يقولون: كما يدخل الشيطان في إنسان... تدخل روح الإنسان في إنسان!
وكما يدخل الشيطان في حيوان... تدخل روح الإنسان في حيوان!
وكما يدخل الشيطان في الماء... تدخل روح الإنسان في الماء!
هل يمكن استنتاج كل هذا من قصة لجيئون؟!
وَرَدَت معجزة إخراج الشياطين من لجيئون في (مر5: 1-16؛ لو 8: 26-35).
ويقولون إنه في هذه القصة دخلت الشياطين في إنسان. ولمَّا أخرجها الرب منه، طلبت من الرب أن يأذن لها بالدخول في الخنازير، فأذن لهم، فدخلت الشياطين في الخنازير. واندفع قطيع الخنازير إلى البحيرة، فنزل إلى الماء واختنق. إذن الشياطين نزلت إلى الماء، ودخلت في الماء، وهي في الخنازير.
ويستنتجون من هذا أن روح الإنسان يمكن أن تدخل في إنسان، كما دخلت الشياطين في إنسان. وأيضًا يمكن أن تدخل روح إنسان في حيوان، كما دخلت الشياطين في الخنازير. ويمكن أيضًا لروح الإنسان أن تدخل في الماء، كما حدث أنّ الخنازير التي فيها الشياطين دخلت في الماء!!
وذلك كما يقولون، لأنه لا فرق بين روح الإنسان، وبين الشيطان وهو روح... كلها أرواح!!
الرَّد:
ونحن نرد على كل هذا، فنقول أولًا:
ليست روح الإنسان كروح الشيطان.
ليست كلها أرواحًا (متشابهة) كما يقولون. فهذه طبيعة، وتلك طبيعة من نوع آخر. روح الإنسان هي روح بشرية. أمَّا الشيطان فهو روح ملائكية. خلقه الله ملاكًا. ولمَّا أخطأ وصار شيطانًا، فقد قداسته ولكنه لم يفقد طبيعته بكل ما لها من خصائص...
* تستطيع روح إنسان أن تصرع إنسانًا وتدخل فيه، مثلما يصرع الشيطان إنسانًا ويدخل فيه...
ذلك لأنَّ الشيطان قوة كبيرة لا تُقاس بها قوة الإنسان.
* قيل عن الشيطان إنه "إله هذا الدهر" (2 كو4: 4). وقيل إنه "رئيس هذا العالم" (يو 14: 30). ووصف بأنه "الكاروب المظلل" (حز 28: 16) وأنه "ملآن حكمة وخاتم الكمال" (حز 28: 12) حينما خُلِقَ. إنه إذن من طغمة الكاروبيم. وكملاك يستطيع أن ينتقل من الأرض إلى السماء، ومن السماء إلى الله رض، في لمح البصر... فهل ينطبق شيء من هذا على إنسان؟!
* في قصة تجربة أيوب الصديق الأولى: استطاع أن يُسقط نارًا من السماء، فأحرقت الغنم والغلمان وأكلتهم (أي 1: 16). وأن يجعل ريحًا شديدة تأتي من عبر القفر، وتصدم زوايا البيت الأربع فسقط على الغلمان فماتوا (أي 1: 19). فهل يستطيع إنسان أن يفعل مثل هذا؟!
وفي تجربة أيوب الثانية، ضربه بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته. فأخذ أيوب لنفسه شقفة يحتك بها وهو جالسٌ على الرماد (أي2: 7، 8). فهل يستطيع إنسان أن يفعل مثل هذا؟!
