من الآيات الواضحة جدًا عن تأثير كلمة الله، هي قوله تبارك اسمه "هكذا تكون كلمتي التي تخرج من فمي. لا ترجع إلى فارغة، بل تعمل ما سررت به، وتنجح في ما أرسلتها له" (أش 55: 11).
نعم، إنه كلمة الله لا ترجع فارغة.
إن لها قوتها، ولها تأثيرها. الذين اختبروا قوة الكلمة في حياتهم، يستطيعون أن ينقلوا هذه القوة إلى غيرهم أيضًا... إن القديس بولس الرسول في شرحه لقوة الكلمة وتأثيرها يقول " كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل، ومميزة أفكار القلب ونياته" (عب 4: 12).
ولعل إنسانًا يقول: إذن لماذا اقرأ ولا أتأثر؟!
يقينًا إن العيب هو فيك أنت، وليس في الكلمة، إن كلمة الله مثل سيف ذي حدين. بالنسبة إلى اللحم يقطعه، ولكنه لا يقطع الصخر. لذلك قال الرب في سفر حزقيال النبي "وانزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم" (حز 36: 26). فما هو نوع قلبك الذي يستقبل كلمة الله. أهو قلب حجر أو قلب صخر؟ إن عذراء النشيد سمعت صوت الرب يناديها "افتحي لي يا أختي يا حبيبتي، يا حمامتي، يا كاملتي، فإن رأسي قد امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل" (نش 5: 2). ومع ذلك لم تفتح، واعتذرت بأعذار..!
إن كلمة الله حية وفعالة. ولكنها تعمل بالأكثر في الذين يفتحون قلوبهم لها، ويريدون أن تعمل فيهم.
ومع ذلك فإن كلمة الله إن لم تعمل فيك اليوم، فقد تعمل بعد حين... ولا ترجع فارغة.
ستظل راسخة في عقلك الباطن. وفي وقت ما، حينما يصبح قلبك مهيئًا لها، وحينما تكون الظروف مناسبة، تجد الكلمة قد خرجت من ذاكرتك، ولصقت بقلبك، وأخذت تعمل عملها.
وكأن عدم استجابتك الأولى كانت تصرفًا مؤقتًا، أو فترة أو لحظة فتور، تستيقظ بعدها إلى نفسك. مثل عذراء النشيد التي اعتذرت أولًا عن فتح باب قلبها. ثم عادت تقول "حبيبي مد يده من الكوة، فأنت عليه أحشائي... نفسي خرجت عندما أدبر..." (نش 5: 4، 6).
ليست كل بذرة تلقى على الأرض، تخرج ثمرًا في نفس الوقت. وربما بعد أيام أو شهور (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)...
لذلك اختزن كلام الله في قلبك وفي ذهنك، وسيعطي ثمره في الحين الحسن. وبخاصة إذا كنت تتعهدهُ بالاهتمام، وتلهج فيه النهار والليل، وتحفظه من الموانع التي تعوق عمله، سواء أكانت موانع داخلية أو خارجية... ربما بذرة في الأرض، ولم تصل إليها المياه، فظلت كما هي، والحياة فيها ولكنها كامنة. ثم وصلتها المياه بعد أيام، فبدأت هذه الحياة تنشط وتظهر على وجه الأرض. لذلك ما أجمل قول الكتاب "ارم خبزك على وجه المياه، فأنك تجده بعد أيام كثيرة"...
ولهذا لا تيأس في الخدمة، إن لم تلاحظ للكلمة ثمرًا سريعًا...
بل اصبر وانتظر الرب، ولا تتضجر. فليست كل النفوس من نوعية واحدة. وليست كلها سريعة الاستجابة. وليست كل الظروف الخارجية مواتية... هناك من يسمع الكلمة فيتأثر بسرعة. وهناك من يحتاج بعدها إلى شرح وإقناع، وإلى متابعة وحل الإشكالات التي تعترضه في التنفيذ...
هناك مَن يأخذ الكلمة للمعرفة وليس للحياة.
يتناولها بعقله لا بروحه، ليوسع بها مداركه لا ليطهر بها قلبه... وهذا الفارق بين العالِم والعابد؛ فالعالِم يقرأ الكتاب ويدرسه، ويشرحه ويفسره كما كان يفعل الكتبة والفريسيون وهم جلوس على كرسي موسى (مت 23: 2). يعلمون ولا يعملون. أما العابد فيشبه داود النبي الذي كان يقول "خبأت كلامك في قلبي، لكيلا أخطئ إليك" (مز 119: 11). هذا كان هدفه من كلام الله.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3dsqbhg