أبنائي الأحباء،
سلامًا ونعمة لكم من الرب، وتهنئة لجميعكم بعيد القيامة المجيد. وقيامة الرب تُقَدِّم لنا دروسًا نافعة لن ننساها.
الدرس الأول هو أنه لا مستحيل، وأن كل شيء مُستطاع عند الله.
والدرس الثاني أن السيد المسيح كان في قيامته يعمل باستمرار من أجلنا: فأول شيء أنه أزال مشاعر الخوف والشك التي كانت تُتعِب التلاميذ، وطمأنهم وغرس فيهم قوة الإيمان. ثم منحهم نعمة الكهنوت. وقال لهؤلاء التلاميذ: " كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا. وَلَمَّا قَالَ هذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ؛ مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ" (إنجيل يوحنا 20: 21-23). كذلك عَهَدَ لتلاميذه بالكرازة والتعليم، فقال لهم: "اكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا" (إنجيل مرقس 16: 15)، وقال لهم أيضًا: "فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ" (إنجيل متى 28: 19، 20). كذلك قضى معهم أربعين يومًا يُحَدِّثهم عن الأمور المُختصَّة بملكوت الله. وفي تلك الفترة سَلَّمهم كل ما وصل إلينا بالتقليد الرسولي، ومن أهم ذلك ما يختص بالأسرار ونظام الكنيسة.
وفي قيامته وظهوره لهم غيِّرهم من الخوف إلى الجرأة، واستطاعوا أن يقولوا لرؤساء اليهود في ذلك الوقت: " يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ" (سفر أعمال الرسل 5: 29). وشرح لهم كل ما يتعلَّق به في ناموس موسى والأنبياء والمزامير.
وبعد ما فارَقهم وصعد إلى السماء، أرسل لهم الروح القدس كألسِنة من النار، حلَّت عليهم، فنطقوا بألسنة، واستطاعوا أن يُبَشِّروا باسمه في جميع الأمم. كما منحهم بعد ذلك مواهِب كثيرة من الروح القدس، ساعَدَتهم في عمل الكرازة والرعاية. ولم يكتف بهذا، بل قال لهم: "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (إنجيل متى 28: 20).
وبعد فترة من صعوده، عاد فظهر لشاول الطرسوسي، الذي كان يضطهِد الكنيسة، واستطاع أن يحوِّله إلى رسول من أعظم الرسل، تعب في نشر الإيمان أكثر من جميعهم.
والسيد المسيح الذي عمل مع رسله بعد القيامة، مازال يعمل حتى الآن في كنيسته. وذلك بنعمته وفِعل روحه القدوس. أليس هو الذي قال: "أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ" (إنجيل يوحنا 5: 17). فلنشكره على كل عمله معنا؛ فهو الذي شَجَّعنا بقوله: "حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" (إنجيل متى 18: 20).
من كل هذا نرى في قيامة الرب وعمله تشجيعًا لنا لكي نعمل، وهو يعمل معنا. وما أجمل ما قيل عن تلاميذ المسيح في آخر انجيل مارمرقس: "فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ" (إنجيل مرقس 16: 20).
ختامًا لكم كل بركة من الرب، وكونوا مُحالَلين من روحه القدوس.
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/News/Coptic-Papal-Messages/Easter-Papal-Message-for-2009_.html
تقصير الرابط:
tak.la/hba2b6d