قصد الله أن يشرح العهد الجديد في أحداث العهد القديم، 1) وهذا جعل العهد القديم وسيلة إيضاح لعمل السيد المسيح. 2) رأينا أن فكر الله في الفداء هو خطة أزلية. لذلك *نجد نبوات واضحة عن كل ما عمله المسيح. ونجد *أشخاصًا يرمزون لشخص السيد المسيح. *ونجد أحداثا تشرح معنى الفداء وذبيحة الصليب (راجع مقدمة سفر التكوين). واهتم الرب بأن تكون هناك رموزًا واضحة في العهد القديم تشير لعمل السيد المسيح.
ونرى مدى اهتمام الرب بموضوع الرموز في حادثة حرمان موسى العظيم في الأنبياء حينما خالف أمر الله، وضرب الصخرة ليخرج منها ماء بدلًا من أن يكلمها ويطلب الماء. وغضب الله من ذلك بل قال عن فعل موسى وهارون "أنتما لم تؤمنا بي حتى تقدساني أمام أعين بني إسرائيل" (عد20: 6-13). موسى كان يضرب الصخر لمدة 40 سنة فيخرج ماء ليشربوا. وكان ضرب الصخرة رمزًا لصلب المسيح لينسكب الروح القدس على الكنيسة. ولكن ضرب الصخرة ذُكِر مرة واحدة مع أنه كان يحدث دائمًا. وذكر الحادثة مرة واحدة كان يشير لأن المسيح سيصلب مرة واحدة ويتم الصلح بين الله والبشر، وينسكب الروح القدس على الكنيسة. وشرح الله أن الروح القدس بعد ذلك سيملأنا بأن نطلب من الله الإمتلاء "يعطي الروح القدس للذين يسألونه" (لو13:11)، وكان ذلك بأن طلب الله من موسى أن يطلب من الصخرة أن تخرج ماء (كان الماء يرمز للروح القدس يو7: 37-39. والصخرة ترمز للمسيح 1كو4:10) فلما ضرب موسى الصخرة كان هذا رمزًا لصلب المسيح ثانية. ولاحظ غضب الله على موسى بسبب هذا الخطأ، بينما أن 1) موسى كان معتادا على ذلك لمدة40 سنة. 2) موسى فعل هذا وهو لا يعرف معنى ما عمله. 3) موسى عمل هذا وهو في حالة غيظ من الشعب وثائرا عليهم بسبب تمردهم على الله، أي أنه كان حسب فكره يقدس الله. من هذا نفهم اهتمام الرب بموضوع الرموز.
لذلك فمن الخطورة أن يُعلن الله من خلال الرموز الموجودة في العهد القديم عقائد مهمة ونهملها فهي تشرح حقائق إيمانية تخص حياتنا وثباتنا في المسيح.
1- شجرة الحياة: تشير لجسد المسيح الذي من يأكله يحيا للأبد (تك3: 22 + يو6: 51 + رؤ1: 7). والإشارة للأكل من شجرة الحياة فيحيا الإنسان للأبد هو إشارة أن هناك أكل يعطي حياة أبدية.
2- ملكي صادق: وهذا كان كاهنًا لله العلي وأخرج خبزًا وخمرًا... (تك18:14) وكهنوت المسيح كان على هذا الطقس (مز4:110). وليس على الطقس الهاروني الذي يقدم ذبائح حيوانية. وذبيحة هرون الدموية كانت ترمز لذبيحة الصليب، وتقدمة ملكي صادق هي غير دموية تشير لذبيحة الإفخارستيا. وملكي صادق لم يكن له نسل وكهنة تسلموا منه بخلاف هرون الذي مات وتسلم أولاده بعده وذلك إشارة لأن كهنوت المسيح باقٍ للأبد. فذبيحة المسيح قدمت مرة واحدة ولن يُصْلَب المسيح ثانية، ولكن الإفخارستيا هي ذبيحة لا ينقطع تقديمها للأبد.
3- نبوة يعقوب لإبنه يهوذا (تك49): راجع التفسير في مكانه في سفر التكوين هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
4- بركة إسحق ليعقوب (تك27): كانت نبوة عن أن المسيح سيأتي من نسل يعقوب الذي له ندى السماء وكثرة حنطة وخمر (فبالمسيح إنسكب على الكنيسة الروح القدس، أما الحنطة والخمر فهما إشارة لجسد المسيح ودمه حياة للكنيسة). أما عيسو فقد حُرِم من كل هذا فالمسيح لن يأتي من نسل كليهما. بل أن كلمتي الحنطة والخمر مكررتين كثيرًا في العهد القديم لهذا الغرض [مثلًا (زك9: 17)].
