يقولون في كتاب (الخليقة)(1):
مات يسوع على الصليب كإنسان. ويجب أن يبقى ميتًا كإنسان إلى الأبد. وحقه في الحياة كإنسان قد بذله لحياة العالم.
وفي كتاب (ليكن الله صادقًا)(2) قالوا عن معموديته:
"إن يسوع طلب معمودية، وهو مصمم على بذل بشريته، مفارقًا إياها إلى الأبد".
وقالوا(3):
نعم، بذل يسوع حياته البشرية، مضحيًا بها إلى الأبد.
ويقولون في كتاب (قيثارة الله)(4) عن الله:
وهكذا أقام فتاه بطبيعة إلهية جديدة. وأخفى جسده الأول بطريقة لا نعرفها، وفي مكان مناسب لا يعلمه إلا هو.
ويقولون(5):
إن الأجساد التي كان يسوع يظهر نفسه فيها لتلاميذه بعد قيامته، لم تكن هذا الجسد الإلهي الذي لمحه بولس على طريق دمشق. بل كانت أجسادًا استعارية يكونها الرب عند مسيس الحاجة, لكي يتمكن تلاميذه من رؤيته بسهولة. وبهذه الوسيلة يقتنعون أنه قد قام من الأموات. وبغيرها لا يمكن إقناعهم.
أما الجسد الذي بذله يسوع على الصليب ودُفن في القبر، فقد أخرجه الملاك من القبر بقوة الله الخارقة وأخفاه. ولو أنه بقى في القبر، لتعذر على التلاميذ والذين آمنوا بكلامهم أن يعتقدوا بقيامة يسوع من الأموات.
ويقولون(6):
"مات يسوع بالطبيعة البشرية، وقام بالطبيعة الإلهية... كان إنسانًا مدة وجوده على الأرض. ولكنه عند قيامته صار رسم جوهر الله، الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره.." (عب 1: 3).
وفي كتاب (الحق يحرركم)(7) يقولون:
إنه لم يظهر بهيئة بشرية حتى لتلاميذه، إلا في خلال الأربعين يومًا بعد القيامة وقبل صعوده إلى السماء.
الطريقة الوحيدة التي سيراه فيها الناس على الأرض في مجيئه المجيد هي بأعين الفهم وقوى التميز. وهذا تدعمه أيضًا كلمات (الرؤيا 1: 7).
فكما اختفى عن أعين تلاميذه وراء السحاب عند صعوده، هكذا يجعله السحاب هنا غير منظور. إلا أن السحب في الوقت ذاته رمز لحضوره غير المنظور.
بناء على ذلك فإن مجيئه الثاني لن يُشاهد بالأعين البشرية...
وفي ص 300 يقولون:
الجسد الذي رآه التلاميذ صاعدًا نحو السماء، لم يكن هو الجسد الذي سُمر على الخشبة، بل جسدًا كوَنه من عناصر المادة لذلك الحين فقط، حتى يظهر لهم. ولما أخفته السحابة عن أعينهم، حلّ الجسد إلى عناصره كما فعل بالأجساد الأخرى التي أتخذها في غضون الأربعين يومًا السابقة.
لذلك هو حق مقدس مقرر على أن الأعين البشرية لن تراه في مجيئه الثاني، ولا هو سيأتي في جسد بشري. ولما جاء في الجسد في حضوره الأول بين الناس كان ذلك اتضاعًا "أخلى ذاته..". وكان الجسد ضروريًا حتى يقدر أن يكون إنسانًا كاملًا، ويُعد ذبيحة الفداء أو ذبيحة الخطية.
وفى تأملهم عبارة "ها أنا آتى كلصّ" (رؤ 16: 14-16) قالوا: اللص يأتي بدون تنبه سابق، بدون إعلان، بهدوء. ويجتهد أن يظل غير منظور من الذين في البيت. وهذا برهان آخر على أن مجيء المسيح كروح هو غير منظور...
وفي (كتاب قيثارة الله)(8) قالوا:
"فالجسد الذي جسّه التلاميذ حينئذ لم يكن جسمًا روحانيًا بل بشريًا. أما الجسد الذي يلبسه الرب في السماء فهو جسد ممجد، ولا يقدر أحد أن ينظره ويحيا، بدون قوة خصوصية فائقة يمنحها يهوه".
إن الله منح بولس قوة فائقة، لكي يرى الرب في جسده الممجد. لأنه لما كان مسافرًا إلى دمشق، أبرق حوله نور من السماء. إنه لم ينظر الجسد الممجد نفسه، بل لمعانه فقط".
