محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
نبوة باروخ: |
=================
يعترض البعض معتمدًا على التاريخ، أنه لم يذكر شيء عن رجوع الأواني المذكورة في (با1: 8) إلى أورشليم.
لو تمعنا النص جيدًا، لا نجد أي اعتراض. لأنه مكتوب: "عندما أخذ <باروخ> آنية بيت الرب -المسلوبة من الهيكل- ليردها إلى أرض يهوذا في العاشر من شهر سيوان.... "
فالنص يذكر (لكي يردها) ولم يذكر أنه (ردها). وأيضًا في العدد العاشر من نفس الإصحاح، يذكر أنه أرسل فضة لكي يبتاعوا بها محرقات وذبائح للخطية، لكي يقدموها على مذبح الرب. وفي العدد الرابع عشر من نفس الإصحاح أيضًا، يذكر أنه أرسل السفر لكي يُقرأ في بيت الرب. ولم يذكر أنه أرسل مع هذه الأشياء الأواني التي أخذها لكي يردها. فهذه هي إحدى المحاولات الفاشلة لاسترداد هذه الأواني، لكي تتم نبوات إرميا النبي (إر27: 16-22، 28: 1-9).
البعض يظن أنه يوجد تناقض بين خراب الهيكل المذكور في (با2: 26)، مع المقدمة التي تتكلم عن أن المعبد تقام فيه شعائر العبادة (با1: 10،14).
نحن لا نعارض أو ننافى أن الهيكل قد أحرق. ولكن يذكر كل من كاتب سفر الملوك (2مل25: 9،10)، وكاتب سفر الأيام (2أي 36: 19)، وإرميا النبي (إر52: 13،14) ويؤكدون على حقيقتين هما: إحراق أورشليم بما فيها الهيكل، وهدم أسوار أورشليم. ولم يذكروا أن الهيكل هُدِم. ولو بحثنا في الكتاب المقدس قليلًا، سوف نجد أنه لا يشترط سلامة المبنى عند تقديم الذبائح. فمثلًا:ـــ
في أيام صموئيل النبي عندما خربت خيمة الاجتماع التي كانت في شيلوه([63])، كان يقوم بعمل مذابح ويقدم عليها محرقات وذبائح سلامة.
ففي بلدة المصفاة،اجتمع كل الشعب لكي يقدموا توبة جماعية، فسمع الفلسطينيون أن بني إسرائيل اجتمعوا في المصفاة، فاجتمعوا هم أيضًا لكي يحاربوهم. فطلب الشعب من صموئيل النبي أن لا يكف عن التضرع إلى الرب من أجلهم. فقدم صموئيل حملًا رضيعًا بتمامه محرقة للرب. مع العلم بأن تابوت العهد كان موجودًا في قرية يعاريم (1صم7: 1-10).
ومرة أخرى في بلدة الجلجال، كان سيقدم ذبيحة محرقة وذبائح سلامة. ولكنه تأخر عن الميعاد المحدد، فقام شاول الملك بهذا العمل، فغضب منه الرب ونزعه من الملك لأنه تجاسر وقدم الذبائح ـــ لأن تقديم الذبائح من اختصاص الكهنة وليس الملوك (1صم 13: 8: 14).
ومرة ثالثة في أرض صوف (1صم9: 12).
ومرة رابعة في بيت لحم عندما مسح داود ملكًا (1صم16: 5).
وأيضًا في أيام داود الملك أقام مذبحًا في بيدر أرونة اليبوسي، وأصعد عليه محرقات وذبائح سلامة ــــ وكان جاد النبي هو الذي أمره بذلك (2صم24: 18-25). وقد كان تابوت العهد في ذلك الوقت في أورشليم ـــ مدينة داود ـــ في وسط الخيمة التي نصبها داود النبي (2صم6: 12-19). والرب قد أجابه بنار فالتهمت الذبيحة (1أي 21: 26).
وأيضًا في أيام آخاب الملك، قدم إيليا النبي ذبيحة على المذبح الذي كان في الكرمل، بعدما قام بعملية ترميم له ـــ لأنه كان منهدمًا (1مل18: 30-40). والرب أجابه بنار فالتهمت الذبيحة. مع العلم بأن الهيكل كان مبنيًا في ذلك الوقت، والعبادة قائمة فيه.
