دعنا أولًا نضع الآيات المتعلقة بهذا الموضوع، مع روابط للأصحاح كاملًا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت(*)، حتى تستطيع أن تدرس الأمر بصورة أوضح:
حول كون يثرون كاهنًا: "وَكَانَ لِكَاهِنِ مِدْيَانَ سَبْعُ بَنَاتٍ، فَأَتَيْنَ وَاسْتَقَيْنَ وَمَلأْنَ الأَجْرَانَ لِيَسْقِينَ غَنَمَ أَبِيهِنَّ.. وَأَمَّا مُوسَى فَكَانَ يَرْعَى غَنَمَ يَثْرُونَ حَمِيهِ كَاهِنِ مِدْيَانَ" (سفر الخروج 2: 16؛ 3: 1).
حادثة الختان: "وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ»" (سفر الخروج 4: 24-26).
تفاسير الأصحاح الرابع من سفر الخروج كما رأيت تحدثت عن صفورة بكونها امرأة "غريبة الجنس".. وكلمة "غريب" كما ترى في قاموس الكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت تعني في هذه الحالة أي شخص غير يهودي الأصل.. فالسيدة راعوث أيضًا تعتبر غريبة الجنس.. وهكذا كثيرين.. فليس في الأمر اتهام أو تقليل من الشأن عن الحديث عن الشخص، بل هو إقرارًا لحقيقة.. وكان بالفعل غرباء الجنس ذو مستوى أقل في نظر اليهود، حتى اليهود الجُدد (الدخلاء) لم يكونوا على نفس المستوى من الحقوق والواجبات كاليهودي الأصلي.. وكل شخص غير مصري مثلًا هو شخص غريب الجنس عن المصريين أو أجنبي..
فهي غريبة الجنس لأنها من شعب مديان.
ونرى في (سفر العدد 12: 1) أن موسى النبي قد تزوج بكوشية (حبشية)، ويقول بعض الدارسين أنه ربما تكون هي نفسها صفورة، وكانت من أصل إثيوبي. بل أن الموسوعة اليهودية The Jewish Encyclopedia تتحدث صراحة عن الاثنين كشخص واحد.
يبدو أن صفورة زوجة موسى خافت على ابنها من آلام الختان فرفضت ختانه ويبدو أن موسى قد استجاب لها. وهذه نقطة ضعف في حياة هذا العملاق.. فبسبب أن موسى -ناقل شريعة الله للبشر- هو نفسه خالف الناموس في هذه النقطة، فيبدو أن الله كان سيعاقبه أو ينبهه لهذه النقطة، ورأينا كيف كان سيتم قتل ابن موسى (أو ربما موسى نفسه)، وغالبًا فهم الزوجان أن سبب الأمر أنه عقابًا على تعديهم الناموس في موضوع الختان هذا، فأسرعت صفورة زوجة موسى بختان ابنها تلافيًا للعقاب الذي كان سيصيبه (أو يصيب موسى نفسه، حيث قالت له: "إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي").
ومادامت قامت أمه جرشوم بهذه العملية لابنها، فبالتأكيد ليس شرطًا أن يكون القائم هو رجل دين، أو حتى ذكر بالذات.. وإلا كان موسى نفسه هو الذي قام بعمل هذه العملية لابنه..
القيام بعملية الختان ليس شرطًا أن يكون الشخص رجل دين.. بل الكتاب يوضح أنه من الممكن أن يكون الأب نفسه هو القائم بهذه العملية.. وحاليًا يوجد شخص خاص يقوم بهذه العملية عند اليهود اسمه "مويل" أو "موهيل" מוהל وبالإنجليزية Mohel، ويكون شخص دارس لهذه العملية، مع الطقوس اليهودية المحيطة بها.. وكثير منهم يكونوا أطباء أو حاخامات rabbis أو كلاهما، ومعلمون.. وأيضًا حاليًا عند اليهود (عدا اليهود التقليديين Orthodox Judaism) إمكانية لأن تكون القائمة بهذه العملية امرأة..
أما حول نقطة الكهنة اللاويين.. فشرائع اللاويين وكونهم من سبط لاوي فقط جاء في عصر محدد، ولكن هذا لا يعني عدم وجود كهنوت من الأساس في العصور السابقة لوجودهم..
يثرون كان كاهنًا مديانيًا، وربما لم يكن يهوديًا أيضًا.. ولكن هذا لا يعني أنه لم يكن مؤمنًا، أو أنه لم يكن باستطاعته تقديم الذبائح.. فأيوب البار مثلًا لم يكن يهوديًا وكان يقوم بتقديم الذبائح قبل عصر الكهنوت.. والخدمة الكهنوتية كانت موجودة منذ عصر الآباء، وكان يقوم بها رأس العائلة؛ فقد قام بها نوح (تك 8: 20 و21)، وإبراهيم (تك 12: 8، 13: 4 و18، 22: 1-13)، وأيوب (أي 1: 5)، وغيرهم..
ثم نرى في نهاية القصة في (سفر الخروج 18) كيف كان يثرون يتابع قصة خروج بني إسرائيل من أرض مصر، وماذا صنع الرب معهم، وكل العجائب الإلهية.. وقد بارك الرب أكثر من مرة: "مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي أَنْقَذَكُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ وَمِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ. اَلَّذِي أَنْقَذَ الشَّعْبَ مِنْ تَحْتِ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ"، واعترف للرب صراحةً قائلًا: "الآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ أَعْظَمُ مِنْ جَمِيعِ الآلِهَةِ"، وبل وأصعد محرقات وذبائح بعدها: "فَأَخَذَ يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى مُحْرَقَةً وَذَبَائِحَ لله"..
وأكثر من هذا نرى كيف بعد ذلك نصح يثرون موسى نصيحة، وسمعها موسى، وذلك في فن إدارة الأعداد الكبيرة وكيفية الحُكم، وإقامة قضاة بني إسرائيل..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5qdhvs4