عرفنا قصة هذا القديس من يوحنا كاسيان مؤسس الرهبنة في فرنسا.
كان القديس بينوفيوس رئيسًا على دير يضم أكثر من مائتي راهب في منطقة البرلس..
وكان متضعًا جدًا ومهابًا، وله مكانه عند الكثيرين ممن يحبون قداسته وحياته الفاضلة ومواهبه الروحية، وكذلك بسبب شيخوخته وكهنوته.
وفي أحد الأيام جلس هذا القديس إلى نفسه، وقال لها: "[وما نهاية هذا التوقير الذي ألقاه كل يوم؟ ألعلني سوف استوفي خيراتي على الأرض وأين الطريق الضيق والكرب عملًا بقول الكتاب: "لأنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع14: 22)].
لذلك هرب القديس بينوفيوس ذات يوم من الدير، متنكرًا في زِيّ علماني وسار جنوبًا حتى وصل أحد أديره القديس باخوميوس الكبير في إسنا.
وطرق الباب طالبًا أن يقبلوه في الدير... فنظروا إليه في تعجب: من هذا الشيخ الذي أتى لِيَتَرَهَّب؟! هل بعدما تمتع بالعالم وشبع منه، يأتي أخيرًا ليصير قديسًا؟!
وطردوه قائلين له: [إنك لا تصلح]. فألح عليهم فقالوا له [أنك لا تستطيع أن تحتمل تعب الرهبنة]. فظل يلح ووقف على الباب مدة دون أكل أو شرب..
فلما رأوا احتماله وصبره، ادخلوه الدير على شرط أن يبقي في زي العلمانيين ولا يرسم راهبًا!
واسندوا إليه مساعدة راهب شاب مسئول عن حديقة الدير. فلم يمانع وكان الشاب يأمره كخادم فيطيع.. إنها أمنيته التي اشتهاها!
وكان الشاب شديدًا في معاملته، وكان هو دقيقًا في طاعته. وكان في نصف الليل والرهبان نيام يقوم بالأعمال التي يشمئز منها غيره لقذارتها، مثل تنظيف دورات المياه. وما كان الرهبان يعرفون من الذي قام بهذا العمل..
وظل على هذا الطقس ثلاث سنوات.
وكان يقول للرب: [أشكرك يا سيدي من أجل عطاياك إذ منحتني ما اشتهي فهنا لا احترام ولا توقير، بل أوامر وطاعة].. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ثم بعد ذلك أتى لزيارة الدير راهب من أديره البرلس، ورأي القديس بينوفيوس، وهو يحمل السباخ ويضعه حول الشجر. فشك في الأمر ولم يصدق أنه هو. وأخيرًا سمعه يتلو مزاميره بصوته المعهود، فعرفه وسجد له.
فانكشف موضوعه، وأخذوه بمجد عظيم وأرجعوه إلى ديره. فهرب مرة أخرى إلى بيت لحم..
وعمل هناك خادمًا في قلاية يوحنا كاسيان. وتصادف أن ذهب راهب آخر لزيارة القديس. وعندما قابله عرفة فأعادوه مرة ثانية باحترام كبير إلى ديره.
وزاره يوحنا كاسيان عند مجيئه إلى مصر، وكتب عنه في مؤلفاته. إنه مثال حي للهرب من الرياسات.
إننا نضع هذه الأمثلة الرهبانية أمامنا كمجرد أمثولة للهرب من محبة الكرامة. وقد لا يستطيع البعض محاكاتها كما هي هنا في العالم.
ولكنها مجرد درس يعلمنا على الأقل أن نبعد عن شهوة الكرامة ونهرب منها.
وإن وضعنا الرب في منصب رئاسي فيه باتضاع قلب. فنكون في عمل الرئاسة، ولا تكون محبة الرئاسة في قلوبنا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7cpcr3k