34- مجمع أفسس: 3- الرد أفكار نسطور الهرطوقي

وتعقيبًا على ذلك فإن كل المشكلة التي يثيرها هذا الهرطوقي ينحصر حلها حسب شرح القديس كيرلس الكبير في أن الله الكلمة قد اتخذ طبيعة إنسانية كاملة بلا خطية وجعلها واحدًا مع لاهوته في شخصه الخاص، أي أنها قد تَشَخْصَنَت فيه personalized in Him  وصار له في تجسده وهو نفسه الله الكلمة كل ما للطبيعة البشرية من خصائص ما خلا الخطية وحدها. فإذا تألم فإنه يتألم في جسده الخاص وإذا مات بانفصال روحه الإنساني من جسده البشرى فإنه يموت بحسب إنسانيته، أو يموت بالجسد، وليس بحسب ألوهيته، لأن اللاهوت لا يتأثر بهذا الموت. فنحن لا ننسب الموت إلى اللاهوت أي إلى الطبيعة الإلهية.

هناك فرق بين أن ننسب الموت إلى الله الكلمة باعتبار أنه هو نفس الشخص الذي تجسد، وبين أن ننسبه إلى طبيعة الله الكلمة الإلهية، بل كما قال القديس كيرلس أن كل ما ينسب إلى جسد الله الكلمة الخاص فإنه ينسب إليه. إننا نقول أن الله الكلمة مات، أي مات بحسب الجسد، ولا نقول إطلاقًا أن لاهوت الله الكلمة قد مات. وهنا يكمن الفرق الأساسي بين ما نعلّم به وبين ما ينسبه إلينا نسطوريوس.

نقول إن الله الكلمة ولد من العذراء "التي ولدت الله الكلمة بالحقيقة"، ولكن لا نقول أن لاهوت الله الكلمة قد اتخذ له بدءًا من العذراء مريم. بل نقول إن الله الكلمة قد تجسد في بطنها وولد منها بحسب الجسد أو بحسب طبيعته الإنسانية دون أن يتغير في ألوهيته. {لم يزل إلهًا أتى وصار ابن بشر لكنه هو الإله الحقيقي أتى وخلصنا} (من ثيئوطوكية الخميس qeotokia في تسبحة نصف الليل).

شرح: إذا افترضنا وجود شخص اسمه جرجس وقد ضُرب، نقول ضُرب جسد جرجس. ما الذي ضُرب؟ جسد جرجس. من الذي ضُرب؟ جرجس. وهكذا نقول أن الله الكلمة اتخذ جسدًا صار هو جسده الخاص، فنقول ضُرب جسد الله الكلمة، فما الذي ضُرب؟ جسد الله الكلمة. من الذي ضُرب؟ الله الكلمة، وليس لاهوت الله الكلمة.

إذا عدنا مرة أخرى إلى جرجس، جرجس هذا له جسد وله روح وهو شخص واحد، لكن إذا قلت ما الذي ضُرب تتحدد الإجابة بأنه جسد جرجس هو الذي ضُرب، لأن روحه لم يصبها الضرب. أما إن قلنا من الذي ضُرب فنقول جرجس. أي شخصه هو الذي ضُرب. هذه المقولة يفهمها طفل لا يتعدى عمره السبع سنوات ولم يفهمها بطريرك القسطنطينية.

ما الذي صُلب؟ الذي صلب هو جسد الرب يسوع المسيح. من الذي صُلب؟ الذي صلب هو يسوع المسيح. وحينما نقول أن الله الكلمة تجسد وظهر في الجسد، من إذن الذي ولد من العذراء؟ الذي ولد من العذراء هو الله الكلمة. ما الذي ولد من العذراء؟ جسد الله الكلمة المتحد باللاهوت. فكل ما يقال عن جسد الله الكلمة نقصد به الجسد المتحد باللاهوت.

لقد حاول البابا كيرلس عمود الدين كثيرًا أن يشرح ويوضح الأمور لنسطور دون جدوى. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وقال له أن ما ينسب إلى جسد الله الكلمة ينسب إلى الله الكلمة. وقال له: يعتبر فاقد العقل من يقول أن اللاهوت تغير أو أنه اتخذ بدء من العذراء أو أن اللاهوت تألم. وقال له: لأننا نقول أن من ولد من العذراء هو الله الكلمة لذلك لابد أن نسميها والدة الإله على اعتبار أن من ولد منها ليس آخر. لأن "يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد" (عب13: 8).

منذ الأزل هو يسوع المسيح ابن الله، وفي قانون الإيمان الذي يعترف به نسطور نفسه نقول "نؤمن برب واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور". فهل ولد يسوع الناصري من الآب قبل كل الدهور؟ للرد نقول أن الذي ولد من العذراء هو نفسه المولود من الآب قبل كل الدهور ومن هنا أتى البابا كيرلس عمود الدين بقاعدته الذهبية حينما قال: إن الله الكلمة له ميلادان الأول من الآب قبل كل الدهور بحسب اللاهوت، والثاني من العذراء في ملء الزمان بحسب الناسوت.

فكيف يقبل نسطور قانون الإيمان النيقاوي-القسطنطيني (نيقية 325 م. والقسطنطينية 381 م. ونسطور حوكم 431 م.). لم يرتقى إلى الكرسي البطريركي إلا بعد أن أقر قانون الإيمان النيقاوي-القسطنطيني.

35- الصراعات الكريستولوجية في القرنين الرابع والخامس وما تلاها من تطورات حتى العصر الحالي

المجامع المسكونية المطران الأنبا بيشوي

2- أفكار نسطور الهرطوقية