لحن إيس أو بناجيو سباتير، هو لحن قصير جدًا يُقال في القداس الإلهي بعد القسمة وقول الكاهن "القدسات للقديسين" وقبل الاعتراف الأخير. وهو لحن كلماته باللغة اليونانية ومعناها:
"واحدٌ هو الآب القدوس، واحدُ هو الإبن القدوس، واحدٌ هو الروح القدس آمين"
لذلك فهو لحن عقائدي بالدرجة الأولى، لذا سوف نبدأ بالبعد العقائدي له:
←
نص اللحن
1- البُعد العقائدي للحن
2- البُعد الطقسي للحن
3- البُعد الروحي للحن
4- البُعد التاريخي للحن
* "صلاة التحليل للآب"
5- البُعد الموسيقي للحن
تأمل
إن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من خلال لحن مدته 40 ثانية وضعت أهم عقيدة مسيحية وهي التثليث والتوحيد. وربما يسأل البعض لماذا ذُكر الأب أولا في كلمات اللحن؟ هل هذا يعني أنه أعظم من الإبن والروح القدس؟ فعندما أمر السيد المسيح تلاميذه الأطهار أن يكرزوا قال لهم:
"إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والإبن والروح القدس" (متى 28: 19)
والإجابة بالقطع: لا، فالأقانيم الثلاثة متساوية تمامًا، وذكر الأب أولا ليس مقياس للعظمة بدليل أن بولس الرسول ذكر الإبن أولا حينما قال:
"نعمة ربنا يسوع المسيح، ومحبة الله، وشركة الروح القدس مع جميعكم آمين" (كورنثوس الثانية 13: 14).
وكذلك يهوذا الرسول ذكر الروح القدس أولًا حينما قال:
"أما أنتم أيها الأحباء فابنوا أنفسكم على إيمانكم الأقدس، مصلين في الروح القدس وأحفظوا أنفسكم في محبة الله منتظرين رحمة ربنا يسوع المسيح للحياة الأبدية" (يهوذا 1: 20، 21)
فالأقانيم الثلاثة متساوية ولعل لحن البركة "نسجد لآب النور، وإبنه الوحيد، والروح القدس المعزي، الثالوث المساوي" أكد مساواة الأقانيم الثلاثة في مطلع القداس الإلهي، ثم جاء لحن "إيس أو بناجيو" ليؤكد وحدانية الأقانيم الثلاثة في الذات الإلهية في نهاية القداس الإلهي، وهو مطابق لما أكده القديس يوحنا في رسالته الأولى:
"إِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ" (يوحنا الأولى 5: 7).
وهذا هو إيماننا الأقدس.
لحن "إيس أو بناجيو سباتير" هو لحن قصير جدًا لكن تأثيره الروحي كبير جدا، فهو لحن يجاوب به كل الشعب على الكاهن بأعلى أصواتهم، قرب نهاية القداس الإلهى، قبل الإعتراف، وبعد صلاة الخضوع وصلاة تحليل الآب وأوشية الإجتماعات، عندما يصرخ الكاهن بصوت عالٍ مرنمًا "القُدْسات للقديسين" "تا جيا تيس آجيس".
فبعد نداء الشماس "طاس كي.."، يرد عليه الشعب باللحن قائلين:
: "او نوبيون سوكيريي" الذي ترجمته " أمامك يا رب خاضعين وساجدين" فيبدأ يقول الكاهن "صلاة الخضوع" للآب سرًا والتي تبدأ بالجملة "كملت نعم إحسان ابنك الوحيد،..."
وطبقًا لطقس ابن سباع في القرن الثالث عشر، فإن الكاهن يقول بعد ذلك تحليل الآب "ووجهه إلى الشرق كالعادة. وإن كان رئيس كهنة في كرسيه، يقرأه ووجهه إلى الغرب حتى يجذب شعبه ليستحقوا تناول الجسد والدم المقدس، ويذكر في آخر التحليل كل الناس اللى قدمت القربان، وكل من طلب منه أن يذكره واحدًا واحدًا، كل باسمه".
وطبقًا لطقس البابا غبريال الخامس (1409 – 1427م)، فعند قول الكاهن: "اللهم حاللنا وحالل كل شعبك"، يستر يده اليمنى بلفافةٍ حرير، ويلتفت ناحية الغرب (أي ناحية الشعب، ويشير بيده إلى الشعب. وتكون يده اليسرى مبسوطة وهو ملتفتً بنظره إلى الجسد الطاهر سائلًا منه طالبًا عن الشعب. وهنا يذكر البيعة والشعب، الأحياء والأموات إلى آخر قراءة التحليل.
