكم بحزم أو تشجيعكم بلطف لتعودوا إلى الإيمان سالمين.
يتمنى بولس أن يزور غلاطية ليعرف مدى تجاوب أهلها مع رسالته، ويظهر أبوته بكلام الحنان والتشجيع حتى يكسبهم للمسيح، وهو مستعد أن يوبخهم ويقنعهم ويشجعهم أي يستخدم كل الطرق ليعيدهم إلى إيمانه الأول بالمسيح.
† امتدح تصرفات من حولك لتكسب محبتهم وتشجعهم على قبول توجيهاتك التي تربطهم بالمسيح، لأنهم إن استراحوا لك وأحبوك سيطيعوا تعاليمك ويرتبطوا بالكنيسة.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
21 قُولُوا لِى، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ 22 فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. 23 لَكِنَّ الَّذِي مِنَ الْجَارِيَةِ، وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِي مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. 24 وَكُلُّ ذَلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ، الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِي هُوَ هَاجَرُ. 25 لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. 26 وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِي هِيَ أُمُّنَا جَمِيعًا، فَهِيَ حُرَّةٌ. 27 لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «افْرَحِى أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. اِهْتِفِى وَاصْرُخِى أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِي لَهَا زَوْجٌ.» 28 وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ. 29 وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ، الَّذِي وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، يَضْطَهِدُ الَّذِي حَسَبَ الرُّوحِ، هَكَذَا الآنَ أَيْضًا. 30 لَكِنْ، مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ.» 31 إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ، بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ.
الناموس: أسفار موسى الخمسة.
يقول القديس بولس للغلاطيين، إن كنتم لا تريدون أن تسمعوا للإنجيل فارجعوا إلى أبينا إبراهيم الذي يفتخر اليهود به كأعظم أب لهم، ويقارن باستفاضة بين هاجر الجارية ومعناها سيناء التي هاجرت إلى برية سيناء وكان نسلها رمزًا للعبودية التي تحت الناموس وورثة أورشليم الأرضية، وسارة الحرة ومعناها أميرة وأم لكثيرين ونسلها رمز للحرية التي في المسيح وورثة أورشليم السماوية. فإسماعيل هو ابن الجسد حسب المشورة الجسدية، وتمثل هاجر عهد الناموس الذي أعطاه الله لبني إسرائيل على جبل سيناء بالصحراء العربية التي هي بلاد نسل هاجر، فكل أولادها ولدوا في العبودية وكان العهد مشروطًا بالطاعة "فالآن إن سمعتم لصوتى وحفظتم عهدى تكونون لى خاصة" (خر19: 5). وكان اليهود يفتخرون أنهم أولاد إبراهيم ولم يستعبدوا لأحد قط، فقال لهم بولس الرسول أن كل من يعود يُستعبد للناموس فهو ابن لهاجر وابن لأورشليم الأرضية وهو أسير لأحكام وفرائض الناموس ويظل عبدًا لا يرث.
ع24، 25: يعلن بولس أنه يستخدم زوجات إبراهيم، هاجر وسارة، تمثيلا ورمزا لمن يخضعون للناموس أي اليهود والمتمتعين بالإيمان أي المسيحيين. ويفرق بينهما بقوله "عهدان"، الأول الذي ترمز إليه هاجر وهو الذي تم على جبل سيناء لأن معنى كلمة هاجر هو سيناء كما سماها قدماء العرب، وعلى هذا الجبل استلم موسى الناموس الذي يتمسك به اليهود وعاصمتهم أورشليم في وقت بولس الرسول. ويقرر بولس أن اليهود مستعبدون للناموس الذي يظهر أخطاء الإنسان فقط ولم ينالوا بعد حرية أولاد الله بإيمانهم المسيحي.
ع26: أورشليم العليا: يقصد بها كنيسة العهد الجديد المسيحية التي هي أسمى وأعلى من الناموس أي أورشليم الأرضية وهدف الكنيسة المسيحية هو أورشليم السماوية.
أمنا جميعًا: (الكنيسة المسيحية أم جميع المؤمنين) وترمز إليها سارة التي هي أم لكل المؤمنين من خلال إسحق ابنها.
