هل تشكره على أنك ولدت مؤمنًا، ولم تبذل أي مجهود لكي تصل إلى هذا الإيمان؟! ذلك لأن كثيرين يشتهون هذا الإيمان ولا يجدونه... بل ويتعبون من أجله كثيرًا، ولا يستطيعون الوصول إليه، إذ تقف أمامهم كثير من المشاكل العقائدية، ومن المتاعب والمشاكل العائلية والاجتماعية وغير الاجتماعية... أما أنت فقد نلت هذا الإيمان مجانًا وسهلًا، إذ قد ولدت فيه، وفي هذه العقيدة. ألا يستحق منك هذا الأمر شكرًا؟!
سمعت قصة عن فيلسوف ملحد، رأى فلاحًا أميًّا يصلي.
وتعجب كيف أن هذا الرجل البسيط راكع في حقله يخاطب من لا يراه... ويخاطبه من كل قلبه، وبكل مشاعره، وبكل ثقة وإيمان... فقال: إنني مستعد أن أتنازل عن كل فلسفتي وكل ما قد درسته من علم وكتب، ومقابل أن أحظَى بشيء من الإيمان الذي يتمتع به هذا الفلاح البسيط...
إن إيمانك نعمة، لم تحظ بها البلاد الملحدة.
ولم يحظ بها الملحدون في البلاد المؤمنة...أولئك الذين أتعبتهم أفكار قرأوها في الكتب أو سمعوها من آخرين جاءتهم من بعض الكتب الفلسفية، أو بعض كتب العلم، أو بعض كتب الملحدين، أو من حروب الشياطين، وغرست فيها شكوكا دخلت إلى أذهانهم، ولم يستطيعوا أن يتخلصوا منها، أو لم يجدوا من يرد عليهم، ردودا تقنعهم... طبعًا لكل هذه الشكوك ردود، ولكنهم لم يصلوا إليها... أما أنت ففي إيمانك لا يوجد ما يتعبك. أليس هذا أمرًا يحتاج إلى شكر؟!
تشكر الله أيضًا ليس فقط على إيمانك، بل بالأكثر على أن إيمانك سليم.
ذلك لأن كثيرين انحرف إيمانهم بسبب اختلاطهم بأفكار مذاهب أخرى، سواء بسبب اجتماعهم أو كتبهم أو نبذاتهم... وأصبح إيمان هؤلاء ليس كما كان من قبل، بل تغير في معتقداته...! ودخل فيهم روح الجدل لإثبات أفكارهم الجديدة...! أما أنت فاشكر الله أنك تحيا في إيمان سليم، بعيد عن الشكوك العقائدية...
وهذا يوافق ما ورد في صلاة الشكر، أننا نشكر الله لأنه (أتَى بنا إلى هذه الساعة) إن حياتك يا أخي منحة من الله، بيده أن يبقيها أو أن ينهيها في أي وقت. وهو يجددها لك يومًا بيوم وساعة بساعة. فلتشكره على هذا اليوم الذي تحياه، وهذه الفرصة التي منحك إياها، لتحسن فيها مستواك الروحي، وتفعل خيرًا تجده هناك في العالم الآخر...
أشكره لأنه أعطاك بهذه الحياة فرصة للتوبة:
قال أحد الكتاب إن (ملايين الملايين من الذين في الجحيم، يشتهون ساعة واحدة من الحياة على الأرض) أو حتى دقيقة واحدة، ليقدموا فيها توبة لله، ولا يجدون...
يريدون وقتًا –مهما كان قصيرًا– يقدمون لله فيه اعترافًا كاملًا بخطاياهم، وانسحاق قلب طالبين مغفرته وصفحه... دقيقة واحدة يقولون فيها عبارة العشار (ارحمني يا رب فإني خاطئ) (لو 18: 13) أو عبارة اللص اليمين (اذكرني يا رب) (لو 23: 42).
لو أن الله قرر أن يأخذ روحك الآن، ألا تشتهي بعض دقائق من هذا العمر الذي لك؟!