5- يوسف: عمل مخازن للقمح أشبع بها العالم ليحيا العالم ويصير مخلص العالم.
6- خروف الفصح: (خر12) وهذا ملئ بالرموز عن المسيح ويرجى الرجوع لتفسير سفر الخروج. وبولس الرسول يقول عن المسيح أنه "فصحنا" (1كو5: 7). ونلاحظ أنه بالدم نجا الأبكار ... ولكن هل كان الدم وحده ينجي؟! بل "لكن من كان طاهرًا وليس في سفر وترك عمل الفصح تقطع تلك النفس من شعبها لانها لم تقرب قربان الرب في وقته. ذلك الإنسان يحمل خطيته" (عد9: 13). وكيف يُعمل الفصح؟ 1) يذبح الخروف ويُدهن الباب بالدم، ومن لا يدهن بابه بالدم عن عدم إيمان بالدم الذي ينجي مات. 2) فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّانِي، فِي ٱلْيَوْمِ ٱلرَّابِعَ عَشَرَ بَيْنَ ٱلْعَشَاءَيْنِ يَعْمَلُونَهُ. عَلَى فَطِيرٍ وَمُرَارٍ يَأْكُلُونَهُ" (عد11:9). فمن لا يأكل إذًا لن يكفيه الدم الذي على القائمتين والعتبة العليا. ونقول لأحبائنا الذين يقولون بكفاية الإيمان للخلاص – إن الإيمان وحده لا يكفي بل هناك شرط الأكل من جسد المسيح فصحنا (1كو7:5) في سر الإفخارستيا. وكان الفصح يؤكل في البيت إشارة للكنيسة (خر12: 46). ولا يأكله سوى المختون إشارة للمعمودية أولًا ثم التناول. وخروف الفصح كان تحت الحفظ (من 10 - 14 نيسان) وهي مدة يفحصونه فيها لئلا يكون به عيبا، فالمسيح المرموز إليه بلا خطية. ويوم 14 في الشهر يوم اكتمال البدر رمز الإستنارة التي تحدث بالتناول كما حدث مع تلميذيّ عمواس إذ عرفوا المسيح عند كسر الخبز، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ولاحظ قول الكتاب "يذبحه كل جمهور جماعة إسرائيل" (خر12: 6). فمع أن الخراف التي تقدم بالألاف نجد القول هنا بالمفرد إشارة للمسيح الذي قدمه جمهور إسرائيل. وكان يأكل الفصح عدة عائلات رمز لسر الشركة. والشوي بالنار إشارة لألام الرب الرهيبة.
7- (إش55: 1 - 3): "أيها العطاش جميعًا هلموا إلى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن (فلا يقدر بثمن) خمرًا ولبن. لماذا تزنون فضة لغير خبز وتعبكم لغير شبع. استمعوا لي استماعا وكلوا الطيب ولتتلذذ بالدسم أنفسكم أميلوا آذانكم وهلموا إليَّ. اسمعوا فتحيا أنفسكم واقطع لكم عهدًا أبديًّا (هو العهد الجديد بدم المسيح الذي شربه التلاميذ مت26: 28) مراحم داود الصادقة".
8- (إش6: 6): الجمرة التي على المذبح التي تطهر هي جسد المسيح المتحد بلاهوته يلمس شفاهنا ونأكله فنتطهر. والملقط يرمز للمستير (الملعق) الذي نتناول به الدم من الكأس.
9- (إش19:19-21): "في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر... ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة". ها نحن أمام ذبيحة ومذبح في مصر وهما ليسا ذبائح ومذبح وثنيين، فهو مذبح للرب. وهما ليسا مذبح وذبيحة يهوديين، فبحكم الشريعة لا يمكن إقامة مذبح للرب خارج أورشليم (تث12: 5 ، 11 ، 13 ، 14 ، 18). إذًا هو المذبح المسيحي والذبيحة هي الإفخارستيا).
10- (ملا11:1): "لأنه من مشرق الشمس إلى مغربها اسمي عظيم بين الأمم وفي كل مكان يُقرًّب لاسمي بخور وتقدمة طاهرة" والتقدمة سيقدمها الأمم وفي كل مكان، إذًا هي ليست تقدمة يهودية بل الإفخارستيا.
