* كان المقدس يوسف صورة للشماس الرزين وللثبات والفكر الروحي النادر المثال. لذا كان خير معين لأبينا بيشوي كامل في خدمته... فكان موهوبًا في الحفظ والدراسة وحب القراءة والاطلاع والإتقان، معروفًا براعته في اللغة القبطية وحفظ تراث الكنيسة المقدس إلى جانب أعمال سيرته وقدوته.
يمتلئ بقوة سرية ويتهيأ بأشواق كثيرة عند وقوفه في المذبح وبين المرتلين وعند لمس الأواني المقدسة وقى التبرك من أجساد ورفات القديسين. ولعل الذين عاينوه يذكروا كيف كان قيامه وسط المرنمين في كنيسة العذراء بمحرم بك إلى جوار المرتل حبيب الميراهيم.. كذلك تقواه وخشوعه وصوته العذب الذي كان يقود به شمامسة الرعيل الأول في مارجرجس أسبورتنج ثم موقع الأنبا تكلا هيمانوت بالإبراهيمية.
أنه لم يكن يملك التسليم في عقله ولا في لسانه فحسب بل في قلبه.. وديعًا مدققًا، يعرف الله بإعلان خشوعه وسجوده، وقد أعطى المثل في التبكير إلى الكنيسة حيث كان يأخذ منه الخشوع كل مأخذ. يدخل ساجدًا خاشعًا في الحضرة الإلهية، يسبح بذهن وتدقيق. خشوعه الروحاني كان بمثابة (ثروة النفس) وطريقة للالتصاق بالله.. من غير شرود يثبت عينيه نحو السماء حيث شمس البر، ويترنم بتدقيق كما تقود النجوم المتلألئة السفن.
ودائمًا يرى أن كنيسة الله الحي هي البيت المبنى كأورشليم التي يجب على كل خادم أن يتصرف داخلها حسب ناموس التقديس كما كان يقول ويعيش...
فكان يسجد للرب في زينة مقدسة مقدمًا مجدًا لاسمه، مدققًا لا يستهين بالأمور الصغيرة حتى وصل إلى البهجة الطوباوية التي تنتهي محمولًا بالروح كما على مركبه.
واذكر أنه يقول دائمًا عبارة (السيد حاضر) تعبيرًا عما كان يعتمل في داخله من إحساس بحضرة الله ورهبة المكان حيث باب السماء وبيت الله. كان المقدس يوسف لا يتحدث قط في الكنيسة ولا يتحرك حتى أن بعض الشمامسة من الأولاد الصغار سموه (أبي الهول).
كان يعتبر أن الكنيسة ليس جزءًا من العالم بل هي مدخل إلى الملكوت، فكان يدخل بحمد ويقظة، وقد أحنى عنقه للنير الحلو متعلمًا طقوس الكنيسة وألحانها كطريقة موصلة إلى الله صائرًا منظرًا للعالم وللملائكة وللناس (1 كو9:4) وهو بحق عرف كنور الكنيسة كجواهرجي يقدر اللآلئ ويعرف قيمة النفائس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ووسط كل هذا الأداء والتواتر لم يغلبه سلطان العادي والآلية، لكن في انتباه روحي ومخافة يرفع قلبه ويسبح ويصلي ويقود المرنمين في القطار الصاعد إلى السماء.
إنه كان يصلي ويفهم ويعرف ويعي ويدرك ويتأمل في هذيذ حلو.. وأولاده الشمامسة الذي علمهم والذين أغلبهم صار من الأساقفة والكهنة والرهبان وقادة الخدمة في مثل صوتهم تيارًا روحيًا منسابًا لا يمكن إيقافه بل أنه وصل إلى مرماه لتتردد أصداؤه نحو الأبدية والمجد.
يوسف حبيب كان يردد ألحان الكنيسة بروحانية مقدسة بعيدة عم العجب والمجد الفارغ له أذن موسيقية.. يتعلم ويتلقى ويتسلم ويحيي التراث المجيد والعريق في الألحان واللغة القبطية والطقس الذي طالما أهمل واندثر وقل من كان يقدره أو يتذوقه.. لكن أعمال الحفظ والتسليم والأحياء فاقت عنده سائر مسرات الأرض ولذاتها فأتقن الأداء والنبرات والهزات بدقة وانسجام مع المرتلين معه على منبر التسبيح. متطلعًا على الدوام كي يكون صوته وحياته كلها مقبولة لدى ألو الأرواح جميعًا.
* أدمن التسبيح والألحان وأصل روح الجماعة من غير نشاز محسوبًا ضمن خورس المسبحين مع جميع قديسي الله.. وكان تسبيحه يرفعه دائمًا فوق الأتعاب والهموم ويجعل عنده قريحة مسرة وابتهاج وفرح مقدس، وبها صار شريكا لخدمة الملائكة ولسيرة الروحانيين يتنسم جو الوطن السمائي ورائحة أحبائه الذين كتب عنهم وفتش في سيرتهم ليخرجها للنور بل وعاش معهم واشترك في معيتهم في خدمة التسبيح...
* كان المقدس يوسف حريصًا على التسبيح كعمل شركة يجتمع فيه مع الطغمات والخوارس ليبلغ إلى ما بلغوا ويتطلع ليدرك، تعلق قلبه بالتسبيح والحقيقي وصار ذهنه مملوءًا من نعمة الله فأشار إلى تسبيحات مجد بتمجيد وسكون داخلي.. يتأمل لاهوتيًا الوقت كله.. لذا لم يشيخ بل تجدد يومًا فيومًا على مدى الأيام تتسلل الشيخوخة إلى عظمة وكيانه... حتى انتقل وهو ماشيًا على رجليه كما كان يتمنى ويطلب من الله.
* ويرجع الفضل للشماس يوسف حبيب في نهضة اللغة القبطية والتسبيح بالمدينة العظمى الإسكندرية بعد أن جعل كنيسة مارجرجس أسبورتنج كمدرسة منذ نشأتها الأولى... للذين بدأوا حياتهم وعاشوا وتتلمذوا فيها وكانت لهم فيها بداية حسنه ونالوا صبغة ثابتة انتشرت وعطرت الأجواء، ليس فقط في منطقة الرمل بل وفي الإسكندرية وفي الكرازة كلها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9mcvvvj