يتحدث مار بولس الرسول في هذين الأصحاحين إلى (الأخوة القديسين، شركاء الدعوة السمائية) (عب 3: 1). فهل هؤلاء القديسون كانوا من المؤمنين، أم لم يكونوا؟
طبيعي أنهم كانوا مؤمنين ولا شك. هؤلاء يحذرهم الرسول من الارتداد عن الله الحي) (عب 3: 12) وطبعًا التحذير من الارتداد إنما يوجه إلى المؤمنين، وليس إلى غير المؤمنين.
هؤلاء الإخوة القديسون، المؤمنون، شركاء الدعوة السمائية. يقول لهم الرسول (لذلك كما يقول الروح القدس:
اليوم إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم، كما في الإسخاط يوم التجربة في القفر) (عب 3: 7، 8). فما هو يوم الإسخاط هذا؟ وما الذي حدث فيه؟ وعلى أي شيء يدل في قضيتنا هذه؟
إن الذين أسخطوا الرب، هم الشعب العاصي في البرية، الذين مقتهم الرب أربعين سنة وقال (أقسمت في غضبى: لن يدخلوا راحتي) (عب 3: 11).وهكذا هلكوا في البرية، وسقطت جثثهم في القفر
هؤلاء الذين سقطوا، الذين أقسم الله أنهم لن يدخلوا راحته، الذين أسخطوا الرب في القفر، هل كانوا قد نالوا الخلاص قبلًا أم لم ينالوه؟ يجيب بولس فيقول: (فمن هم الذين إذ سمعوا أسخطوا؟ أليس جميع الذين خرجوا من مصر بواسطة موسى) (عب 3: 16).
إنهم نالوا الخلاص الأول: أنقذهم الرب من العبودية، وشق لهم البحر الأحمر، واجتازوا في وسط الماء -الذي يرمز إلى المعمودية- وعبروا البحر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولكنهم مع كل ذلك هلكوا في القفر، وفقدوا الخلاص الذي نالوه، وأقسم الرب أنهم لن يدخلوا راحته.
أليس هؤلاء يقدمون مثالًا واضحًا عن المؤمنين الذين يهلكون؟ إن هؤلاء العصاة يمثلون بلا شك الذين يرتدون بعد الإيمان فيهلكون. وقد هلكوا بسبب العصيان. وأرض الموعد دخلوها أناس آخرون. (والذين بشروا أولا، لم يدخلوا بسبب العصيان) (عب 4: 6).
هذا العصيان الذي يمنع من الدخول إلى راحة الرب، يحذرنا منه الرسول قائلًا (فلنجتهد أن ندخل تلك الراحة لئلا يسقط أحد في عبرة العصيان هذه عينها) (عب 4: 11).
بل انه يقول أكثر من هذا (فلنخف أنه مع بقاء وعد بالدخول إلى راحته، يرى أحد منكم أنه قد خاب منه) (عب 4: 1).
إن قصة هذا الشعب العاصي الذي فقد خلاصه الأول وهلك إنما أعطيت لنا مثالًا لنتعظ، وندرك أنه من الممكن أن يفقد المؤمن خلاصه. (وهذه الأمور جميعها أصابتهم مثلًا، وكتبت لإنذارنا، ونحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور. إذن من يظن أنه قائم فلينظر لئلا يسقط) (1 كو 10: 11: 12).
* إن قصة هلاك هذا الشعب العاصي، تذكرنا بامرأة لوط التي خلصت من سدوم وهلكت خارجًا. لذلك يقول الكتاب (اذكروا امرأة لوط) (لو 17: 32).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4mh85rm