8
الفكر الجَّوال | من أقوال مارأوغريس الراهب:-
يوجد فكر يليق بنا أن ندعوه "الجوَّال Wanderer". يأتي هذا الفكر غالبًا للأخوة في نهاية الليل، حيث يطوف بالعقل من مدينة إلى مدينة، ومن قرية إلى قرية، ومن بيت إلى بيت.
يقود هذا الفكر العقل في بدايته إلى مجرد أحاديث بسيطة، لكنه إذا ما انجذب الإنسان إلى أحاديث طويلة مع بعض معارفه القدامى، يفسد حاله حسب صفات من يلتقي بهم (فكريًا). وعلى هذا فإنه يسقط رويدًا رويدًا من الشعور بوجود الله ومعرفة الله ومن الفضيلة وينسى دعوته وتعهداته.
من أجل هذا يجب على المتوحد أن يراقب هذا الشيطان، ويلاحظ من أين يأتي، وما هي الأمور التي يأتي بها، لأنه لا يجول بهذه الدورة الواسعة بلا هدف، بل يفعل هذا لكي يقلق حال المتوحد، حتى إذا ما التهب العقل بكل هذه الأشياء، وسكر بأحاديث كثيرة، يسقط فجأة تحت سلطان شيطان الزنا أو الغضب أو التذمر، هذه التي هي أكثر (الشياطين) ضررًا لاستنارة العقل.
إذا أردنا أن تزيد معرفتنا بخداع هذا الشيطان، يلزمنا ألا نقاومه للحال، ولا نظهر للآباء كيف يقيم الأحاديث فينا وبأية طريقة يسبى عقلنا تدريجيًا إلى مملكة الموت، لأنه عند ذلك يهرب سريعًا إذ لا يطيق أن يحتمل كشف حيله أمام الآخرين، وبالتالي لا نتعلم شيئًا من الأمور التي كنا نود أن نتعلمها، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. لكن لنسمح له بالأحرى أن يقدم تمثيليته حتى ختامها في اليوم الثاني أو الثالث، حتى نعرف كل طرقه الخبيثة، وعند ذلك نكون قادرين على أن نجعله يهرب بكلمة رفض واحدة.
وإذ يكون العقل في أثناء التجربة عادة مضطربًا، ولا يستطيع أن يرى بوضوح ما يحدث فينا، لذلك عليك أن تتبع الآتي عندما يسحبك الشيطان:
اجلس مع نفسك وتذكر ما حدث لك، من أين ابتدأت وإلى أين بلغت؟ ومن أي موضع تمَّلك عليك روح الزنا أو التذمر أو الغضب؟ وكيف تسلسلت الحوادث معك بعد ذلك؟!
ادرس هذا جيدًا وقدمه لذاكرتك، حتى تستطيع أن تكشفه عندما يعود إليك ثانية.
لاحظ أيضًا المكان الذي كان يخفيه، ولا تعود تسلكه مرة أخرى.
بعد هذا كله إن كنت تود أن تثيره، افضحه للحال عندما يتقدم إليك مرة أخرى، وأذكر على شفتيك المكان الأول الذي دخلت إليه (بعقلك عندما كان يجول به في المرة الأولى) ثم المكان الثاني والثالث، فإنه لا يحتمل الفضيحة، ويغتاظ بشدة.
سيكون هروب الفكر عنك دليلًا على فائدة معالجته بهذه الطريقة، إذ لا يقدر أن يثبت أمام هذا الكشف الفاضح لحيله.
بعد نصرة هذا الشيطان يحل نعاس عظيم، مع ثقل الجفون وشعور بالبرد وتثاؤب كثير زائد عن الحد وضعف الكتفين، ولكن بالصلاة يبدد الروح القدس كل هذه الأعراض.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hv4nbnc