11- ولذلك سيكون هناك كهنة من بين الأمم ليقدموا هذه التقدمة "وأتخذ منهم كهنة ولاويين" (إش66: 20 ، 21). أولًا لو كان الكل كهنة كما يقول الإخوة البروتستانت فلماذا التمييز هنا بينة كهنة ولاويين. ثانيًا طالما يقيم الله كهنة فهناك ذبيحة، لأن عمل الكاهن تقديم ذبيحة، والفعل يكهن معناه تقديم ذبيحة. والذبيحة هنا هي ذبيحة الإفخارستيا. ويقول الرب "لأن بيتي بيت الصلوة يُدعى لكل الشعوب" (إش7:56) وإرمياء أطلق على هذا اسم "العهد الجديد" (إر31:31) .
12- (إر33: 17 ، 18، 21،20): "لأنه هكذا قال الرب. لا ينقطع لداود (المقصود المسيح ابن داود) إنسان يجلس على كرسي بيت إسرائيل. ولا ينقطع للكهنة اللاويين إنسان من أمامي يصعد محرقة ويحرق تقدمة ويهيئ ذبيحة كل الأيام" هذه لا تنطبق على اليهود الذين توقفت ذبائحهم بعد خراب الهيكل سنة 70م. إذًا هذه النبوة عن كنيسة المسيح.
13- من رموز الإفخارستيا المن الذي نزل من السماء وخبز الوجوه، لكن من أكل من هذا مات أما من يأكل من جسد المسيح فيحيا للأبد. وأمرهم الله أن يحتفظوا بجزء من المن الذي كانوا يأكلونه في قسط ذهبي للذكرَى، فهو تذكار من نفس الشيء. وكان يحفظ في تابوت العهد (عب9: 4). واحتفظوا به سنينا طويلة ولم يفسد ولم يُدَوِّد. أما خبز الوجوه فكان الكهنة فقط هم الذين يأكلونه. أما نحن الآن، فالكنيسة كل شعبها كهنة بالمفهوم العام لذلك صار الكل يتناولون من الإفخارستيا. لقد حدث ارتقاء في الدرجات في العهد الجديد عن العهد القديم:-
العهد القديم: كان الشعب يقف في الدار الخارجية والكهنة في القدس ورئيس الكهنة وحده يدخل قدس الأقداس مرة واحدة في السنة.
العهد الجديد: صار الشعب يدخل الكنيسة (القدس) فهم كهنة بالمفهوم العام. والكهنة يدخلون الهيكل (قدس الأقداس). ورئيس كهنتنا الأعظم المسيح في المجد عن يمين الآب.
بعد المجيء الثاني: الكل في المجد.
14- (أم1:9-5): الحكمة (المسيح أقنوم الحكمة) (1كو24:1) بنت بيتها (الكنيسة). نحتت أعمدتها السبعة (أسرار الكنيسة وبها تُبْنَى الكنيسة). ذبحت ذبحها مزجت خمرها (الإفخارستيا) أيضًا رتبت مائدتها. أرسلت جواريها (الكهنة خدام الأسرار) تنادي من هو جاهل فَلْيَمِل إلى هنا. والناقص الفهم قالت له. هلموا كلوا من طعامي واشربوا من الخمر التي مزجتها.
15- (مز5:23): "ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقيَّ" فقبل المسيح كان الشياطين مضايقو الإنسان يعدون له موائد خاطئة تشبع غرائزه وتقتله، أما المسيح فأعد لنا مائدة مشبعة تعطينا حياة أبدية. والآن فحين يشتكي علينا الشيطان المشتكي بأن لنا خطية تستوجب موتنا، يجد المسيح قد أعطانا هذه المائدة غفرانًا للخطايا وحياة أبدية.
16- كانت كل الذبائح في العهد القديم (الفصح في سفر الخروج والمحرقة والخطية والإثم والسلامة وتقدمة الدقيق في سفر اللاويين والبقرة الحمراء في سفر العدد) تشير لذبيحة الصليب. كل ذبيحة منها تشير لجانب من جوانب ذبيحة الصليب. لكن ذبيحة السلامة بالذات تشير لذبيحة الإفخارستيا فالكل كان يأكل منها (راجع تفسير الذبائح في أماكنها بكل سفر).
17- هناك مذبح البخور وهو مذبح بلا ذبيحة دموية إشارة لمذبح مسيحي بلا سفك دم.
