فضيلة الوداعة من أهم الفضائل المسيحية. يكفي قول السيد الرب:
"تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت 11: 29).
كان يقدر أن يقول تعلموا مني سائر الكمالات المسيحية. لكنة ركًز على الوداعة والتواضع بالذات، وذكر نتيجتها أنكم "تجدون راحة لنفوسكم". فالإنسان الوديع يعيش في هدوء وراحة، بينما من يفقد الوداعة يعيش في صِراعات وتعب...
والسيد المسيح في عظته على الجبل، وضع التواضع والوداعة في مقدمة التطويبات. فقال "طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السموات... طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض" (مت 5: 3، 5). فهم يرثون هذه الأرض التي نعيش عليها، إذ يكونون محبوبين من جميع الناس. كما أنهم في العالم الآخر، يرثون "أرض الأحياء" التي ذكرها داود النبي في المزمور (مز 27: 13) حينما قال "أؤمن أني أعاين خيرات الرب في أرض الأحياء".
وقال أيضًا "الرب يرفع الودعاء"، ويذل الخطاة إلى الأرض" (مز 147: 6).
والقديس بولس الرسول يضع الوداعة ضمن ثمار الروح (غل 5: 23).
فالإنسان الذي يسلك بالروح، من الطبيعي أن يكون وديعًا...
والذي يكون مسكنًا للروح القدس، لا بُد أن يكون وديعًا وهادئًا. وهكذا يقول القديس بطرس الرسول"... زينة الروح الوديع الهادئ، الذي هو عند الله كثير الثمن" (1بط 3: 4). وقال "يسمع الودعاء فيفرحون" (مز 34: 2).
ومن اهتمام الكنيسة بالوداعة، أنها تنصحنا بها في كل صباح:
فتضع لنا في مقدمة صلاة باكر جزءًا من رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس يقول فيها "أسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يليق بالدعوة التي دُعيتم إليها بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة، محتملين بعضكم بعضًا في المحبة..." (أف 4: 1، 2). ولا شك أن طول الأناة والاحتمال هما من صفات الوداعة أيضًا. التي تنصحنا بها الكنيسة في كل صباح، لنسير بها طول النهار.
وفي شرح أهمية الوداعة في الحياة الروحية، يقول القديس يعقوب الرسول:
"مَنْ هو حكيم وعالم بينكم، فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة وحكمة" (يع 3: 13) وشرح كيف أن "الحكمة النازلة من فوق، هي طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة، مملوءة رحمة وأثمارًا صالحة" (يع 3: 17)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وهذه من صفات الوداعة. الوداعة إذن مرتبطة بالحكمة، والحكمة مرتبطة بالوداعة. وهذه هي "وداعة الحكمة".
حتى في إصلاح الآخرين، يكون ذلك في وداعة.
وفي هذا يقول القديس بولس الرسول "أيها الأخوة إن انسبق إنسان فأُخذ في زلة، فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة. ناظرًا إلى نفسك لئلا تُجرب أنت أيضًا. احملوا بعضكم أثقال بعض" (غل 6: 1، 2).
إذن في إصلاح شخص أخطأ، لا يكون ذلك بالعنف ولا بالشتيمة والتشهير، إنما بروح الوداعة. فهذا هو أسلوب الروحانيين.
وقد كانت الوداعة هي صورة المسيحيين منذ البدء.
حتى إنه قيل عن روحيات المسيحيين في العصر الرسولي: إنه حينما كان أحد الوثنيين يقابل زميلًا له، ويجده بشوشًا هادئًا... يقول له "لعلك قابلت مسيحيًا في الطريق"...! ويقصد بذلك أن لقاءه مع أحد المسيحيين في وداعته، يكون قد طبع الوداعة على وجهه بالتأثير.
ويقول القديس بطرس الرسول في الحديث عن الإيمان:
"مستعدين في كل حين، لإجابة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف" (1 بط 3: 15). وأما وقد تكلمنا عن أهمية الوداعة، فنقول إن الله هو مثالها الأول.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/j4qqn94