The Day of Atonement يقع في اليوم العاشر من الشهر السابع المُسَمَّى ايثانيم אֵתָנִים... يعتبر أهم الطقوس التي ذكرت في سفر اللاويين وتشير هذه الطقوس بصراحة ووضوح إلى أسرار العهد الجديد كانت مراسيم يوم الكفارة رمزًا لدخول المسيح رئيس الكهنة الأعظم إلى السماء مرة واحدة بعد أن أكمل خلاص البشرية بدم نفسه (عب 9: 1 - 12، 24 - 28). يُسَمَّى أيضًا Yom Kippur يوم كيبور.
وسنتكلم عن هذا العيد من ثلاث زوايا:
الشعب، ورئيس الكهنة، ثم الذبائح التي كانت تقدم في ذلك اليوم.
من جهة الشعب:
كان يحتفل بالفصح في الشهر الأول والكفارة في الشهر السابع كان على اليهود - عدا المرضى والشيوخ والأولاد - أن يصوموا ذلك اليوم من المساء إلى المساء أي من الغروب إلى الغروب. كان عليهم أن يمتنعوا عن الطعام والشراب والاغتسال، ودهن الرأس ولبس الأحذية والعلاقات الزوجية. وكل نفس لا تنقطع فيه للعبادة والتذلل والصوم تقطع من الشعب وكل نفس تعمل عملًا تباد تلك النفس (لا 23: 29، 30) وكل من آكل أو شرب سهوا يقدم ذبيحة خطية، أما من فعل ذلك عمدًا فيقطع... يوم الكفارة يرمز ليوم الجمعة العظيمة عندنا... وهكذا نجد أن الكنيسة فرضت على أبنائها الصوم والتقشف يوم جمعة الصلبوت، إذ هو يوم الكفارة الحقيقي. يوم الكفارة هو اليوم الوحيد في السنة الذي يدخل فيه رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس للتكفير عن خطاياه وعن خطايا الشعب... وقدس الأقداس كان لا يدخله إلا رئيس الكهنة مرة واحدة في السنة وهذه المرة هي يوم الكفارة ويستعد لها استعدادات غير عادية.
من جهة رئيس الكهنة:-
كان على رئيس الأحبار الذي يقوم بخدمة الكفارة أن يعتزل زوجته سبعة أيام قبل يوم الكفارة ويقيم تلك المدة بمخدع في الهيكل لئلا يمس شيئًا دنسًا، أو ما يمنعه عن القيام بخدمته... والليلة السابقة للكفارة كان يقضيها ساهرًا في قراءة الأسفار المقدسة خوفًا من التدنس بشيء من الأحلام إذا نام. وكانت هذه الأسفار هي أسفار أيوب ودانيال وعزرا وأخبار الأيام الأول والثاني وإذا لم يستطع قراءتها لشيخوخته مثلًا قرأها له الشيوخ الجالسون معه... وكان الكهنة ينبهونه إذا رأوه مائلًا للنوم. وفي الصباح كان يغتسل جسمه كله بالماء النظيف ويرتدي قميصًا وسروالا ويتمنطق بمنطقة ويضع على رأسه العمامة وكلها مصنوعة من الكتان الأبيض النقي (لا 16: 4)... وتلاحظ أن رئيس الكهنة في يوم الكفارة لا يلبس شيئًا من ثيابه الفخمة الثمينة سوى القميص الكتان الذي يرمز إلى تجسد ربنا يسوع المسيح رئيس كهنة الخيرات العتيدة الذي لما أخذ جسدًا وجاء ليكفر عن خطايا البشر. لم يظهر في بهاء مجده بل وضع عليه فقط حلة طبيعتنا البشرية (أي تجسد) تلك التي يرمز لها بالقميص الكتان الأبيض... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). قبل يوم الكفارة كان شيوخ الكهنة "نواب مجمع السنهدرين" يقرءون لرئيس الكهنة الطقوس الخاصة بهذا اليوم مدونة في أسفار التوراة ثم يمثلها أمامهم ليتأكدوا أنه أتقن معرفتها بكل تدقيق... وكان رئيس الكهنة يبتدئ في خدمة الكفارة بعد أن يكون قد أقسم أمام أعضاء مجلس السنهدرين على أن يكون أمينًا في إتمام كل الطقوس لأنه لم يكن مأذونا لغيره بالتواجد معه... وذلك رمز إلى أن الكفارة الحقيقة يقوم بها ربنا يسوع المسيح وحده دون أن يشترك معه آخر آيا كان.
