محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
مقدمة عامة في الأناجيل الأربعة:
1- المقدمة |
لا أريد الخوض في هذه المشكلة التي لم تعشها الكنيسة الشرقية بوجه عام، وإنما شغلت أذهان دارسي الكتاب المقدّس في الغرب منذ منتصف القرن الثامن عشر، خاصة مع بدء القرن العشرين.
كلمة Synoptic مشتقّة عن الكلمة اليونانيّة Sunarao والتي تعني رؤية الكل معًا بنظرة تكامليّة، فهي تخص الأناجيل الثلاثة متّى ومرقس ولوقا بكونها أناجيل تحوي هيكلًا متشابهًا ومواد متشابهة، وإن وُجدت أيضًا مواد غير متشابهة. فالمشكلة هي كيف حدث هذا التشابه؟ هل اعتمدت الأناجيل على بعضها البعض، أم رجعت إلى مصدر بدائي واحد، سواء كان شفهيًا كالتقليد أو كتابيًا، أو أكثر من مصدر؟
أول من استخدم هذا التعبير هو Griesbach في القرن الثامن عشر، ودعيت الأناجيل الثلاثة: Synoptic Gospel يترجمها البعض بالأناجيل التكامليّة أو المتشابهة أو الإزائية، كما عرّف الإنجيليّون الثلاثة بـSynopists.
وقبل أن ندخل في المشكلة نوَد أن نسأل:
لماذا نقيم المقارنات بين هذه الأناجيل ونسأل عن مصدرها ما دامت قد كُتبت بالوحي الإلهي بالروح القدس؟
هنا نوَد أن نوضّح الفارق بين الفكر الشرقي والفكر الغربي في دارسة الكتاب المقدّس، فالشرق بوجه عام خاصة الكنيسة الأرثوذكسيّة يميل إلى الاتّجاه الآبائي الأول، وهو الانشغال بكلمة الله أو الوحي الإلهي بكونه قبول للسيّد المسيح نفسه شخصيًا حيًا نعيش به وفيه ومعه متّجهين بفكرنا نحو الميراث الأبدي، ممتصّة أذهاننا بالملكوت السماوي الداخلي أكثر من الدراسات النقديّة النظريّة. أمّا الغرب فقد صبّ جل اهتمامه خاصة في القرنين التاسع عشر والعشرين نحو الدراسات النقديّة والأبحاث العلميّة في الكتاب المقدّس، الأمر الذي يمكننا أن ننتفع به كثيرًا حتى في بنياننا الروحي وفهمنا لكلمة الله إن قبلناها روحيًا.
قبل الدخول في تفاصيل هذه المشكلة يلزمنا أولًا أن نتعرّف على مفهوم الكنيسة المسيحيّة للوحي الإلهي، لنعرف ما هو دور رجل الله الذي أوحي له بالروح القدس ليكتب؟! فقد جاء في الكتاب المقدّس: "كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البرّ لكي يكون إنسان الله كاملًا متأهّبًا لكل عمل صالح" (2 تي 3: 16-17)؛ "عالمين هذا أولًا أن كل نبوّة الكتاب ليست من تفسير خاص، لأنه لم تأت نبوّة قط بمشيئة إنسان، بل تكلّم أناس الله القدّيسون مسوقين من الروح القدس" (2 بط 1: 20-21). إذن فالكتاب كلّه موحى به من الروح القدس، والكتّاب هم آله الله، أو كما يقول المرتّل: "لساني قلم كاتب ماهر" (مز 45: 1).
كل كاتب أشبه بقلم في يدّ الروح القدس، لكنّه قلم ماهر، لا يكتب إلا ما يمليه الروح دون أن يفقده شخصيّته وإمكانيّاته ومهارته وبيئته. هذا هو العجيب في حب الله، فإنه حتى إذ يقدّم لنا كلمته المكتوبة لا يستخدم الإنسان آلة جامدة يحرّكها آليًا بجمود، إنّما يتعامل معنا خلال "الحب المتبادل" وتقدير الله العجيب لمخلوقه الإنساني. إن كان يسكب علينا حبّه ويهبنا كلمته الإلهيّة الخالدة، لكنّه لا يحتقر حبّنا وفكرنا وثقافتنا ولغتنا. إنه يهب الكلمة ويحفظها ويمنح الكاتب إمكانيّة الكتابة في عصمة من الخطأ دون تجاهل لإنسانيّته (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لهذا لا عجب إن حوى الكتاب بعهديه أسفارًا مختلفة بأسلوب مختلف كُتبت خلال ثقافات متباينة امتدّت آلاف السنين، ومع ذلك بقيَ ويبقى الكتاب حيًا، يحمل إلينا الكلمة الإلهيّة التي لا تشيخ. هذا ما دفع الدارسون الغربيّون إلى دراسة النقديّة والتحليليّة للكتاب المقدّس. ونحن إذ نقبل هذه الدراسات فبتحفّظ مدركين ما قاله القدّيس إيريناؤس إن الكتاب حتى في أجزائه الغامضة "روحي بكلّيته"(15)، وما قاله الآباء أن الكتاب معصوم من الخطأ وليس فيه شيء زائد بلا نفع، حتى قال أوريجينوس: [إنه ليس حرف واحد أو عنوان كُتب في الكتاب المقدّس لا يتمّم عمله الخاص بالنسبة للقادرين على استخدامه(16).] وبنفس الطريقة يقول القديس جيروم: [في الكتب الإلهيّة كل كلمة ومقطع وعلامة ونقطة تلتحف بمعنى(17).] وبحسب القديس يوحنا الذهبي الفم حتى قوائم الأسماء الواردة في الكتاب لها معناها العميق(18)، وقد كرّس عظتين لشرح التحيّات الواردة في الأصحاح السادس عشر من الرسالة إلى رومية ليُعلن أن كنوز الحكمة مخفيّة في كل كلمة نطق بها الروح(19).
_____
(15) C. Unom 7. PG 45:744.
(16)In Jer. hom 2.
(17) In Jer. hom 2.
(18) In illud, Vidi dom 2:2
(19)In illud, Salutate hom 1:1.
8- التشابهات في الأناجيل الأربعة |
قسم تفاسير
العهد الجديد القمص تادرس يعقوب ملطي |
6- الحاجة إلى أربعة أناجيل |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/aazs4gk