كان ميلاد السيد المسيح وما ذكره تلاميذه في بشائرهم من الظروف التي أحاطت بهذا الميلاد، مقترنًا بأحداث تاريخية معروفة ولا سيما في تاريخ الدولة الرومانية التي كانت تسيطر حينذاك على بلاد اليهود، ومن ثم أصبح من الممكن تحديد التاريخ الذي ولد فيه السيد المسيح. بيد أن المسيحيين لم يبدأوا في وضع تقويمهم على أساس ميلاد السيد المسيح إلا بعد أن توقفت الدولة الرومانية عن اضطهادهم وأوقفت المذابح التي كانت تروَى فيها الأرض بدمائهم. ثم أصبحت المسيحية هي الديانة الرسمية للدولة الرومانية.
ففي منتصف القرن السادس بدأ راهب روماني يُسَمَّى ديونيسيوس اكسيجونوس Dionysius Exiguus ينادي بوجوب أن يكون ميلاد السيد المسيح هو بداية التقويم بدلًا من التقويم الروماني الذي كان يبدأ بتأسيس مدينة روما، والذي كان سائدًا في جميع أنحاء الدولة الرومانية. وبالفعل نجح هذا الراهب في دعوته فبدأ العالم المسيحي منذ سنة 532 ميلادية يستخدم التقويم الميلادي.
أراد ديونيسيوس أن يكون ابتداء التاريخ هو سنة ميلاد السيد المسيح له المجد متخذًا المدة الفيكتورية وهي 532 سنة (28 × 19) أساسًا.
وبعد أن أجرى حِسابًا وصل إلى أن السيد المسيح ولد سنة 753 لتأسيس مدينة روما.
ولكن ديونيسيوس أخطأ في حسابه إذ أنه ثبت للباحثين فيما بعد أن التقويم الذي وضعه لميلاد السيد المسيح يتضمن فرقًا قدره نحو أربع سنوات لاحقة لتاريخ الميلاد الحقيقي، أي أن تاريخ ميلاد السيد المسيح يسبق السنة الأولى من ذلك التقويم بنحو أربع سنوات.
وقد أستند الباحثون في ذلك إلى أدلة كثيرة منها:
إن السيد المسيح ولد قبل وفاة هيرود الكبير ملك اليهود إذ جاء في إنجيل متى "ولد يسوع في بيت لحم التي بإقليم اليهودية في أيام هيرودس الملك" (متى 2: 1)، ولما كان المؤرخ اليهودي يوسيفوس - الذي عاش في فترة قريبة العهد من تلك الفترة - قد حدد تاريخ موت هيرودس بسنة 750 رومانية وهي تقابل سنة 4 قبل الميلاد، وبذلك لا يمكن أن يكون ميلاد السيد المسيح لاحقًا لهذا التاريخ وإنما الراجح بناء على القرائن الواردة في البشائر - أنه ولد في أواخر سنة 5 أو أوائل سنة 4 قبل الميلاد (أي في أواخر سنة 749 رومانية أو أوائل سنة 750 رومانية).
حسب ما ورد في إنجيل لوقا إذ يقول "بدأ السيد المسيح خدمته الجهارية في السنة الخامسة عشرة من حكم طيباريوس قيصر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكان حين ابتدأ يبشر في الثلاثين من عمره (لوقا 3: 1، 3، 21، 23) ولما كان طيباريوس قيصر قد حكم الدولة الرومانية سنة 765 رومانية يكون السيد المسيح قد بلغ الثلاثين من عمره بعد خمسة عشر عامًا هذا التاريخ، أي في سنة 780 رومانية. وبذلك يكون قد ولد سنة 750 رومانية أي سنة 4 قبل الميلاد.
بعض المؤرخين القُدامى، ومنهم سافيروس سالبيشيوس، ونيكونورس كاليستوس قروا أن تاريخ ميلاد السيد المسيح كان قبل مقتل الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر باثنين وأربعين سنة، أي في سنة 4 قبل الميلاد وفقا للتقويم الذي وضعه ديونيسيوس اكسيجونوس.
إلا أن الباحثين وإن كانوا قد تبينوا هذا الفرق في التقويم الذي وضعه ديونيسيوس والذي يؤدي إلى تحديد تاريخ ميلاد المسيح بأواخر السنة الخامسة، أو أوائل السنة الرابعة قبل الميلاد بدلًا من السنة الأولى الميلادية فإن أولئك الباحثين إذ وجدوا أن تقويم ديونيسيوس قد جرى العمل به زمانًا طويلًا، وقد استقرت عليه الأوضاع في كل البلاد المسيحية بحيث يؤدي تغييره إلى كثير من الارتباك والبلبلة، أثروا أن يحتفظوا به، فظل ساريًا حتى اليوم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8gbad3v