تقول له بعض دقائق يا رب أوزع فيها كل ما أملك على الفقراء وكل مقتنياتي وترفي، لأكنز بها كنزًا في السماء (متى 6: 19، 20) بعض دقائق يا رب أتصالح فيها مع جميع الذين أخاصمهم، وأعتذر لهم، وأقدم لهم مطانيات metanoia عند أرجلهم، مهما كانوا المخطئين... نعم بعض دقائق اعترف فيها بجميع خطاياي بالتفصيل، حتى بما أخجل منه، حتى يما يقف على لساني ولا يستطيع أن أنطق به... أقوله بدون حرج، وآخذ عنه حِلًّا، قبل أن يغلق الباب وأقف خارجًا، قارعا مثل الخمس العذارى الجاهلات (متى 25: 10-12).
نعم لماذا لا تشكر الله على هذه الحياة التي لك؟
لماذا لا تشكره على هذه الأيام التي ما زلت لك من العمر، وتستطيع أن تعمل فيها الكثير مما يرضي الرب، ومما يسعد الناس، وتكسب بذلك ملكوت السموات، إذ تتوب وتحيا حياة روحية...! ألا تشكر الله إلا إذا وجدت كنزًا من المال، أو حصلت على منصب كبير؟! وما أدراك، ربما هذا الكنز، أو هذا المنصب الكبير، يكون في هلاكك، وتفقد الملكوت بسببه!!
أشكره لأنه وهبك أبوين أهتما بعمادك، وعلماك طريق الرب، أو على الأقل لم يمنعاك عن السير في طريقه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أشكره لأنه هيا لك خدامًا في الكنيسة يعتنون بك، حتى وصلت إلى هذا الوضع من المعرفة الروحية والسلوك الروحي، وأصبحت تهتم بخلاصك وتقرأ الكتب الروحية...
أشكره لأنه أرسل قدوات صالحة إلى طريقك، تتعلم منها الحياة الحقة كيف تكون، وعين لك من يرشدك روحيًا...
أشكره لأنك الآن موجود في الكنيسة:
كثير من الشبان الآن، وفي هذه اللحظة موجودون في أماكن اللهو المختلفة، ولاهون عن خلاص نفوسهم، ومنشغلون بخطايا متعددة. أما أنتم فاشكروا الله أنكم في الكنيسة، وأن الكنيسة أصبحت جزءًا من حياتكم، لا يمكنكم الاستغناء عنها. ولولا نعمة الرب عليكم ما كنتم هكذا... فمن منكم يشكر الله الآن، لأنه الله قد أحتضنه في بيته، وأدخله موضع سكناه...؟
أشكر الله أيضًا لأنه لا توجد عوائق تمنعك عن بيته ولا عن الاندماج في الشركة مع أولاده.
كثيرون تعوقهم ظروف متعددة عن المجيء إلى الكنيسة: أما أن مواعيد عملهم تتعارض مع مواعيد الكنيسة، أو أن حالتهم الصحية أو الجسدية تمنعهم، أو أن كثرة أسفارهم شغلتهم، أو أنهم في قرية لا توجد فيها كنيسة، أو لأي سبب آخر... أما أنت فاشكر الله لأنه لا يوجد أمامك شيء من هذه الموانع كلها...
وأشكره لأن اندماجك مع أبنائه يمنحك قوة روحية.
ذلك لأنهم يدفعونك باستمرار إلى قدام، وتجد معهم بيئة مقدسة تتبادل فيها الأحاديث الروحية. كما أن سيرتهم تسبب لك خجلًا إن تصرفت أي تصرف خاطئ. وصلتك بهم تقوِّي رابطتك بالكنيسة ربما فيها من أنشطة واجتماعات. كما تجد في مجالهم صداقات روحية نقية تشبع عواطفك. وكما قال الكتاب (اثنان خير من واحد لأنه إن وقع أحدهما يقيمه رفيقه. وويل لمن هو وحده إن وقع، إذ ليس ثان ليقيمه) (جا 4: 9، 10).
أليس حقًا إذن أن تشكر الله على صداقاتك الروحية.
كل صديق روحي، هو كنز لك من الله تشكره عليه وبنفس الوضع الأب الروحي والمرشد الروحي، وكل من يسندك في حياتك الروحية، وكل من تجد في عشرته جوًا روحيًا يمكن أن تنمو فيه روحك... أشكر الله على الأشخاص الذين وضعهم في طريقك واستفدت منهم انه هو الذي أرسلهم إليك...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/thankfulness/other.html
تقصير الرابط:
tak.la/9c6mxhj