وهكذا فإن الشدائد والضيقات قد يُعبرّ عنها وَتُسَمَّى أحيانًا بالشرور لكن الرب رؤوف ورحيم وبطيء الغضب ويرجع عن الضيق الذي يصيبنا جزاء خطايانا، فالأحزان والضيقات نتأدب بها في هذا الدهر الحاضر لتصحيح اعوجاج نفوسنا لعل هذا يدفعنا إلى الإسراع بالرجوع إلى الله.
إن الرب هو الطبيب السماوي الذي هو أثمن من الذهب والحجارة الكريمة وأحلى من العسل (مز19: 9) يزودنا بالشفاء الكامل وإن استغرقت أمراضنا وتجاربنا وقتًا طويلًا فشفاؤنا وخلاصنا أبدي لا يُقاس. أليس الطبيب يقطع الجسم بمشرطه أو يستعمل النار (الكي). عند الضرورة لإزالة آلام المرض؟ ولا يلومه أحد إطلاقًا ولا يظن أحد أنه يفعل ذلك بدافع الحقد أو الانتقام، بل جميعنا يكافئ هذا الطبيب الجراح ويشكره. إن الله هو طبيبنا السماوي يداوينا بمراهم وأدوية الخلاص النافعة لأبديتنا.
إنه يؤدبنا بالضيق وبالآلام إذ لديه رغبة عظيمة في معونة الذين يريد أن يخلصهم من الهلاك، وبتعطفاته الجزيلة يسعى من وراءنا ويحاصرنا لكي يحرر نفوسنا من الموت الأبدي، فكما أن رحمته أبدية، كذلك غضبه أيضًا أبدي.
وهكذا أيها الحبيب، اقبل ما يسمح به الرب عن طيب خاطر، مستسلمًا تحت يده الأبوية الحانية، ولا تئن مما يأتي عليك لأنه يكون لضمان عدم إقصائك من مدينة الله السماوية التي هي أم جميع القديسين.
ولنعلم أن الضيق يعدنا ويؤهلنا للمجد وبهاء الخلود في الدهر الآتي، ولنتيقن بأنه ليس عقوبة أو رفض أو منبت للحزن لأن منقذنا أزلي ولأننا سنرث عدم الفساد وسنرث أيضًا المجد والقوة. لا شك أن الذين يتألمون سيتمجدون ويكونون أكثر استحقاقًا لدخول ملكوت السموات، أما الذين يُقصون من الملكوت هم الذين يبقون في خطاياهم وهم الذين يرفضون أحكام وأعمال الله ويظنون أن ربنا القدير عديم القدرة.
إن الضيق والتجارب يجب أن تعتبر علامة حب الله وليس العكس، لأن الله يريد أن يقومنا ويؤدبنا ويطهرنا وينقينا ويعدنا في هذه الحياة كي يستقبل أرواحنا في حالة طاهرة محتفظة بنقاوتها الأصلية، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. كما هو مكتوب "لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ" (عب 12: 6).
إن كنت مسيحيًا صالحًا لسررت إذا عانيت من الضيقات، لأنك بذلك تصبح أكثر استحقاقًا وتتنقَّى من خطاياك وستجد عزاء في الدهر الآتي لأن الرب يهدف إلى تقويمك وتهذيبك حتى ولو بدا التأديب قاسيًا في وقته فهو سينتج ثمرًا عجيبًا وبه ستجد الحياة وتتجنب العقوبة الرهيبة وتربح الأبدية السعيدة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qnnhvz4