إن المسيحية لا توافق على العنف في كل صوره، لأنه سلوك غير روحي وتتركز فيه مجموعة من الخطاء.
لذلك فهو مكروه من الكل. والذي يتصف بالعنف، لا يستطيع أن يربح أحدًا من الناس. وسنحاول أن نحلل العنف، لنري ما بداخله من الخطايا.
والقلب الرقيق لا يمكن أن يكون عنيفًا، بل تكون تصرفاته رقيقة، وألفاظه أيضًا رقيقة ومنتقاة، لا يسمح لنفسه أن يخدش شعور أحد.
الذي يلجأ إلى العنف، يفقد وداعته في الحال. وقد دعت المسيحية إلى الوداعة كما دعت إلى الرقة والهدوء.
وفي العظة على الجبل، نرى أن السيد المسيح، قد وضع الوداعة في مقدمة التطويبات، وقال في ذلك:
"طوبى للودعاء، فإنهم يرثون الأرض" (مت5: 5).
وعندما دعانا أن نتشبه به، وهو الكامل في جميع الصفات والفضائل، قال "تعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت11: 29)..
وفي وداعة السيد المسيح وبعده عن العنف، قيل عنه في الإنجيل المقدس إنه:
لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (مت12: 20).
والمسيحية ذكرت أن المحبة والوداعة واللطف، هي من ثمار الروح (غل5: 22). وقالت إن: "الله محبة من يثبت في المحبة، يثبت في الله، والله فيه" (1يو4: 16).
والإنسان الروحي يعالج مشاكله بالحب وليس بالعنف. لأنه بالحب يكسب الله والناس. أما في سلوكه بالعنف، فإنه يخسر الكل.
والمسيحية ضد العدوان. إنها تقول: "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير" (رو12: 21) "باركوا على الذين يضطهدونكم. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). باركوا ولا تلعنوا... لا تجازوا أحدًا عن شر بشر.. إن كان ممكنًا فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس. لا تنتقموا لأنفسكم إن جاع عدوك فأطعمة، وإن عطش فاسقة" (رو12: 14 - 20).
إن المسيحية التي تمنع عن الغضب الإنساني، لا يمكن أن تسمح بالعنف أو العدوان...
هوذا الرسول يقول: "ليكن كل إنسان مسرعًا إلى الاستماع، مبطئًا في التكلم مبطئًا في الغضب. لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع1: 19، 20) ويقول الكتاب أيضًا: "لينزع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب" (أف4: 31)" لا تستصحب غضوبًا، ومع رجل ساخط لا تجيء" (أم22: 24).
المسيحية تمنع الغضب الإنساني، لأنه الخطوة الأولى إلى العدوان والعنف والقتل..
فيقول السيد المسيح في العظة على الجبل: "إن كل من يغضب على أخيه باطلًا، يكون مستوجب الحكم" (متى5: 22). والمقصود هنا بالغضب الباطل، تميزه عن الغضب المقدس، الذي من أجل الله، وأسلوبه أسلوب روحي، بعيد عن الجسد والتهاب أعصابه..
حيث يتطور الغضب إلى بغضه وتتطور البغضة إلى العدوان والعنف والرغبة في الإيذاء. وفي هذا يقول الإنجيل المقدس: "كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس" (1يو3: 15).
إن لم يكن قاتله بالفعل، فهو قاتله بالنية أو الفكر. وكلها فروع لخطيئة واحدة..
هو حالة إنسان لم يستطع أن يحتمل لذلك يريد أن ينتقم لنفسه، ويأخذ حقه أو ما يظن أنه حقه، بذراعه البشري.. دون أن يترك هذا الأمر لله، الذي قال: "لي النقمة، أنا أجازى، يقول الرب" (رو12: 19) وأيضًا دون أن يترك هذا الأمر للقانون وللمجتمع..
والمسيحية لا تدعو فقط إلى الاحتمال لأن الاحتمال فضيلة سلبية. إنما تدعو إلى فضيلة إيجابية هي المحبة..
والحب والعنف لا يسيران معًا في طريق واحد. لأن الكتاب يقول: "المحبة تتأني وتترفق.. المحبة تحتمل كل شيء المحبة لا تطلب ما لنفسها" (1كو13).
في حالة العنف، يكون الحب قد تواري. وظهر مكانه شيء آخر، فما هو؟
فالإنسان يستخدم العنف إثباتًا لذاته أو دفاعًا عن ذاته. أو دفاعًا عن ذاته. وفي نفس الوقت يريد أن يكون غيره مقهورًا له..
والمسيحية تحارب الذات بكل قوة وبكل وضوح. فيقول السيد المسيح: "من أراد أن يتبعني فلينكر ذاته" ( مت16: 24).
وفي الحقيقة أن العنف لا يثبت ذاته إنما يثبت ضعف ذاته..! وكيف؟
أما العنيف فإنه يفقد ضبط النفس فلا يستطيع أن يتحكم في أعصابه ولا في غضبه وقد يتصرف تصرفات هو جاء، تدل على أنه لا يتحكم أيضًا في عقله وفي تفكيره بينما الكتاب يقول: إن من يحكم نفسه هو خير ممن يحكم مدينة (أم16: 32).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7mn6qaf