إن ذاق الإنسان الخطية، ووجدها حلوة، ما أسهل أن ينسى محبة الله، وينسى وصاياه، ويتقسَّى قلبه. وتغطي حلاوة الخطية على كل شيء، وتبسط غشاوة على العقل والقلب.
حواء لما رأت الشجرة شهية للأكل، تقسي قلبها.
ونسيت وصية الله، ونسيت حكم الموت. ولم تعد أمامها حياة النقاوة ولا محبة الله. وشهوة الشجرة غطت على كل شيء.
كذلك شمشون نسى نذره، وخدرته الخطية.
حينما كان مع دليلة، لم يكن مع الله. أنسته الخاطئة كل شيء. ونداء روح الله الذي فيه، لم يعد يعطي تأثيره. بل نسى أن دليلة لم تكن مخلصه له، وسلمته لأعدائه أكثر من مرة. ولكن القلب بالشهوة كان قد تقسي حتى عن سماع صوت العقل. أصبح صلبا، لا يؤثر فيه شيء... وفقد شمشون كرامته ونذره (قض 16).
لهذا السبب أيضًا الشاب الغني وصية المسيح.
كان يبحث عن الحياة الأبدية ويسأل عنها. وكان يحفظ الوصايا منذ صباه. ولكن كانت هناك محبة المال في قلبه. وحلاوة هذا المال، قست قلب هذا الشاب. فسمع الوصية من المسيح، ومضى حزينًا، لأنه كان ذا أموال كثيرة (متى 19: 22).
وحلاوة الخطية قست قلب فرعون...
أمامه مئات الآلاف يمكنه أن يُسَخِّرهم في أعماله. كيف يمكن أن يترك كل هؤلاء يمضون، ويخسر هذا الجيش من المسخرين؟! حلاوة هذه الخطية، خطية السخرة، وخطية السيادة، قست قلبه، فلم يستفد من كل الضربات التي حلت عليه وعلى مصر كلها. وكلما كان القلب يستجيب، كانت حلاوة الخطية تثنيه فيرجع.
كذلك فعل آخاب، حين اشتهى حقل نابوت اليزرعيلي.
من أجل حلاوة هذا الحقل في عينيه، كسر وصية الله، واستسلم لنصيحة إيزابل، وقتل نابوت ظلمًا بعد أن لَفَّق حوله تهمًا، واستحضر شهود زور. كانت حلاوة هذا الحقل تغشى على ضميره تمامًا، وتقسي قلبه الذي قبل الظلم والقتل.
حلاوة الخطية تجعل صوت الضمير يفقد تأثيره، ويتقسَّى القلب.
فإما أن الإنسان ينسى وصية الله، وإما أن يؤجل تنفيذها لكي يستمر بقاؤه مع الخطية التي يحبها فترة أطول. وخلال هذا يصم أذنيه عن كل صوت داخلي يبكته، وعن كل صوت خارجي ينصحه. ويصبح قلبه صلبا غير قابل للتحول. يناديه العقل أن يبعد عن هذه الخطية التي يحبها، ويناديه ضميره، وتناديه كل المؤثرات الروحية. ولكن القلب الذي تقسَّى بالخطية، يقول: "نعم سأبعد، ولكن ليس الآن "ويؤجل التوبة.
والتأجيل يقسي القلب، فلا يلين للهاتِف الروحي.
قساوة القلب تجعل الإنسان يؤجل التوبة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وتأجيل التوبة يقسي القلب بالأكثر. فكلما يؤجل الإنسان توبته، ويستمر شاعرًا أنه يتمتع بالخطية، تزداد حالته سوءا. ممارسته للخطية تشعره بحلاوتها ونفعها. وحلاوتها نفعها. وحلاوة الخطية تدعوه إلى مزيد من الممارسة. وفي كل ذلك يكون القلب قاسيا لا يتأثر بالروحيات.
لا حَل إلا أن يفقد الشعور بحلاوة الخطية.
فإما أن يصل إلى الاقتناع بأنه في حالة ضياع، وبأن الخطية تضره هنا وتفقده أبديته. وإما أن بعض نتائج الخطية تهزه هزًا. وإما أن الله يضربه فيستيقظ. وإما أن يمل من الخطية ويتعب. وحينئذ يفكر تفكيرا آخر.
وهناك علاج آخر هام وهو:
الإكثار من أغذية الروح، حتى تفقد الخطية حلاوتها.
لا بًد أن تتغير نظره الإنسان إلى الخطية. ولعل هذا ما يقصده الرسول بقوله "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو 12: 2). وبتجديد الذهن لا يشعر بحلاوة في الخطية.
نتناول سببًا آخر لقساوة القلب وهو: التأثير الخارجي الضار.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/w6xb7z4