من جهة الذبائح التي كانت تقدم في ذلك اليوم:
كان رئيس الكهنة الذي يقدم الكفارة محتاجًا أن يكفر عن نفسه أولًا، لأنه يخطئ كسائر البشر وبالتالي يحتاج إلى مغفرة خطاياه ورحمة الله... كان يقدم عن نفسه كبش محرقة وثور ابن بقر لذبيحة خطية.
كان يقدم عن الشعب كبش لمحرقة وتيسين من الماعز أحدهما لذبيحة خطية، والأخر لعزازيل. ونلاحظ أن ذبائح رئيس الكهنة عن خطاياه أكثر من التي عن خطايا الشعب. ونحن نعلم أن الكاهن عندما يصلي في القداس يقول "عن خطاياي وجهالات شعبك" لأن الذي يعرف أكثر يطالب أكثر...
كانت التقدمة التي يقدمها عن الشعب يشتريها الشعب من مال جماعة إسرائيل... وكانت ذبيحة الخطية أي الثور الذي هو عن خطية رئيس الكهنة، والتيس الذي هو عن خطايا الشعب كانت تحرق بلحمها وعظمها وجلدها حرقا كاملًا خارج المحلة، وليس على مذبح المحرقة داخل خيمة الاجتماع أما السبب في ذلك فيرجع إلى أن:
1- الخطية مكروهة جدًا لدى الله لذا لا تقدم على مذبح الله.
2- ليعلم الشعب أن جزاء الخطية هو الحرق بالنار فالحيوان حرق عوضًا عن الإنسان.
3- حرقها بعيدًا عن المحلة أو المدينة كان إشارة إلى إزالة الخطية بعيدًا "كبعد المشرق عن المغرب، ابعد عنا معاصينا" (مز 103: 12)
4- هذا جميعه تم في المسيح الذي قدم ذاته عنا ذبيحة خطية... خارج أورشليم. الحيوانات التي يدخل بدمها عن الخطية إلى الأقداس بيد رئيس الكهنة تحرق أجسامها خارج المحلة. لذلك يسوع أيضًا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب... (عب 13: 11، 12).
بعد أن يقدم رئيس الكهنة الثور عن خطيته، يلقي قرعة على التيسين. وكانت القرعة تُلْقَى بلوحين من الذهب مكتوبًا على أحدهما واحد للرب وعلى الآخر لعزازيل.
"عزازيل" اسم عبري معناه عزل وهو يشير إلى عزل الخطية أو الفصل ويشير أيضًا إلى المكان الصحراوي النائي الذي كان التيس يعزل فيه ويشير إلى الشيطان أو ملاك ساقط... على أية حال كان تيس عزازيل رمز إلى عزل الخطية وابتعادها عن البشر... "التيس الأول" يذبح... أما الثاني لعزازيل فكان رئيس الكهنة يضع يده على رأسه ويقر بجميع ذنوب بني إسرائيل وجهالاتهم وهنا نتذكر ما قاله إشعياء بروح النبوة عن المسيح "الرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش 53: 6).
وكان هذا التيس يرسل إلى البرية القفر يبعد بيد شخص مستعد... أن ذهاب التيس حامل خطايا الشعب إلى البرية والقفر الموحش بكل أهواله إنما يذكرنا بنبوءة اشعياء عن السيد المسيح: "أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ، أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟" (إش 53: 8).
في يوم الكفارة كان رئيس الكهنة يدخل إلى قدس الأقداس ثلاث مرات بمفرده.
المرة الأولى:-
يدخل بمجمرة البخور التي من ذهب خالص بعد أن يملأها جمر نار من على المذبح أي من النار الدائمة على مذبح النحاس. ويبخر ويبقى فيه حتى يمتلئ المكان بالبخور ثم يترك المجمرة عند التابوت ويخرج بظهره "وجهه جهة قدس الأقداس" كان في قدس الأقداس لا يوجد إلا تابوت العهد ويظل عليه كروبا المجد... وتابوت العهد كان به لوحا الشريعة وقسط المن وعصى هارون التي أفرخت ويخرج بظهره ووجهه لقدس الأقداس.
