حينما خلق الإنسان على صورة الله ومثاله (تك 1: 7،26)، إنما الروح هي التي خلقت على صورة الله. ففي أي شيء كانت على صورته؟
1- أولًا: على صورته في البر والقداسة، حسبما ورد في (أف 4: 24) عن عودة الإنسان بالتجديد إلى صورته الأولى فهو "المخلوق حسب الله في البر وقداسة الحق". فحينما ترجع الروح إلى صورتها الأصلية، ترجع إلى حالة القداسة والبر. فالروح البشرية حسب طبيعتها هي خيرة. والشر دخيل عليها.
2- الإنسان أيضًا على صورة الله في المعرفة:
ومن هنا كانت روح الإنسان تتميز بالعقل والنطق. ومنذ البدء أعطاها الله المعرفة، وقام آدم بتسمية كل الحيوانات. وما أطلقه عليها صارت هي أسماءها (تك2: 19). غير أنه لا بُد أن نذكر في موضوع المعرفة: أن معرفة الإنسان مهما نمت، هي معرفة محدودة، بينما معرفة الله غير محدودة. وإن شاء الله سنشرح هذا الموضوع في كتابنا (سنوات مع أسئلة الناس).
3- روح الإنسان خلقت على صورة الله في الحرية.
وهكذا خلق الله الإنسان بحرية إرادة، وبحرية الإرادة قد سقط. وكان الله يعرف أنه إن منح الإنسان حرية قد يسقط ويخطئ. ويحتاج خلاصه إلى التجسد والفداء. ففضل الرب أن يحتمل هذا في مقابل أن يخلق الإنسان وله روح حرة، لا يرغمها على حياة البر، إنما تسير في البر بإرادتها.
وهكذا أيضًا حينما قدم الله في وصايا للبشر في أيام موسى، قال للشعب في سفر التثنية "انظر. قد جعلت اليوم قدامك الحياة والخير، والموت والشر... البركة واللعنة. فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك، إذ تحب الرب إلهك" (تث 30: 15، 19).
انظروا إلى أي مدى أحب الله أن يخلق الإنسان على صورته في الحرية، وهو يعلم أنه سيخطئ. ويكون ثمن خلاصة هو التجسد والألم والعار والصليب والموت والقبر ليكن. فهذا أفضل من أن يجعله مسيرًا نحو الخير... يتركه ليختار الخير بحريته...
ولولا هذه الحرية، ما وضع الله الوصية، والثواب والعقاب.
4- خلق الله روح الإنسان في السلطة.
فلما خلق آدم وحواء، قال لهما: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض، وأخضعوها. وتسلطوا على سمك البحر، وعلى طير السماء، وعلى كل حيوان يدب على الأرض" (تك1: 28)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. وكرر الله بركة السلطة هذه لنوح وبنيه بعد رسو الفلك (تك9: 1، 2).
تبقى بعد كل هذه نقطة حساسة وجوهرية في موضوع (صورة الله) وهي:
5- أن كان الله قد خلق الإنسان على صورته، والله غير محدود، فما هو نصيب الإنسان من هذه الصفة؟!
حقًا أن الله وحده هو غير المحدود. ولا يمكن أن يشاركه أحد في هذه الصفة الإلهية الذاتية. فكيف يكون الإنسان على صورته في هذا المجال، بينما الإنسان كأي مخلوق، هو مخلوق محدود؟! الحل هو الآتي:
الإنسان محدود. ولكن الله وضع فيه الاشتياق إلى غير المحدود.
ففي روحه اشتياق إلى الله غير المحدود. واشتياق غير محدود إلى الروحيات والسعي إلى حياة الكمال.
كمثال ذلك القديس بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة (2كو12: 2، 4)، والذي تعب في الخدمة والكرازة أكثر من جميع الرسل (1كو 15: 10)، نراه يقول "ليس أني قد نلت أو صرت كاملًا، ولكني أسعى لعلي أدرك..."، "أنا لست أحسب نفسي أني قد أدركت. ولكني أفعل شيئًا واحدًا، إذ أنسى ما هو وراء، وامتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض، لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع..." (في 3: 12- 14).
إلى أين هذا السعي، وهذا الامتداد إلى قدام؟ وماذا يريد أن يدركه أكثر مما قد أدركه؟! لا شك أنه الاشتياق إلى اللامحدود...
بسبب هذا وجد الطموح في روح كل إنسان.
الامتداد إلى قدام، محبة المثاليات، الانطلاق نحو غير المحدود... محبة الكمال... غير أن كل إنسان يوجه هذا الاشتياق في الاتجاه الذي يروقه. وهنا تختلف نوعية الطموح. ولكن الطموح ذاته موجود، في الاشتياق إلى غير المحدود.
بقيت هناك موضوعات كثيرة خاصة بالروح.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/books/pope-sheounda-iii/man/image.html
تقصير الرابط:
tak.la/py3w586