* وقيل عن المرأة المنحنية 18 سنة، التي أنفقت كل أموالها على الأطباء وبلا منفعة. فشفاها السيد المسيح، وكان ذلك في يوم سبت. فاحتج رئيس المجمع على إ برائها في يوم سبت. فقال السيد: "هذه وهي ابنة إبراهيم قد ربطها الشيطان 18 سنة... أما كان ينبغي أن تحل من هذا الرباط" (لو 13: 10-16). هكذا كانت قوة الشيطان. فهل لإنسان مثل هذه القوة؟
إنّ الشيطان ملاك، على الرغم من أنه شرير. وله قوة الملائكة الذين قيل عنهم إنهم مقتدرون قوة (مز 103: 20). إنَّ ملاكًا واحدًا استطاع أن يضرب من جيش سنحاريب 185 ألفًا في يوم واحد (2 مل 19: 35).. وملاك واحد ضرب في ليلة واحدة كل أبكار المصريين وكل أبكار البهائم (خر 12: 29).. وليس له قوة كهذه!
* ليس هذا فقط من جهة القوة المادية، بل أيضًا من جهة التأثير الروحي.
قيل إنه حينما يحل من سجنه، يخرج ليضل الأمم (رؤ 20: 8). بل يضل لو أمكن المختارين أيضًا (مت 24: 24). لذلك "لو لم يُقَصِّر الله تلك الأيام، لم يخلص جسد" (مت 24: 22). هذه هي قوة الشيطان الذي دفع العالم كله إلى عبادة الأصنام في العهد القديم، ما عدا قلائل. هذا الذي وصف بأنه " التنين والحية القديمة" (رؤ 20: 2). التي هي "أحيَل حيوانات البرية" (تك 3: 1). هذا الذي سيمد إنسان الخطية Anti Christ في أواخِر الأيام بكل قوة وبآيات عجائب كاذبة، وبكل خديعة الإثم في الهالكين ليسبب الارتداد العام (2 تس2: 3-10).
نقطة أخرى تدل على قوة الشيطان، وهي ما وَرَدَ في سفر الرؤيا عن الوحش الذي هو أحد أعوان الشيطان، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى: "وأعطى أن يصنع حربًا مع القديسين ويغلبهم. وأعطى سُلطانًا على كل قبيلة ولسان وأمة. فسيسجد له جميع الساكنين على الأرض الذين ليست أسماؤهم مكتوبة... في سفر حياة الحَمَل" (رؤ 13: 7، 8). فمَن مِنْ الناس له هذه السُّلطة والقوة؟!
*
* "إنَّ الشيطان يستطيع أن يُغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور" (2 كو 11: 14). فهل يمكن لإنسان أن يفعل هكذا؟
يمكن أن يظهر في شكل ملائكة وقديسين ليخدع الناس، كما روى لنا بستان الرهبان. ويظهر كذلك في أحلام أيضًا فمَن مِنْ البشر يستطيع أن يفعل هكذا؟!
فلا تصدق إذن أنها "كلها أرواح"!! وأن روح الإنسان يفعل ما يفعله الروح الشيطان!!
* بل إنه في وقت من الأوقات عطَّل ملاكًا 21 يومًا!!
ملاك كُلِّف بإعانة دانيال النبي. فوقف أمامه الشيطان المُ كلِّف بمملكة فارس وعطَّلهُ 21 يومًا عن أداء مهمته، إلى أن تدخل ميخائيل رئيس الملائكة لإعانة هذا الملاك (دا 10: 11-13).
* وليس هذا في العهد القديم فقط، إنما في العهد الجديد أيضًا:
كتب القديس بولس الرسول إلى أهل تسالونيكي يقول: "لذلك أردنا أن نأتي إليكم أنا بولس مرة ومرتين. وإنما عاقنا الشيطان" (1 تس2: 18).
بل من جهة الاثني عشر رسولًا، أعمدة الكنيسة. قال السيد الرب لبطرس: "سمعان، سمعان، هوذا الشيطان طلبكم ليغربلكم كالحنطة. ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لو 22: 31، 32).. إلى هذا الحد تبلغ قوة الشيطان إلى غربلة الرسل، حتى أنّ القديس بطرس الرسول يتعرَّض أن يفنى إيمانه لولا معونة الرب له!! وهكذا هرب من التلاميذ مَن هرب، وخاف مَن خاف وأنكر مَن أنكر. واختفى الكل في العلية...
