لقد جاء السيد المسيح لكي يصلح التعليم الفاسد الذي وقع فيه الناس، ولكي يصحح المفاهيم الخاطئة للشريعة وللناموس وللمبادئ العامة في الحياة...
ذلك لأن الكتبة والفريسيين وزعماء اليهود وكهنتهم ورؤساءهم كانوا قد شوهوا كل شيء، وفسروا الدين حسب مزاجهم الخاص، وأبطلوا وصيه الله بسبب تقاليدهم (مت15: 6). ووضعوا على أكتاف الناس أحمالًا ثقيلة عسرة الحمل، وأغلقوا ملكوت السموات قدام الناس، فلا هم دخلوا، ولا جعلوا الداخلين يدخلون (مت23). من أجل ذلك وبخهم السيد المسيح، وكشف رياءهم أمام الناس. وقال عن أمثال هؤلاء المعلمين الكذبة: "جميع الذين أتوا قبلي هم سراق ولصوص" (يو10: 8). ذلك لأنهم غرسوا في أذهان الناس وقلوبهم تعاليم خاطئة ومفاهيم منحرفة.
لهذا جاء السيد المسيح ليقدم مفاهيم جديدة. جاء يقلب تلك الأوضاع، ويقيم ثورة في الحياة الدينية.
أو كما قال للناس جئت لألقي نارًا على الأرض. فماذا أريد لو اضطرمت" (لو 12: 49). جاء يشعل ثورة، ما قبلها ثورة، ولا بعدها ثورة... ثورة على الفهم الخاطئ للدين، والفهم الخاطئ للمبادئ. أقام السيد المسيح دولة جديدة من الفكر العالي السامي، لا يمكن أن يصل إليه تفكير البوذيين ولا تفكير الكنفوشيوسيين Confucians ولا تفكير البراهمة ولا تفكير الفلاسفة جميعًا. جميع فلاسفة العالم انحنوا في خضوع وفي توقير أمام تعاليم المسيحية. وإذ بالمسيحية قد ارتفعت فوق كل تلك الفلسفات، وغلبتها جميعًا الفلسفة وغلبت القوانين، وغلبت الأنظمة الموجودة الجهلة الذين لا فكر لهم، ولكن لهم فكر المسيح. واستطاع هؤلاء أن ينشروا تعاليم الرب في كل مكان: "مستأسرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (2كو10: 5). حقًا لقد قدم السيد المسيح نورًا عجيبًا للعالم.
نحن نفتخر ونفرح ونسر. يمتلئ فمنا بركة وتسبيحًا، لأن السيد المسيح أعطانا تعليمًا عظيمًا من هذا النوع يسمو على كل تعليم آخر. صدقوني لو كانت المسيحية كلها، ليست فيها سوي هذه الآية الواحدة التي تقول: "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم" (مت5: 44). لو كانت المسيحية لا تحمل سوي هذه الآية الواحدة، لكانت هذه الآية الواحدة تكفي... هاتوا كل تعليم الفلاسفة لا تجدونه يوازي هذه الآية في سموها وعلوها وعمقها...
لقد جاء السيد المسيح إلى العالم فبهر العالم بتعليمه... يقول معلمنا القديس متى بعد تسجيله لعظة السيد المسيح على الجبل: "فلما أكمل يسوع هذه الأقوال بهتت الجموع من تعليمه، لأنه كان يعلمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة" (مت7: 28، 29). كان تعليمًا لا يدخل إلى الآذان والأذهان فقط، وإنما يخترق القلب ويستقر فيه، بسلطان... ذلك لأن: "كلمة الله حية وفعالة، وأمضي من كل سيف ذي حدين... (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب4: 12). أن يعطي التعليم ويعطي معه نعمة لتنفيذه. وربما عن هذا قال القديس يوحنا الرسول: "لأن الناموس بموسى أعطي. أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" (يو1: 17).
لم يكن تعليم السيد المسيح مبهرًا للشعب فقط، وإنما للرؤساء أيضًا، حتى في طفولته...
إنه وهو صبي في الثانية عشرة من عمره، جلس في الهيكل في أورشليم، في وسط المعلمين، في وسط الكتبة والكهنة والشيوخ وأعضاء مجلس السنهدريم: "وكل الذين سمعوه، بهتوا من فهمه وأجوبته" (لو2: 47). ولما بدأ كرازته، نسمع عن نيقوديموس أحد رؤساء اليهود وعضو مجلس السنهدريم، أنه جاء إلى السيد المسيح ليلًا، يسأل ويتعلم 0 يو3: 1، 2)...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/h69hfcq