إنه يصلي ويقول: لتكن مشيئتك منفذة على الأرض، كما هي منفذة في السماء. وليأت ملكوتك...
فلتملك يا رب على قلب كل أحد. ولتملك على الشعوب وعلى الأمم... على البلاد التي أنتشر فيها الإلحاد، وبدأت تفقد الإحساس بوجود الله. ولتملك على كل واحد لا يعرفك، ولا يعرف محبتك للبشر وخلاصك العجيب...
وهناك شخص إذا اشتعلت الغيرة في قلبه، ولم يستطع أن يعمل شيئًا، يقف أمام الله ويبكى.
يقف أمام خريطة آسيا مثلًا، ويبكى على مئات الملايين التي لا تعرف الله: ألف مليون شيوعي في الصين لا يعرفون الله، وكذلك حوالي خمسمائة مليون في الهند، وأكثر من مائتيّ مليون في اليابان، و... وما أكثر الذين يعبدون برهما وبوذا Buddha وكنفوشيوس Confucius..! حقا أين ملكوت الله في هذه القارة التي ولد فيها المسيح...
متى يا رب يتحقق المزمور الذي يقول: "للرب الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها..." (مز 24)؟!
وماذا نقول أيضًا عن الهنود الحمر، وعن القبائل البدائية في أواسط أفريقيا وفي النصف الجنوبي منها.
إن لم ينفعل من أجل الغرباء البعيدين، فعلى الأقل يشتعل قلبه من جهة المسيحيين الذين لهم اسم المسيحية فقط، بينما يسلكون في حياة الإباحية والمادية، ولا صلة لهم بالله ولا بالكنيسة، ولا يحيون حياة روحية..! ثم ماذا عن المسيحيين الذين يغيرون مذهبهم أو دينهم، أو يعيشون بلا دين..؟! متى يرجع هؤلاء جميعًا جميعًا إلى الله؟!
هنا وتملك الغيرة على القلب، فيقول مع إرميا النبى:
"يا ليت رأسي ماء، وعيني ينبوع دموع، فأبكى نهارًا وليلًا قتلى بنت شعبي" (إر 9: 1).
إنه يبكي نهارًا وليلًا، على أولئك الذين قتلتهم الخطية، والذين أضلهم الشياطين، واختاروا طريقًا آخر، وأصبحوا عرضة للهلاك.
هوذا داود النبي، تملكه الكآبة، وتملكه الدموع، من أجل الخطاة الذين انحرفوا فيقول في غيرته للرب:
الكآبة ملكتني من أجل الخطاة الذين تركوا ناموسك.
رأيت الذين لا يفهمون فاكتأبت، لأنهم لم يحفظوا أقوالك. غاصت عيناي في مجارى المياه، لأنهم لم يحفظوا ناموسك (مز 119).
نتذكر هنا صموئيل، حينما ناح على شاول:
لما رفض الرب شاول: "اغتاظ صموئيل، وصرخ إلى الرب الليل كله" (1صم 15: 11) "ناح صموئيل على شاول والرب ندم لأنه ملك شاول على إسرائيل" (1صم 15: 35).
ونتذكر هنا جهاد آباء الاعتراف لأجل أولادهم (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات):
وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول: "أطيعوا مرشديكم واخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم، أنهم سوف يعطون حسابًا، ولكي يفعلوا ذلك بفرح غير أنين" (عب 13: 17).
هكذا أب الاعتراف في غيرته على خلاص أبنائه، يبكى لأجل الخاطئ، ويحزن معه، ويصوم معه، ويداوم على المطانيات metanoia لأجله، ويذلل نفسه لأجل خلاصه. ويصلي لأجل كل واحد من أولاده: يا رب ارحم فلان، يا رب اغفر له وسامحه. يا رب ساعد فلان، وأنقذه من الخطية الفلانية. لا تسمح يا رب أن يهلك وأن طول النهار والليل، له حزن ووجع في قلبه لا ينقطع من أجل أبنائه بالروح. يريد أن يقول عنهم كما قال الرب للآب في (يو 17: 12).
"الذين أعطيتني حفظتهم، ولم يهلك منهم أحد".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/sczjpf9