التالي هو ملخص مقدمة أول ترجمة عربية للكتاب. ترجمها الدكتور خليل سعادة بتاريخ 15 مارس 1908. ونشرها السيد محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار في 21 صفر 1326.
وقد أورد الدكتور خليل سعادة في مقدمة الترجمة بحثًا علميًا حول حقيقة هذا الكتاب تتلخص فيما يلي:
1- لغة الكتاب الأصلية
النسخة الوحيدة المعروفة في العالم الذي نقل عنها هذا الإنجيل هي نسخة إيطالية في مكتبة بلاط فينا ص ج سطر 8.
2- غلاف الكتاب
غلاف الكتاب من الجلد الضارب إلى الصفرة النحاسية ويحيط بها على الحواف الأربعة خطان مُذَهَّبان، وفي مركز الجلد نقش بارز من التذهيب تحيط به حافة مزدوج من نقوش ذهبية متباينة الأشكال يسميها الغربيون الطراز العربي، ويستدلون على ذلك أنه طراز شرقي. خصوصًا وأن هناك صك في البندقية لمعاهدة بين الدولة العلية والبندقية. ويرجع عهدها إلى القرن السادس عشر موجودًا بالقسطنطينية مجلد بجلدة تضارع ذات الجلدة الخاصة بهذا الإنجيل ص ج سطر 14- 23.
3- قصة اكتشاف نسخه أخرى أسبانية
في أوائل القرن الثامن عشر وجدت نسخة أخرى أسبانية، قام المستشرق سايك بالتعليق عليها. وترجمها الدكتور منكهوس في أكسفورد إلى اللغة الإنجليزية. وواضح من تعليق سايك أن هذه النسخة مترجمة عن النسخة الإيطالية بقلم رجل مسلم يسمى مصطفي العرندي الذي كان راهب اسمه "فوامنيو" ويروى في المقدمة قصة اكتشافه للنسخة الإيطالية التي نقل عنها. بأنه عثر على كتابات للقديس إريناوس يندد برسائل الرسول ويستند إلى كتاب اسمه إنجيل برنابا. مع العلم بأنه بدراسة كل ما كتبه القديس اريناوس في كتابته لم يذكر أي إشارة بالمرة لإنجيل اسمه برنابا. وأن القديس إريناوس لم يندد برسائل بولس الرسول، بل كتب عنها الكثير. وفي أحد الأيام كان في مكتبة البابا اسكتس الخامس. كان هذا الراهب في المكتبة ووقع نوم على البابا ودخل الراهب إلى المكتبة، وكان الكتاب الأول الذي وضع عليه هو هذا الإنجيل، فكاد يطير من الفرح، وخبأه في ردائه ولبث إلى أن أفاق البابا واستأذنه بالانصراف. ثم طالعه بشوق عظيم فاعتنق على هذا الدين الإسلامي (ص هـ).
ويبدو أن هذا الراهب فرامنيو كان يهوديًا لأن له إيمان يفوق الوصف بالتوراة.
وهو عينه الذي كتب النسخة الإيطالية وهو الذي ترجمها إلي اللغة الأسبانية.
4- وجود ألفاظ وجمل عربية على النسخة الإيطالية
إن من يطالع هذا الكتاب ص (و) يجد صورة للغلاف مكتوب عليها ألفاظ عربية على هوامش النسخة مثل "اللّه عظيم". فكيف يمكن أن يكون الإنجيل مكتوب في القرون الأولى وهو مكتوب على حروفه ألفاظ عربية؟!
5- التشابه بين الكتاب وشعر دانتي
دانتي Dante شاعر إيطالي وهو أول من ذكر وصف الجحيم والسموات بصورة مختلفة تمامًا عما جاء في الإنجيل والتوراة، وأيضًا القرآن (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). لم يكتب أحد في التاريخ هذا الوصف قبل دانتي. وهذا يؤكد تمامًا أن كاتب إنجيل برنابا أخذ وصف الجحيم والسموات من كتابات دانتي أي بعد القرن 14. يقول د. خليل سعادة "وقد يبعث على المقارنة بين كاتب هذا الإنجيل والشاعر دانتي ما في كليهما من ملابسات وتعابير لمؤلفات دانتي الشعرية التي يصف فيها الجحيم والجنة. إذ جاء في هذا الإنجيل أن هناك سبعة درجات للجحيم في مراتبها باختلاف الخطايا الكبيرة السبع. وأن هناك 9 سموات تأتي في قمتها الجنة فتكون العاشرة، ويُستنتَج من ذلك أن كاتب ذلك الإنجيل جاء بعد دانتي أو معاصر له فيكون برنابا هذا ظهر في القرن الرابع عشر. صفحة ح.
