الابعاد الخمس للحن: Ⲉⲣⲉⲡⲟⲩ Ⲥⲙⲟⲩ
مرد يقال بعد الترحيم
←
نص اللحن
1- البُعد الطقسي للحن
2- البُعد التاريخي للحن
3- البُعد العقائدي للحن
4- البُعد الموسيقي للحن
5- البُعد الروحي للحن
التأمل
في القداس الإلهي، بعد صلاة المجمع والترحيم يرنم كل الشعب هذا اللحن الممتلئ بالشجن ""Ⲉⲣⲉⲡⲟⲩ Ⲥⲙⲟⲩ وهو لحن له مكانة خاصة في قلوب كل الشعب القبطي نظرًا لسهولة نغماته ولعمق معانيه ولإرتباطه بتذكارات القديسين الذين إنتقلوا ولهم في قلوب كل الشعب مكانة غالية وعالية.
ولكن يبقى السؤال: ما هو "المجمع"؟
الحقيقة إن كلمة "مجمع" المقصود بها "مجمع القديسين" فهو الذي يذكر فيه الكاهن في القداس الإلهى أسماء أشهر آباء الكنيسة تقوى وقداسة، وهو عادةً ما يجئ في نهاية الأواشى، والكنيسة القبطية بتعتبر إن "المجمع" في حد ذاته كأنه "أوشية" تقدمها الكنيسة كلها من أجل هؤلاء القديسين الذين كملوا في الإيمان، كما هو مكتوبٌ في (عبرانيين 12: 32؛ 13: 21).
ومما يجب معرفته هو أنه لا يوجد عضو واحد من أعضاء الكنيسة – سواء الذين سبقوا إلى المجد أو الذين يجاهدوا كي يبلغوا هذا المجد- ليس ولا واحدًا في غنى عن صلاة الكنيسة من أجله في كل وقت. ومن أجل ذلك يقول الكاهن في بداية المجمع:
"تفضل يا رب أن تذكر جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء، آبائنا الأطهار رؤساء الآباء
والأنبياء والرسل والمبشرين والإنجيليين والشهداء والمعترفين وكل أرواح الصديقين
الذين كملوا في الإيمان. وبالأكثر القديسة المملوءة مجدا العذراء كل حين...."
ثم في نهاية المجمع يرجع فيطلب الرحمة قائلًا:
"وكل مصاف قديسيك.. هؤلاء الذين بسؤلاتهم وطلباتهم إرحمنا كلنا معا..
من أجل اسمك القدوس الذي دعى علينا".
ومن هنا يأتي المرد الجميل الذي يُقال بعد الترحيم الممتلئ قوةً ممزوجةً بالشجن، فيصلى به كل الشعب بصوت واحد قائلين:
" بركتهم المقدسة فلتكن معنا آمين"، الذي هو لحن " "Ⲉⲣⲉⲡⲟⲩ Ⲥⲙⲟⲩ
إلا أنه يجب الإشارة إلى أن مجمع القداس الإلهي يعتبر من الأجزاء التي تطورت مع مر السنين. والسبب طبيعى وهو إضافة أسماء القديسين والبطاركة على مراحل خلال القرون. فيا لكثرة القديسين الذين لا نستطيع أن نحصي عددهم، لأنهم كثيرون كالسنابل. وما أجمل قول "الدَيداخي" من مدونات نهاية القرن الأول الميلادي:
" اجتهد كل يوم في طلب لقاء القديسين لترتاح بكلماتهم."
إلا أن نص المجمع حسب مخطوط الدير الأبيض بسوهاج، والذي يرجع نسخه إلى القرن السابع الميلادي يعتبر وثيقة ليتورجية مهمة جدا، وإن كانت وصلتنا منسوخة في القرن السابع الميلادي، إلا أنها بلا شك كانت موجودة قبل ذلك بكثير، وهي تؤكد إن بدايته التي يقول فيها الكاهن:
" لأن هذا يا رب هو أمر ابنك الوحيد أن نشترك في تذكار قديسيك،
تفضل يا رب أن تذكر جميع آباءنا القديسين الذين أرضوك منذ البدء".