18- (خر11:24): "فرأوا الله وأكلوا وشربوا" كما أكل التلاميذ وشربوا أمام المسيح. وهكذا نحن أيضًا في كل قداس نأكل ونشرب أمام الله.
19- كان قايين عاملًا في الأرض أي مزارعًا يزرع الأرض ليأكلوا. أما هابيل فكان راعيا للغنم. فما فائدة الغنم لهم وأكل اللحوم لم يكن مسموحا به إلا بعد الطوفان؟ كان هذا ليقدموا من الغنم ذبائح باستمرار لاسترضاء الله إذا أخطأوا، وهذا كما علم الله أباهم آدم. وهكذا فالإفخارستيا ذبيحة دائمة لغفران الخطايا وتثبتنا في الحياة الأبدية.
20- من الصور الواضحة الجميلة للكنيسة التي تحيا بحياة المسيح التي تحصل عليها من الإفخارستيا، جسد المسيح ودمه نجدها في (زك9: 13 - 17). وجسد المسيح ودمه يقول عنهم هنا (الحنطة والمسطار أي الخمر). ونرى هنا فرحة المسيح بكنيسته التي تحمل صليبها ساكبة حياتها حبًّا فيه (راجع التفسير في مكانه).
21- برجاء مراجعة شرح مائدة خبز الوجوه في (خروج 25).
كان يقدم على هذه المائدة 12 خبزة تحمل على مائدة رخامية أولًا ثم توضع على مائدة خبز الوجوه داخل القدس يوم السبت ويوضع معها كاسات خمر. وتترك إلى السبت التالي. ثم يحملون الخبز الذي تقدس على مائدة ذهبية ليأكله الكهنة ويشربون الخمر الذي كان على المائدة. ثم يضعوا مكانه خبزًا جديدًا. وكان حمل الخبز على مائدة رخامية أولًا لأنه لم يتقدس بعد بوضعه أمام الله مدة أسبوع، وبعد الأسبوع يحملون الخبز بعد أن تقدس على مائدة ذهبية. وإعتبر اليهود أن الخبز والخمر بعد أن يتقدسا يتحولان إلى خبز وخمر supernatural ولهما خواص تفوق الطبيعة. بل كانوا في الأعياد يأخذون المائدة ويباركون بها الشعب. وقيل أن قطعة من الخبز في حجم الزيتونة تصبح مشبعة بعد أن تبارك الخبز (هكذا كانوا يعتقدون). ويُسَمَّى الخبز الذي يوضع على مائدة "خبز الوجوه" (خبز الحضرة / خبز وجه الله) إذ أنه يوضع أمام وجه الله وفي حضرته فيباركه ويقدسه، فيقدس من يأكله. وعدد 12 خبزة تعلن أن الله ملتزم بإشباع شعبه. ولاحظ أن ما يحدث هنا هو تكرار لما حدث حينما أكل شيوخ إسرائيل وشربوا في حضرة الله في سيناء فكانوا في مأدبة سماوية في حضرة الله(خر24: 9-11). وهذا بالضبط ما يحدث في سر الإفخارستيا أن الله يقدس الخبز والخمر ويحولهما لجسده ودمه ويأكل شعبه منهما ويشرب في حضرته (الشعب صاروا كهنة بالمفهوم العام).
هل بعد كل هذا ... يأتي المسيح ويقول لهم أن الخبز والخمر مجرد رموز ولا يوجد فيهما تقديس ولا أي بركة بل فقط لنتذكر ما حدث ليلة خميس العهد!!!
22- في هيكل حزقيال (حز40-حز48) الذي هو رمز للكنيسة هيكل جسد المسيح، ذكر الوحي صراحة أن ما يقدم على المذبح المسيحي هو ذبيحة لتأكل، فقال عنه أيضًا أنه مائدة. المذبح يقدم عليه ذبيحة، والمائدة يقدم عليها طعام يؤكل "اَلْمَذْبَحُ مِنْ خَشَبٍ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ ٱرْتِفَاعًا، وَطُولُهُ ذِرَاعَانِ، وَزَوَايَاهُ وَطُولُهُ وَحِيطَانُهُ مِنْ خَشَبٍ. وَقَالَ لِي: «هَذِهِ ٱلْمَائِدَةُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ" (حز41: 22). وهذا هو مذبحنا الآن نقدم عليه ذبيحة الإفخارستيا التي نأكلها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/m7gxt66