ولكي يستفيد الإنسان من الصوم، ولكي يدخل إلى روحانية الصوم، ويصير الصوم فضيلة لروحه وليس لجسده فقط:
عليه أن يخلط صومه بفضائل معينة تناسب الصوم وتَتَمَشَّى معه.
* فالصوم لابد أن تصحبه الصلاة. لماذا؟ لأننا نصوم ليس فقط لكي نقهر الجسد ونستعبده (1كو9: 27)، بل لكي نعطي للروح أيضًا فرصة تتغذى فيها بكل الأغذية الروحية النافعة لها: بالصلاة، والقراءة الروحية، والتأمل، ومحبة الله. وفي قسمة الصوم المقدس في القداس الإلهي نكرر عبارة "بالصوم والصلاة..." ويقينًا أن الروح إذا أخذت غذاءها، تستطيع أن تحمل الجسد أثناء صومه فلا يتعب. وهذا نلاحظه في أسبوع الآلام، إذ لا نشعر أبدأ بثقل الصوم لأن الروح تتغذى خلاله بالقراءات والألحان والذكريات المقدسة. وهكذا نستطيع أن نقول عن الصوم الروحي:
إن صوم الجسد، يكون فرصة لغذاء الروح.
والصوم المصحوب بعشرة الله، يتحول إلى متعة روحية، بحيث يشعر الصائم بتعب إن انقطع عن صومه. وهذا ما كان يحدث للآباء المتوحدين والرهبان، الذين أصبح الصوم بالنسبة إليهم غذاء روحيا، يفرح قلوبهم ويقربهم إلى الله.
* الصوم أيضًا لابد أن يرتبط بالتوبة.
لأن المهم في الروحيات هو القلب النقي، وليس مجرد الجسد الجائع. وأيضًا لكي يقبل الله صومنا، ولكي نشعر أننا استفدنا من الصوم.
وهكذا يقول لنا الوحي الإلهي في سفر يوئيل "قدسوا صومًا، نادوا باعتكاف" (يؤ2: 15). فالصوم إذن هو فترة مقدسة. وكيف تكون مقدسة بدون توبة؟! وما نحصل عليه من مشاعر التوبة أثناء الصوم، يجب أن يستمر معنا.
*الصوم أيضًا يصحبه التذلل أمام الله.
وهكذا قال داود النبي "أذللت بالصوم نفسي" (مز 35: 13). وفي صوم أهل نينوى، جلسوا على المسوح والرماد (يون3). وكما ينسحق الجسد بالصوم، كذلك ينبغي أن تنسحق الروح. ولذلك فإن الأصوام تصحب بالمطانيات.
ولا تكتفي فيها بأن ينحني جسدك، إنما تنحني روحك أيضًا، كما قال داود النبي "لصقت بالتراب نفسه" (مز119).
ولم يقل فقط "لصقت بالتراب رأسي" (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)...
وفي هذا التذلل، تطلب النفس من الله رحمة، لها ولغيرها. وأيضًا تعترف بخطاياها وتطلب مغفرة. وكما قال يوئيل النبي "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم. وارجعوا إلى الرب إلهكم" (يوء 2: 13).
* الصوم أيضًا تصحبه الصدقة.
فالإنسان الذي يطلب رحمة من الله في فترة الصوم، عليه أن يرحم غيره ويعطيه. وما أجمل ما قاله الرب عن ذلك في سفر إشعياء النبي "أليس هذا صومًا أختاره: حل قيود الشر ... أليس أن تكسر للجائع خبزك، وأن تدخل المساكين التائهين إلى بيتك. إذا رأيت عريانًا أن تكسوه. وأن لا تتغاضى عن لحمك" (أش 58 : 7).
وموضوع الصوم وروحانياته طويل.
يمكنك إن أردت تفصيلًا أكثر أن تقرأ كِتابًا طبعته لك بعنوان "روحانية الصوم". وليعطنا الرب جميعًا صومًا مقدسًا يُقَرِّب فيه أرواحنا إليه، حتى نشعر بمتعة بمتعة الصوم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/55772nh