تضم الكنيسة القبطية الآن ما يقرب من ألف وخمس مئة راهب وراهبة بما في ذلك الرهبان والراهبات الذين يعيشون في أديرة (عامرة رهبانيًا) خارج مصر مثل أمريكا وإيطاليا والسودان، ويمثل هذه العدد نسبة واحد إلى عشرة آلاف (1: 10000) إذا قيس بعدد المسيحيين في مصر والذي يربو الآن على أثنى عشر مليون مسيحي، وهو عدد متواضع بالنسبة لكنيستنا القبطية والتي نشأت وعنها أخذت بقية التجمعات المسيحية في العالم بدءا بإنطاكيا (سورية) ونهاية ببعض الرهبنات التي ظهرت بين الجماعات المسيحية غير الأرثوذكسية والكاثوليكية (عرف النظام الرهباني الطريق إلى خارج مصر، أولا عن طريق ق. أثناسيوس الرسولي، عندما كان منفيا في أوروبا، ثم ق. أمبروسيوس في إيطاليا، ثم ق. روفنوس وق. يوحنا كاسيان (وقد انتظمت أخيرا هناك على يد القديس بندكت) وشمال أفريقيا عن طريق ق. أغسطينوس، وفي أديرة أثوس باليونان عن طريق ق. باسيليوس الكبير، وفي فلسطين من خلال ق. هيلاريون، وفي العراق عن طريق ق. أوجين المصري، ومن العراق امتدت إلى سوريا وأرمينيا وفارس (الرهبنة الديرية في مصر /د. رءوف حبيب)، فقد شهدت منطقة الإسقيط ونتريا والقلالي مابين القرنين الرابع والسادس الميلادي، تجمعات رهبانية وصلت أعداد الرهبان فيها إلى مئات الألوف، إضافة إلى أديرة الأنبا باخوميوس في صعيد مصر والتي كانت أشبه ما يكون بالمدن الرهبانية، حيث وصل عدد الرهبان في أغلبها إلى عشرة آلاف راهب في الدير الواحد.
وبحسب ما ورد في كتاب فتح العرب لمصر لمؤلفه ألفريد بتلر، فإن عدد الرهبان الذين خرجوا للقاء عمرو بن العاص عند فتح العرب لمصر وصل إلى سبعين ألف راهب يحمل كل منهم عصاه (نقلا عن المقريزي والذي نقل الخبر بدوره عن بعض المؤرخين الأقباط – راجع ألفريد بتلر / فتح العرب لمصر ص 455 مكتبة مدبولي /الطبعة الثانية 1996 م.), بينما يرى البعض أن الذين تقابلوا معه كانوا مندوبين عن سبعين ألفا من الرهبان، وقد كتب لهم كتاب أمان ووهبهم جراية وجه بحري.
هذا في القديم أما حديثا فقد ظهر ثمانية عشر ألف راهب وراهبة في الاتحاد السوفيتي عقب قيام حركة (البروسترويكا) بقيادة الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، ما لبث أن ارتفع إلى مئة وخمس وثمانين ألفا من الرهبان والراهبات في عام 1997 م أي ارتفع العدد إلى عشرة أضعاف خلال عشر سنوات فقط (وإحصائية أخرى تفيد بوصول العدد سنة 2000 إلى 265 ألف راهب وراهبة).
وبدأ عدد الرهبان في الهبوط منذ غزو الفرس وهدم الأديرة وسوء الأحوال في البلاد بسبب الاضطرابات السياسية حتى تخرب أكثر الأديرة وهجرها سكانها باستثناء ما يقارب عدد الأصابع، ثم تحسنت الأحوال قليلًا خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر ثم ما لبثت أن منيت الرهبنة بنكسة حتى وصل عدد الرهبان في العصور المظلمة مابين القرنين الرابع عشر والثامن عشر إلى عدة عشرات في كل الكنيسة، ثم عادت الحياة لتدب من جديد منذ أيام البابا كيرلس الرابع أبي الإصلاح (قد لا يكون البابا كيرلس الرابع قد قام بإصلاحات مباشرة للرهبنة ولكنه اهتم بالإصلاح في الكنيسة يشكل عام وبالتالي فقد شمل هذا الإصلاح الرهبنة بشكل أو بآخر)، حتى وصل عددهم في بداية هذا القرن حوالي مئة وخمسين راهبا في منطقة وادي النطرون (بحسب جداول الأمير عمر طوسون) ثم شهدت الرهبنة القبطية أخيرا نهضة كبيرة في أيام المتنيح البابا كيرلس السادس وازدهرت في أيام قداسة البابا شنودة، والذي ما يزال يغلب عليه الطابع الرهباني سواء في تعليمه أو سلوكه بالرغم من خروجه إلى العمل الرعائي منذ ما يزيد على الأربعين عاما منذ ترك قلايته بالدير طاعة للكنيسة في الاتجاه إلى الرعاية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z3ygn2c