حرة: سارة هي السيدة الحرة وليست جارية، وأولادها هم المؤمنون بالمسيح الذين حررهم من موت الخطية وعبودية الناموس الذي يحكم عليهم بالموت لأنهم خطاة، إذ أتم المسيح الفداء بموته عنهم وأعطاهم الحياة الجديدة الحرة فيه.
يوضح الرسول أن الكنيسة أم جميع المؤمنين هي حرة من قيود الناموس.
ع27: العاقر .. لم تتمخض: يقصد سارة التي ترمز للأمم البعيدين عن الإيمان وليس لهم ثمر الحياة مع الله.
أولاد الموحشة: أولاد سارة بالإيمان أي الأمم.
التي لها زوج: أولاد هاجر ويقصد بهم اليهود المستعبدين للناموس لأن هاجر كما ذكرنا ترمز لجبل سيناء الذي أخذ عليه موسى الناموس.
يستشهد بولس بإشعياء النبي (إش 54: 1) الذي يتكلم عن أورشليم المهجورة أيام السبي ولكن ستعمر ويرجع بنوها من السبي.
ونفس النبوة هي عن الأمم البعيدين عن الله ولكن سيؤمنون بالكنيسة المسيحية ويصبحون أغلبية فيها، فيقول أشعياء افرحى أيتها الموحشة التي كانت قبلًا عاقرًا (سارة) وترمز لكنيسة الأمم أما التي لها زوج فهي ترمز لليهود.
ع28: نظير: مثل.
إننا كمسيحيين أبناء الموعد، ولدنا بالإيمان من جرن المعمودية الذي هو رحم الكنيسة الأم، ولدنا من فوق بإيماننا بوعد الله بالفداء ونعود إلى أمنا الحرة أورشليم السماوية، لأن كل من آمن وعمل بإيمان إبراهيم وسارة صار ابنًا لإبراهيم نظير إسحق ابن الموعد.
ع29: ولد حسب الجسد: وهو إسماعيل الذي يرمز لليهود الذين يحيون بفرائض الناموس الجسدية.
حسب الروح: وهو إسحق الذي يرمز للكنيسة المسيحية التي معظمها من أصل أممى.
عند فطام إسحق أقام والداه وليمة، ورأت سارة أن ابن الجارية يمزح، وقيل أنه كان يصوب سهامه على إسحق مهددًا بقتله من باب التخويف (تك21: 9). وذلك مثال لاضطهاد اليهود للمسيحيين.
ع30: قالت سارة لإبراهيم أطرد الجارية لأن ابن الجارية لا يرث مع ابن الحرة (تك21: 10)، فقال له الرب اسمع كل ما قالته لك سارة. فالميراث ليس إلا للبنين المولودين من فوق "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يو3: 3). ويعنى أنه لا يمكن الإتفاق بين اليهود المصرين على أن الناموس شرط للخلاص وبين المؤمنين الحقيقيين الذين يعرفون أن الخلاص بدم المسيح وحده. إذًا لا نصيب في الكنيسة للمعلمين الكذبة أي المسيحيين من أصل يهودي الذين يحاولون إرجاع المسيحية إلى اليهودية بالخضوع للناموس.
ع31: يلخص بولس الرسول في النهاية وضع المؤمنين في الكنيسة المسيحية أنهم أولاد سارة الحرة، أي أولاد الإيمان بالمسيح الذي يحررهم من عبودية الخطية وليسوا أولاد الجارية هاجر، أي الخاضعين للناموس بفرائضه التي تظهر ضعف الإنسان ولا تخلصه. فيرفض التمسك بالناموس بعد الإيمان بالمسيح.
†
لنتمسك بعمل النعمة في حياتنا ونصارع بها لنتغلب على العادات الرديئة التي تتسلط علينا واثقين من قوة الله مهما كانت خطايانا متكررة أو صعبة، وثقتنا في الحياة الجديدة التي وهبها لنا الله تدفعنا للتوبة السريعة والتمسك بالكنيسة وعمل الخير.
← تفاسير أصحاحات غلاطية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرسالة إلى أهل غلاطية 5 |
قسم
تفاسير العهد الجديد الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير الرسالة إلى أهل غلاطية 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/church-encyclopedia/galatians/chapter-04.html
تقصير الرابط:
tak.la/dx6xz9y