من الأهمية بمكان أن نُميِز بوضوح بين هدف التربية الرَّهبانية وبين هدف الرهبنة، ويُمكن أن نفهم الأوَّل أفضل عندما نفهم الثَّاني.
هدف أو غاية الرهبنة هو نفس هدف المسيحية، ذلك أن تُشكِّل في الناس شخصيات مسيحية ليكونوا لائقين ومُستعدين لدخول ملكوت السموات، وللرهبنة وسائلها لبلوغ هذه الغاية، وبالرغم من أنَّ آباء البرية شرحوا أهدافهم بطُرُق مُختلفة، إلاَّ أنه في التحليل النهائي لأهداف وغايات كلٍّ من الرهبنة والمسيحية، نجد أنها أهداف مُتماثلة.
فبالنسبة للنُّسَاك الأوَّلين، كانت الغاية النهائية من نذرِهِم وتكريسهم هي استعادة حالة آدم قبل السقوط (23)، وفي سيرة العظيم الأنبا أنطونيوس بقلم البابا أثناسيوس نقرأ أنَّ القديس أنطونيوس أمر الحيوانات ألاّ تُزعِج سلامه أو تُفسِد حديقته، وهكذا ترسم أمامنا صورة للعلاقة بين أنطونيوس الكبير والحيوانات، والتي تدُل على استعادته لحالة آدم قبل السقوط.
كذلك شرح آباء آخرون أنَّ غاية الرهبنة هي الوصول إلى حالة الهيزيخيا Hyschia أي السكينة، أو حالة الأباثيا (24) والتي تعني اللاهوى أي ضبط الإنسان الكامل لشهواته وأهوائه، وإذا بلغ الراهب حالة الأباثيا Apatheia، يُمكنه أن يكرَّس نفسه لحياة الثيؤريا Theoria أي التأمُّل.
وبالإضافة إلى هذا وذاك، علَّم بعض الآباء أنَّ هدف الحياة الرهبانية هو أن ينال الراهب عطايا الروح القدس، وهذا الرأي ردَّده القديس سيرافيم ساروفسكي النَّاسِك الروسي في القرن التاسِع عشر.
وبجانب ذلك، كان آباء البريَّة يُؤمنون أنَّ هدف التربية الرَّهبانية هو أن تُساعد المُبتدئ على الوصول لأهدافه بأقصى سُرعة مُمكنة، ولذلك استخدموا كلّ الطُرُق والوسائل المُناسبة المُتاحة لهم في سعيهم لمُساعدة تلاميذهم في مُهمتهم الصعبة.
وسوف نُناقِش بدقة أكثر -في فصل آخر- المناهج والطُرُق العديدة التي استخدموها، أمَّا الآن فسوف نتناول أهم هذه الوسائل وهو ”النُّسْك Ascesis“ من زاوية نظرية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/cjzp665