St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   22-Al-Wasa2et-Al-Ro7eya
 

كتب قبطية

كتاب الوسائط الروحية - البابا شنودة الثالث

32- الصوم الروحي المقبول

 

ولكن لعل البعض يسأل الرب، كما حدث في أيام إشعياء النبي، ويقول:

لماذا صمنا ولم تنظر؟ أذللنا أنفسنا ولم تلاحظ؟ (أش 58: 3).

ويجيبك الرب كما أجاب أولئك وقال لهم: "أمثل هذا يكون صومًا أختاره؟!" (أش 58: 5).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

اعلم يا أخي أنه ليس كل صوم مقبولًا أمام الله. فالفريسي الذي كان يصوم يومين في الأسبوع، لم يخرج من الهيكل مبررًا كما خرج العشار (لو18: 12،14). وكذلك الصوم البعيد عن التوبة، مثل صوم أولئك الخطاة أيام ارمياء النبي الذين قال عنهم الرب "حين يصومون لا أسمع صراخهم، وحين يصعدون محرقة وتقدمة لا أقبلهم" (أر 14: 11، 12). وكذلك أيضًا صوم المرائين، الذين يظهرون للناس صائمين (مت 6: 16 – 18).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فلا تقل إذن، صمت ولم أستفد روحيًا!!

إن حدث ذلك، فربما تكون أصوامك غير روحية. أو أنك تصوم وفي نفس الوقت تحيا في الخطية!! إذن علينا أن نعرف كيف نصوم؟ وما هو المعنى الحقيقي للصوم؟ وكيف نستفيد منه روحيًا؟

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: A Coptic Orthodox monk (deacon) praying during the Holy Liturgy (reading the Holy Bible) صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة راهب قبطي أرثوذكسي (شماس) يصلي خلال القداس الإلهي: قراءة الكتاب المقدس

St-Takla.org Image: A Coptic Orthodox monk (deacon) praying during the Holy Liturgy (reading the Holy Bible)

صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة راهب قبطي أرثوذكسي (شماس) يصلي خلال القداس الإلهي: قراءة الكتاب المقدس

كثير من الناس يهتمون في الصوم بشكلياته، أو أنهم يفهمونه على أنه مجرد الطعام النباتي!! أو أنهم لا يهتمون بالجانب الروحي خلال الصوم!! لهؤلاء أقول: أن تعريف الصوم من جهة الجسد هو أنه الامتناع عن الطعام فترة معينة من الوقت، يعقبها طعام خال من الدسم الحيواني.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فهل تمارس هذا الانقطاع عن الطعام والشراب؟

وهل تصل فيه إلى مرحلة الجوع وتحتملها.

هذا هو التدريب الأول، أعني الجوع... لقد قيل عن صوم السيد المسيح إنه "جاع أخيرًا" (مت 4: 2) (لو4: 2). وقال القديس بولس الرسول عن صومه مع زملائه "في جوع وعطش، في أصوام مرارًا كثيرة" (2كو 11: 27). وورد عن صوم القديس بطرس الرسول إنه "جاع كثيرًا واشتهى أن يأكل" (أع 10: 10). فهل تختبر الجوع في صومك؟

عندما تجوع تشعر بضعفك، فلا تفتر بقوتك، بل تلجأ إلى قوة الله لتسندك (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وعندما تجوع وتحتمل الجوع، تكتسب فضيلة الاحتمال وضبط النفس. لذلك لا تأكل كلما جعت أثناء الصوم، إنما أصبر واحتمل. وخذ بركة الإحساس بالجوع واحتماله والصبر عليه وأيضًا عندما تجوع تشعر بألم الفقراء الذين ليس لديهم ما يأكلونه، فتشق عليهم وتعطيهم... هذا من جهة فترة الانقطاع في الصوم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نصيحة أخرى، وهي أن تبعد عما تشتهيه...

تذكر قول دانيال النبي عن صومه "لم آكل طعامًا شهيًا، ولم يدخل فمي لحم ولا خمر" (دا 10: 3)... أقول ذلك لأن كثيرين يأكلون مشتهيات كثيرة من الطعام النباتي، ويلتذون بها. وبالتالي لا يشعرون حقًا أنهم صائمون، ولا يستفيدون وقتذاك من صومهم، وبخاصة إن كانت لهم أو زوجة تتفنن في صنع الطعام (الصيامي)، وتجعله أشهى من الأطعمة الحيوانية.

ولذلك أضع أمامك هنا ملاحظتين في صومك: الأولى أنك لا تطلب أصنافًا معينة تلذ لك. والثانية أنه لو وضعت أمامك مثل هذه الأصناف المشتهاة -دون أن تطلب- لا تملأ شهوتك منها. خذ قليلًا واترك الباقي، واضبط نفسك. أو اخلط أصنافًا بأصناف، بحيث تفقد حِدة حلاوتها ولذة مذاقها...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ليتك تتدرج في الصوم، حتى تصل ليس فقط إلى الجسد الجائع، بل إلى الجسد الزاهد.

بحيث يزهد جسدك هذه المتع التي تقدمها الأطعمة. إن عنصر المنع يبدأ أولًا. ولكنك حينما تدرب نفسك عليه وتعتاده، حينئذ لا تبذل مجهودًا لتمنع نفسك، لأنك تكون قد زهدت هذا الذي كنت تشتهيه أولًا، وتمنع نفسك عنه. وهذا الزهد في الأطعمة والمشروبات يتطور معك حتى تزهد في ملاذ أخرى كثيرة، مثل متع الحواس مثلًا، شهوات الجسد المتعددة... وحينئذ يرتفع مستواك الروحي...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ويدخل عنصر المنع في مجالات عديدة.

فكما تتدرب على منع فمك عن الطعام والشراب، تتدرج إلى منع لسانك عن الكلام البطال وعن الأفكار الباطلة والخاطئة. وتمنع قلبك عن كل شعور خاطئ، وعن كل الشهوات والعواطف غير النقية. وتتدرج هكذا من صوم الفم إلى صوم اللسان، إلى صوم الفكر، إلى صوم القلب.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولا يكون لك فقط جسد صائم، وإنما أيضًا نفس صائمة...

ويصبح الصوم مجرد تعبير عن حالة النقاوة الداخلية التي وصلت إليها. ويكون الصوم عبارة عن فترة روحية تحياها... وبكثرة الممارسة تتعودها، وتصبح فضائلها بالنسبة إليك هي منهج حياة. أعني أن ما تستفيده روحيًا أثناء صومك، لا تفقده حينما ينتهي الصوم وتفطر، بل يستمر معك. حقًا إنه قد تغير نوع طعامك، ولكن لم تتغير الفضائل التي اقتنيتها أثناء الصوم...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وهنا نُفَرِّق بين الإفطار والتسيب.

لأن كثيرين يضبطون أنفسهم أثناء الصوم. فإذا ما انتهى وحل العيد، يفقدون كل ما قد اقتنوه، ويظنون أن الإفطار يعني التسيب وعدم ضبط النفس!! لذلك فالإنسان الذي يتخذ الصوم كواسطة روحية، هو الإنسان الذي يحتفظ في قلبه وفي نفسه وفي إرادته، بكل ما قد اقتناه أثناء الصوم  فتستمر الفائدة معه. وإن كان الصوم قد ساعده على التخلص من عادة رديئة أو من عادة معينة، لا يعود إلى ذلك مرة أخرى حينما يفطر.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/22-Al-Wasa2et-Al-Ro7eya/Spiritual-Means-32-CH09-Fasting-2-Spiritual.html

تقصير الرابط:
tak.la/bxnd4n4