الحقيقة، الطقس القبطي هو الطقس الوحيد بين طقوس كنائس العالم شرقًا وغربًا، الذي تجيئ فيه صلاة التحليل متأخرةً هكذا في القداس الإلهي، باستثناء كنائس شمال أفريقيا في القرن الرابع الميلادي. والكنيسة القبطية لها حكمة في ذلك، وهو إن هذا التحليل هو في الأصل موضوع من أجل اللذين كانوا تحت قانون توبة، وهو موضوع هنا –متأخر في القداس – حتى يعطيهم الشجاعة إنهم يشتركوا مع باقي المؤمنين بضمير طاهر. ومع الوقت اتسع هذا التحليل حتى شمل كل واحد وكل خطيئة.
ويقول البابا غبريال الخامس (1409-1427م):
" يأخذ الكاهن الإسباديقون بيديه، ويرفعه للعلو إلى آخر منتهى أذرعته، مطامن الرأس، وهو صارخ بأعلى صوته قائلًا: القُدسات للقديسين، فيطامن الشعب جميعهم رؤوسهم، ساجدين للرب بخوف ورعدة، طالبين بدموع وابتهال، ودق صدور في غفران خطاياهم، وثباتهم على الأمانة الأرثوذكسية إلى النفس الأخير. ثم يأخذ الكاهن الإسباديقون بيده اليمنى (بطرف إصبعين) ويرشم به الدم الكريم مثال الصليب، (ثم يغمس طرفه داخل الكأس) ويرفعه مغموسًا بالدم محترزًا لئلا يسقط منه شيء، ويرشم به أيضًا الجسد الطاهر الذي بالصينية جميعه مثال الصليب. ثم يعود به إلى الدم، ويرشم به أيضًا (على وجه) الدم (داخل الكأس) مثال الصليب، ويضعه في الكأس (مقلوبًا)، (لكن يفعل ما سبق ذكره بلطافة واحتراس. وتكون يده اليسرى مبسوطة تحت الإسباديقون لئلا تقع منه جوهرة أو ينقط منه شيء). كل ذلك وهو يقول: “مبارك الرب يسوع المسيح ابن الله، وقدوس الروح القدس آمين".
وبحسب البابا غبريال الخامس، بعد أن يقول الكاهن: "مبارك الرب يسوع المسيح ابن الله، وقدوس الروح القدس آمين"، يقول "ينهض الشعب من سجودهم، ويجاوبوه بأعلى أصواتهم قائلين:
"واحد هو الآب القدوس، واحد هو الابن القدوس، واحد هو الروح القدس. آمين".
لكي نفهم البُعد الروحي للحن "إيس أوبناجيو" يجب أن نتسائل أولًا:
ما هي هذه القُدْسات التي للقديسين؟ ومن هم هؤلاء القديسين الذين يستحقوا هذه القُدسات؟
ولماذا قبلما يقول الكاهن "القدسات للقديسين" لا بُد من أن يقول صلاة الخضوع وصلاة التحليل للآب وأوشية الإجتماعات؟ ولماذا عندما يرنم الكاهن "القدسات للقديسين" يصرخ بأعلى صوته؟
فـ"القُدسات" هي مواد الإفخاريستيا الموضوعة على المذبح "الجسد المقدس والدم الذكي الكريم"، و"القديسين" هم الذين يسكن فيهم الروح القدس وكلمة الله، كما يقول القديس يوحنا الإنجيلي (يو 15: 3):
"أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ".
هذا ويقول القديس كيرلس الأورشليمي (315-386م) موضحا المفهوم الروحي "للقدسات للقديسين" قائلًا:
[إن "القدسات للقديسين" تقال لأن مواد الإفخارستيا الموضوعة أمامنا قبلت الروح القدس عليها،
وأنتم قديسون أيضًا حينما يسكن فيكم الروح القدس. لذلك فإن القدسات تليق بالقديسين].