وأما النقطة المهمة فهي التي ذكرها إرميا النبي في الأصحاح الحادي والأربعين وهي: أن ثمانين رجلًا أتوا من شكيم، ومن شيلوه، ومن السامرة محلوقى الشعر، مشققي الثياب، ومخمشين (من يخدش وجهه)، وبيدهم تقدمة ولبان ليدخلوهما إلى بيت الرب. وكان ذلك بعد حرق أورشليم وسبيها بيد نبوخذنصر ملك بابل، ونبوزرادان رئيس الشرط، وقتل جدليا بن أخيقام الذي نصبه نبوخذنصر بدلًا من صدقيا (إر41: 1-8).
ولقد سار على هذا النهج يشوع (يهوشع الكاهن العظيم)، أي تقديم الذبائح بين أركان الهيكل وهو منهدم، وذلك بعد العودة من السبي مباشرة، حيث يذكر سفر عزرا: "ابتدأوا من اليوم الأول من الشهر السابع يصعدون محرقات للرب وهيكل الرب لم يكن قد تأسس" (عز3: 6).
وهذا يدل على أن الشعب كان يجتمع ويقوم بالعبادة بين أركان الهيكل وبذلك لا يوجد أي تعارض...
يعترض البعض على ذكر يهوياقيم الكاهن (با1: 7)، لأن هذا الاسم لم يذكر إلا بعد قرن كامل من الزمان في كتب التاريخ.
من الواضح جدًا أن نبوخذنصر كان يغير الأسماء. مثلما غير اسم متنيا ـــ عم يهوياقيم الملك ] الذي سبق أن غيره نخو ملك مصر من الياقيم إلى يهوياقيم عندما سَبَى أخاه يهوآحاز (2مل23: 31-34) [ ــ غيره من متنيا إلى صدقيا (2مل24: 17).
فعندما قام نبوخذنصر بالمرحلة الثانية من السبي، بواسطة نبوزرادان رئيس الشرط، قام بقتل سرايا الكاهن الأول، وصفنيا الكاهن الثاني (إر52: 24-27). وسَبَى يهوصادق بن سرايا رئيس الكهنة (1أي 6: 13-15). ولا نعلم هل أرجعه مرة ثانية إلى أورشليم أم لا، وهل غير اسمه، أم أخذ أحد أخويه وأعطاه اسم يوياقيم؟!! لأن باروخ يذكره أنه ابن حلقيا بن شلوم، قارن (1أي 6: 13،14 و9: 11 ونح11: 11 مع با1: 7).
وإن كتب في كتب التاريخ اسم آخر غير يوياقيم (با1: 7)، فذلك لأنه كتب اسمه الطبيعي لكي يحافظ على سلسلة أنساب الكهنة ـــ وتتضح أهمية ذلك من سفر عزرا (عز2: 61،62)، وبذلك يحافظ على كهنوت أولاده.
ومن المعروف مدى ولع اليهود بسلسلة أنسابهم...
البعض يظن أنه يوجد تناقض بين (با3: 10) و(با1: 1-3: 8 و4: 11-25). معللين بأن في (با3: 10) يشعر القارئ بأن السبي قد حدث منذ زمان، بينما في (با1: 1-3: 8 و4: 14-25) يشعر القارئ بأن السبي قد حدث منذ وقت قريب.
عند قراءتنا الأعداد التي يشير إليها المعترض، لا نجد أي تناقض أو تعارض بينهما. لأن باروخ في الإصحاح الثالث والعدد العاشر يذكر: "
لماذا يا إسرائيل لماذا أنت في أرض الأعداء؟". لأن حرق أورشليم والهيكل وسبيها حدث قبل كتابة السفر بخمس أعوام، وبالتالي أصبح سبي أورشليم في بابل منذ فترة ليست قليلة. وهنا أحب أن أوضح أن السبي قد تم على عدة مراحل. وهذا يتضح مما يلي:1- المرحلة الأولى:
في السنة الأولى من حكم نبوخذنصر، وهي الثالثة أو الرابعة من حكم يهوياقيم ملك يهوذا، هجم نبوخذنصر على يهوذا ولكنه أخذ عددًا من الرهائن منهم دانيال وحنانيا وميشائيل وعزريا (دا1: 1، 6)، وبعضًا من أواني الهيكل ـــ وهذا ما يعلل وجود دانيال في السنة الثانية من حكم نبوخذنصر في بابل (دا2: 1) ـــ ومن هنا تحسب بداية السبي.
