وهنا نقف أمام سؤالين:
1- هل مياه بخار الماء كانت هي المصدر الوحيد للأمطار؟
2- إذا كانت الرياح غير موجودة في جو ما قبل الطوفان، فكيف حدث هذا التكاثف المفاجئ والكلي للأبخرة الموجودة في المظلة؟
عندما يبدأ الكتاب المقدس حديثه عن الطوفان، يتحدث أولًا عن المياه الجوفية وتحت السطحية قبل أن يتحدث عن الأمطار.
"انفجرت كل ينابيع الغمر العظيم، وانفتحت طاقات السماء" (تك11:7). وهنا يؤكد الكتاب أنه كان يوجد مخزون آخر للمياه ليس على هيئة أبخرة محيطة بالأرض، ولكن على هيئة مياه مضغوطة تحت القشرة الأرضية، ويؤكد العلماء أنها كانت مياه ساخنة واقعة تحت ضغط شديد.
وقام العلماء بدراسة أسباب إنطلاق هذه المياه المخزونة وحدوث الطوفان. ويقترح د. موريس تفسيرًا بسيطًا أن المياه المخزونة تحت القشرة الأرضية انفجرت فجأة في نقطة ضعيفة من الشفرة الأرضية، ويلاحظ أن أي انهيار في نقطة محدودة يمكن أن يتسبب في لسلة متوالية من ردود الأفعال تؤدي إلى انهيارات عديدة في أماكن متفرقة من العالم.
كما يقول د. موريس أنه في حالة حدوث حركات أرضية قد تؤدي إلى تكاثف الأبخرة، فينتج عنها تساقط كميات كبيرة من الأمطار. ويذكر أمثلة عملية معاصرة لذلك منها ثورة بركان كراكاتورا Krakatau سنة 1883، والذي يقع بين جزر جاوه وسومطره، والذي ذكرته الموسوعات العلمية البريطانية Encyclopedia Britannica في طبعتها الحادية عشر سنة 1910. وأيضًا ذلك في موسوعة فنك وواجنل Funck & Wagnll's سنة 1960، ولقد كانت أعنف ثورة بركانية عرفها التاريخ في العصر الحديث، وكان يشكل 18 ميلًا مربعًا، ودمر الجزء الأكبر من الجزيرة. ولقد أحدث دوى أحد انفجاراته أعلى دوى سمعه الإنسان؛ إذ سمع صوته على مسافة 3000 ميلًا! ولقد شعر العالم كله بذبذبات الضجة التي أحدثها الانفجار والزلزال المصاحب له، وأثناء الانفجار ارتفع الغبار وقطع الصخور إلى ارتفاع وصل إلى 17 ميلًا، والأكثر من هذا أن الحبيبات الدقيقة من الغبار التي اندفعت إلى الطبقات الأعلى من الغلاف الجوي انتشرت في معظم أنحاء الأرض!
وفي باندونج Bandong (على بعد 150 ميلًا من مركز الانفجار) أظلمت السماء بسبب الرماد المتصاعد حتى أن الناس اضطروا إلى استخدام المصابيح في المنازل وقت الظهيرة، واستمر تساقط الغبار البركاني على الأرض مرة أخرى مدة 3 سنوات بمعدل 14 مليون طن في السنة! وقد أدى البركات إلى تكوين موجات مدية بلغ ارتفاعها 50 قدمًا، وأدت إلى إهلاك أكثر من 36000 شخصًا على طول سواحل سومطره وجاوه. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولقد سبب الغبار انخفاضًا في درجة الحرارة لمدة سنتين أو ثلاثة، كما نتجت عنه أمطار على الكرة الأرضية خلال الستة أسابيع التالية للانفجار.
ويقدم العلماء هذا الانفجار كدليل علمي يؤكد اندفاع المياه من تحت الأرض أيام الطوفان وارتباطها بفتح طاقات السماء وسقوط أمطار غزيرة لمدة 40 يومًا ثم بدأت تقل بالتدريج.
ويضيف الجيولوجي البريطاني ديفيز L. M. Daves أنه حدثت انخفاضات في سطح الأرض في أماكن كثيرة مما ساعد على غمر الأرض كلها بالماء. ربما كانت نتيجة إحداث فراغات تحت سطح الأرض نتيجة لخروج المياه منها...
ويقول د. فريدريك فيلبي Dr. Fredrick Filpy في كتابه إعادة النظر في الطوفان: من الواضح أن العبارة صحيحة، فإما أن تهبط الأرض أو يرتفع مستوى الماء... وكلاهما يؤكد أن الانخفاضات الأرضية كانت مصاحبة لأحداث الطوفان.
ويعتقد د. فيلبي أن جزءًا كبيرًا من جنوب شرق آسيا هبط بالفعل ولم تبق منه سوى بعض الجزر كسومطره وبورينو وجاوه وأيضًا أشباه الجزر، وأن الأرض في تلك المناطق كانت قبلًا متصلة، ولكن نتيجة للحركات الأرضية انخفض كثير منها.
ومثال لذلك بحر اليابان والبحار الصفراء بالقرب من الصين، والتي كانت قبلًا مرتفعة ولكنها انخفضت.
والبحر الأحمر يعطينا صورة واضحة للانخفاضات الشديدة في الأرض؛ إذ تحدث في فترة من الزمان نتيجة لسلسلة من الفوالق تؤدي إلى انخفاض جزء كبير من القشرة الأرضية تمتلئ بعدئذ بالماء.
وهكذا نرى ثلاثة عوامل لعبت دورًا رئيسًا في حدوث الطوفان الشامل، وهي:
1- مظلة بخار الماء التي كانت تغطي الأرض.
2- خزانات المياه المضغوطة تحت الأرض.
3- هبوط كتل كبيرة من اليابسة وبالتالي ارتفاع البحار.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/m7dhwpt