اثنان لهما حرارة في الروح.
أحدهما قريب العهد بالتوبة، متضع ومنسحق القلب، ودموعه قريبه من عينيه ويريد أن يعوض السنوات السابقة التي أكلها الجراد... لذلك فهو يجاهد بكل حرارة لكي يصل.
والثاني هو إنسان وصل إلى الحب الإلهي:
والحب في قلبه نار تلتهب، تملأ قلبه بالحرارة الروحية، سواء في صلوات أو في خدمته، أو أي عمل روحي يعمله.
أما الذي هو في وضع متوسط، فإنه يكون في فتور.
إنه يشبه الشعب الإسرائيلي في البرية، لا هو خارج من أرض العبودية يطلب من الله الخلاص ويري عجائب الله معه.. ولا هو وصل إلى كنعان في أرض تفيض لبنًا وعسلًا، ولا هو يتغذى بالمن والسلوى هكذا الذي في المرحلة المتوسطة:
لا هو في حرارة التوبة. ولا هو في حرارة الحب.
ليست له حرارة العشار الواقف من بعيد، ولا يجرؤ أن يرفع نظره إلى السماء وليست له حرارة يوحنا الرسول الذي يتكئ على صدر المسيح في دالة وفي حب.
إنما في مرحلة متوسطة، فاترة.
يشتاق إلى الأيام التي كان فيها يبكي على خطاياه، فلا يجدها.. لقد غطت عليه شكلية من عبادة لا روح فيه ولا عمق...
إنه الآن يصلي ويصوم، ويقرأ الكتاب، ويحضر الاجتماعات الروحية ويعترف ويتناول، وربما يخدم أيضًا. وفي كل هذا لا يجد سببًا لانسحاق القلب..
وقد مرت فترة بعيدًا عن السقوط فقد معها تبكيت الضمير من الداخل، وفقد الشعور بعدم الاستحقاق، وفقد دموع التوبة وحرارتها، وفي نفس الوقت يمارس كل الوسائط الروحية بلا عمق وبلا حب. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فلا هو في سماء ولا هو في أرض.. إنه في فتور..
على مثل هذا الإنسان أن بأمثلة عالية في الروح، سواء بالخلطة أو القراءة، تشعره بأنه لا شيء، فتعود إليه مشاعر التوبة والانسحاق وبالتالي حرارة التوبة.
أو يمكنه أن يدخل في تداريب روحية: إما أن تقويه وترجع إليه حرارة الروح، أو أنها تشعره بضعفه وعجزه عن الوصول إلى عمق التدريب، فيدخل مرة أخرى في حياة التوبة، ولكن بمستوى آخر.
أو يحاول أن يتدرب على روحانية الصلاة وروحانية الصوم، وروحانية كل الوسائط الروحية الأخرى.
يخرج من نطاق شكلياته، ويدخل في عمق الصلة مع الله، ويصارح نفسه أن صلاته ليست صلاة، وصومه ليس صومًا، وراءته ليست قراءة وعليه أن يتعلم من جديد كيف يصلي ويصوم ويقرأ..
وهكذا يبدأ من جديد توبة حقيقية، شاعرًا أن عبادته الحالية تحتاج إلى توبة.. وهذا البدء من جديد بطريقة سليمة يوصله إلى الحرارة.
وربما تكون توبته على أساس غير سليم، أو غير قوي، تسبب في فتوره، فعليه أن يصلح أساس توبته لكي يحيا في حرارة روحية حقيقية...
زوال التأثر الوقتي المسبب للتوبة، صار سببًا للفتور.. فيجيب أن يبني علاقته بالله على أساس مستقيم من حب الخير وحب الله... والاقتناع بالحياة الروحية، وبهذا يبعد عن الفتور.
الدافع الأول كان مجرد مرحلة وانتهت ولكن لا يصح أن يحيا التائب في مستواه، بل يصحح دوافعه الروحية لكي تستمر حرارته.
هناك سبب آخر للفتور هو: الاكتفاء وعدم النمو.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/khbns5q