"يناقش أغسطينوس ما يقصد بكلمة "شمالك" الذي يخبئ عنه الصدقة هل هو غير المؤمنين أم الأعداء أم الزوجة أم حب مديح الناس؟"
1- غير المؤمنين: إن فهمنا كلمة "شمالك" على أنه غير المؤمنين، كان معنى هذا أننا لا نخطئ إذا اهتممنا بإرضاء المؤمنين وحدهم، مع أن الرب يمنعنا من أن يكون هدفنا هو إرضاء الناس أيًا كانوا.
ومن ناحية أخرى، إن من يسر بك قد يقتدي بك، لذلك وجب علينا أن نعمل حسنًا لا أمام المؤمنين فحسب، بل وغير المؤمنين أيضًا، حتى يمجدوا الله بأعمالنا الصالحة التي نضعها، فيقبلون على الخلاص.
2- الأعداء: لو كان "الشمال الذي لا نعرفه ما تصنعه يميننا" هو العدو، فلماذا كان الرب يشفي بمراحمه البشر، بينما كان اليهود "الأعداء" حوله؟! ولماذا جلب الرسول بطرس غضب الأعداء عليه وعلى بقية التلاميذ، بإبرائه المقعد الذي كان يطلب صدقة عند باب الجميل (أع4:3)؟!
وإن كان من الضروري علينا ألا نعرف العدو ما نصنعه من صدقات فكيف ننفذ الوصية "إن جاع عدوك فأطعمه خبزًا"؟!
3- الزوجة: لقد اعتاد الشهوانيون اعتبار الزوجة هي الشمال الذي لا نعرفه ما تصنعه يميننا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وهذا رأي باطل وسخيف. ولم أكن أرغب في الإشارة إليه لو لم يسقط فيه كثيرون، فمن المعروف أن النساء أكثر بخلًا في الإنفاق على الاحتياجات المنزلية، لذلك يخبئ الرجال عنهن ما يتصدقون به حتى لا تحدث منازعات عائلية. وكأن الرجال وحدهم هم المسيحيون، وكأن الوصية لم توجد للنساء، وإلا فما هو شمال المرأة الذي تخبئ عنه صدقتها؟! هل يعتبر الرجل شمال الزوجة؟!
إن هذا التفسير يفسد النص، فإذ يحسب كل من الطرفين أن الآخر شمال بالنسبة له، لتصرف كل منها في ممتلكات الأسرة بغير إرادة الطرف الآخر. ومثل هذا الزواج لا يكون مسيحيًا.
إنه ينبغي على كل منهما أن ينفذ وصية الرب بتقديم الصدقة. فإن عارض أحدهما الوصية، كان غير مؤمن، وعندئذ يكون أحدهما مؤمنًا والآخر غير مؤمن. وبذلك ينبغي على المؤمن أن ينفذ الوصية التي تطلب منه أن يربح غير المؤمن، وذلك بالتفاهم الهادئ، والسلوك الحسن. فعلى المؤمن ألا يخبئ أعماله الحسنة عن الطرف الآخر حتى يستطيع أن يجذبه إلى شركة الإيمان المسيحي. فينبغي ألا ترتكب السرقة بتصدق طرف دون علم الآخر.
4- الرغبة في مديح الناس: إذا قارنا حديث الرب عن البر عامة "احترزوا من أن تصنعوا بركم قدام الناس لكي ينظروكم وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات" بحديثه الخاص عن الصدقة "فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يمجدوا من الناس" تجد تطابقًا بينهما.
وبذلك ماذا يعني السيد من قوله "أما أنت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعله يمينك" سوى عدم السلوك مثل المرائين الذين يعرفون شمالهم ما تفعله يمينهم. فشمالهم هو "رغبتهم في المديح" واليمين هو تنفيذ الوصايا وعلى هذا فامتزاج الاثنين معًا يعني تعريف الشمال ما تفعله اليمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/826tgw8