المرة الثانية:-
يأخذ دم الثور في وعاء الدم ويدخل به وينضح بإصبعه من الدم سبع مرات على الغطاء والتابوت ويخرج ووجهه نحو قدس الأقداس.
المرة الثالثة:-
يدخل بدم التيس وينضح على الغطاء والتابوت وبهذه الطريقة يكفر عن آثامه وآثام بني إسرائيل لمدة سنة، ثم يدخل بعد ذلك لإحضار المجمرة.
كفارة العهد القديم وكفارة المسيح:
كان يوم الكفارة يتكرر كل سنة... دليلًا على أن المشكلة قائمة وباقية، أما السبب فيذكره بولس الرسول لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع الخطايا (عب 10: 4) وتبعًا لذلك فإن طريق الأقداس لم يظهر بعد (عب 9: 8)... كل ذلك كان نبوءة على أن الحل الكامل والنهائي للكفارة عن الخطايا هو في المسيح وذبيحة نفسه (عب 9: 26) ويبين أن المؤمنين مقدسون بتقديم جسم يسوع المسيح مرة واحدة (عب 10: 10) وأن المسيح بعدما قدم عن الخطايا ذبيحة واحدة جلس إلى الأبد عن يمين الله (عب 10: 12) وأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين (عب 10: 14) وأنه بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءًا أبديًا (عب 9: 12).
وتلاحظ في الكفارة:
1- كان الرب يترامى بمجده فوق غطاء التابوت الذي يُسَمَّى كرسي الرحمة كما قال لموسى "لأني في المحارب أتراءى على الغطاء" (لا 16: 2)... على أي أساس كان الرب يتراءى بمجده فوق غطاء التابوت، على أي أساس دم الكفارة الذي دخل به رئيس الكهنة ونضح منه سبع مرات على غطاء التابوت... ويوم الكفارة وأن كان مذكورًا بين الأعياد لكنه كان يوم تذلل كما رأينا... وأن تصالح الإنسان مع الله ما زال على هذا الأساس دم المسيح والتذلل والتوبة.
2- كانت بركات يوم الكفارة لا تقتصر على اليهود وحدهم بل كانت تشمل الغريب أيضًا والنازل في وسطهم (لو 16: 29)... دبر الله بالإيمان بيسوع المسيح هو إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون لأنه لا فرق... متبررين مجانًا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه (رو 3: 22- 25)... أن كفارة المسيح للخليقة كلها (1: 0 2)
سنة اليوبيل
ويتصل بموضوع عيد الكفارة سنة اليوبيل والمعنى في العبرية قرن الخروف أو البوق. ويطلق مجازًا على الصوت الخارج نتيجة نفخ البوق. سنة اليوبيل تأتي كل خمسين سنة، أي كل سبعة أسابيع سنين أي 49 سنة لكن سنة اليوبيل لا تبدأ بالشهر الأول من السنة بل بالشهر السابع الذي فيه الكفارة بل أنها تبدأ في يوم الكفارة ثم يعبر بوق الهتاف في الشهر السابع من عاشر الشهر في يوم الكفارة تعبرون البوق في جميع أرضكم، وتقدسون السنة الخمسين وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها. تكون لكم يوبيلًا وترجعون كل إلى ملكه. وتعودون كل إلى عشيرته (لا 25: 8-11)... لقد كانت سنة اليوبيل هي سنة عتق العبير ورد كل شيء. كان يعفي المدينون من ديونهم، ويعتق العبيد ويعتبرون أحرار، وترجع الأرض إلى من سبق أ باعها عن فقر وعوز. أما السبب في ذلك فهو أن الكفارة هو الأساس الذي عليه تأتي أزمنه رد كل شيء التي تكلم عنها الله بفم جميع أنبيائه القديسين منذ الدهر (أع 3: 21)... وكما أن الفصح هو نقطة البداءة للمؤمنين بموت المسيح، وهكذا كان يوم الكفارة هو بداءة جديدة، لذلك الشعب حينما تُمْحَى خطاياهم بالتوبة: ألا تعود أنت فتحيينا فيفرح بك شعبك؟ (مز 85: 6).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/f4s9jpz