ونهايته التي نعرفها في الكنيسة إلى اليوم والتي يقول فيها الكاهن:
" وكل مصاف قديسيك.. هؤلاء الذين بسؤلاتهم وطلباتهم إرحمنا كلنا معا،
من أجل اسمك القدوس الذي دعى علينا".
لم يتغيروا على مر الأزمان، الأمر الذي يُفرح القلب عندما نجد أنفسنا نستمع ونرنم ألحانًا عمرها أكثر من 1300 سنة على الأقل، قيمة روحية عالية جدًا وقيمة موسيقية بديعة وقيمة حضارية العالم لم يستطع إستيعابها حتى الآن مثلما لم يستطع إستيعاب بناء الأهرامات بمجدها الحضاري.
إنها مصر التي باركها الرب قائلًا "مبارك شعبي مصر".
في الحقيقة إن لحن "إريبو إسمو إثوؤاب" يمكن تقسيمه من الناحية التاريخية ومن حيث اللغة إلى نصفين، النصف الأول قبطى والنصف الثاني يونانى، وهذه التقسيمة لها قصة. فقديمًا كان يبدأ اللحن من الجملة":
"المجد لك يا رب، يا رب إرحم يا رب إرحم، يا رب باركنا يا رب نيحهم آمين"
فقد كان قديمًا يبدأ اللحن بالنص اليونانى "ذوكساسي كيرييه"، وبالتالى لم يكن هناك الجملة القبطية التي يبدأ بها هذه الأيام اللحن، وهي "إريبو إسمو إثؤواب"
وعندما تم ترجمته إلى اللغة العربية" تم إضافة العبارة "يا رب لك المجد" بعد عبارة "المجد لك يا رب" فصارت كالآتي:
"المجد لك يا رب، يا رب لك المجد".
فهذه الإضافة العربية ليس لها سند في الأصل اليونانى. لكنها إضافة جاءت للحفاظ على السياق اللحني بعد التدمير اللفظي الذي حدث بسبب الترجمة العربية. ومن أجل ذلك لا يُفضل أبدًا ترجمة الألحان من لغتها الأصلية إلى أي لغة أخرى، لإنه عند الترجمة يحدث شيء من إثنين أو كلاهما معًا:
إما أن يتم تدمير أو تشويه النص اللغوي على حساب اللحن.
أو تدمير أو تشويه اللحن على حساب النص اللغوي.
أو تشويه كل منهما معًا النص اللغوي واللحن.
وعن تاريخ ذكر الكنيسة في قداساتها كل هؤلاء القديسين في "مجمع القديسين"، يقول القديس ديونسيوس اللى كان معاصرًا للرسل في كتابه "في الخدمة الكنسية" الجزء ف 3:11
"أن موضوع ذكر أسماء الآباء القديسين تعتبر عادة قديمة معروفة في الكنيسة".
وكتب القديس أبيفانيوس يقول:
"أن الكنيسة تفعل هذا متبعةً التقليد الذي تسلمته من الآباء"
كذلك القديس باسيليوس في كتابه "في الروح" ف 27 مجلد 4 يؤكد نفس الكلام. مما يؤكد أنه من الناحية التاريخية هذا اللحن وهذه العادة في ذكر القديسين لها جذور تاريخية وهو تقليد أبائي تم إستلامه من الآباء الرسل.
ولدينا شهادة قوية من التاريخ عن إقامة قداس إلهي في ذكرى انتقال القديس باخوميوس أب الشركة، يحكي فيها القديس تادرس تلميذه، وأحد خلفائه في حديث له مع الرهبان، فيقول:
"أصغوا ياإخوتي وتفطنوا جيدًا فيما أقوله لكم: إن هذا الإنسان الذي نحتفل بعمل قداس
لذكرى انتقاله اليوم هو حقًا بعد الله أبونا كلنا. فقد سُر الله به ليخلص بواسطته نفوسًا عديدة.
ونحن أيضًا قد أنعم الله علينا بخلاصنا بفضل صلواته المقدسة".
وبعد ما ينتهي الكاهن من صلاة المجمع وذكر القديسين يقول الشماس:
"القارئون فليقولوا أسماء آبائنا البطاركة الذين رقدوا...".
