لقد امتثل يوسف لأمر الملاك (قم وخذ الصبي وأمه واهرب إلى أرض مصر) فجاء السيد الضابط الكل إلى مصر مع سيدة البشرية العذراء مريم والقديس يوسف البار وسالومي.
كان مجيء يوسف الصديق إلى مصر وأشبعه العالم من خيرات مصر رمزًا صادقًا عن مجيء السيد المسيح إلى أرضنا الحبيبة مصر التي بنَى فيها مذبحة المقدس إذ تنبأ عنه اشعياء النبي قائلًا (في ذلك اليوم يكون مذبح للرب في وسط ارض مصر وعمود الرب عند تخومها) (إش 19: 19)... وما زالت تقدم عليه ذبيحته غير الدموية. فأعطانا جسده ودمه اللذين بهما صار لنا ليس شبع سبع سنين فقط بل إلى حياة أبدية. كما جاء يوسف الصديق ابن يعقوب إلى مصر ومعه يسوع معطي الحياة... موسى النبي أيضًا رمز لمجيء السيد إلى مصر... إذ عندما سمع فرعون هذا الأمر طلب أن يقتل موسى فهرب من وجه فرعون (خر 2) وهكذا السيد المسيح هرب من هيرودس إلى مصر لما أراد قتله. وكما عاد موسى إلى مصر ليخرج بني إسرائيل من عبودية فرعون هكذا عاد السيد من مصر عندما ظهر الملاك ليوسف في حلم قائلًا (قم وخذ الصبي وأمه واذهب إلى أرض إسرائيل... وانصرف إلى نواحي الجليل) (مت 2: 19-32) فكان في الجليل ليعتق آدم وبنيه من الجحيم.
قيل أن المسافة التي سلكتها العائلة المقدسة في المجيء إلى مصر من بيت لحم إلى الدير المحرق كانت تبلغ 1033 كيلومتر تقريبًا... ولكن لماذا هرب السيد المسيح إلى ارض مصر؟ ألا يستطيع وهو الإله ضابط الخليقة بأجمعها أن يطلب من أبيه فيقدم له أكثر من اثني عشر جيشًا من الملائكة (مت 26: 53)... لم يفعل ذلك ليعلمنا الهروب من الشر وعدم التصدي له (لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل أعطوا مكانًا للغضب لأنه مكتوب لي النقمة أنا أجازى يقول الرب، ولا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير) (رو 12: 19، 21). كان في ميلاده فقيرًا في مزود، أيضًا في هروبه ليس له زاد وأمتعة سوى أن يركب مع أمه جحشا... ويحدثنا عنه القديس يعقوب السروجي: "في المركبة يجاهر السمائيون ببهائك. وهنا وهكذا استمروا في التنقل من بلد إلى أخرى عدة شهور، تطلب له أمه فلا يعطيها أحد وهو الذي يفجر الينابيع والأنهار والبحيرات بل ومن يشرب من الماء الذي يعطيه لن يعطش إلى الأبد... يحتمل البرد والحر بينما يكسو الخليقة بنعمته...! لم تستطيع أن تثبت أمامك البراري والأصنام في مصر... فصنعت الكثير من الآيات... الأماكن التي باركتها ما زالت بها الكنائس الأثرية الشهيرة بروحانيتها والأديرة العامرة... فكنت طفلا بالجسد ولكن لاهوتك لم يفارق ناسوتك لحظة واحدة ولا طرفة عين.