ويقول أيضًا في عظته السابعة عشرة في شرح رسالة العبرانيين:
[الكنيسة تنادي بذلك حتى إذا كان هناك إنسان غير مقدس، فلا يقترب... ولكن لا تقول الكنيسة علانية
من كان بلا خطيئة فليتقدم، بل من كان فيه الروح القدس وهو متمسك بالأعمال الصالحة فليتقدم].
وهذا النداء "القدسات للقديسين" يقوله الكاهن وهو يصرخ وهو رافع بيده اليمنى الإسباديقون، ومؤمَن تحتها بيده اليسرى، أي أن الأشياء التي لله هي للأشخاص الذين لله. فهذا النداء يقوله الكاهن بعد "صلاة التحليل" الأخير الذي به أصبح المؤمنون قديسين. وبمجرد إن يُنهي الكاهن جملته وصراخه بعالى النغم:
"القدسات للقديسين مبارك الرب يسوع المسيح ابن الله، وقدوس الروح القدس آمين".
فيجاوب عليه الشعب بنفس التون العالى وبنفس قوة الصراخ ويرنموا هذا اللحن الممتلئ قوة وحيوية:
"إيس أو بناجيو سباتير" "واحد هو الآب القدوس، واحد هو الابن القدوس، واحد هو الروح القدس آمين".
فعندما يجاوب الشعب على الكاهن "واحد هو الآب القدوس، واحد هو الابن القدوس، واحد هو الروح القدس آمين"، فإنه يعلن بمنتهى الوضوح والثقة أنه بخصوص "القداسة" لا يوجد إلا قدوسٌ واحدٌ هو الآب والابن والروح القدس، وهذا يعني في عُرف الكنيسة أن واحدًا فقط هو منبع ومصدر كل قداسة وتقديس، الذي هو ربنا يسوع المسيح. لذا يقول القديس يوحنا في رسالته الأولى:
"إِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ". (يوحنا الأولى 5: 7).
← انظر مقالات وكتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
إن الاعتراف بالثالوث القدوس قرب نهاية القداس هو من خصائص الليتورجيات القديمة بحسب ما يذكر العلامة ابن كبر (+1324م)، حيث يقول: "وإذا تكاملت الصلوات كلها، يعترف الكاهن بالثالوث".
كما أنه من الناحية التاريخية معروف أن صلاة الخضوع للآب هذه سُميت هكذا لأن الشعب كله يحنوا رؤوسهم فورًا بعدما ينادى الشماس ويقول "احنوا رؤوسكم للرب" ومعناها "طاس كى فالا سيمون توكيريو إكليناتى". وهو مرد تعرفه كل الطقوس الأخرى. فقد ذُكر في مذكرات السائحة الأسبانية إيجيريا في القرن الرابع الميلادي، عندما كتبت عن خدمة صلاة الغروب في كنيسة القيامة في أورشليم فقالت: "يتلو الأسقف أولًا صلاة من أجل كل أحد، ثم يصلي الجميع معه، المؤمنون والموعوظون. ثم يصرخ الشماس منبهًا الموعوظين أن يحنوا رؤوسهم، كلٌ في مكانه، حيث ينطق الأسقف بالبركة عليهم. وبعد أن تُتلى صلاة خاصة ينبه الشماس المؤمنين الموجودين أيضًا أن يحنوا رؤوسهم، وحينئذ يبارك الأسقف المؤمنين..".
إن هذا له مدلول واحد وهو أننا أمام طقس قد عاش كما هو أكثر من 16 قرن. مما لاشك فيه أن هذه الحقيقة تدعو للفرح والفخر، أن تحافظ كنيستنا على ما تسلمته من الأباء الأولين دون تفريط بالرغم من عصور الإضهادات القاسية التي مرت بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على مدى القرون.
وبعد نداء الشماس "طاس كى.."، يرد عليه الشعب باللحن قائلين:
: "او نوبيون سوكيريي" الذي ترجمته " أمامك يا رب خاضعين وساجدين"
واللطيف أن بعض المرتلين والشمامسة في بعض الكنائس يُنغم اللحن "أمامك يا رب خاضعين وساجدين" بالعربية بلحن عالٍ وحاد ومرتفع وفيه قوة، إلا أنه يخلو من الخضوع والسجود الموجود بالنص برغم جماله الساحر، إلا أن بساطة وخضوع وإنحناء اللحن في النص الاصلى القبطى "أو نوبيون سوكيرييه" يكون أكثر تعبيرًا عن "خاضعين وساجدين".