وقالوا(9):
"إن يسوع ظهر يوم قيامته وفي أيام تالية لتلاميذه وسائر ذويه ومحبيه. ولكنه لم يظهر لهم في الجسد الذي بذله على الصليب. ولا في الثياب التي لفوه بها عند دفنه... ثم أنه لو قام يسوع بالجسد العادي، لما كان تردد التلاميذ في معرفته عند ظهوره".
وفي كتاب (ليكن الله صادقًا)(10) قالوا:
"وظل بعد القيامة يظهر نفسه لتلاميذه بهيئات بشرية مختلفة، كما كان ملائكة الله قديمًا يفعلون"
وقالوا أيضًا "لم يصعد إلى السماء بجسمه البشرى. وأنه ليس إنسانًا بعد. لأنه لو صعد كذلك، لبقى أوطى من الملائكة إلى الأبد".
وفي كتاب (الحق يحرركم)(11) قالوا عن المسيح:
إنه صعد إلى السماء "في جسم روحاني غير مقنّع أو مستتر مجده بجسد بشرى يحمل جرح حربة في جنبه، وأثر مسمار في يديه ورجليه، وخدوش شوك في جبينه، وعلامات وخطوطًا من ضرب السياط على ظهره".
وفي كتاب (قيثارة الله)(12) قالوا:
من أين جاء بالجسد الجديد، إذا كان لم يقم بالجسد الذي صُلب فيه؟
إننا على ثقة من أن يسوع لم يقم بجسده الترابي، لأنه ظهر لتلاميذه مرة وهم مجتمعون في العلية والأبواب مغلقة (يو 20: 19- 26). فالحل الوحيد لهذه المشكلة أن الرب قام من الأموات شخصًا إلهيًا، وله قدرة على تكوين جسد بشرى بالصورة والثياب التي يختارها، وفي الزمان والمكان الذي يعينه...
عندما جاء خصيصًا لإقناع توما، لأنه طلب الاقتناع عن طريق النظر واللمس، فرأى الرب موافقته على ما أراد. ولذلك ظهر له بجسد فيه آثار مسامير وحراب لإقناع توما. لأنه لا يمكن أن يقتنع بغير تلك الطريقة التي طلبها.
ولقد كان له مقدرة فائقة على تكوين أي جسد أراده، لكي يظهر فيه ثم يحله إلى عناصره البسيطة عندما أراد ذلك. وهذا يفسر لنا ظهوره في العلية والأبواب مغلقة: فإنه حال وجوده بينهم، لبس جسدًا بشريًا، وإرتدى ثيابًا عادية خلقها في تلك اللحظة ثم حلّها بأسرع من لمح البصر واختفى.
وقالوا(13):
مات يسوع بالطبيعة البشرية، وقام بالطبيعة الإلهية... كان يسوع إنسانًا مدة وجوده على الأرض. ولكنه عند قيامته صار رسم جوهر الله (عب 1: 3).
وفي كتاب (ليكن الله صادقًا)(14) قالوا:
"فإن تلك الحياة البشرية الكاملة، مع كل ما يقترن بها من حقوق وآمال، قد بذلها يسوع بموته الذي ذاقه لا بسبب إثم ولا عصيان.
وعندما أُقيم يسوع من الأموات، لم يسترجع الحياة البشرية التي ضحى بها بموته. ولكنه أقيم شخصًا روحيًا خالدًا ممجدًا".
1- إن الجسد المصلوب أخذه ملاك من القبر وأخفاه.
2- الجسد الذي رآه التلاميذ بعد القيامة وجسوه، والذي رآه توما وجسّه، والذي صعد إلى السماء، لم يكن هو الجسد الذي صُلب ومات.
3- لم يصعد بالجسد المصلوب، وإلا كان يصعد بجسد مشّوه، ويكون أقل من الملائكة.
4- كان المسيح يكوّن لنفسه أجسادًا لإقناع تلاميذه بالقيامة. ثم يحل هذه الأجساد.
5- المسيح بذل بشريته عن حياة العالم بموته بمعنى أنه ضحى بها إلى الأبد وهكذا فقد بشريته إلى الأبد.
6- لن تراه عيون البشر في مجيئه الثاني. بل سيأتي بطريقة غير منظورة يمكن إدراكها بالفهم.
1- عبارة "إن ملاكًا أخذ الجسد من القبر وأخفاه" هي مجرد إدعاء لا يوجد ما يسنده في الإنجيل المقدس.
