هنا ونتذكر أيضًا غيرة نحميا وكم عملت:
لقد سمع من بعض الإخوة أن سور أورشليم منهدم، وأبوابها محروقة بالنار، وأهلها في شعر وعار. فغار غيرة للرب. يقول: "فلما سمعت هذا الكلام، جلست وبكيت، ونحت أياما وصمت وصليت أمام إله السماء وقلت:.. هم عبيدك وشعبك الذي افتديت بقوتك العظيمة..." (نح 1: 3، 4، 10).
ولكن نحميا لم يكتف بالصلاة والنوح، بل عمل عملًا.
لقد قرر أن يكلم الملك في هذا الأمر. لقد كان ساقيا للملك وكان موقفه حساسًا، ولكنه لم يصمت. فلما سأله الملك عن سر كآبته، أجابه: "كيف لا يكمد وجهي، والمدينة بيت مقابر آبائي خراب، وأبوابها قد أكلتها النار؟!" وأضاف: "إذا سر الملك، وإذا أحسن عبدك أمامك، ترسلني إلى يهوذا، إلى مدينة قبور آبائي، فأبنيها" (نح 2: 3، 5).
وهكذا لم تكن غيره نحميا مجرد انفعال، وإنما كانت غيرة عملية إيجابية بناءة فسافر، وجمع الشعب، ونظم العمل، وقال قولته المشهورة: "هلم فنبنى سور أورشليم، ولا نكون بعد عارًا" (نح 2: 17). وتحمل في سبيل البناء الكثير من المتاعب وشماتة الأعداء، ولكنه صمد في قوة. وكان العاملون معه "باليد الواحدة يعملون العمل، وبالأخرى يمسكون السلاح" (نح 4: 17) إلى أن تم بناء السور في أثنين وخمسين يومًا (نح 6: 15) وتفرغ بعد هذا للإصلاحات الروحية وقيادة الشعب إلى التوبة (نح 8-10) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).
حقًا أن غيرة القلب تدفع إلى الكآبة وإلى البكاء من أجل الخطاة، كما كما تدفع أيضًا إلى العمل الكرازي في قيادة الناس إلى الإيمان والتوبة. قيل عن القديس بولس لما دخل أثينا أنه:
"احتدت روحه فيه، إذ رأى المدينة مملوءة أصنامًا" (أع 17: 16). لذلك كان يكلم الذين يصادفونه في السوق كل يوم، ودخل في مناقشة مع الفلاسفة الأبيقوريين والرواقيين، وتكلم أيضًا مع الأريوس باغوس... كما تكلم في مجامع اليهود...
وهكذا فعل أبلوس، وهو حار بالروح:
"كان هذا خبيرًا في طريق الرب. وكان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم بتدقيق ما يختص بالرب... وكان باشتداد يفحم اليهود جهرًا مبينا بالكتب أن يسوع هو المسيح" (أع 18: 25، 28).
هناك عمل آخر في الغيرة وهو الصراع مع الله.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/v98ck9b