مارمرقس كاروزنا الذي ندين له جميعًا بالإيمان الذي أودعه فينا والذي كلفة سفك دمه وهو يهودي الأصل أفريقي المولد ولد في القيروان Cyrene إحدى الخمس مدن الغربية في ليبيا. ولا يعرف بالتحقيق تاريخ ميلاده. ولكن كما دلت عليه الحوادث الإنجيلية أنه كان بعد ميلاد السيد المسيح بالجسد ببضع سنوات لأنه ذكر عنه وقت الصلب أنه كان شابًا (مر 14: 51).
هذا النجم المتألق من أسرة محبة لله على جانب عظيم من التقوى والصلاح. متمسكة بشريعة أجدادها. ولا غرابة في ذلك فإن أباه أرسطوبولس من سبط لاوي وأمه مريم هي إحدى المريمات اللاتي تبعن المسيح (لو8: 1).
وبقدر ما كانت هذه العائلة غنية بمحبة إلهها ويحفظها للناموس كانت أيضًا متمتعة بقدر واف من الثروة المادية والجاه، وكانت تشتغل في الزراعة.
ولما رزقها الله مولودهما الصغير أسمياه يوحنا ويعني "حنان الله" وهو اسمه العبري، لكنه لقب بمرقس وهي لفظة رومانية معناها "مطرقة". وأحسنا تربيته وتنشئته روحيًا وثقافيًا حتى أنه ألم بشريعة موسى والأنبياء وحفظ الكتب المقدسة العتيقة والنبوات وهو في سن مبكر. كما تعلم كثيرًا من اللغات كاليونية واللاتينية والعبرية وبرع فيها. ثم بترتيب إلهي وتدبير عجيب سمح إلهنا الحنون لهذه العائلة المقدسة أن تزحف من القيروان إلى أرض فلسطين وذلك في عهد أوغسطس قيصر، أي قبيل بدء السيد المسيح خدمته ليحظوا بالتمتع بعشرته وخدمته.
حدث ذلك بسبب هجوم بعض القبائل البربرية على القيروان حتى سلبوا أهلها بكل ما لديهم من متاع وأملاك. وكان من بينهم أسرة القديس الآمنة، مما اضطرهم إلى الهروب واللجوء إلى بلاد اليهودية حيث استقروا في قانا الجليل موطن أجدادهم القديم.
وهناك التقوا بأحبائهم أفراد أسرتهم برنابا، وسمعان بطرس، وسمعان القيرواني وغيرهم، كل هؤلاء كانت تربطهم صلة قرابة قوية.
فبرنابا هذا يذكره سفر الأعمال أنه "لاوي قبرصي الجنس". ولكن ليس هذا هو حد القرابة فحسب بل أكثر من ذلك، فهو كما يذكر معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسي "يسلم عليكم أرسترخس المأسور معي ومرقس ابن عم برنابا" (كو4: 10) و(ابن أخت برنابا) بحسب الترجمة البيروتية.
هذه الشخصية أي (برنابا) لها وزنها الروحي. إذ شهد عنه الكتاب المقدس أنه "كان رجلا صالحًا ممتلئًا من الروح القدس والإيمان" (أع 11: 4)، وأنه أول من باع أملاكه ليضعها تحت أقدام الرسل (أع4: 37)، وقد أفرزه الروح القدس مع بولس للعمل المقدس (أع 13: 1)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. بل وعينه الرب يسوع ضمن السبعين. أما بطرس وهو أحد التلاميذ الاثني عشر فإن زوجته هي التي ذات قرابة لأرسطوبولس والد مرقس إذ هي ابنة عمه. وهذا ما عناه بطرس في قوله في الرسالة "تسلم عليكم التي في بابل...
ومرقس ابني (1بط5: 13) فهو يذكر أنه ابنه. أي ابنه من ناحية النسب ومن ناحية السن أيضًا... أما سمعان القيرواني فهو أيضًا ربما يمت بصلة قرابة لهم، لكن ليس لنا دليل كتابي يوضح مدى هذه الصلة وإنما مما لاشك فيه أنه من القيروان وهي البلدة التي كانت مسقط رأس قديسنا. هذا كله يدلنا على نقاوة الوسط الذي ترعرع فيه مرقس كاروزنا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7af8gbw