* بل أكثر من هذا ما قيل عن رئيس الملائكة مع الشيطان:
قيل "وأمّا ميخائيل رئيس الملائكة: فلمَّا خاصم إبليس محاجًا عن جسد موسى، لم يجسر أن يورد حكم افتراء، بل قال لينتهرك الرب" (يه 9). وهكذا قال واحد من الأرباب مدافعًا عن يهوشع الكاهن العظيم، قال: "لينتهرك الرب يا شيطان لينتهرك الرب... أليس هذا شعلة منتشلة من النار؟!" (زك 3: 1، 2).
إن كان الملائكة العظماء هكذا في تعاملهم مع الشيطان، فكم بالأوْلَى الإنسان المخلوق الضعيف!! فهل بعد هذا يُقال: كلها أرواح!! ما يفعله الشيطان، يفعله روح الإنسان!! كلا، بل هذا طبيعة، وذاك طبيعة مختلفة تمامًا.
* الشيطان مثلًا يستطيع أن يتكلَّم في قلب إنسان وفي فكره.
هل يستطيع إنسان أن يتكلَّم في قلب إنسان وفي فكره؟!
قيل في الإنجيل عن خيانة يهوذا للسيد المسيح: "ألقى الشيطان في قلب يهوذا سمعان الإسخريوطي أن يُسلِّمه" (يو 13: 2). وقيل عنه أيضًا وهو على مائدة الفصح: "فبعد اللقمة دخله الشيطان" (يو 13: 27). كذلك قال القديس بطرس لحنانيا زوج سفيرة: "يا حنانيا، لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس؟" (أع 5: 7).
إذن الشيطان يمكن أن يدخل إنسان، أو يدخل قلبه ويُكلِّمه. بل قد تكلَّم على لسان بطرس الرسول ليمنع الرب من الصلب، فانتهره الرب قائلًا لبطرس: "اذهب عني يا شيطان. أنت معثرة "لي (مت 16: 21 23).
هل بعد هذا يُقال: كلها أرواح!! كما لو كانت قوة روح الإنسان في العمل مقل روح الشيطان! يدخل الشيطان في الخنازير، فيمكن لأرواح البشر أن تدخل في الخنازير! أو يمكن أن تدخل لأرواح التوائم في القطط!!
على كُلّ هذا الموضوع الأخير لم يأتِ موعده بعد.
* بل إنَّ الشيطان استطاع أن يضرب القديس بولس الرسول نفسه.
وهكذا قال القديس بولس: "ولئلا ارتفع بفرط الإعلانات، أُعطيت شوكة في الجسد: ملاك الشيطان ليلطمني لئلا أرتفع. من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني. فقال لي تكفيك نعمتي.." (2 كو 12: 7-9).
لاشكّ أنَّ هذا الشيطان الذي ضرب بولس بشوكة في الجسد، قد أخذ سماحًا من الله أن يفعل ذلك. وهنا نتعرَّض لنقطة أخرى في هذا البحث وهي: ائذن لنا:
حتى الشياطين على الرغم من كل قوتها التي ذكرنا بعضها لم يستطيعوا أن يدخلوا الخنازير بدون إذن من الله.
وَرَدَ في الإنجيل لمُعلِّمنا مرقس الرسول: "فطلب إليه كل الشياطين قائلين: أرسلنا إلى الخنازير لندخل فيها فأذِنَ لهم يسوع. فخرجت الأرواح النجسة ودخلت في الخنازير" (مر 5: 12، 13). وَوَرَدَ في الإنجيل لمُعلِّمنا القديس لوقا "وكان قطيع خنازير كثيرة ترعى في الجبل. فطلبوا إليه أن يأذن لهم بالدخول فيها. فأذِنَ لهم. فخرجت الشياطين من الإنسان ودخلت في الخنازير" (لو 8: 32، 33).
