أ - أول نبي ظهر في العهد الجديد هو يوحنا المعمدان الذي تنبأ عنه ملاخي آخر أنبياء العهد القديم، وقال عنه الرب يسوع: "إنه بين المولودين من النساء ليس نبي أعظم من يوحنا المعمدان" لأنه كان النبي الذي جاء ليهيئ الطريق أمام الرب يسوع المسيح (ملاخي 4: 5؛ لو 7: 27، 28). وقد أنبأ يوحنا المعمدان بمجيء المسيح (مت 3: 11؛ مرقس 1: 7؛ لو 3: 16؛ يو 1: 15، 27، 30؛ أع 13: 35).
ب - وقد وصلت النبوة إلى ذروتها في الرب يسوع المسيح نفسه، فهو "الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر" أي أعلن لنا الآب وتمم مشوراته (يو 1: 18). وقد "كلمنا (الآب) في هذه الأيام الأخيرة في ابنه الذي... هو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته" (عب 1: 1-3). (وقد اعترفت الجموع بأنه "نبي" (مت 16: 14؛ 21: 10، 11؛ مرقس 6: 14، 15؛ 8: 28؛ لو 7: 16، 39؛ 9: 8، 19؛ يو 4: 19؛ 6: 14؛ 15؛ 7: 40، 52)، وكان ذلك بسبب الأعمال العظيمة التي رأوه يقوم بها. وقد ألمح المسيح إلى ذلك في قوله: "ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه" (مرقس 6: 4؛ مت 13: 57؛ لو 4: 24)، وفي قوله: "ينبغي أن أسير اليوم وغدًا وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارجًا عن أورشليم" (لو 13: 33). ويعلن بطرس الرسول لليهود، وكذلك استفانوس أن المسيح هو "النبي الذي تنبأ عنه موسى" (تث 18: 18؛ أع 3: 22؛ 7: 37).
(1) النبوة عن "اقتراب ملكوت السموات" (مت 10: 7، 8، 23؛ 23: 37-39؛ مرقس 1: 15؛ 9: 1؛ 13: 28، 29) .
(2) النبوات عن خراب أورشليم والهيكل (مت 23: 37-39؛ 21: 2؛ 26: 61؛ 27: 40؛ مرقس 13: 2؛ 14: 58؛ 15: 29؛ لو 13: 34، 35؛ 21: 6؛ يو 2: 19-21).
ومن أقوي هذه النبوات: "وفيما هو يقترب نظر إلى المدينة وبكى عليها، قائلًا: إنك لو علمت أنت أيضًا حتى في يومك هذا، ما هو لسلامك. ولكن الآن قد أخفي عن عينيك، فإنه ستأتي أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة، ويحدقون بك، ويحاصرونك من كل جهة، ويهدمونك وبنيك فيك، ولا يتركون فيك حجرًا على حجر لأنك لم تعرفي زمان افتقادك" (لو 19: 41-44). وقد تمت هذه النبوة حرفيًا على يد تيطس الروماني في 70 م.
(3) النبوة عن مجيء ابن الإنسان بمجد أبيه (مت 10: 23؛ 13: 40، 41؛ مت 16: 27؛ 24: 27، 37 - 39؛ مرقس 8: 38؛ 13: 24 - 27؛ 14: 62؛ لو 9: 26؛ 12: 8، 9؛ 17: 24).
(4) أما أطول الأقسام النبوية في الأناجيل فهو حديث الرب في (مت 24: 1-36؛ مرقس 13: 1-23؛ لو 12: 5-33) وفيه يجمع الرب بين خراب أورشليم وانقضاء الدهر.
(1) بدأت النبوة في العصر المسيحي بانسكاب الروح القدس على المؤمنين الأوائل في يوم الخمسين (أع 2: 1-21)، فيقول بطرس الرسول في عظته في ذلك اليوم: “هذا ما قيل بيوئيل النبي: يقول الله: ويكون في الأيام الأخيرة أنى أسكب من روحي على كل بشر فيتنبأ بنوكم وبناتكم، ويرى شبابكم رؤى، ويحلم شيوخكم أحلامًا. وعلى عبيدي أيضًا وإمائي أسكب من روحي في تلك الأيام فيتنبأون" (أع 2: 16-18) .
ومن الواضح أن ظاهرة التكلم بألسنة كانت تعتبر ظاهرة نبوية أساسًا (أع 2: 4، 17؛ 19: 6). وحيث أن الروح القدس قد انسكب على كل المؤمنين في يوم الخمسين (وهو روح النبوة) فكان من المفروض أن في إمكان الجميع أن يتنبأوا، حيث أن الجميع يسكن فيهم الروح القدس (رو 8 : 9 - 11، 23؛ 1 كو 3: 16؛ 1تس 4: 8)، ولكن كان هناك أفراد معينون يمتلكون موهبة خاصة للتنبؤ، يقال عنهم بالتحديد " أنبياء " ، كما يذكر الرسول بولس أن من المواهب التي يعطيها الرب للكنيسة "النبوة" (1 كو 12: 28؛ رو 12: 6؛ أف 4: 11). كما يذكر سفر أعمال الرسل أسماء بعض هؤلاء الأنبياء مثل : أغابوس (أع 11: 27، 28)، ويهوذا وسيلا (أع 15: 32)، وبرنابا وسمعان الذي يدعى نيجر، ولوكيوس القيروانى، ومناين... وشاول (بولس) (أع 13: 1) ، كما يذكر بنات فيلبس الأربع (أع 21: 8، 9). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). وكان يوحنا الرائي -بلا شك- نبيًا (رؤ 1: 3؛ 22: 9، 18) رغم أنه لم يطلق على نفسه هذا اللقب.