وفي السنة الرابعة من حكم نبوخذنصر، وهي الثامنة من حكم يهوياقيم ملك يهوذا، هجم مرة أخرى على يهوذا وأدخل يهوذا تحت الجزية (2مل24: 1).
وفي السنة السابعة من حكم نبوخذنصر، وهي الحادية عشرة من حكم يهوياقيم، تمرد يهوياقيم، فهجم عليه نبوخذنصر، وأخذه مع بعض الآنية التي كانت موجودة في بيت الرب إلى بابل (2أي 36: 5-7)، ولكن يهوياقيم مات قبل أن يدخلها، وملَّك يهوياكين ابنه عوضًا عنه.
فتمرد يهوياكين بعد ثلاثة أشهر وعشرة أيام من حكمه. فهاجم نبوخذنصر المدينة مرة أخرى في نفس السنة، فاستسلم له يهوياكين، والنسل الملكي وهذه هي أول مرحلة من السبي التي تمت على أربع دفعات (2مل24: 8-16، 2أي 36: 9-11، إر52: 28).
2- المرحلة الثانية:
وملَّك نبوخذنصر متنيا عم يهوياكين وغير اسمه إلى صدقيا، فتمرد صدقيا في السنة الثامنة من ملكه. فهجم عليه نبوخذنصر وأدخله في الحصار لمدة ثمانية عشر شهرًا فثغرة المدينة، وتم القبض عليه وأحرق أورشليم والهيكل، وسبي أورشليم. وبهذا تمت المرحلة الثانية من السبي، في السنة الثامنة عشر من ملك نبوخذنصر أو التاسعة عشر من ملكه (2مل25: 3-7، 2أي 36: 11-20،إر39: 1-9، 52: 29).
3- المرحلة الثالثة:
وفي السنة الثالثة والعشرين من حكم نبوخذنصر قام نبوزرادان بالمرحلة الثالثة من السبي (إر52: 30).
* وبهذا يكون قد تم سبي يهوذا بالكامل. ونلاحظ أن السبي قد تم خلال ثلاثة وعشرين عامًا، وهي تقريبًا ثلث مدة السبي. وهذه مدة لا يستهان بها.
* فإن تكلم
باروخ عن سبي نبوزرادان لليهود في المرحلة الثالثة من السبي، فهي الحادثة حالًا، لأن السفر كتب في هذه السنة وهي الخامسة بعد إحراق أورشليم وسبي شعبها، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى. وإن تكلمنا عن السبي بصفة عامة منذ أسر دانيال والشرفاء، فهي تكون في حدود الثلاثة والعشرين عامًا إلى وقت كتابة السفر.+ فبذلك يكون باروخ قد تكلم في (با3: 10) عن بداية السبي منذ ثلاثة وعشرين عامًا، وفي (با1: 1-3: 8، 4: 11-25) عن السبي الحادث منذ فترة وجيزة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|||||
|
المرحلة الأولى |
المرحلة الثانية تمرد صدقيا في السنة الثامنة من ملكه فوضعه نبوخذنصر ثمانية عشر شهرًا تحت الحصار وثغرة المدينة وأحرق أورشليم والهيكل وسبى أورشليم (إر39:52) |
|
المرحلة الثالثة في السنة الثالثة والعشرين من حكم نبوخذنصر قام نبوزرادان بسبى البقية الباقية من سكان أورشليم (أر30:52)
|
|||||||||
|
|
||||||||||||
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|||||
|
في السنة الأولى من حكم نبوخذنصر هجم على يهوذا وأسر بعض الشرفاء من بينهم دانيال والثلاث فتية وبعضًا من أواني المذبح وهذا ما يعلل وجودهم في السنة الثانية من حكمه أسرى في بابل |
في السنة الرابعة من حكم نبوخذنصر أدخل يهوذا تحت الجزية (2 مل 1:24) |
في السنة السابعة من حكم نبوخذنصر تمرد عليه ياهوياقيم فهجم عليه وأسره وأخذ بعضا من أنية المذبح وملك ابنه يهوياكين |
في نفس السنة وبعد 100 يوم تمرد يهوباكين فهاجم نبوخذنصر مدينة أورشليم فأستسلم له يهوياكين والنسل الملكي وأخذهم أسرى مع بعضًا من الشعب وملك صدقيًا عمه بدلا منه (إر 25:52) |
يقول المعترض أن بيلشاصر هو ابن نبونيدس آخر ملوك تلك الفترة، وليس ابن نبوخذنصر.