6- الكاتب الأصلي يهودي أندلسي اعتنق الإسلام
لا يجوز اتخاذ عدم العثور على الأصل العربي لهذا الإنجيل حجة على وجوده. لأن المطالع الشرقي يرى لأول وهلة أن الكاتب له إيمان بالقرآن حتى أن كثيرا من فقراته تكاد تكون ترجمات حرفية أو معنوية لآيات قرآنية!
وكثير من الأقوال التي تنطبق على الأحاديث النبوية والأساطير العلمية التي لم يكن يعرفها حينئذ غير العرب، حتى أنك تجد في هذه الأيام على كثرة المستشرقين والمشتغلين باللغة العربية وتاريخ الإسلام من الغربيين من يعد عالمًا بالحديث. صفحة ط.
غير أن القول أن هذا الإنجيل عربي الأصل، لا يترتب عليه أن يكون كاتبه عربي الأصل، بل أن الكاتب يهودي أندلسي اعتنق الإسلام بعد تنصره وإطلاعه على أناجيل النصارى. لأنك إذا أمعنت النظر في ذلك الكتاب وجدت لكاتبه إلمامًا عجيبًا بأسفار العهد القديم لا مثيل له بين طوائف النصارى.
والمعروف أن كثيرا من يهود الأندلس كانوا يتضلعون باللغة العربية والاطلاع على القرآن والأحاديث النبوية مثل العرب. صفحة (ى).
ومن أكبر الأدلة على ذلك اهتمام الكاتب بالختان حتى أنه يقول: بأن الكلاب أفضل من الغلف أي غير المختونين! وهذا فكر يهودي محض. صفحة (ى).
بل أن هذا الإنجيل يتضمن كثير من التقاليد التلمودية التي يتعذر على غير اليهودي معرفتها. وفيه أيضًا شيء من معاني الأحاديث والأقاصيص الإسلامية الشائعة على ألسنة العامة، ولا سند لها في كثير من الكتب، ولا يتأتى لأحد الإطلاع عليها إلا إذا كان في بيئة عربية. مما يؤكد أن الكاتب الأصلي هو يهودي أندلسي أعتنق الإسلام بعد تنصره صفحة (ى) سطر 24.
7- عدم ذِكْر الكتاب في أي من كتب العرب أو في القرآن
والذي يؤيد هذا الرأي أنه لم يرد ذكر لهذا الإنجيل في كتابات مشاهير المسلمين سواء في العصور القديمة أو الحديثة حتى ولا في مؤلفات مَنْ انقطع منهم إلى الأبحاث والمجادلات الدينية. مع أن إنجيل برنابا هذا أمضى سلاح لهم في مثل تلك المناقشات وليس ذلك فقط. بل لم يرد ذكر هذا الإنجيل في فهارس الكتب العربية القديمة عند العرب أو العجم المستشرقين الذين وضلعوا فهارس لأندر الكتب العربية من قديمة وحديثة. صفحة (ط) سطر 11.
8- هذا الكتاب كُتب في القرن الرابع عشر
وهناك دليل يمكن معه الجزم بشأن الزمن الذي كتب فيه. وهو النص الوارد في ص 123، ص 125 أي سنة اليوبيل التي تجئ الآن مرة كل مئة سنة.
والمعروف أن اليوبيل اليهودي لا يجئ إلا مرة كل خمسين سنة. وأن أول مَنْ حدَّد اليوبيل بمئة سنة في التاريخ كان البابا ديوناسيوس سنة 1300 م.
لكن الباباوات اللاحقين أرجعوه إلى خمسين سنة، ثم إلى 33 سنة.
من هذا يتضح أن الزمن الوحيد الذي يمكن فيه لكاتب أن يتكلم عن يوبيل يقع كل مئة سنة هو هذا الوقت الذي كان معاصرًا للشاعر دانتي في القرن 14. صفحة ى.
9- أما القول الذي يشيعه البعض بأن التاريخ يذكر أن البابا جلالسيوس الأول لسنة 492 م حرّم قراءة بعض الكتب ومن بينها إنجيل برنابا. فهذا لم يحدث. وإلا لذاع الخبر ولو سماعًا عن نبي المسلمين. لأن هذا الكتاب فيه من العبارات الصريحة المتكررة. بل والفصول الصافية التي تذكر اسمه في عرضها ذِكرًا صريحًا لا يقبل شكًا أو تأويلًا. وليس ذلك فقط بل لم يتصل بخلفائه الذين أتوا من بعده ولا بالعرب الذين دخلوا الأندلس.
أخيرًا قد سجلت موسوعة العلوم البريطانية تزوير أمر قصة البابا جلاسيوس هذا صفحة ل، وصفحة م.
المترجم خليل سعادة القاهرة في 13 مارس 1908.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7zva8rd