الأربعة أهداف التي كتب من أجلها مصطفي العرندي إنجيل برنابا Gospel of Barnabas:
الهدف الأول: هو أن الخلاص والوعد بإسماعيل وليس بإسحق.
الهدف الثاني: إنكار لاهوت السيد المسيح وأنه ليس كلمة اللّه وروح منه.
الهدف الثالث: أن يسوع المسيح هو المسيح. لكن المسيا سيأتي بعد المسيح الذي هو محمد.
الهدف الرابع: أن المسيح لم يصلب لكن شبه لهم.
ذكر مصطفي العرندي كاتب هذا الإنجيل المزيف أن الملاك جبرائيل كلّم يسوع وقال له: "انهض يا يسوع واذكر إبراهيم الذي كان يريد أن يقدم ابنه الوحيد إسماعيل ذبيحة للّه" (ص 15). وفي موضع آخر: "فأجاب يسوع صدقوني لأني أقول لكم الحق أن العهد صُنع بإسماعيل لا لإسحق". وحينئذ قال التلاميذ يا معلم هكذا كُتب في كتاب موسى أن العهد صُنع لإسحق. فأجاب يسوع متأوهًا "هذا هو المكتوب. لكن موسى لم يكتبه ولا يسوع بل أحبارنا الذين لا يخافون اللّه" (ص 68).
وهكذا أو كالعادة عندما يعجز الكاتب عن إثبات الحق يدعى تحريف التوراة والإنجيل. والعجيب جدًا أن يكون هذا السبب هو السبب الرئيسي لصلب السيد المسيح له المجد. وإذا رجعنا إلى المرجع الصحيح في سفر التكوين (ص 18: 21) من التوراة نجده يسجل أن اسحق هو الذي قدم ذبيحة وليس إسماعيل.
والسؤال الآن: ما هدف توراة اليهود في تغيير اسحق بدل إسماعيل. بل أن العهد الجديد الذي هو الإنجيل كمكمِّل للتوراة يسجل أن الذي قدمه إبراهيم ذبيحة هو اسحق ابن الموعد راجع (رو 9: 7)، (غلا 4: 23).
من كل ذلك نجد إن الهدف الأول من كتابة هذا الإنجيل هو أن يكون الوعد والذبيحة لإسماعيل وليس لإسحق.
الهدف الثاني: إنكار أن المسيح هو كلمه الله وروح منه. أي أنه ابن الله المولود بالروح
التوراة والإنجيل يؤكدان أن المسيح هو كلمة اللّه آخذًا جسدًا من العذراء مريم. ولذلك وُلد بدون أب وكلمة اللّه يدعى ابن اللّه. لأن الكلمة الناطقة مولود من ذات اللّه. إنها ليست ولادة جسدية ولا أحد يستطيع أن ينكر أن السيد المسيح هو كلمة اللّه وروح منه. ولكن كاتب إنجيل برنابا أراد أن يطمس هذه الحقيقة المعروفة في كل الكتب.
وهذا هو الهدف الثاني من كتابة إنجيل برنابا.
مقتطقات من إنجيل برنابا:
يقول يسوع إن العالم مجنون. وكانوا يدعونني آلهًا، ولما قال ذلك بكى (ص 74). وقال آخرون أنه ليس اللّه ولا ابن اللّه، لأن ليس للّه جسد يلد بل هو نبي عظيم من اللّه. (ص 75).
وهنا تخيل مصطفي العرندي أن الولادة جسدية ونسى أنه كلمة اللّه وروحًا منه. وأن الولادة هنا روحية. "ولما رفع رأسه قال ليكن ملعون كل من يدرج في أقوالي إني ابن اللّه" (ص 87).
ثم قال يسوع يا رب "إن العالم كله أغواه الشيطان فقال إني ابنك وشريكك" (ص 85) (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وهنا يؤكد الكاتب أن العالم كله وقع في الضلال. واستمر في تكرار هذا الموضوع أن المسيح ليس إلا نبي وليس ابن اللّه وكلمته. في صفحات الكتاب 74، 75، 84، 87، 107، 110، 143، 146، 194، 253، 306 وهذا التكرار الكثير يكشف عن السر الخفي في قلب الكاتب من نحو السيد المسيح كلمة اللّه المولود بالروح.
ثم تكلم على لسان السيد المسيح معبرًا عن ضعفه الشديد. فقال يسوع إني لا أقدر على خلق ذبابة ص 146. وأنه يأتي بعدكم بعدة سنين حينما يبطل إنجيلي ولا يكاد يوجد ثلاثون مؤمنًا (ص 115).