لا يوجد دليل إيجابي واحد يعتمد عليه المعترضون، أن بيلشاصر ليس ابن نبوخذنصر. ولكنه ذُكِرَ في سفر دانيال على أساس أنه ابنه، فيذكر:
* "
وَإِذْ كَانَ بَيْلْشَاصَّرُ يَذُوقُ الْخَمْرَ أَمَرَ بِإِحْضَارِ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي أَخْرَجَهَا نَبُوخَذْنَصَّرُ أَبُوهُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ لِيَشْرَبَ بِهَا الْمَلِكُ وَعُظَمَاؤُهُ وَزَوْجَاتُهُ وَسَرَارِيهِ."(دا5: 2).* وأيضًا: "يُوجَدُ فِي مَمْلَكَتِكَ رَجُلٌ فِيهِ رُوحُ الآلِهَةِ الْقُدُّوسِينَ وَفِي أَيَّامِ أَبِيكَ وُجِدَتْ فِيهِ نَيِّرَةٌ وَفِطْنَةٌ وَحِكْمَةٌ كَحِكْمَةِ الآلِهَةِ وَالْمَلِكُ نَبُوخَذْنَصَّرُ أَبُوكَ جَعَلَهُ كَبِيرَ الْمَجُوسِ وَالسَّحَرَةِ وَالْكِلْدَانِيِّينَ وَالْمُنَجِّمِينَ. أبوك الملك" (دا5: 11).
وأيضًا: "فأجاب الملك وقال لدانيال: أَأَنْتَ هُوَ دَانِيآلُ مِنْ بَنِي سَبْيِ يَهُوذَا الَّذِي جَلَبَهُ أَبِي الْمَلِكُ مِنْ يَهُوذَا؟" (دا5: 13).
* وأيضًا: "أَنْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ فَاللَّهُ الْعَلِيُّ أَعْطَى أَبَاكَ نَبُوخَذْنَصَّرَ مَلَكُوتًا وَعَظَمَةً وَجَلاَلًا وَبَهَاءً." (دا5: 18).
فهنا لقب ابنه ــ أي نبوخذنصر أبوه ــ ذكرت على لسان كل من: الملكة وبيلشاصر نفسه ودانيال.
وإن كان العالم والعلم قد اكتشف الكثير من آثار مملكة بابل في خلال الخمس والسبعين سنة الماضية، فما زال يوجد الكثير الذي يحتاج إلى بحث وتنقيب. وسيظل كتابنا المقدس هو الصخرة التي تتحطم عليها كل شكوك، وعلوم، واقتراحات العلماء التي لا تتفق مع كتابنا المقدس.
ونلاحظ أيضًا أن كلمة ابن تستخدم بمعناها الحرفي في الكتاب المقدس، كما تستخدم بمعنى حفيد مباشر أو غير مباشر مثل ما قيل عن:
* يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم (مت1: 1)، مع العلم بأن بينهم أجيالًا كثيرة.
* ويوشيا ولد يكنيا (مت1: 11)، مع العلم أن يكنيا حفيد يوشيا من يهوياقيم (ألياقيم) (1مل23: 34، 24: 6).
* وأيضًا ما قيل عن أبيا بن رحبعام، أنه سار في جميع خطايا أبيه التي عملها قبله، ولم يكن قلبه كاملًا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه (1مل15: 3)، مع العلم أن داود جد رحبعام عن طريق سليمان. وهكذا...
فبيلشاصر ابن ابنة نبوخذنصر من نبونيدس آخر ملوك تلك الفترة، فهو حفيده عن طريق أمه([64]). ولكن يوجد رأى آخر يقول بأن نبوخذنصر تبناه.