وبعد ذلك يقول الكاهن "صلاة الخضوع" هذه للآب سرًا ونصها:
"كملت نعم إحسان ابنك الوحيد، ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح. اعترفنا بآلامه المخلصة.
بشرنا بموته، آمنا بقيامته. وكمل السر. نشكرك أيها الرب الإله ضابط الكل، لأن رحمتك عظيمة علينا
إذ أعددت لنا ما تشتهي الملائكة أن تطلَع عليه. نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر،
لكي إذ طهرتنا كلنا، تؤلفنا بك من جهة تناولنا من أسرارك الإلهية. لكي نكون مملوئين من روحك القدوس،
وثابتين في إيمانك المستقيم، وممتلئين من شوق محبتك الحقيقية، وننطق بمجدك كل حين، بالمسيح يسوع ربنا...".
فما مدلولات هذه الكلمات العميقة؟ إنها تٌعني أن الكنيسة تريد في صلاة الخضوع هذه والتي تُقال سرا، أن تقول لنا:
1. إن سر الإفخارستيا قد كمل.
2. وإن بسبب رحمة ربنا العظيمة أعد لنا ما تشتهى الملائكة أن تطلع عليه، هذا السر العجيب.
3. أننا عندما نتطهر كلنا، نأتلف بالمسيح بالتناول من هذه الأسرار، فنمتلئ بالروح القدس.
هذا وقد أثبتت الشواهد أن هذه الصلاة السرية قديمة جدًا، ووصفها أحد الآباء قائلًا إنها "سحيقة في القدم"، ربما لأنها ترجع إلى القرن الرابع الميلادي.
وفي القداس الكيرلسي أيضًا توجد "صلاة خضوع للآب"، تقول كلماتها:
" يا الله الذي أحبنا هكذا.. أمل أذنك يا رب واسمعنا نحن الخاضعين لك، وطهر إنساننا الداخلي... لكي بطهارة نتناول من هذه الأسرار النقية، ونتطهر كلنا كاملين في أنفسنا وأجسادنا وأرواحنا..".
هذا عن صلاة الخضوع، فماذا إذن عن صلاة التحليل؟
عندما ينادي الشماس: " ننصت بخوف الله"، ويجيب الكاهن قائلًا: " السلام لجميعكم"، ويرد الشعب: " ولروحك أيضًا"، هنا تدخل الكنيسة فترة صمت ليتورجي. الشعب واقف أمام الله في خشوع مصغيًا بقلبه لا بأذنيه، منحني الرأس. أسمى تعبير عن الامتثال في سلام الرب إذ هو سكون الرب الآتي، وهو موقف البنين المطمئنين في حضرة أبيهم، ويبدأ الكاهن صلاة تحليل للآب فيقول:
"أيها السيد الرب الإله ضابط الكل، شافي نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا... فليكن يا سيدي عبيدك آبائي وإخوتي وضعفي محاللين من فمي بروحك القدوس أيها الصالح محب البشر. اللهم يا حامل خطيئة العالم اسبق بقبول توبة عبيدك منهم، نورًا للمعرفة، وغفرانًا للخطايا... اللهم حاللنا وحالل كل شعبك من كل خطيئة ومن كل لعنة، ومن كل جحود...".
ويقول الأنبا ساويرس ابن المقفع (تنيح بعد سنة 987م) عن هذه الصلاة: [يطأطئ الشعب رؤوسهم، ويسأل الكاهن الله الصادق في مواعيده بالسلطان الذي دفعه لتلاميذه، أن يربطوا ويحلوا كل رباطات الخطيئة، أن يحلهم من خطاياهم، ويغفر جميع ذنوبهم، ويخلصهم من الشرير، ويوصلهم إلى ملكوته السمائي].
عند التأمل في لحن "إيسو بناجيو" من الناحية الموسيقية، نجد الآتي:
أولا: أن الطبقة الصوتية عالية ومرتفعة جدا، إذ تبدأ من نغمة "سى بيمول" في منطقة الجوابات الحادة بدون تصعيد مسبق لهذه النغمات الحادة كما هو معتاد عند بلوغها.
ثانيا: وإن السلم الموسيقى هو سلم سى بيمول الكبير، فبعد أن كانت هناك مقامات حانية ناعمة، كالصبا والبياتي والسلالم الصغيرة، صار المقام كبيرًا قويًا منتهرًا.