(2) كان الأنبياء يعتبرون من القادة في المجتمعات المسيحية الأولى (1 كو 12: 28؛ أف 4: 11)، ولكنها لم تكن قيادة إدارية، بل بالحري قيادة روحية في إطار اجتماعات العبادة (أع 13: 1-3؛ 1 كو 12-14؛ أف 4: 11، 12). وكان للرسل كل المواهب بما فيها النبوة، كما أن الأنبياء كانوا يقومون بخدمة التعليم (1 كو 14: 3، 4، 19، 31)، وكانت أقوالهم من الروح القدس مباشرة، وهو الذي اختارهم لهذه الخدمة. وكان الدور الأساسي للمعلمين هو تفسير العهد القديم وأقوال الرب يسوع.
(3) كانت خدمة الأنبياء الأساسية (مثل كل المواهب الروحية) هي بنيان الكنيسة، فيقول الرسول بولس: "أما من يتنبأ فيكلم الناس ببنيان ووعظ (تشجيع) وتسلية (أي تعزية)" (1 كو 14: 3). كما يؤكد ذلك بالقول: "وأما من يتنبأ فيبني الكنيسة" (1 كو 14: 4). وقد تناول الرسول بولس موضوع المواهب الروحية، وبخاصة التكلم بألسنة والتنبؤ، بتفصيل واضح، لأن الكورنثيين اهتموا اهتمامًا كبيرًا بالتكلم بألسنة. ولم يستنكر الرسول ذلك كمبدأ (1 كو 14: 18، 39)، ولكن حيث أنه كان يتم -بعامة- بلغة غير مفهومة، فهو لا يبني الكنيسة، أما النبوة، فلأنها بلغة مفهومة للجميع، فكانت تعمل على بنيان كل المؤمنين ووعظهم وتعزيتهم (1 كو 14 : 20 -25، 39). كما نقرأ أن "يهوذا وسيلا إذ كانا هما نبيين، وعظا الإخوة بكلام كثير وشدداهم" (أع 15: 32). ونجد التأكيد على أهمية الوعظ والتشجيع للخدمة النبوية في أجزاء كثيرة من أعمال الرسل (أع 2: 40؛ 9: 31؛ 11: 23، 24؛ 14: 22؛ 16: 40؛ 20: 1، 2) .
(4) مضمون النبوة المسيحية: إن المضمون الأساسي للنبوة المسيحية، هو -كما سبق التنويه- الوعظ والتشجيع (1 كو 14: 3)، كما كانت أحيانًا لإرشاد المؤمنين في اتخاذ القرارات الهامة. فعن طريق الأنبياء أعلن الروح القدس اختياره لبولس وبرنابا للعمل الذي دعاهما إليه (أع 13: 1-3؛ ارجع أيضًا إلى 1 تي 1: 18؛ 4: 14) . والأرجح أنه عن طريق النبوة أيضًا، منع الروح القدس بولس وتيموثاو س من الكرازة في أسيا (أع 16: 6)، كما منعهم من الذهاب إلى بثينية (أع 16: 7).
كما كان التنبؤ أحيانًا يتضمن أحداثًا في طي المستقبل، كما تنبأ أغابوس عن المجاعة العالمية (أع 11: 28)، وبإلقاء القبض على الرسول بولس في أورشليم (أع 21: 11؛ ارجع أيضًا إلى 20: 23). كما أن سفر الرؤيا يحتوي على نبوات عن الأيام الأخيرة، ليس لإشباع فضول من كتب إليهم، بل لتعزيتهم وتشجيعهم في وسط الاضطهادات والتجارب المحيطة بهم.
(5) والآن
حيث ليس ثمة أنبياء بمفهوم العهد القديم، فإن لنا في
كلمة
الله كل ما يلزم للعبادة والخدمة والحياة، "لأن كل ما سبق فكتب، كتب لأجل
تعليمنا حتى بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء" (رو 15: 4) لأن "كل الكتاب هو موحى به من
الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي
في البر، لكي يكون إنسان
الله كاملًا متأهبًا لكل عمل صالح" (2 تي 3: 16، 17).
* انظر أيضًا: نبي | أنبياء | نبوة، الأنبياء الصغار، نبي كذاب، نبوات عن الأمم القديمة، نبوات عن الشعب اليهودي، أسفار الأنبياء الصغار، الأنبياء الكبار، أسفار الأنبياء الكبار، نبوات العهد القديم التي تمت، نبية | نبيات.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9mq8wy9