2- ما يقولونه عن أن السيد المسيح كوّن لنفسه أجسادًا فيها آثار الجروح لكي يُقنع التلاميذ وتوما. فهذا نوع واضح من الخداع والكذب لا يليقان بالرب.
فتوما كان يريد أن يضع أصبعه في مكان الجروح التي للجسد الذي صُلب من أجله. وليست جروح أي جسد آخر!! فكيف يخدعه الرب بجسد غير الجسد المصلوب، وفيه آثار جروح يضع توما يده عليه فيؤمن وهو منخدع. لأن الجسد غير الجسد، والجروح غير الجروح التي أراد توما أن يتأكد من قيامة الجسد بواسطتها.
ونفس الخداع بالنسبة للتلاميذ أيضًا، حينما يقول لهم الرب جسّوني وانظروا، إن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي" (لو24: 39). فيصدقون خداعًا، بينما لا علاقة لذلك الجسد بجسد "يسوع المصلوب" كما بشرّ به الملاك أنه قام (مت 28: 9، 10).
إذن هو أشعرهم أن الجسد الذي صُلب عنهم قد قام. بينما ما قد جسوه ليس هو الجسد القائم! أليس هذا كذبًا.
3- يقولون إنه ما دام قد بذل ذاته البشرية، فقد انتهت إلى الأبد. بينما هذا يخالف قول الرب "إني أضع ذاتي لآخذها أيضًا. ليس أحد يأخذها منى. بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، ولى سلطان أن آخذها" (يو 10: 17، 18).
إذن بذله لذاته، ليس معناه أنه أضاعها إلى الأبد. كذلك قيل "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد.." (يو 3: 16) فهل بذله هذا يعنى ضياع الابن الوحيد إلى الأبد؟!
4- وبمفهومهم في بذل الذات، هل يعنى ذلك أن الشهداء الذين يبذلون ذواتهم، قد أضاعوها إلى الأبد؟
5- القيامة هي قيامة الجسد. فإن كان الجسد لم يقم، لا تكون هناك قيامة إذن. لأن الجسد الذي مات لم يقم.
6- نلاحظ في كلامهم لونًا من التناقض. فأحيانًا يقولون إن المسيح قد قام روحًا، وأحيانًا بجسد ممجد. ويكررون عبارة هذا الجسد الممجد في كتبهم. وأحيانًا يقولون إنه قام "شخصًا إلهيًا" أو "رسم جوهر الله"...
7- إن بشرية المسيح التي يقولون إنها انتهت إلى الأبد، هي بشرية لها قيمتها. لأن فيها الرب يسوع أظهر حبه وبذله واتضاعه. وأظهر فيها مثاليته في كمال السيرة. فكيف تفنى إلى الأبد؟
8- صعود الجسد بجروحه، لا يعنى أنه مشوّه، ولا أن مجده قد استتر، ولا أنه أقل من الملائكة. فجراح المحب ليست تشويهًا، بل هي مجد وفخر. وهكذا جراح الشهداء أيضًا. ولا ننسى أن القديس يوحنا رآه في سفر الرؤيا كخروف كأنه مذبوح (رؤ 5: 6). ولم يكن الذبح نقصًا بل مجدًا.
9- كذلك من جهة عبارة (أوطى من الملائكة). فقد ورد في الرسالة إلى العبرانيين أنه "بعدما صنع بنفسه تطهيرًا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالي، صائرًا أعظم من الملائكة.." (عب 1: 3، 4).
10- دليل بقاء بشريته، بقاء لقبه (ابن الإنسان) بعد قيامته.
[و لم يستخدم بدلًا منه لقب الابن، والكلمة، والابن الوحيد].
11- لقبه بولس الرسول بلقب "باكورة الراقدين" (1 كو 15: 23) في حديثه عن قيامة الأجساد. وقال "إن لم تكن قيامة أموات، فلا يكون المسيح قد قام. وإن لم يكن المسيح قد قام، فباطلة كرازتنا وباطل أيضًا إيمانكم. ونوجد نحن شهود زور.." (1 كو 15: 15، 14).
12- بعد القيامة تسمى أيضًا يسوع، وهو اسمه البشري:
وهكذا تكرر اسمه يسوع في قصة استشهاد القديس إسطفانوس الذي "رأى مجد الله، ويسوع قائمًا عن يمين الله" فقال "أنا أنظر السماء مفتوحة، وابن الإنسان قائماَ عن يمين الله" (أع 7: 56، 54)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وفي استشهاده قال "أيها الرب يسوع، اقبل روحي" (أع 7: 59).