ثالثًا: ميزان اللحن بسيط فهو كعادة كل الألحان القبطية بسيطة الموازين إذ لم تخرج عن (2 من 4) أو (4 من 4) وفي النادر (3 من 4).
رابعًا: أنه من الغريب في هذا اللحن إنه "سينكوباتى" "أعرج" Syncopate ولكي نفهم معنى أعرج سينكوباتى، لا بُد أن نعرف أن الموسيقى من حيث الضغوط دائما ما يكون بها ضغط قوى يجىء في أول المازورة، ثم يليه ضغط ضعيف. وهذا هو الشكل الطبيعى لأى موسيقى في العالم، الضغط القوى هو النبر الأول في كل مازورة. مثل لحن أوسبيرين على سبيل المثال. إلا أن لحن "إيسو بناجيو" ليس كذلك، حيث يجئ الضغط القوى في أول المازورة بدون غناء، ثم يبدأ الترتيل في الضغط الضعيف مما يُعطي إحساسًا بالعرجان.
والحقيقة أن إستخدام الشكل السينكوباتى هنا إستطاع بجدارة أن يُعبر عن إعتراف الشعب كله بعدم قدرته لأن يبلغ القداسة بمفرده، لأنه بمفرده لن يقدر على السير في طريق القداسة. لذلك فإنهم:
• إن لم يخضعوا برؤسهم عند سماعهم الشماس ينادى "طاس كى فلاس إيمون".
• وإن لم يصلي الكاهن صلاة الخضوع للأب ويطلب من أجل هذا الشعب لكى يتطهروا ويأتلفوا بالمسيح من جهة تناولهم من الأسرار الإلهية.
• وإن لم يصلي الكاهن صلاة تحليل للآب حتى يحل الشعب من خطاياهم...ويقول "اللهم حاللنا وحالل كل شعبك من كل خطيئة ومن كل لعنة، ومن كل جحود...".
إن لم يحدث كل ذلك، سيظل الشعب أعرجًا لا يستطيع السير في طريق القداسة.
أيضًا إن العلو الشديد في النغمات عندما يصرخ اللحن "إيس أو بناجيو سباتير" يوضح تحذير الكنيسة النغمي بهذه الموسيقى العالية الحادة النغمات لكل إنسان متقدم للتناول ويظن أنه طالما "القدسات للقديسين" إذن فهو قديس لا غش فيه، لذا تعلمنا الكنيسة باللحن ان نصرخ أو تصرخ فينا الكنيسة قائلةً: "أحذروا لا يوجد غير قدوس واحد هو الآب القدوس". وكأن النغمات الحادة هذه هي تحذيرية لكل من يتقدم لهذه القدسات بدون إستحقاق لأنه يصير مجرما، هكذا حذرنا من قبل القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (1 كو 11: 27):
إِذًا أَيُّ مَنْ أَكَلَ هذَا الْخُبْزَ، أَوْ شَرِبَ كَأْسَ الرَّبِّ، بِدُونِ اسْتِحْقَاق، يَكُونُ مُجْرِمًا فِي جَسَدِ الرَّبِّ وَدَمِهِ.
إلهي يا مَنْ قدستني فيك رغم دنسي وخطيئتي، يامن جعلت كاهنك العلي يصرخ "القدسات للقديسين" فدعوتني قديسًا رغم أنك تعرف جيدًا ضعفاتي وسقطاتي، فكم سقطت كثيرًا عند رجليك كميتٍ من فرط خطايا ونجاسات قلبي. وكم أمسكتَ بيدي اليمين ورفعتني مثل البائس والمسكين لتجلسني مع رؤساء الشعب. رفعتني وجذبتني إليك لكي أرى بهاؤك ومجدك.
ليت لحن "إيسو بناجيو سباتير" يستطيع بنغماته العالية إن ينتهر فيّ كل خطيئة وكل لعنة وكل جحود، حتى ما أستطيع أن أجئ وأتقدم بكل إستحقاق للتناول من هذه القدسات التي أعدت للقديسين، وأن أُرنم بصوتٍ عالٍ قائلًا "واحد فقط هو الآب القدوس، "إيس أو بناجيو سباتير"، أما نحن فقد قدستنا فيك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/george-kyrillos/metacopt-hymnology/is-o-penagio-spatir.html
تقصير الرابط:
tak.la/9pf7vvp