في حياتنا الكنسية ندرك نحن أبناء كنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية، كرامة ومكانة ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول، لأنه هو الأب الأول لنا، الذي ولدنا في المسيح يسوع، كقول الكتاب: "أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالإنجيل" (1كو4:15).
فالقديس مار مرقس هو الذي عَرفنا بالمسيح إلهًا وفاديًا ومخلصًا. وهو الذي أدركنا الملكوت السمائى، وسعى بنا نحو الحياة الأبدية.
وذلك عندما سكب في قلوبنا إيمانه المُعاش والحي من قلبه. لأن أبينا العظيم عندما تقابل مع وتقابل مع حنانيا الإسكافي (القديس إنيانوس)، ثم مقابلته للمصريين بعد ذلك، كان يتحدث معهم عن ربنا يسوع المسيح، عن ميلاده من السيدة العذراء مريم، وعن حياته وأعماله، وعن الفداء والخلاص الذي قدمه للبشر.
وفى الحقيقة لم يكن القديس مار مرقس يتحدث عن أحداث وأعمال السيد المسيح التي عاينها وشاهدها بنفسه، بقدر ما كان ينقل إيمانه المعاش من قلبه إلى قلب حنانيا وكل المصريين. كان مار مرقس يسكب من قلبه في قلوبهم، إيمانه النقي السليم بمسيحه وإلهه وفاديه ومخلصه. فصار قلب حنانيا وكل المصريين، وقلب الكنيسة كلها يحمل نفس إيمان مار مرقس بكل صفاته، وبكل معالمه، وبكل جماله، وبكل رؤيته الملكوتية.... وإذا كانوا يقولون أن قلب القديس إنيانوس، "كان مثل قلب الله، ويعرف كل مشيئاته ويتممها"، فكم يكون بالتالي قلب الأب العظيم مار مرقس.
وهكذا ولدنا القديس مار مرقس في المسيح يسوع بالإنجيل، فصرنا من صلبه الإيماني، وغدت كنيسة الإسكندرية كلها بكل قديسيها، مولودين من أبيهم العظيم مار مرقس، وصارت كلها منه، ويحمل كل أولاده نفس إيمانه الأقدس. فمثلا القديس البابا أثناسيوس الرسولي، عندما وُلد من مار مرقس، صار يحمل في قلبه نفس إيمان أبيه، فاستطاع أن يدافع ويحمى هذا الإيمان، ويحفظه ضد أريوس المنحرف عن الإيمان الحقيقي بالمسيح الإله، وغدا قانون الإيمان الذي كتبه في مجمع نيقية عام 325 م هو إيمانه الذي هو نفس إيمان أبيه مار مرقس. ومثال آخر هو القديس الأنبا أنطونيوس الكبير، فكل حياته الروحية والنسكية، وتأسيسه الرهبنة المسيحية، وكل أولاده من الرهبان والنساك والمتوحدين، الذين كانوا علامة مميزة في تاريخ الكنيسة المقدسة، بحياتهم واختباراتهم وتراثهم الروحي والتعليمي والثقافي، لن يكن يصير موجودا في حياتنا الكنسية، إن لم يولدوا أولًا من مارمرقس. وهكذا كل القديسين اللذين نعرفهم في كنيستنا، ونمتع بوجودهم في حياتنا، قد ولدوا من مارمرقس.
ولذلك نقول مار مرقس في الذكصولوجية: "يا مرقس الرسول والإنجيلي الشاهد لآلام الإله الوحيد الجنس، أتيت وأنرت لنا بإنجيلك، وعلمتنا الآب والابن والروح القدس، وأخرجتنا من الظلمة إلى النور الحقيقي، وأطعمتنا خبز الحياة الذي نزل من السماء...."، ونقول له في الأبصالية الواطس: "وعلمنا الآب والابن والروح القدس..... أنت الذي أرشدتنا للسجود للثالوث...."، وفي الذكصولوجية الآدام نقول أيضًا: ".... فأضاء علينا بإنجيله، ونجانا من ظلمة الشيطان، وأدخلنا في الحياة الأبدية. نسجد لربنا يسوع المسيح وأبيه الصالح والروح القدس....". وفي مديح آدام نقول: "...... وعلمتنا السجود للآب والابن والروح القدس. وعلمتنا أن نصير تلاميذ ليسوع المسيح لنخدمه بالبر والعدل أمامه...... وكنت راعيًا صالحًا لم تفتر بجمع قطيعك إلى ينبوع الحياة التي هي الكنيسة الميناء الصالح التي يقبل إليها كل أحد.....". وفي الطرح الواطس نقول: "...... يُعلمنا أن نرجع إلى الله خالقنا بكلام الملكوت....".
ولذلك نقول في تمجيد القديس مار مرقس مؤكدين على مكانته في حياتنا الكنسية: "صرت لنا أبًا وميناء خلاص من جهة الملك الخالق. صرت لنا أبًا ورئيسًا. وظهرت بالقوة أيها القديس مرقس الإنجيلي وتلميذ المسيح بطريرك الإسكندرية".
ومن ثم يمكننا القول بكل مصداقية الانتماء والارتباط والحب كأبناء لهذا الأب العظيم مار مرقس الرسول إننا لن نعرف السيد المسيح له المجد إلا عن طريق ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول. بل هو طريقنا لرب المجد، وهو المَعبر نحو المسيح إلهنا الصالح، وذلك عندما ندرك ونتمسك ونختبر ونعيش إيمانه المُنسكب فينا، وعندئذ نقول كقول الكتاب: "مَن يفصلنا عن محبة المسيح، أشدة أم ضيق، أم اضطهاد، أم جوع أم عُرى، أم خطر أم سيف، .... لأني متيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (رو8: 35 و38 و39).، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. بل نقول بكل يقين ثابت، وبكل قوة إيمانية حقيقية ومُعاشة: "لأن لي الحياة هي المسيح" (فى1:21).
وهكذا نصل إلى هذه الحقيقة: "أن مَن يعرف مار مرقس، يعرف المسيح. ومَن لا يعرف مار مرقس، لا يعرف المسيح".
ومن ثم علينا بكل صدق وجدية، وبكل حتمية وضرورة في حياتنا الكنسية أن نعرف أبينا العظيم ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول، وأن نقتفى كل خطواته، ونتمثل به، كما يقول الكتاب: "فأطلب إليكم أن تكونوا متمثلين بي" (1كو4:16). وأيضًا كما نقول الإبصالية الواطس: "...... يليق ينا نحن المؤمنين لكي نكرّم بيقظة هذا الرسول العظيم أن نقتفى خطواته. ولنشابهه في جهاداته وأعراقه التي قبلها على الإيمان المستقيم.......".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/pmy23ww