ثم قال إن الشيطان ضللكم بواسطة الجنود الرومانيين عندما قلتم إنني أنا اللّه. ص 194. فإني وأنا لا طاقة لي أن أخلق ذبابة، بل إني زائل.
وهكذا يجاهد هذا الكاتب بكل قوة لتضليل المسيحيين سواء بنسبة ما يزعمه إلى الشيطان تارة وإلى الجنود الرومان تارة أخرى. بل أنه نسب إلى السيد المسيح أنه قال أمام رئيس الكهنة والوالي وثلاثة جيوش كل منهما 100000 جندي إلى 600000 جندي متقلدي السلاح خرجوا لتسكين الشعب من يسوع.
قال إني برئ من كل ما قاله الناس عنى. إني أعظم البشر. (ص 139 إلى ص 143).
فلو كان برنابا هذا قد كتب كل ما هو وارد في هذا الكتاب الخيالي لورد ذكره أيضًا في القرآن أو على الأقل في كتب المفسرين كالطبري والبيضاوي أو أحد المؤرخين كالمقريزي حتى القرن الرابع عشر.
لذلك فالأمر متروك للقارئ لتفسير القصد من كتابة هذا الكتاب.
ثالثًا: الهدف الثالث: أن يسوع ليس هو المسيح ولكن المسيا سيأتي بعد المسيح الذي هو محمد رسول الله.
يقول د. محمد شفيق غربال عنه إنه: "إنجيل مزيف يصرح على لسان عيسى أنه ليس المسيح إنما جاء مبشرًا بمحمد الذي سيكون هو المسيا".
وكاتب هذا الإنجيل يركز بكل قوته على أن يسوع ليس المسيح بل جاء ليهيئ الطريق أمام رسول اللّه الذي هو المسيا. وأن لقب مسيا خلق خصيصًا لمحمد رسول اللّه. وكما قلنا أن الكاتب كان يهوديًا أصلًا ودارسًا للتوراة. ولذا فقد ألغى شخصية يوحنا المعمدان (النبي يحيى أو سيدنا يحيى) كما هو وارد في القرآن، الذي جاء خصيصًا ليهيئ طريق التوبة أمام المسيح كلمة اللّه استبدل به المسيح جاعلًا منه نبي ليهيئ الطريق أمام رسول اللّه.
وتأييدًا لتزييفه استعمل نفس الاَيات والشواهد الواردة فى الأناجيل على لسان يوحنا العمدان. قال يسوع "لأني لست أهلًا أن أحل سيور حذاء رسول اللّه الذي يسمونه المسيّا" (ص 64). ثم قال وأنا صوت صارخ في البرية كلها. يصرخ أعدوا طريق رسول اللّه. والذي لا خلاف عليه أن الشخص الذي جاء ليهيئ الطريق أمام الرب هو يوحنا المعمدان ملاك العهد. الذي قال عنه ملاخي النبي في العهد القديم: "ها آنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي ويأتي بغتة إلى هيكل السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرون به. هوذا يأتي قال رب الجنود" (ملا 3: 1).
وفي العهد الجديد يقول متى الإنجيلي عن يوحنا قوله "أنا أعمدكم بماء للتوبة ولكن الذي بعدي هو أقوى مني الذي لست أهلًا أن أحل حذاءه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" (مت 3: 11). "وفي تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهود قائلًا توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السموات، فإن الذي قيل عنه بأشعياء النبي القائل صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة" (مت 3: 1-3).
ويقول إنجيل معملنا مرقس: "كما هو مكتوب في الأنبياء ها أنذا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك. صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة. كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمعفرة الخطايا" (مر 1: 2-4).
وإنجيل معلما لوقا يقول: "وإذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون عن يوحنا لعله المسيح أجاب يوحنا الجميع قائلًا أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى منى الذي لسن أهلًا أن أحل سيور حذائه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار" (لو 3: 16، 15).
وأخيرًا يقول يوحنا في إنجيله: "وهذه هي شهادة يوحنا حين أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولاويين ليسألوه من أنت فأعترف ولم ينكر وأقر إني ليست أنا المسيح وسألون إذن ماذا؟ إيليا أنت؟ ماذا تقول عن نفسك "قال أنا صوت صارخ في البرية قوموا طريق الرب كما قال أشعياء النبي، أنا أعمدكم بماء ولكن في وسطكم قائم الذي لستم تعرفونه هو الذي يأتي بعدي الذي صار قدامي الذي لست مستحقًا أن أحل سيور حذائه" (يو 1: 19-27).