وهنا ليتني أسال نفسي: عند مجيء السيد المسيح إلى أرض مصر هناك من استقبله وإضافة هناك من رفضه، فكيف استقبل أنا المسيح الذي كل يوم على المذبح؟ وهل استقبالك له يتم كما يجب بحفاوة وإجلاله...؟ فرص الالتقاء به ليست متعذرة إذ في كل مكان وفي كل زمان بل وما زال يقرع على باب قلبي قائلًا (هانذا واقف على باب واقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي) (رؤ 3: 20) وحيث أنه غير مرئي فينظر إلى الاستعداد الداخلي الغير مرئي... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ليتني أنقض أفكاري الرديئة وأغسل قلبي بالتوبة المستمرة وأتهيأ بلباس النقاوة والطهارة وأتغنَّى بوصيته وأزين مصباحي بعد أن أعدّه واخرج للقاء العريس السمائي مع الخمس العذارى الحكيمات (مت 25: 1-13)... أستطيع أيضًا أن التقى أكثر بالسيد المسيح في تنفيذ وصاياه في حياتي الخاصة في صلاة بعمق، في صوم في نقاوة القلب،... إلخ. وفي حياتي مع الآخرين في قليل حب أقدمه لإنسان ما في خدمة الكنيسة، في مساعدة المحتاج، لذا يقول لنا: "جعت فأطعمتموني... عطشت فسقيتموني... بما أنكم فعلتم بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم" (مت 25: 31 - 40).
حقًا مبارك شعبي مصر (أش 19: 25) لقد دخل السيد المسيح أرضنا وهو بعد طفل على ذراعي السيدة العذراء فتباركت بلادنا المصرية بقدومه... وتحطمت أوثانها. كما تنبأ النبي إشعياء (هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر فترتجف أوثان مصر من وجهه ويذوب قلب مصر داخلها) (أش 19-1)... مجيء السيد المسيح والعائلة المقدسة برفقته إلى بلادنا كان بشارة خلاص لنا إذ لم تنقض 60 عام إلا وقد تمت كرازة بلادنا على يد القديس العظيم مارمرقس الرسول الإنجيلي فأسس الكنيسة القبطية التي ما زالت منارًا عاليًا يستضيء بنورها العالم بأجمعه.
لقد تباركت بلادنا المصرية وما زالت بل ومبارك ذلك اليوم الذي فيه حظيت بمجيء المخلص إليها وأمه السيدة العذراء مريم التي نطلب شفاعتها دائمًا أمام ابنها الحبيب ليغفر لنا خطايانا...
خط سير الرحلة:
مجيء السيد المسيح إلى ارض مصر (خريطة الرحلة بقسم خرائط الكتاب المقدس بموقع أنباتكلاهيمانوت): من بيت لحم إلى الفرما التابعة للعريش ومنها إلى بسطة (بالقرب من الزقازيق) ومنها إلى المحمة (مسطرد) ثم إلى بلبيس ومنها إلى منية جناح التي يقرب بسمنود ثم إلى البرلس ثم إلى بلاد السباخ (سخا الحالية تابعة لكفر الشيخ) وهناك وضع يده على حجر فَسُمِّيَ هذا المكان (بينى ايسوس) أي (كعب يسوع) ويدعى الآن دير المغطس... ثم إلى وادي النطرون ثم إلى عين شمس... (المطرية) حيث الشجرة المباركة... ثم قصدوا فسطاط مصر (مصر القديمة) حيث اختبأوا في مغارة (هي بكنيسة أبي سرجة الآن) حيث توجهوا إلى الصعيد وعلى الشاطئ بارك الله الصخرة العالية وهي الآن معروفة باسم (سيدة الكف) (بجبل الطير - شرق سمالوط حاليًا)... ومن هناك مضوا إلى الاشمونين ثم أستأنفوا المسير من الجبل الشرقي إلى الغرب حيث وصلوا إلى جبل قسقام المعروف الآن بدير السيدة العذراء (المحرق) حيث أقاموا هناك ستة أشهر.
طقس العيد (24 بشنس):
له إبصاليات (واطس وآدام) مدونتان بكتاب الإبصاليات الواطس والادام وذكصولوجيات المناسبات، وله ربع من أرباع الناقوس وذكصولوجية خاصة بكتاب الابصلمودية السنوية (اقرأ ذكصولوجية مجيء المسيح إلى أرض مصر في بموقع الأنبا تكلاهيمانوت بقسم التسبحة المكتوبة).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hnd4vh6