حينما يكون الإنسان متيقظًا ومتنبهًا لخلاص نفسه، صاحيًا عقلًا وروحًا، فإنه من الصعب أن يسقط... ولذلك قال أحد القديسين. إن الخطية يسبقها إما الشهوة، أو الغفلة، أو النسيان. فحالة الغفلة والنسيان، هي تخدير من الشيطان للإنسان...
فينساق إلى الخطية، كأنه ليس في وعيه!
ولذلك حسنًا قيل في توبة الابن الضال إنه "رجع إلى نفسه" (لو15: 17).
وكلمة (رجع) تعني أنه لم يكن في وعيه، أو على الأقل لم يكن في كامل وعيه، طوال فترة الخطية. ولهذا لما رجع إلى نفسه بدأ يفكر بأسلوب آخر، يختلف عن أسلوبه في الخطية.
الشيطان يخدر الإنسان بحيث ينسي كل شيء، ما عدا الخطية.
تكون كل حواسه وأفكاره ومشاعره ومركزة في الخطية وحدها. أما كل ما عداها فلا يحس به الإنسان إطلاقًا، وكأنه قد نسيه تمامًا تمامًا...
ينسي أنه صورة الله. ينسى الوصية. ينسي نتائجها. ينسي وضعه الروحي. ينسي تداريبه الروحية. ينسي عبادته واحتراسه. ينسي وعوده لله وتعهداته ونذوره ينسي احتراسه. بل قد ينسي أنه صائم، أو أن هذه أيام مقدسة. وينسي عقوبات الله وإنذاراته... يكون كأنه مخدر تمامًا. والشيطان قد خدره بالخطية، بحيث أصبح لا يعي شيئًا غيرها...
ولا يفيق إلا بعد السقوط، حينما يكون كل شيء قد انتهي.
هكذا كان داود النبي مخدرًا، حينما أخطأ، وجرته الخطية إلى خطية. ولم يفق من هذا التخدير إلا على صوت ناثان يقول له "أنت هو الرجل" (2صم12: 7). حينئذ فقط أفاق، وأحس كم كانت أعماق خطيئته!
لعل قايين كان أيضًا مخدرًا حينما قام أخيه وقتله. ولم يفق إلا على قول الرب له "أين هابيل أخوك؟" (تك4: 9). حينئذ فقط أفاق، وشعر ببشاعة ما قد فعل ونتائجه وقال "ذنبي أعظم من أن يحتمل" (تك4: 13).
قد يفيق الإنسان بعد الخطية مباشرة، وربما بعد مدة طويلة.
الابن الضال لم يفق من تخديره، إلا بعد أن أنفق كل ماله واعتاز، وشعر بسوء حالته (لو15: 16، 17)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. الغني الذي عاصر لعازر المسكين لم يفق إلا في الجحيم ولكن هناك من يفيق بعد الخطية مباشرة، مثل القديس بطرس الذي بعد إنكاره بكي بكاء مرًا (متى26: 75). ويهوذا لم يفق إلا بعد فوات الفرصة.
هناك من يفيق من تخديره فيتوب. وهناك من يفيق فييأس.
الابن الضال، وداود النبي، وبطرس الرسول، لما أفاقوا تابوا.
أما يهوذا فلما أفاق، أسلمه الشيطان إلى اليأس "فمضي وخنق نفسه" (متى27: 3 - 5). ومات في خطيئته فهلك...
لذلك هناك نصيحتان أقدمها لك، إذا خدرك الشيطان:
الأولي، أن تفيق بسرعة. كما قال المرتل "أنا أستيقظ مبكرًا" (مز57: 8). واحذر من أن تستمر مخدرًا بالخطية إلى أن تصبح عادة، أو يصير من الصعب عليك أن تفيق، أو أن تصحو من تخديرك بعد أن تكون قد وصلت إلى نتائج سيئة جدًا...
النصيحة الثانية: هي أنك حينما تفيق، إنما تفيق إلى توبة حقيقية وسريعة، وليس إلى يأس أو صِغَر نفس... واستغل الندم والانسحاق لنفعك الروحي.
نقطة أخري أقولها لك في حروب الشياطين وهي:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/n38pnw6