بالرغم من ذلك كله يكرر في مواضع كثيرة من الكتاب قول افتراء للسيد المسيح: صدقوني إني رأيته وقدمت له الاحترام وقلت يا رسول اللّه ليكن اللّه معكم وليجعلني أهلًا أن أحل سيور حذائك. ص 65، 69، 110، 126، 128، 146، 147، 148، 252، 298، 306.
رابعًا: الهدف الرابع: صلب السيد المسيح
وهذه النقطة هي بيت القصيد في هذا الكتاب. وعرضها الكاتب بطريقة تريح نفسه وما يؤمن به. خاصة أنه يهوديًا والمعروف أن اليهود حاولوا ويحاولون بشتى الطرق تبرئة أنفسهم من صلب السيد المسيح.
ويلصقون التهمة بالرومان. ومن ناحية أخرى أنه اعتنق الإسلام أيضًا الذي ينكر صلب المسيح في حين أن المرجع الحقيقي لقصة صلب المسيح مشروحة تفصيلًا، وفي كثر من موضع في التوراة. باعتبار أن المسيح كلمة اللّه هو فادى البشرية في الأناجيل الأربعة.
قصة صلب المسيح حسب رواية مصطفي العرندي:
1- سبب صلب المسيح
لقد سأل اليهود يسوع: من الذي سيأتي من سلالته المسيا الموعود به. اسحق أم إسماعيل، فرد يسوع قائلًا: إسماعيل. فلما سمع رئيس الكهنة هذا القول حنق وصرخ لنرجم هذا الفاجر لأنه إسماعيلي (ص 301). وللحال قام الكتبة والفريسيون ليضربوا يسوع. فهرب من بينهم فضربوا بعضهم بعضًا فمات 1555 رجل. (ص 301).
وهكذا هو سبب صلب المسيح... ونترك القارئ ليفهم القصد من هذا الكلام. وخصوصًا وأن اليهود يعرفون جيدًا أنهم نسل اسحق والمسيح من نسله.
2- هروب السيد المسيح للسماء
وفجأة جاء الملائكة جبريل وروفائيل وأورييل وخطفوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب. ووضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح اللّه". (ص 308).
3- يهوذا يتغير شكله إلى شكل السيد المسيح
"ولما دخل يهوذا مع جنود الرومان إلى الحجرة كان يسوع قد حملته الملائكة إلى السماء. وكان التلاميذ نيام، عندئذ تغير يهوذا في الوجه والنطق وصار شبه المسيح، فقبضوا عليه وكان الشبه شديدًا حتى:
أ- أن برنابا والعذراء مريم ويوحنا ذهبوا وراءه للصليب (ص 310).
ب- قال يهوذا للوالي وقت المحاكمة أن يسوع ساحر وقد حولني هكذا بسحره (ص 312).
ج- قال برنابا الحق أقول إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد تلاميذه والمؤمنون كافة أنه هو يسوع (ص 314).
4- تكملة القصة، لم يكتف الكاتب بتزييف هذه القصة لكنه:
أ- اتهم بقية التلاميذ أنهم لا يخافون اللّه فذهبوا ليلًا وسرقوا جسد يهوذا وخبأوه وأشاعوا أن يسوع قام (ص 315).
ب- اتهم القديس بولس الرسول أنه لا يخاف اللّه ولفَّق رسائله بقوله عن صلب المسيح. وذلك ليكمل مشواره في التزييف (ص 320).
ج- أنزل اللّه المسيح مرة أخرى لمده ثلاث أيام لتراه أمه ولم يسمح لأحد من التلاميذ برؤية (ص 316).
5- ختام القصة
وأراد العرندي أنه يختم التزييف فقال:
ا- إن التلاميذ تفرَّقوا في العالم.
ب- لا يزالوا يبشرون أن ابن اللّه. أي كلمة اللّه المتجسد.
ج- اشترك معهم في هذا الخداع بولس الرسول (ص 320).
د- أن يسوع قال لبرنابا إن قضية صلب المسيح ستبقى في ضلالها إلى أن يأتي محمد رسول اللّه الذي متى جاء كشف هذا الخداع (ص 318).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8gcrrcn