وقديمًا كانت تلاوة أسماء البطاركة قاصرة على كاتدرائية البطريرك فقط في موضع كرسيه.ويبدو إن عادة تلاوة المنشور بأسماء جميع البطاركة الذين خدموا كرسي الإسكندرية، بدأت أولًا في أورشليم، وكان أول من ذكرها هو القديس كيرلس الأورشليمي (315 - 386 م.):
"وإنهم يصنعون تذكارًا بخشوع للقديسين الذين رقدوا في الإيمان،
لكي ينالوا عزاءً وسرورًا طالبين أن يكون لهم معهم أيضًا كمالًا في الإيمان".
وبعد مجمع نيقية سنة 325 م. بدأ دخول أسماء الأحياء والأموات، كل شخص باسمه الخاص، وخصوصًا اللى بيقدموا القرابين، زى ما هو مكتوب في البردية التي اكتُشفت في نواحي طيبة في صعيد مصر، والتي ترجع إلى القرن السابع الميلادي، والتي قام العلامة كرام W.E Crum بدراستها ونشرها.
وتُشير الدسقولية العربية في الفصل الرابع والثلاثين إلى عادة ذكر المتنيحين في القداس الإلهي، وأنه كان يتم تقديم القرابين عنهم. كذلك فالدسقولية السريانية تكلمت عن إقامة القداس الإلهي من أجل الذين يرقدون.
← انظر مقالات وكتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
لا بُد لنا أن نعرف من الناحية العقائدية لماذا تذكر الكنيسة في قداساتها كل هؤلاء القديسين في "مجمع القديسين"؟.
قال أحد الآباء:
"إننا بعملنا تذكار الأبرار، نشهد بعظمة الرب يسوع ونعترف أنه ليس في البشر من يساويه
وذلك لأننا نُقَرِّب له الذبيحة وننادى له بالكرامة والعبادة الخاصة به لانه إله.
أما القديسون فلا نقرب لهم بل نقرب من أجلهم شاكرين الله الذي منح إخوتنا تلك النعمة
التي بها غلبوا العالم والشيطان وجاهدوا الجهاد الحسن وأكملوا السعى وحفظوا الإيمان
وأخيرا حفظ لهم إكليل البر والمجد والكرامة بعد تلك الغلبة.
والقديس أغسطينوس يقول:
"إن ذكر القديسين في ذبيحة القداس لا يعنى انها تقدم لهم لأنها تقدم لله، بل ليضرع هؤلاء عنا"
فمن أجل كل ذلك تصرخ الكنيسة بهذا اللحن الممتلئ قوة ممزوجة بالشجن قائلةً:
"إريبو إسمو إثؤواب" بركتهم المقدسة فلتكن معنا آمين.
ولكن يظهر سؤالًا وهو: ما علاقة البخور بالمنتقلين في هذا الطقس البديع؟
فإنه من الملاحظ دائما إن الكاهن عندما يذكر المنتقلين يضع يد بخور في الشورية ثم يخرج اللحن""Ⲉⲣⲉⲡⲟⲩ Ⲥⲙⲟⲩ منسابًا وسط البخور
يقول القديس يوحنا اللاهوتي في سفر الرؤيا الأصحاح 5 آية 8 (رؤ 5: 8):
"وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا أَمَامَ الْخَروفِ،
وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ."
فالبخور إشارة إلى صلوات القديسين، وهو أمر كتابي منذ العهد القديم حيث أمر الله موسى بتقديمه وتقديسه له، وفي سفر الخروج 30 نجد آيات كثيرة منها:
"وَتَصْنَعُ مَذْبَحًا لإِيقَادِ الْبَخُورِ. مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ تَصْنَعُهُ" (خر 30: 1).
إن كل هذه تُعد تقدمةً وصعيدةً زكية عنهم، فنذكرهم كمن نال رائحة الحياة أي ربنا يسوع المسيح. فهذا هو سر وضع البخور أثناء الترحيم، حتى نتشجع بحياة عدم الفساد التي لربنا يسوع المسيح، ونطلب الرحمة بثقة وتقوى قلوبنا، فلا نرهب الموت بل تكون لنا شجاعة الحياة الجديدة. ولأن وضع البخور أثناء الترحيم إشارة إلى بشارة القيامة وعدم الفساد التي نالها المتنيحون في أحضان القديسين. ومن أجل ذلك لا يكون لنا نواح ولا هموم ولا أحزان، بل اشتياقات روحية لذلك الموضع السمائي.