فبيلشاصر هو ابن ابنته ـــ حفيده ـــ عن طريق أمه، أو ابنه بالتبني. وبذلك لا نجد أي تعارض بين سفر باروخ والتاريخ أيضًا...
يعترض البعض بأن أسلوب الرسالة (با6: 1- 72)، ليس أسلوب إرميا. فأسلوبه في الرسالة شديد ولاذع في تهكمه، بينما أسلوبه في سفره ومراثيه أسلوب لطيف وذو مشاعر وأحاسيس رقيقة للغاية، حتى وصف إرميا بالنبي الباكي...
+ ولكن كيف لا يكون أسلوبه لاذعًا وشديدًا، وهو يرى أن هذه الأوثان هي السبب الأساسي والمباشر في خراب أورشليم؟! وإرميا في الأصحاح الرابع والأربعين يعاتب الشعب ويصرح لهم بقوله: "لِمَاذَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ شَرًّا عَظِيمًا ضِدَّ أَنْفُسِكُمْ لاِنْقِرَاضِكُمْ رِجَالًا وَنِسَاءً أَطْفَالًا وَرُضَّعًا مِنْ وَسَطِ يَهُوذَا وَلاَ تَبْقَى لَكُمْ بَقِيَّةٌ.لإِغَاظَتِي بِأَعْمَالِ أَيَادِيكُمْ إِذْ تُبَخِّرُونَ لِآلِهَةٍ أُخْرَى فِي أَرْضِ مِصْرَ الَّتِي أَتَيْتُمْ إِلَيْهَا لِتَتَغَرَّبُوا فِيهَا لِكَيْ تَنْقَرِضُوا وَتَصِيرُوا لَعْنَةً وَعَارًا بَيْنَ كُلِّ أُمَمِ الأَرْضِ... " ويكمل "
[أَلَيْسَ الْبَخُورُ الَّذِي بَخَّرْتُمُوهُ فِي مُدُنِ يَهُوذَا وَفِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ وَمُلُوكُكُمْ وَرُؤَسَاؤُكُمْ وَشَعْبُ الأَرْضِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّبُّ وَصَعِدَ عَلَى قَلْبِهِ. وَلَمْ يَسْتَطِعِ الرَّبُّ أَنْ يَحْتَمِلَ بَعْدُ مِنْ أَجْلِ شَرِّ أَعْمَالِكُمْ مِنْ أَجْلِ الرَّجَاسَاتِ الَّتِي فَعَلْتُمْ فَصَارَتْ أَرْضُكُمْ خَرِبَةً وَدَهَشًا وَلَعْنَةً بِلاَ سَاكِنٍ كَهَذَا الْيَوْمِ. مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ قَدْ بَخَّرْتُمْ وَأَخْطَأْتُمْ إِلَى الرَّبِّ وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ وَلَمْ تَسْلُكُوا فِي شَرِيعَتِهِ وَفَرَائِضِهِ وَشَهَادَاتِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكُمْ قَدْ أَصَابَكُمْ هَذَا الشَّرُّ كَهَذَا الْيَوْمِ]." (إر44: 7،8،21 - 23).أليس هذا هو نفس أسلوبه في رسالته في الأصحاح العاشر: "الآلِهَةُ الَّتِي لَمْ تَصْنَعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ تَبِيدُ مِنَ الأَرْضِ وَمِنْ تَحْتِ هَذِهِ السَّمَاوَاتِ..." (إر10: 11).
وأليس هذا هو النبي الذي كان يطلب منه الرب أن لا يصلي من أجلهم لكي يرحمهم (إر7: 16،11: 14، 14: 11). وهو هو بنفسه الذي يطلب من الله لكي يعاقبهم على معاملتهم السيئة معه (إر20: 12).
ويلزم أن نوضح شيئًا هامًا. وهو أن أسلوب أي كاتب يرتبط بمجموعة عوامل مثل:
1- الدافع النفسي 2- البيئة المحيطة 3 - الخلفية الثقافية 4- الحالة الانفعالية والعاطفية.
* ونلاحظ اختلاف الدافع النفسي في مراحل مختلفة في حياة إرميا، فهو في فترة كان ولدًا يتهرب من عبء النبوة (إر1: 6)، ثم شخصًا يدافع ويتشفع عن شعبه أمام الله (إر4: 19،8: 18 -9: 1،10: 19-25،13: 17، 14: 7-9، 17-22، 18: 20،32: 16-25... إلخ).
