+ أما بخصوص الخطوة الأخيرة التي لآلامه فربما يثار شكًا من جهة أن آلام الصليب قد سبق فتنبأ عنها... إذ ليس من المعقول أن يقدم الله (الأب) لابنه موتًا من هذا النوع وفي نفس الوقت يقول بأنه ملعون من علق علة خشبة (تث23:21).
لكن سبب اللعنة واضح من قول سفر التثنية (وإذا كان على الإنسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة. فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم. لأن المعلق ملعون من الله فلا تنجس أرضك التي يعطيك الرب إلهك نصيبك) (تث23،22:21). فهو لم يحكم على السيد المسيح في هذا النوع من الألم باللعنة بل وضع تمييزًا وهو أن اللعنة لمن كان عليه (خطية حقها الموت) ويموت معلقًا على خشبة... هذا يكون ملعونًا من أجل خطاياه التي سببت تعليقه على الخشبة. ومن جانب أخر فإن السيد المسيح لم ينطق بغش من فمه (1بط22:2؛ أش9:53) فالذي أظهر كل بر واتضاع، ليس فقط لم يتعرض لهذا النوع من الألم عن استحقاقه، بل وفرض عليه لتتحقَّق فيه نبوات الأنبياء التي أعلنت أنها ستتم فيه، كما جاء في المزامير إذ سبق روح المسيح فتغنَّى قائلًا...
{يجازونني عن الخير شرًا} (مز12:35). {حينئذ رددت الذي لم أخطفه} (مز4:69).
{ثقبوا يدي ورجلي، أحصوا كل
عظامي وهم ينظرون ويتفرسون فيَّ} (مز17،16:22). {ويجعلون في طعامي
علقمًا وفي
عطشي يسقونني ماء} (مز21:69).
+
{يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون} (مز17:22).
+
لقد احتمل هذا كله لا عن شر ارتكبه لكن لكي يتم فيه كلام
الأنبياء...
+ لقد سبق فتنبؤا عنه بصورة رمزية في نبوات كثيرة.
1- لنبدأ بإسحاق الذي قاده أبوه كذبيحة وقد حمل (خشبة) بنفسه... هذا كان يشير منذ فترة مبكرة جدًا عن موت المسيح مشيرًا إلى تقديم الأب إياه ذبيحة، وحملة خشبة آلامه بنفسه.
2- ويوسف أيضًا كان إشارة إلى المسيح في هذه النقطة وحدها... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). من جهة احتماله الاضطهاد من أخوته وبيعه... هكذا باع شعب بني إسرائيل (الأشرار) السيد المسيح الذين هم حسب الجسد إخوته وخانه يهوذا...
3- وإذا أتينا إلى موسى، فكيف لا نعجب انه في وقت حرب يشوع مع عماليق كان يصلي رافعًا يديه (خر17)... مع أنه كان يلزمه بسبب الظروف الحرجة أن يصلي بركب منحنية وأيد تقرع على صدره ووجه منبطح على الأرض... إنما كان في عملة إشارة إلى غلبة السيد المسيح على الشيطان خلال الصليب (بسط يديه)؟!
4- ولماذا بعدما منع موسى من أن يصنع أي تمثال لأي شيء ما (خر4:22) صنع حية نحاسية معلقة على خشبة كمشهد لنوال الشفاء في الوقت الذي كانوا يعانون فيه من لدغات الحيات...
+ أن مَن يتطلع إلى أسرار صليب المسيح ويعطي ظهره لخطاياه يتحرر من لدغات الحيات...
+
5- تعال واقرأ ما نطق به
النبي
في المزمور (الرب قد ملك على خشبة) (مز10:69)...
+
6- بصورة مشابهة يقول
أشعياء أيضًا (لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنًا وتكون الرياسة على كتفه ويدعي اسمه عجيبًا مشيرًا إلهًا قديرًا أبًا أبديًا رئيس السلام) (أش6:9)...
أي ملك في العالم يحمل علامة رئاسته على كتفه...؟! ولا يحمل تاجه على رأسه أو صولجان في يده أو بعض العلامات المميزة في حلته؟! أما هذا الابن (ملك الأجيال "الروحي " يسوع المسيح وحده فقد شيد مجده الجديد وسلطانه وحلاله "على كتفه " أي على الصليب...
7- وأريد أن أظهر بعبارة واحدة من أشعياء "موته وآلامه وقبره إذ يقول" (إنه ضُرِبَ من أجل ذنب شعبي وجُعِلَ مع الأشرار قبره ومع غني عند موته، مع أنه لم يعمل ظلمًا ولم يكن في فمه غش) (أش9،8:53).
8- أنه (السيد المسيح) كان يعرف الوقت الذي فيه يتألم إذ قد تنبأت الشريعة نفسها عن آلامه. لذلك اختار عيد الفصح (لو1:22). من بين كل الأعياد... وفي هذا يعلن أنه يوجد سر مقدس (لا5:23).
إنه هو فصح الرب.
بأي غيرة أعلن عن شوق نفسه إليه قائلًا "شهوة اشتهيت أن آكل الفصح معكم قبل أن أتألم" (لو15:22)...؟! هل كان يشتاق إلى مجرد أكل الخروف؟!
+ أليس لأنه إنما هو بنفسه "يُساق إلى الذبح وكنعجة صامته أمام جازيها فلم يفتح فاه" (أش7:53). إذ كان في أعماقه يتوق تحقيق الرمز؟!
9- لقد كان يمكن أن يخونه إنسان غريب لكن أليس حتى في خيانته يتحقق ما جاء في المزمور (آكل خبزي رفع على عقبة) (مز9:41).
وقد كان يمكن أن يخان بدون فع ثمن عن الخيانة لأنه ما الحاجة إلى من يخونه وهو يتقدم علانية أمام الشعب، وكان يمكن بسهولة أن يقبض عليه غدرًا؟!
هذه كان يمكن أن تحدث مع مسيح آخر، لكن لن تحدث مع ذلك المسيح الذي فيه تتحقق النبوات إذ كتب (باعوا البار بالفضة) (عا6:2).
وفي نفس المبلغ وقيمته الذي أخذه يهوذا قد حددته النبوات... {فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة} (زك12:11).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/64my7ar