تأكد تمامًا أن الشخص الذي تمدحه في صدق وفي إخلاص، من السهل أن تكسبه. وكذلك الذي تشجعه كثيرًا تكسبه. والذي تكتشف فضائله وميزاته وقدراته، وتتحدث عنها، مكنك بهذا أن تكسبه..
بهذا كله، تشعره بمحبتك وتقديرك، فيميل إليك، ويكون مستعدًا أن يسمع نصائحك، وأن يقبل عملك الروحي من أجله.
تصور انك في اجتماع، يحضره لأول مرة عضو جديد. لتقدمه أنت للحاضرين، وتشرح مواهبه وإمكانياته وتاريخه وإنتاجه، وتظهر فرحك بوجوده. لاشك أنك بذلك تكسبه، إذ يجد فيك صديقًا يحترمه ويقدره.
ولكن ليس مديح الناس معناه تملقهم. كلا. وإنما كل إنسان -مهما كان- له ميزة أو مميزات. أكتشفها وامتدحها، بصدق وإخلاص.
لقد وجد السيد المسيح شيئا صالحًا يستحق المديح في زكا العشار، وفي المرأة السامرية، وفي الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها.. بل حتى في الشاب الغني، إذ قيل عن الرب بأنه "نظر إليه وأحبه" (مز10: 21). كما أنه قال للسامرية "حسنًا قلت.. هذا قلت بالصدق" (يو4: 17، 18). وقال عن الخاطئة الباكية إنها "أحبت كثيرًا" (لو7: 47). وشرح كيف أنها كانت أفضل من سمعان الفريسي.
إن الرب في كل هذا، اكتشف الجوهرة المدفونة في الطين، ونظفها ومدحها، وأظهرها للناس، فربحها، ورابح النفوس حكيم.
كان شاول الطرسوسي مضطهدًا للكنيسة، وكان يجر رجالًا ونساء موثقين إلى أورشليم (أع9: 2). ومع ذلك كان في داخله شيء حسن. رآه المسيح، فأختاره رسولًا يبني به الملكوت.. إن اكتشاف النور الداخلي الذي تخفيه ظلمة خارجية، أمر جميل ومشجع..
يوجد كثيرون يتعبون، ولا يجدون من يقدرهم، ويجاهدون ولا يجدون من يشجعهم، ارفع نفسية هؤلاء فتربحهم.
مثل طفل يجتهد في دروسه ويحصل على درجات عالية، ولا يحس به أحد في المنزل. فيضطر أن ينبههم بنفسه إلى امتيازه، ما اسعد هذا الطفل بمن يكتشف تفوقه ويشجعه، دون أن يتكلم هو عن نفسه.
لا تظنوا أن التشجيع هو للصغار فقط، فالكبار أيضًا يحتاجون إليه.
كما يحتاج خادمك إلى تشجيع، ليستمر في إخلاصه لك وفي تعبه وتفانيه، كذلك يحتاج رئيسك إلى تشجيع، ليستمر في معاملته الطيبة لك ولغيرك.
إن صاحب البيت تسعده كلمة تحية، وتقدير يسمعها من بواب منزله.. فيقول إن هذا البواب هو أفضل بواب عرفه. لا من اجل تفانيه في عمله، بل لجل الكلمة الطيبة والمديح والشكر..
الناس يحتاجون دائمًا إلى كلمة طيبة تسعدهم، فيحبون قائلها.
والإنسان الذي يملك لسانًا عذبًا حسن المنطق، ووجهًا بشوشًا، وحسن معاملة للناس، يمكنه أن يربح الدنيا كلها ومن عليها، إلا من يستسلمون تمامًا لقيادة الشياطين..
من أجل حاجة الناس إلى كلمة طيبة، أعطاهم الله الإنجيل ومعناه "بشارة مفرحة" وبدأ الرب عظته على الجبل بالتطويبات، وكلمة "طوبي" معناها السعادة والبركة معًا.. وكان الرب يشجع باستمرار حتى انه مدح الزرع الذي أنتج ثلاثين فقط، وقال إنه زرع جيد كالذي أتى بستين ومائة..
إن الإنسان الحكيم، هو شخص لطيف، يشجع الناس ولا يدينهم، لذلك فهو يربحهم.
السيد المسيح ما كان يدين بل يشجع، مع أن جميع خطايا الناس.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). الخفيات والظاهرات.. كانت مكشوفة أمامه ومعروفة، حتى مشاعر القلب، وحتى الأفكار والنيات والظنون.
فإن كان وهو الذي يعرف كل الخطايا وكل الخفايا، ويعرفها عن يقين، لا يوبخ أحدًا، فكيف بنا نحن الذين لا نعرف الحقيقة تمامًا!وربما ما لدينا من انتقادات فيه الكثير من الظن أو الشك أو الظلم، وقد نحكم على الناس ظلمًا، فيكرهوننا، ولا نربحهم.
وحتى إن وجد في الناس خطأ يقيني، فبالكلمة الطيبة نعالجه ونربحهم.. ما أجمل قول الكتاب "شجعوا صغار النفوس" (اتس5: 14).
الصغير شجعوه، والكبير قدروه، والممتاز امدحوه، والضعيف لا تحتقروه..
والإنسان الحكيم الطيب، رابح النفوس، يوزع كلمات التشجيع والبركة على كل أحد.. والمعاملة الرقيقة يعامل بها الكل. وكما يقول الكتاب "باركوا ولا تلعنوا" (رو12: 14).
خذوا هذا التدريب ونفذوه: حاولوا أن تكسبوا الناس.. أعطوا كل إنسان حقه في الكرامة. أكرموا الكل. اكسبوهم في محبتهم لكم، لكي تقودهم إلى محبة الله.. أنظروا الخير الذي في الناس وشجعوه. واكسبوهم بالتشجيع، وأيضًا بالاتضاع.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7gwxg87