فمن الذي رآه إسطفانوس؟ أليس الرب يسوع في بشريته؟ لأن اللاهوت لا يستطيع أحد أن يراه. ولا الروح يمكنه أن يراها.
13- كذلك عندما ظهر لشاول الطرسوسي، قال له "أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده" (أع 22: 8). "أنا يسوع" (أع 9: 5). وهذا يدل على بشريته. فلم يقل له أنا الابن أو الكلمة.
14- وهكذا ظهر لبولس الرسول في رؤيا. وقال له "تكلم ولا تسكت. لا تخف" (أع 18: 9). ومرة أخرى قال القديس بولس "رأيته... وقال لي: ها أنا أرسلك بعيدًا إلى الأمم" (أع 22: 18، 21). فَمَن الذي رآه بولس الرسول؟ أليس الرب في بشريته؟ وكذلك ظهر له مرة أخرى وأرسله ليشهد له في روما (أع 23: 11).
15- وبالمثل رآه يوحنا الإنجيلي في أول سفر الرؤيا. وقال "إعلان يسوع المسيح (رؤ 1: 1). وقال "سلام... من يسوع المسيح... البكر من الأموات الذي غسلنا من خطايانا بدمه" (أع 1: 5). وكل هذه ألقاب وأعمال بشريته.
16- ورآه يوحنا في الرؤيا في تجلى طبيعته البشرية. فقال له الرب "أنا هو الأول والآخر، والحي وكنت ميتًا. وها أنا حي إلى أبد الآبدين". وهذا عن بشريته طبعًا، لأنه فيها كان ميتًا...
17- ويقول في آخر سفر الرؤيا "أنا يسوع... أنا أصل وذرية داود" (رؤ 22: 16). كلمة يسوع هي اسمه كإنسان. وعبارة "ذرية داود" تدل طبعًا على بشريته التي احتفظ بها، ليتعرف بها الناس عليه.
18- بل أن سفر الرؤيا ينتهي بعبارة "أمين. تعال أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 20). وعبارة "يسوع"، أو "يسوع المسيح" تتكرر كثيرًا جدًا في رسائل بولس الرسول. مما يدل على أن بشريته مازالت مستمرة ولم تفنَ.
19- كذلك بقى له لقب ابن الإنسان الدال على بشريته.
ولو كانت بشريته قد فنيت كما يدعى شهود يهوه، لاختفت -بعد قيامته- أسماؤه وألقابه: ابن الإنسان، ويسوع، والمسيح، ويسوع المسيح.
20- وقد استخدم لقبه (إبن الإنسان) في مجيئه الثاني:
فقيل في (مت 16: 27) "فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته. وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله". وقيل في (مت 24: 27) "هكذا يكون أيضًا في مجيء ابن الإنسان" (مت 24: 27). وورد في (مت 24: 30) "وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وتنوح عليه جميع قبائل الأرض. ويبصرون إبن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير" (مت 24: 30). أنظر أيضًا (مت 24: 37، 39).
فكيف يبصرونه إن كانت بشريته قد انتهت إلى الأبد.
21- هو أيضًا يأتي للدينونة كابن الإنسان كما ورد في (مت 25: 31-46)
22- إننا سنكون معه في الأبدية. فكيف سنراه إن كانت بشريته قد انتهت؟ يقول "حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضًا" (يو 14: 3). ويقول بولس الرسول "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح. ذاك أفضل جدًا" (فى 1: 23). فكيف سيكون معه بغير بشريته؟ وكيف يراه؟ والإله القدير لا يُرى!!
23- أما عبارة لا يبصره أحد في مجيئه. فهي ضد قول الكتاب "هوذا يأتي مع السحاب. وستنظره كل عين والذين طعنوه. وتنوح عليه جميع قبائل الأرض" (رؤ 1: 7). وكذلك في (مت 24: 30) "ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير".
24- لماذا يتحدى شهود يهوه مشاعر الناس في مناداتهم بأن ربنا يسوع المسيح لن تراه عين بشرية؟!
_____
(1) ص 251.
(2) ص 50.
(3) ص 51.
(4) ص 191.
(5) ص 203.
(6) ص 197.
(7) ص 302.
(8) ص 202.
(9) ص 199.
(10) ص 52، 53.
(11) ص 268.
(12) ص 201، ص 202.
(13) ص 197.
(14) ص 123.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/watchtower/body.html
تقصير الرابط:
tak.la/p2chx4q