لو أردنا التمعن في هذا اللحن من الناحية الموسيقية: فسوف نجد إن لحن " "Ⲉⲣⲉⲡⲟⲩ Ⲥⲙⲟⲩ، هو لحن بمواصفات خاصة:
فهو لحن من مقام "سلم فا الكبير" المعروف بقوته وجبروته لأنه هو المقام الذي تُصاغ منه معظم الأناشيد الوطنية الحماسية، لكن اللحن يُبحر منه إلى مقام "ري" الصغير ثم ينتهي به.
وسلم ري الصغير هو قريب سلم "فا" الكبير، لكنه يتميز بالحنان والدفيء. لذا فالغريب في هذا اللحن أن قوة وجبروت المقام الكبير "فا" بطبيعته الحماسية وتزاوجه مع حنان ورقة مقام ري الصغير جعلت اللحن يلتحف بالوقار المستمد من مقام "فا" الكبير، وينصبغ بلمسة كلها رقة وشجن ودفئ، المستمدة من مقام "ري" الصغير. فالحقيقة والطبيعي أن مثل هذا اللحن المصاغ من مقام "فا" الكبير عندما يرنمه كل الشعب، تزداد قوته قوةً فوق قوةٍ، فمن المعروف أن الألحان الجماعية تكتسب قوة في أدائها أكثر من ترنيمها بشكل فردى أو "سولو".
إلا أنه في إعتقادي الشخصي أن لمسة الشجن والدفيء المتغلغلة في اعماق اللحن منبعها الأساسي هو إحساس الشعب المسبح أثناء أداء اللحن بسحابة الشهود التي كتب عنها بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين الاصحاح (عب 12: 1):
"لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْل،
وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا".
فإحساس الشعب بان هؤلاء القديسين "محيطين بهم" من كل ناحية وطلبه من الله بحرارة روحية أن ينال "بركتهم المقدسة" وأن بركتهم هذه تكون معهم آمين، كل هذه المشاعر صبغت اللحن بلمسة الشجن والدفئ.
لذا، فهناك هيبة ووقار وقوة جاءت من مقام "فا" الكبير، وحنان ودفيء من مقام "ري" الصغير، وإحساس روحي عميق ممتلئ بالشجن ناتج عن إحساس الشعب الملتهب بالروح بسبب ما يحوطه من سحابة شهود هذا مقدارها، وترجمة كل هذه الأحاسيس من خلال لحن قد تعتق ألاف السنين في صحن الكنيسة، كل ذلك عندما ينصهر في بوتقة واحدة روحية موجهة الي السماء ينتج عنها أنشودة لحن" "Ⲉⲣⲉⲡⲟⲩ Ⲥⲙⲟⲩ ذو السرعة المتئدة الرزينة البطيئة التي يسمونها Adagio والتي تُزيده وقارًا على وقاره، بالرغم من أن له ميزان ثنائي غاية في البساطة 2 من 4.
فلنفرح جميعنا بكنيستنا التي تمتلك هذا الإيمان موضوعًا في هذه الموسيقى الراقية التي ابهرت العالم في جميع الدول من فرط عمق معانيها ونغماتها المتعتقة في صحن الكنيسة آلاف السنين وهي ضاربة في جذور التاريخ.
كما شرحنا من قبل إنه في بداية المجمع طلبت الكنيسة لأجل هؤلاء القديسين قائلة:
"تفضل يا رب أن تذكر جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء".
وأنه في نهايته تسأل الكنيسة الرحمة بسؤلاتهم وطلباتهم. والحقيقة أن هذا الفكر يظهر جليًا أكثر في نهاية مجمع القداس الكيرلسي عندما يقول الكاهن:
"إننا يا سيدنا، لسنا أهلًا أن نتشفع في طوباوية أولئك، إذ هم قيام أمام منبر ابنك الوحيد، ليكونوا عوضًا عنا، يتشفعون في مسكنتنا وضعفنا. كن غافرًا لآثامنا لأجل طلباتهم المقدسة،
ولأجل اسمك القدوس المبارك الذي دُعي علينا".