فهل روح إنسان مات، تستطيع أن تجول في العالم كما تشاء، تدخل في إنسان أو حيوان، بكل حرية، بلا ضابط؟!
أمْ أنّ الروح الإنسانية تحتاج إلى إذن بالدخول، إن كان الشيطان نفسه يحتاج إلى إذن؟!
إننا نقول أكثر من هذا أن الروح البشرية تحتاج إلى إذن قبل هذا: إذن في الجولان وفي العمل... مَن أعطاها السُّلطان أن تتحرَّك بعد موتها، وتجول هنا وهناك لتدخل في إنسان أو حيوان. لو كان هذا ممكنًا. ويقينًا إنه غير ممكن.
أمامنا الآن أربع نقاط هامة وهي:
1- لم يَرِد في الكتاب المقدس أي خبر عن روح إنسان دخلت في إنسان، أو أنه تمّ إخراج روح إنسان من إنسان.
كلها حالات إخراج شياطين صرعت بشرًا... وهكذا قال السيد الرب لتلاميذه: "اشفوا مرضى، طهِّروا برصًا، أقيموا موتى، أخرجوا شياطين" (مت 10: 8).
وحوادث إخراج الشياطين من البشر كثيرة في الكتاب لِمَن يتتبعها. ولم يُعط سُلطان إخراج روح إنسان من إنسان، ولم يحدث شيء من هذا.
فما الدليل الكتابي على أن روح إنسان دخلت إنسانًا فصرعه؟ وهل حدث لأحد من الرّسُل أو القديسين أنه أخرج روح إنسان من إنسان آخر؟! لم يحدث...
2- إن كان يطرأ على مزاج روح إنسان مات، أن تدخل في إنسان حيّ، أو في خنزير أو قطة، فما الهدف من ذلك؟
إن كانت روح إنسان تدخل في حيوان، فهل يكون هذا بنوع من التَّدنّي، وهل ذلك يكون لونًا من تناسخ الأرواح كعقوبة للروح على أخطائها في تجسد سابق حسب العقيدة الهندية في قانون الكرما Karma أي الجزاء..؟! وطبعًا هذا يكون بغير إرادة الروح، لأنه لا مصلحة ولا منفعة لروح إنسان في الدخول في حيوان..! حتى تفعل ذلك بإرادتها إن كان ذلك ممكنًا لها أن تفعله!
أما أن تدخل روح إنسان في إنسان، فماذا يكون هدفه؟ هل هو نوع من التزاوج كما يقول بعض العامة؟ أم تدخل تلك الروح البشرية في إنسان لغرض آخر. فما هو ذلك الغرض؟
3- وإن دخلت روح إنسان مات في إنسان حيّ، فهل يصبح إنسانًا بروحين، روح منهما تخضع لروح؟!
وطبعًا روحه الأصلية تكون هي الخاضعة. وفي هذه ا لحالة لا يحاسب الإنسان على أعماله، لأنه لا يملك حريته، إذ أنها تحت سيطرة الروح الذي اقتحمه وصرعه وسيِّره حسبما يريد!!
4- وهل بعد الموت، تملك روح الإنسان الحرية في أن تقتحم إنسانًا، وتدخل فيه؟!
لا يصح للمنادين بهذا الفكر أن يضربوا المثل بقصة لجيئون، ويقولون إنه كما دخل الشيطان في الخنازير، تدخل روح الميت في إنسان أو حيوان... لا ننسى أنهم طلبوا من الرب أن يأذن لهم بذلك، فأذِنَ لهم (لو 8: 22). فهل ستطلب روح الإنسان الميت إذنًا من الله بذلك؟ وهل يأذن هال... لا ننسى أيضًا إنه في التجربة الثانية لأيوب لما طلب الشيطان تصريحًا من الرب، أذِنَ الرب وجعل حدودًا للأذن، فقال له: ".. لكن احفظ نفسه" (أي2: 6).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/spirits-and-religion/human-vs-devil-soul.html
تقصير الرابط:
tak.la/tghvfw3