وهنا أحب أن أضع قاعدة هامة في النجاح وهي:
لا تهتموا بالبداية، إن بدت فاشلة.
فالمهم أن تكون النهاية هي النجاح.
* يوسف الصديق مثلًا، كانت تبدو بداية حياته ضائعة باستمرار: من إلقائه في بئر جاف، إلى بيعه عبدًا، إلى تهمة ظالمة دبرت ضده ألقت به في السجن... ولكن المهم أن النهاية كانت طيبة إلى أبعد الحدود... فلا نحكم إذن بالبدايات...
* القديس أثناسيوس الرسولي كانت بدايات حبريته متعبة جدًا فيها قويت شوكة الأريوسيين، واستطاعوا أن يدبروا مكائد ضده، ويحاكموه وينفوه بالاتفاق مع السلطة الحاكمة. وعزل عن كرسيه أربع مرات... ومع ذلك انتهت حياته كبطل عظيم من أبطال الإيمان، استطاع أن يقف ضد العالم كله وينتصر.
* داود النبي: بدأ حياته، وبعد المسحة المقدسة وبعد انتصاره على جليات، مضطهدًا من شاول الملك، مشردًا من برية إلى أخرى، حتى ظن أنه لابد سيقع في يد شاول في يوم... ولكن كل تلك البدايات المتعبة انتهت، وأنتصر داود أخيرًا.
* السيد المسيح نفسه، في فترة تجسده على الأرض: كيف كانت البداية: ضيقات كثيرة منها قتل هيرودس للأطفال، والهرب إلى مصر. وبدأت خدمته بمضايقات من زعماء اليهود ومؤامرات وصلت إلى صلبه... المهم في النهاية: القيامة والصعود، والجلوس عن يمين الآب، وانتشار والإيمان...
* موسى مع فرعون: كانت البداية قد أتت بنتيجة عكسية. فاشتد فرعون بالأكثر. وتضايق الشعب وتذمروا على موسى وهرون، وقالوا لهما "ينظر الرب إليكما ويقضى، لأنكما أنتنتما رائحتنا في عيني فرعون..." (خر 5: 7). وعشر ضربات يستخدمها الرب ضد فرعون، والرجل في نفس قسوته لا يلين... وحتى الشعب، تذمر لما خرج فرعون وراءهم. وقالوا لموسى "هل لأنه ليست قبور في مصر، أخذتنا لنموت في البرية؟!" (خر 14: 11)... ومع كل تلك البدايات المتعبة لم يضعف إيمان موسى مطلقًا... ونجح أخيرًا في إنقاذه من عبودية فرعون...
لهذا كله لا تتعبوا مطلقًا، إن لم تحصلوا على النجاح في بداية الطريق. واذكروا باستمرار قول الكتاب:
"بصبركم اقتنوا أنفسكم" (لو 21: 19).
إن النجاح يحتاج إلى صبر وإلى مثابرة. والإنسان الذي يدركه الملل الضجر والضيق ولا يستمر... هذا لا يستطيع أن ينجح... انتظر الرب حتى يجئ لمعونتك، ولو في الهزيع الأخير من الليل...
كل عمل تعمله لا تقلق على نتيجته... انتظر الثمرة حتى تنضج، وحينئذ تجدها في يديك، بغير صعوبة...
أهم صفة للإنسان الناجح، أن يكون ناجحًا من الداخل.
ناجحًا في قلبه، وفي عقله، وفي أعصابه، وفي إرادته. وقبل كل شيء ناجحًا في صلته بالله... يكون ذا نفسية قوية، لا تتزعزع ولا تضطرب ولا تخاف.
يسير في طريقه، كسهم نحو هدف.
مهما هاجت الأمواج على سفينته، حتى أن انقلبت الجبال في وسط البحار، هو لا يضعف، ولا يفشل من الداخل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولا يفقد إيمانه في إمكانية النجاح على الرغم من كل العراقيل، التي تحاول أن تسد الطريق قدامه.
الإنسان الناجح، ينجح، ينجح مهما كانت العقبات والصعاب.
بل يجد لذة في الانتصار على تلك العقبات بنعمة من الله، ونجاحه على الرغم من الصعاب، تكون له لذة أكبر، ويعطي خِبرة روحية عميقة في عمل يد الله معه...
مرقس الرسول كانت أمامه صعاب لا تحصى في كرازته لمصر: لم تكن فيها كنيسة، ولا شعب مؤمن بالمسيحية. وكانت هناك ديانات عديدة: الديانات الفرعونية واليونانية والرومانية والشرقية، والديانة اليهودية، والفلسفة الوثنية... إلى جوار السلطة الحاكمة الرومانية بكل بطشها... وعلى الرغم من كل هذا، نجح مرقس الرسول في نشر الإيمان بالمسيح في مصر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spiritual/start.html
تقصير الرابط:
tak.la/b6gsn9v