* ونلاحظ التغير العظيم في الخلفية الثقافية المرتبطة بنمو عمره ومقدار معرفته.
وبذلك لا يكون تنوع الأسلوب من أسباب الاعتراض التي يمكن الإرتكاز عليها، خاصة بأن مقارنة أفكار الرسالة في (با6: 1-72) مع رسالته في (إر10: 1-16)، تكشف عن تشابه بل تطابق في الفكرة وفي الدافع وفي كل الأحوال...
+ والبعض يعترض على رسالة إرميا لأنها ذَكَرَت مدة السبي بسبعة أجيال (با6: 2) معتبرين أن الجيل مدته أربعين سنة، مستنتجين ذلك من سفر العدد (عد32: 13)، وهو ما يتعارض مع إرميا حيث أنه ذكر مدة السبي بسبعين سنة (إر25: 12،29: 10)...
+ إن كلمة جيل اصطلاح لعدة معان منها:ـــ
* جيل من الناس قصر أم طال في الزمن. فعند مقارنة (تك15: 13 مع 15: 16) ينتج أن مدة الجيل مئة عام، وعند مقارنة (عد14: 29-35 مع تث2: 14) ينتج أن مدة الجيل ستون عامًا، أما في سفر العدد (عد32: 13) فيذكر أن الجيل الذي خرج من أرض مصر (ويحسب هنا من ابن عشرين سنة فصاعدًا ــ قارن عد 32: 11 مع 13) ([65]) وأتاهه الرب في البرية أربعين سنة هو الذي فنى (وتدل هذه الآية على أن مدة الجيل هنا ليست أربعين سنة).
* حلقة في سلسلة تعاقب الإنسان من جد مشترك (تك50: 23، خر20: 5 وتث23: 2).
* فترة من الزمن غير محددة (تث32: 7، جا1: 4، لو1: 5).
* عصر يعيش فيه الناس في وقت واحد (تك7: 1، خر1: 6، عد32: 13 وتث2: 13).
* غالبية من الناس يتميزون بصفة معينة (تث32: 5).
فمما سبق يتضح أن الجيل لا علاقة له بمدة أربعين سنة فقط. ولقد استعملت كلمة جيل لتدل على كَمٍ من السنين يتفاوت في القيمة، وقد ذكر ديوجينوس اليوناني أن مدرسة فيثاغورس عمرت تسعة عشر جيلًا ويقصد مائة وتسعين سنة ([66]).
فالأجيال التي ذكرها إرميا في رسالته (با6: 2) يقصد بها عشر سنين لكل جيل أي مدة السبي سبعين سنة وبذلك يسقط الاعتراض على رسالة إرميا (با6: 1-72) أيضًا...
+ وهذه هي النبوة الخامسة في سفر باروخ، وقد تحققت عندما أعلن كورش ملك مادي وفارس عودة المسبيين إلى أوطانهم وعبادتهم.
خاتمة
نشكر الله الذي قاد هذه الدراسة، التي أوضحت أن السفر ذو مكانة واضحة، وقانونية ثابتة، وأن لغته الأصلية هي العبرية وليس اليونانية كما يظن البعض، وبه تعاليم إنجيلية هي من صلب وحدة الكتاب المقدس. فهو سفر تعليمي من الدرجة الأولى، إذ يعطينا فكرة عن كيفية التوبة والرجوع بكل القلب إلى الله، وكيف أن وصايا الله تصير الإنسان الجاهل حكيمًا. وليس ذلك فقط ولكنه سفر نبوي أيضًا حيث يذكر خمس نبوات في خلال ستة أصحاحات.
ونأمل أن تكون هذه الدراسة، بدء سلسلة دراسات متتابعة من آباء الكنيسة ومعلميها، لكي تكمل الثمرة ويعم النفع. راجيًا ذِكْرِي دائمًا في صلواتكم.
ونطلب من رب المجد يسوع المسيح أن يفسح لنا المجال، ويهبنا النعمة حتى نتلذذ بكنوز أسفاره الإلهية، خاصة الأسفار القانونية الغير المتداولة على نطاق واسع، وهي عميقة في التعليم إلهية في المصدر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6mzqdd5