لذلك فالقديس باسيليوس الكبير (330-379 م.) يتكلم وهو يخاطبهم قائلًا:
"أيتها الجوقة المقدسة، أيتها الزمرة الطاهرة، أيها الحراس العموميين للجنس البشري، والشفعاء المشاركون في همومنا، المساعدون في الصلوات والشفعاء فينا، الذين لهم دالة عظيمة جدًا....".
فصلاة الكنيسة من أجل القديسين وطلبتها صلواتهم لأجلها هو تعبير روحي عميق عن معنى الكنيسة، والمفهوم الروحي للتلاحم بين أعضائها المنتقلين والباقين، الذين كملوا في الإيمان، والذين لم يكملوا بعد. فإذا إلتأمت الكنيسة كلها حول المذبح بحضور المسيح، فهي تصلي من أجل القديسين بتوسط الذبيحة الإلهية، والقديسون يصلون من أجل الكنيسة كجماعة قديسين. كما يقول الكاهن في أوشية الآباء الكبيرة:
"وصلواتهم التي يصنعونها عنا وعن كل شعبك، وصلواتنا نحن أيضًا عليهم".
فكنيستنا القبطية الأرثوذكسية تُحب القداسة والقديسين، والذي يُحب القديسين، ليس فقط يُحب صلاتهم عنه، ولكنه يسعد أيضًا بصلاة الكنيسة لإجلهم، وصلاته هو أيضًا لأجلهم في الكنيسة، ومن أجل ذلك فالروح القدس الحاضر في الكنيسة والحي في أسرارها المقدسة، وفي قلوب المؤمنين، فيه يتحد الجميع، ويكون هو واسطة شركتنا مع القديسين القريبين مننا جدًا، الذين يصغون إلينا، ويذكروننا ونذكرهم، ويصلوا ويشفعوا من أجلنا. فما أبدع هذه الكنيسة التي تحقق قول الأنجيل على لسان معلمنا يعقوب الرسول في رسالته الاصحاح الخامس آية 16 (يع 5: 16):
"اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا.
طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا.
ويقول الأب يوحنا من كرونستادت:
"صل للرب من أجل راحة نفوس أجدادك وآبائك وإخوتك الراحلين.
صل عنهم صباحًا ومساءً وعند الغروب حتى يعيش فيك تذكار الموت،
ولا ينطفئ منك الرجاء في الحياة العتيدة التي بعد الموت.
بل تتضع روحك كل يوم بتذكر وقتية حياتك".
ويقول أيضًا:
"نحن نصلي من أجل الآخرين وهم أحياء. فلماذا ننقطع عن الصلاة من أجلهم بعد موتهم؟
هل لأنهم صاروا غير موجودين، فننقطع عن الصلاة من أجلهم؟
صلاة الإيمان والحب من أجل الراحلين لها قيمتها في عيني الرب".
أيها الرب إلهنا، يا إله أبائنا إبراهيم وإسحق ويعقوب، أنت إله أحياء وليس إله أموات، فلقد قتلت الموت بموتك، وأظهرت القيامة بقيامتك، وأحييت الميت بموتك، فبموتك إنشق حجاب الهيكل، والارض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت وقام كثير من أجساد الراقدين، وجميع الذين رقدوا على رجاء القيامة أصعدتهم من الهاوية، فصاروا أحياء. لذلك نسألك أن تعطينا بركة قيامتك التي أظهرتها في قديسيك، فنحن نطلب أن بركتهم المقدسة تكون معنا آمين، بركة الأحياء والذين رقدوا في الرب فصاروا أحياء، بركة أبائنا وإخوتنا وأقربائنا وبركة جميع القديسين الذين أرضوك بأعمالهم الصالحة فلتكن معنا، لأن المجد لك إلى ابد الآبدين آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/george-kyrillos/metacopt-hymnology/erebo-esmo.html
تقصير الرابط:
tak.la/bzk5zwx